قلبها الأحمق المتهور

2.4K 217 40
                                    

مشت في ساحات القصر بكل ثقة و راحة، إن كل شئ كما يجب أن يكون، لا تطلب الكثير فالذي سعت له تحقق تعبت كل تلك السنوات و الشهور الماضية و لكن تعبها أثمر، فزيجها قيد النشر، و عملها في القصر يسير على خير ما يرام، و حياتها مع سلطان ، حسناً إنها أفضل مما حلمت فهي قد لاحظت تماماً التغير الذي طرأ عليه، الهدوء السلام الواضحان على وجهه، فهي لم تتخيل أنها قد تسامحه يوماً فقد أوصلت الأمر للطلاق فعلاً كانت ستطلب منه ذلك و اليوم هي تحمد الله أنها لم تفعل، فقد باتا يعيشان حياة زوجية مستقرة هادئة، إنها سعيدة، سعيدة جداً ففي الفترة الأخيرة أثبت لها سلطان أنه يستطيع أن يتغير للأفضل حتى في أصغر التفاصيل كانت تشعر أنه يحاول، فقد كانت تعلم أنه في صراع مع ذاته فهو كان قد رسخ في عقله أن الشر هو الطريق الصحيح، لكي ينجح الإنسان في حياته عليه أن يكون شريراً ، و لكن اليوم تراه أكثر هدوءً فقد هدأت نار إنتقامه و ركدت ، فمصير النار المشتعلة أن تهدأ حتى يأتي اليوم
الذي قد تنطفئ فيه بسلام!
كل ما يعكر صفوها هو شعورها بتعب بسيط كصداع و الشعور بالغثيان صباحاً و آلام في الظهر و لكن ليست الآلام الجسدية هي التي ستوقفها!

لقد إستطاع سلطان في الفترة الأخيرة أن يحضى بثقتها ، فقد لاحظ أنها كانت أكثر هدوءً ، و هذا هذا يبعث فيه شعوراً بالإرتياح كان يريد أن تدوم سعادته على هذا النحو فقد تذكر اليوم الذي ذهب فيه للقرية ليسترضيها
"من بالباب يا نجمة!؟" سألت الجدة فهيمة
"انه ضيف غير مرغوب فيه يا جدتي " قالت نجمة بملل
"من أيتها هالمشاكسة تحدثي كبقية البشر" صرخت الجدة بغضب
ابتسم سلطان بخبث
تنهد نجمة بملل و قالت بضيق:" إنه رجلنا الغير مرغوب فيه يا جدة"
"هل هو زوجكِ يا فتاة؟!" سألت الجدة
"هو يا جدة!" قالت نجمة و هي ترمقه
"ادخليه يا قليلة التهذيب هل تتركين ضيوفي على الباب!؟" صرخت الجدة بغضب و أكملت و هي ترحب بسلطان:"أهلاً بك يا ابني تفضل في بيتك"
"جدتي!" قالت نجمة بدلال و اكملت بإنزعاج:" هل ستقفين في صفه ضدي؟!"
"لاأقف في صف أحد أيتها الشقية، إنه ضيفي و سأكرمه" قالت الجدة بغضب و اكملت :" ادخل يا ابني"
"هل أدخل؟!" سأل سلطان ببرائة
"ماذا تريد؟!" قالت نجمة و هي تزفر بغضب
"دعيه يدخل أولاً" صرخت الجدة و اكملت:" هيا فردوس لنذهب للسوق "
"جدتي لا تتركوني معه لوحدي"اعترضت نجمة بدلال
" هل سيأكلكِ إنه زوجكِ و ليس بعدوكِ" قالت الجدة
"لا تعلمين يا جدة ربما يقتلني اويخطفني" قالت نجمة و هي ترمق سلطان
ابتلع سلطان ريقه و هو ينظر إليها بهدوء
"توقفي عن تفاهتكِ هيا يا فردوس أسرعي" صرخت الجدة بحماس
"قادمة!" قالت فردوس و هي ترمق سلطان بغضب و شك

خرجت الجدة وفردوس بقيت نجمة معه لوحدهم، كانت خائفة هي لا تريد أن تستسلم بسهولة له، ولكن مؤخراً بات عقلها يخونها و يتبع قلبها بتهور و لا تدري، ربما فقط بنظرة أسف واحدة تذوب و تسلسلم و تسامحه .
"هل ستستمعين لي يا نجمة!؟" قال سلطان بإبتسامة ساحرة
"لا تبتسم لي كالحمقى!" قالت نجمة بتوتر و أكملت:" ما الذي تفعله هنا؟، عد لأحضان زوجتك الجديدة المطيعة!"
"نجمة!" قال سلطان بإعتراض
"ما الذي ستقوله لي يا سلطان؟!" صرخت نجمة بإعتراض و اكملت:" لقد قلت لي ما في قلبك سابقاً ما الذي استجد"
"الذي استجد انني أدركت أنني كنت أحمقاً و متهوراً و أنكِ كنت على حق" قال سلطان بسرعة وهو يتأمل النظرة المصدومة المشككة في عينيها و أكمل:" الذي استجد أنني أدركت ان الحياة لا طعم لها من دونكِ الذي استجد أنني بت كالمجنون من دونكِ الذي استجد أنني اكتشفت بعد كل تلك الشهور أنني أحبك يا نجمة ، بل إنني مجنون بحبكِ "
نظرت إليه نجمة بصدمة و خوف و قليل من الأمل، لو أنها سمعت منه هذا الكلام سابقاً لكانت استسلمت بسهولة و لكنها خائفة لا تعرف هل تصدقه؟! و لكن ما الذي سيستفيده ان كذب عليها؟! هل فعلاً يحبها؟! لا تعلم إنها أمام الكثير من التساؤلات و التناقضات و في العلاقات الثقة أهم من الحب إن انعدمت مات معها الحب و ولى!! و لكنها تحبه و لا تعلم لماذا؟! و لكن قلبها إختاره و تعلم ان حبها له كالخطيئة و أنه مغامرة سيئة و لكن ماذا عساها تفعل؟! القلب و ما يهوى و العقل و يوعى ان حكم القلب! قلبها الأحمق المتهور !
"و ما الذي يجعلني أصدق كلامك يا سلطان؟!" قالت نجمة بهدوء
"لأجلكِ يا نجمة سأتخلى عن إنتقامي لم أسعى للعرش لن أحاول أن انتقم سأترك كل شئ سأتغير للأفضل يا نجمة" قال سلطان بيأس و أكمل:" ارجوكِ يا نجمة أطلب منكِ فرصة ثانية أرجوكِ"
راحت نجمة تنظر لعينيه بيأس و هي تراهما تشعان أملاً تلمعان بشدة
"هل تكرهينني لهذه الدرجة يا نجمة!؟ لا تستطيعين ان تعطيني فرصة أخرى!" قال سلطان بيأس و قد بهتت لمعة عينيه
لم تستطع ان تراه هكذاً يائساً مقهوراً كطفل صغير سائها ان ترى رجلاً معتزاً بنفسه مقهوراً بسببها و مجدداً قلبها الأحمق المتهور حكم عليها!! 
"من الذي خدعك يا سلطان و قال لك انني أكرهك هل تفسرمشاعري على هواك؟!" صرخت نجمة بغضب
نظرإليها سلطان بصدمة و راح يتأملها ، ذاب في خجلها و حمرة وجنتيها
تنهد سلطان بتعب و احتضنها بيأس، كان تصرفه الأخير نابع من رغبته بالتمسك بها و قال بتعب:" أرجوكِ يا نجمة أعطيني فرصة ، بل أعطينا فرصة دعينا نفتح صفحة جديدة، أرجوكِ لا تقتلي شيئاً لم يبدأ بعد بيننا"
ارتجفت نجمة و هي في اخضانه متردده و خائفة و قالت بضعف:" ان كان لي قلبٌ يا سلطان فأنا لا اترك عقلي خلف قلبي، كيف أثق بك يا سلطان؟! كيف نثق ببعضنا و نحن أخفينا كل شئ عن بعضنا؟! كيف سنتفاهم و نحن كل واحد منا ينظر من جانب آخر"
"صدقيني سيكون كل شئ بخير سنتفق في نهاية المطاف، فقط دعينا نعود لبيتنا " قال سلطان و هو يحاول أن يطمئنها
نظرت له بعينيين ضائعتين فقلبها سيغلب عقلها و قلبها سيجعل عقبها يتخلى عن مبادئه إنها في صراع شديد بين العقل و القلب و لكن قلبها الأحمق المتهور يخونها للمرة الألف فقد نطقت بالكلمات السحرية:"حسناً"
كانت تأثيرها على سلطان كالماء في وسط صحراء قاحلة
و اكملت نجمة بتهكم و ذلك لتنسى خجلها و عي بين اخضانه:" و ماذا عن زوجتك المطيعة؟! هل سترضى بوجودي معك؟!"
"دعينا نعود للبيت و سنرى بهذا الخصوص" قال سلطان بمرح و السعادة و لا تسعه و كأنه ملك الدنيا و ما فيها!!

نجمة و المخادعWhere stories live. Discover now