العزاء

2K 189 12
                                    

نظرت نجمة لبوابة قلعة سالم! رغم أنها عاهدت نفسها أنها لن تعود أبداً إلى لاسيما بوجود سلمى بجانبها و لكنها اليوم مجبرة، و كانت تتمنى لو كانت هنا منذ أسبوع على الأقل!! فقد وصلتها تلك الرسالة اللعينة متأخرة! إنه القدر و هي لا تعترض! و لكنها تشعر بأنها كانت مقصرة.
تنهد نجمة بتعب و نزلت من على ضهر جملها
"أمي لماذا نحن هنا؟! " سألت نجمة التسعة أعوام بهدوء و أكملت:" طوال الطريق و دموعكِ لم تتوقف!؟"
"سلمى؟!" سألت نجمة بهدوء قاتل و بصوت راجف
"أجل يا أمي؟!" أجابت سلمى بجدية و هي ترمق والدتها بقلق
"هل تحبين جدكِ؟!"قالت نجمة
"بالطبع إن السيد جمال هو أفضل رجل قابلته في حياتي" قالت سلمى بمرح
" حسناً إن السيد جمال قد أعطاكِ عمره يا عزيزتي" قالت نجمة بتعب
"ماذا؟! ماذا يعني ذلك؟!" سألت سلمى و التي على الأغلب فهمت ما يعني! فطفلة في التاسعة قد لا تفهم ما يعني الموت بالتحديد و لكنها تفهم أنها لن ترى جدها مجدداً!!
"ادعي له بالمغفرة" قالت نجمة و هي تمسك بكتف صغيرتها بحنان
امتلأت الدموع في عيني الصغيرة و قالت وسط شهقاتها:" و لكن هذا يعني أنني لن أراه مجدداً ؟! انني لم اودعه جيداً يا أمي انه ليس فقط جدي إنه جدي و أبي يا أمي"
إحتضنت نجمة صغيرتها بتعب و هي تشعر بمدى ألمها مسحت دموعها التي خانتها، فعي تتذكر وقع تلك الرسالة عليها!
"عزيزتي نجمة
أرجوكِ إحضري بسرعة فأنا يؤسفني أن أكون من يزف لكِ هذا الخبر و لكن السيد جمال أعطاكِ عمره، لقد توفي بسبب حمى مباغته بالأمس سيصلى عليه اليوم سأتكفل بأمر العزاء.
المخلص دائماً
بدر"


"سيدتي!" رفعت نجمة رأسها لترى الشاب الذي وقف أمامها و القلق يملأ عينيه! لم تتعرف عليه على الفور و لكنها حينما أمعنت النظر أيقنت أنه بدر! لقد كبر كثيراً!! تركته و هو إبن الحادية عشر و اليوم هو إبن التاسعة عشر ، شاب قوي جندي في الجيش يطمح لأن يكون قائداً في المستقبل!
"بدر!؟" سألت نجمة بتردد و أكملت بتعب:" لقد كبرت كثيراً بالكاد تعرفت عليك"
"أما أنتِ فلم تتغيري أبداً سيدتي" قال بدر و هو يغصب ابتسامته! و نظر ناحية سلمى التي انتفخت عيناها الخمرية من كثر البكاء:" و انتي الآنسة سلمى!، اتذكركِ طفلة رضيعة"
"أنا لست طفلة انني في التاسعة الآن" صرخت سلمى بإستهجان
"سلمى ماذا أخبرتكِ عن الصراخ في وجه من هم أكبر منكِ عمراً" قالت نجمة بحزم
"و لكن يا أمي!" قالت نجمة بإعتراض
"أعتذر منك يا بدر إنك تخدمنا خدمة العمر تقف معنا وقفة الرجال في مصابنا ليوفقك الله و يرزقك إبنة الحلال" قالت نجمة
"لا تقلقي يا سيدتي كما أن هناك من يساعدني فسيدي..." قال بدر قبل أن يتدارك نفسه:" أقصد صديقي يساعدني يا سيدتي عزاء الرجال في القصر نهتم به جيداً و عزاء النساء في المنزل يا سيدتي دعيني أساعدكِ بحمل متاعكِ"



تنهد سلطان بتعب فمع مرور كل تلك السنوات الناس لا ينسوون ما قام به و لكنه هنا ليرد جميل معلمه!
فقي السنتين الأخيرتين أنهى عمرته و زار المدينة ، و هناك استشعر توبته فعلاً، فهم أخيراً كم كان مخطئاً ثبت قلبه على شئ معين! فحينما رأى الكعبة للمرة الأولى لم يستطع ان يقاوم مشاعر الرهبة و بكى طويلاً و هو يدعي أمام الكعبة، ذهب للمدينة و هناك رأى كيف كانت حياة الرسول صلى الله عليه و سلم و كيف كانت حياة صحابته الكرام و التابعين تعلق قلبه بالمدينة، فقرر أن يبقى هناك في المدينة، و عزم أن يبقى هناك لبعض الوقت ليدرس أكثر و يأخذ من دروس المسجد النبوي، و هناك أصبح معلماً تؤخذ منه الإجازات* ، بعدما عرفوا بما حظى من إجازات من معلمين آخرين فإنصب تركيزه على دراسة السياسة و التأريخ فقد وجد نفسه في هذا الأمر فعلاً، فردسها و أصبح يدرسها و كان قد عمل على كتابة كتاب يحكي فيه تأريخ ماهستان، بقي هناك حتى موسم الحج و بعد موسم الحج و الذي فيه حقق حلمه الآخر ، قرر العودة مجدداً لماهستان و قلعة سالم!

نجمة و المخادعWhere stories live. Discover now