حبل مشنقة من ذهب

2.1K 198 27
                                    

"أقول نعم لأجل العدل" كانت تلك رسالة والي ودة ، لم يصدق سلطان عينيه حينما قرأ الحروف البسيطة ، "لأجل العدل!" الرجل البسيط لقد خدع بسهولة، نعم إن هذا الرجل الشريف هو أحد الضحايا في لعبته الجديدة، إنه قد دخل لطريق اللاعودة !!، تنهد بإنزعاج هذا يعني أنه قريباً يجب أن يتخلى عنها، عليه أن يتخلى عنها ، راح يعزي نفسه و هو ينظر للنجوم سيتذكرها و هو ينظر للسماء و كلما رأى كوكبة الجاثي على ركبتيه سيتذكر ثرثرتها
"هناك انظر!!" صرخت نجمة بحماس
"ماذا لا ارى شيئاً!" قال سلطان بإستهجان
"هل أنت أعمى افتح عينيك جيداً تمعن بالسماء اننا بوسط الصحراء الأن و هذه تعد فرصة ذهبية للنظر في النجوم" قال نجمة بفخر
نظر سلطان النجوم بهدوء، إنه منظر خلاب! إنها محقة ، كان يفكر في تلك اللحظة بعظمة الخالق الذي أبدع في خلق هذا الكون.
"هل تراه الآن؟!" سألت نجمة بمرح
"أجل إنني أراه جيداً" قال سلطان بإبتسامة
لقد كانت من اللحظات القليلة معها التي حظى بها ببعض الهدوء بعيداً عن تأنيب الضمير!!
فخطوته القادمة هي الأخطر و هو مدرك لذلك!!بات عليه أن يسافر لودة و لمكان آخر أبعد قليلاً عن ودة ، فالمصائب قادمة في الطريق!!!!


نظرت نجمة لبطنها الذي برز بوضوح فقد باتت في شهرها السادس و هي تشعر بالحماس بالرغم من كل التعب و الألم و التفكير المستمر !! فهي تعي مدى مسؤوليتها فهي ستصبح أماً !! كم كانت سعادتها كبيرة حينما أخبرتها الداية أن حملها يسير بالطريق الصحيح
" هل كل شئ بخير!؟" سألت نجمة بتوتر
أمسكت الداية ببطن نجمة و راحت تتفحصه و قالت بهدوء:" لا تقلقي يا ابنتي، كل ما عليكِ فعله هو الإسترخاء و كل شئ بإذن واحد أحد سيكون بخير"
"حقاً؟! شكراً يا خالة" قال نجمة بسعادة

فهي كانت تشعر بالراحة نوعاً و لكن كان هناك ذاك الهاجس الذي يراودها:" احذري يا نجمة سلطان يخطط لشئ" كان هذا يوترها و يجعلها تقلق هي تريد أن تثق بسلطان و لكن تصرفاته الأخيرة كانت ترعبها فقد عاد لخروجاته الليلية و لسرحانه المستمر و اخيراً سفرته المفاجئة لودة لم تفهم ما قصتها!! كانت ستذهب معه و ستتعلق بثيابه و لكن حملها وقف في طريقها! و لذلك اكتفت بتحذيره فقط و لكن وضعه كان غريب و نظراته قبل الرحيل لها كان يملؤها شئ من الحزن الذي لا تفهمه
"ما قصة السفر لودة يا سلطان؟!" سألت نجمة
" عمل مفاجئ" قال سلطان و هو يجمع حاجياته
" حقاً؟!" سألت نجمة بشك
"أوه أجل يا أم سليمان لا تحملي هماً "قال سلطان و هو يمسك بوجهها بحنان
"أم سليمان!؟"سألت نجمة بإستهجان و اكملت:" و من الذي قال لك بأنه سيكون صبياً؟!"
" لا بأس إذاً يا أم سلمى " قال سلطان بمرح
"حسنا يا أبو سلمى ، اعتني بنفسك و تذكر جيداً لم أعد فقط أنا في دربك بل ستكون هناك سلمى في رقبتك، أنا مجرد زوجة و لكن سلمى هي من لحمك و دمك" قالت نجمة محذرة
"و ما مناسبة هذا التهديد المبطن؟!" سأل سلطان
"ليس تهديداً كل ما في الأمر هو أنني أذكرك فقط" قالت نجمة و هي تنظر في عينيه مباشرة
"و لماذا تتخيلين أنني أعدكِ مجرد زوجة يا نجمة؟! أنتِ لي كل شئ بل إنكِ كل عائلتي ، و لو تركتكِ يوماً إعرفي أنني قد نويت الموت بلا رجعة" قال سلطان بحزن و هو ينظر إليها محاولاً نسخ ملامحها في عقله
"ما هذا الكلام السخيف يا سلطان لماذا تتكلم بهذه النبرة؟!" قالت نجمة بخوف واضح و هي تحتضنه و عيناها قد امتلأتا بالدموع
"لا تعرفين ما قد يحصل في المستقبل يا نجمة" قال سلطان بجمود و أكمل:" حتى ان جاء اليوم الذي ستكرهينني فيه سأظل على عهدكِ أقبل جدار داركِ و أنام أسفل شباككِ"
"سلطان أرجوك توقف لا تتكلم هكذا ، ما الذي يحدث؟! هل حدث شئ يا سلطان؟! بإمكانك أن تخبرني لم يفت الأوان بعد!" قالت نجمة بقلق و هي تنظر في عينيه ، كانت قد لاحظت أن هناك خطب ما !! و لكنها لا تفهم ما الذي يجري
"تعلمين يا نجمة أنني أحبكِ صحيح" قال سلطان و هو يبتسم بلوعة
"أعلم يا سلطان أعلم و أنا أيضاً أحبك" قالت نجمة و هي تعود لإحتضانه
" أحب أنكِ صنعتي المستحيل لتغيري و ما زلتي تحاولين لليوم وهذا فوق حبي لكِ فأنا أقدركِ و أعزكِ لهذا أيضاً أشعر أحياناً أنكِ بجمال روحكِ تجعلينني جميلاً و أنا بروحي البائسة أجعلكِ بائسة أنا سئ يا نجمة إنكِ ترتدين حبل المشنقة معي يومياً" قال سلطان و هو ينظر في عينيها بيأس
"توقف عن التحدث بتلك الطريقة يا سلطان انظر إلي جيداً، لا يوجد في هذه الدنيا إنسان سئ بالكامل في داخل كل إنسان بذرة حسنة تحتاج لمن يعتني بها " قال نجمة بأمل و أكملت:" ثم إنني أحبك و لن أفقد الأمل أبداً فيك و إن كنت تعد حياتي معك حبل مشنقة فسأزينه بالذهب و سأرتديه بكل سعادة، ما دمت وثقت بي و أخبرتني بكل أسرارك فأنا سأكون معك دائماً"
"أنتِ على حق " قال سلطان محاولاً إنهاء هذا الحديث الذي يقتله كل دقيقةً و هو حي إحتضنها و قبلها و قد تكون تلك القبلة الأخيرة له معها ألقى عليها و على بطنها نظرة أخيرة فهي الشئ الصادق الوحيد فيه مشاعره ناحيتها ، نظر لبطنها و هي هو يندب حظه فهو قد لا يستطيع أن يرى الذي ببطنها لن يكون له اباً فهي ستمنعه لاحقاً ان لم يستطع هو أن يمنع نفسه أولاً
"إستودعتك الله الذي لا تضيع ودائعه" قالت نجمة و هي تودع سلطان و في داخلها قلق كبير من المستقبل، لا تدري ما الذي سيحدث!!

نجمة و المخادعWhere stories live. Discover now