الفصل الثامن

Start from the beginning
                                    

انكمشت ملامحها بألم لا يطاق بينما دموعها لا تزال تفيض على خدّيها وتوشم عليهما كلمات لا تعبّر بما يكفي عن وجع قلبها وقهره.. فابتعد ساري عنها وأسند جبينه على جبينها بينما يهمس بصوت أجش:
- اخبريني فقط كيف أتركك تغيبين عن عيني لثلاثة أيام؟

- ليتني أغيب العمر كله عنك.
غمغمت ياقوت بنبرة لا حياة فيها فزفر ساري وانفاسهما تختلط ببعضها.. ثم قال بخشونة:
- لن أسمح لكِ أبدًا بذلك.. أنا أتمسك بما أملكه بعنف أناني.

ارتسمت على شفتيها ابتسامة مريرة لتقول بعد صمتٍ قصير:
- متى ستعيدني الى قبيلتي؟

تركها ساري بهدوء وهمس:
- اذهبي وجهّزي نفسك.
وابتسم فجأة بعبث والنظرات البرية تشتعل بمقلتيه كجمرٍ ملتهب:
- سأعيدك على حصاني كما أخذتك تمامًا.

- كما خطفتني تقصد.
علّقت ياقوت باستهزاء مؤلم فاتسعت ابتسامة ساري بتسلية:
- صحيح.. كان يوم لا يُنسى وسأعمل على ان لا تنسيه.

***************
سالت دمعة حزينة على خدّها فرفعت يدها لتمسحها سريعًا وهي تسمع صوت الباب الذي يُفتح.. تطلعت عائشة الى المرأة العجوز بتوجس فرمقتها الجدة الصلبة بنظرات دافئة ثم دلفت لتجلس بجوارها على طرف السرير وهي تقول:
- اسمك عائشة وفقًا لم سمعت.

هزّت عائشة رأسها مؤيدة لكلماتها فابتسمت الجدة:
- وانا أسمي عائشة.

نظرت اليها عائشة بحاجبين معقودين ثم غمغمت بصوت مرهق:
- الى متى سأبقى هنا؟ لقد تعبت.

- الى ان يأتي زوجي العزيز ويقرّر ماذا يود ان يفعل معك.
قالت الجدة بهدوء فوقفت عائشة لتسألها بعينين دامعتين عذبتين:
- هل سأبقى هنا الى الأبد؟

- ربما!
همست الجدة فغمغمت ياقوت بآسى وحزن:
- كيف ابقى هنا؟ انا خائفة جدًا.

وقبل ان ترد الجدة كان الجد كريم يدخل وبرفقته أحمد الذي أصرّ ان يرافقه.. فتعالت خفقات قلب عائشة المرعوبة وهي ترى أحمد أمامها بوجهٍ شرس كوجه الوحوش.. ولا اراديًا تراجعت الى الخلف وبان الذعر جليًا على وجهها ليتنهد الجد كريم بضيق ويقول:
- كيف حالك يا عائشة؟

ازدردت عائشة غصّة كالحجر في حلقها وهمست بنبرة خافتة تكاد لا تُسمع:
- الحمد لله.

ابتسم الجد كريم رغمًا عنه ليهدئ من ذعرها الواضح ثم قال:
- ستعودين الى قبيلتك في المساء.

للحظة لم تستوعب وهي ترفع عينيها لتنظر اليه ثم سرعان ما ابتسمت بعدم تصديق ليقتل بهجتها التي غلفت وجهها صوت أحمد الخشن:
- ولكنك ستعودين بعد ثلاثة ايام زوجةً لي!

- ماذا؟
تمتمت عائشة برعب ثم استأنفت وكأنها على وشك ان تبثق روحها:
- ولكنك تحب ياقوت.. فكيف؟

كاد أحمد ان يقترب منها بعصبية مفرطة الا ان جده منعه سريعًا بجسده فجهر كليث حبيس:
- اخرسي.. لا تجلبي اسمها على لسانك.. ايّاك!

عشق ليس ضمن التقاليدWhere stories live. Discover now