المقدمة

193K 2.9K 937
                                    

نبذة: في زمن العادات والتقاليد وُلدت.. في قبيلة لا تعترف بالمرأة الا في مكانٍ واحدٍ.. تُسلب منها حريتها الشخصية وتُجبر على التعايش مع زمنٍ قاسٍ يكون به الرجل هو القاضي والآمِر الوحيد.. تحاول بكل وحشية الانثى التي تتمشى في شوارع جسدها ان تقاوم هذا الجهل وهذه السلطة التي تخنقها وتقيّدها من تحقيق ما تمنت الحصول عليه منذ سنوات طويلة..

تنبيه: الرواية تدور أحداثها في العصر القديم..
----

لم تفكر مرتين وهي تخرج كاللصوص من منزلها.. تتلفت حولها ونبضات قلبها يحتد وثبها بصورة غير طبيعية.. يداها تتعرق اكثر وهي تتمسك بطرف الباب الخشبي.. تتطلع هنا وهناك لتتأكد من كونها ستخرج سالمة..
تسلّلت بقرب الجدار البني الخارجي الذي يفصلها عن منزلها.. لا يمكنها ان تتراجع الان.. ليس بعد تفكير دام لأسابيع وتخطيطات نسجتها بعقلها.. السماء الحالكة بسوادها تبعث ذبذبات من القشعريرة في حنايا جسدها لترتجف بخوف..
بعد ساعتين سيتصاعد آذان الفجر وسيستيقظ رجال قبيلتها ليقبلوا الى صلاتهم في المسجد القريب من قبيلتهم.. اما النساء فهن سيقضون فريضتهن في منزلهن.. وامها؟.. رباه امها ستولج الى جناحها الصغير لتوقظها حتى تُصلي معها جماعة.. وبعد ذلك تعدّان الافطار لوالدها وشقيقيها الاعزبان.. ولكن ان اكتشفت والدتها امر اختفائها فيا لها من مصيبة ستُقام في القبيلة كلها!

"تراجعي يا خنساء! لآجل والدتك التي سيقع كل اللوم عليها!"
زمجرت مخاوفها بين زوبعة افكارها وهي تعبر الجسر الطويل القائم بين الأشجار لتصل الى السور.. ولكنها لا تقدر ان تتراجع.. حلمها ستموت ان لم تحققه.. وبذات الوقت سينشطر فؤادها الى اشلاء اذا هربت هكذا واحنت رأس والدها المرفوع دائما وادمت قلب والدتها الحنون..

توقفت قبالة السور الشاهق تلهث انفاسها المضطرمة تخفرًا وذعرًا.. كانت ميقنة انه طويل ولذلك تأزرت تحت عباءتها السوداء سروالاً كحليًا واسعًا لتتمكن من التسلق كما يجب.. ولكن نقابها مشكلة! لا تستطيع ان ترفعه عن وجهها والا في حال كُشفت ستُعرف انها هذه هي "خنساء الفهدي" من تجرأت على تفجير القنابل في دماء رجال قبيلتها لتُبتَر الرقاب وتُقام الجنائز!..

اوغلت يدها عبر النقاب لتمسح قطرات العرق التي تتصبب من وجهها الشاحب.. ثم شدّت من ربطة الحقيبة النبيذية التي على ظهرها وبارتباك وضعت قدمها على حجر من السور بينما اليد الاخرى تتشبث بحجر اخر حتى تتمكن من الصعود بتريث..

ولكن.. صوت الاقدام التي تنبع من الخيول التي تقترب فاقم من حدة توترها وبعثر تركيزها على الرمال التي تحتها لترفع رأسها الى السماء برعب حقيقي ثم تحدودب برأسها الى الارض لتُقدّر البعد الذي يفصل بينها وبين الارض.. وطبلة فؤادها التي تتفنن بطرقها العنيف تصمّ اذنيها فلا هي قادرة على التحديد من اين الصوت تمامًا ولا حتى على متابعة الصعود لتهرب بنجاح!.. او حتى العودة ركضًا الى منزلها الاقرب الى هذا السور..

عشق ليس ضمن التقاليدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن