جحر الشيطان ج3 ح24

988 73 54
                                    

الفصل الـ (24)
جحر الشيطان ج3

جلس خالد في غرفته دافنًا رأسه بين كفيه، قلبه ينزف ألمًا مع رضا بفرحة حبيبته لا يستوعبها.
كيف له رغم وجعه أن يكون سعيدًا بحق ليس زيفًا!
كيف لسعادتها ان تترك أثرًا في قلبه رغم إنه وأد كل احلامها التي كان يبنيها ليلًا ونهارًا في يقظته وحلمه.
تارة وهي بين ذراعيه!
اخرى زوجته يجمعهما منزل واحد!
واطفالهما رغم انها ابنته الاولى فمنذُ الأزل وهو يعتبرها ابنته وهل يُلام؟ ألم تنمي خديجة كل المشاعر بداخله أروى كُن لها اخٌ يا خالد لا تُغار منها.
هو منذُ ما قالته لم يغار يذكر في صغرهما كيف كان يقاسم معها كل شيء يحصل عليه مرة يأتيها بالحلوى، وتارة بهداية، واخرى مصحف، ومرة مسبحةً، ومرة ومرة اشياء كثيرة.
ترآها تحتفظ بهداياه القديمة أما تخلت عنهم؟!
كيف للأحلام ان تهدم في لحظة هكذا فتهدمنا معها؟
كف والده وضع على كتفه نازعًا إياه من بؤرة حزنة ليرفع رأسه إليه، فجلس عمرو بجانبه وضمه بقوة يدرك تمامًا الم إبنه وجاء ليحتويه كان له الصديق قبل الأب وحان دور الصديق لصديقه.
ربط عمرو على كتفه مؤزرًا وهو يهمس بنبرة حزينة مكدودة:
- عارف مدى ألم قلبك دلوقتي بس....
قاطعه خالد بقوله وهو يبتعد بنبرة صادقة :
- ألم؟! اي الم أنا قلبي سعيد وفرحان يا بابا فرحتي هي فرحتها وانا عارف ومتأكد ان حمزة هيحافظ عليها وزي ما ضحى بحبه بسببي انا كمان ضحيت بس مش عشانه بس انا متأكد ان اروى في بداخلها مشاعر ليه انا مبسوط ليهم...
صوت شهقة من عند الباب لفتت انتباههم لخديجة الواقفة مرتكنة بكامل جسدها على الحائط فلوى عمرو شفتيه برفع حاجب :
- يا عيلة مبتحبش غير النكد، تعالي يا بنتي شوفي اخوكِ الحزين ده يا بيت فقري بالحزن..
- شكلكم سهرنين وقولت اجيب التسالي.
قالتها ورد وهي تلج بصنية يعلوها المقرمشات واللب والفُشار لا تدرِ ما بإبنها غير انها شاعرة بأمومتها أن قلبه غائر بجرحًا لا تعلمه، انصرفت خديجة لدقائق قلائل ثم عادت جالسة في تخفي خلف خالد الذي يأكل في شرود بعد المقرمشات، فتبادلت مع والدتها ضحكة مكتومة وهي تمد كفيها في ظهر خالد تضع ثلج وهب خالد واقفًا يقفز صائحًا وهو يحاول نزع الثلج من خلف ظهره بينما تعالت الضحكات عليه
غمغمت خديجة من بين ضحكاتها قائلة :
- يا عيني على الحكومة لما تبهدلها الأيام، منظرك تحفة يا حضرة المقدم.
وضربة كفٍ بكف ليتمتم خالد متغاظًا وهو يرمقها بتوعد :
- دا يا عيني على الحكومة لما تبهدلها اخواتها، الاخت الكبيرة الهبلة، حضرة المقد هيوريكِ هيعمل فيكِ إيه دلوقتي.
مع قوله كان يهجم عليها بقطة الثلج بعد حصوله عليها من بين ملابسه فصرخت خديجة راكضة منه وهو وراءها والمرح عم المكان
حتى يفجأهم خالد بسفره العاجل لأحدى المهام بعد تلقيه مكالمة هامة...

🥀 سبحان الله 🥀

كان المشهد عجيبًا ... مفزعًا.
والجو كأنما يسوده الغبار بلى غبار...
الهواء لفحهما فجأة قاطع السكون حولهما...
سكون مهيب ضرب صداه على قلبيهما ...
ومشاعر شتى امتزجت بدواخلهما غير مفهومة...
ارتخت الإيدي في وقتٍ واحد، رمش آجار بجفنيه وقد نسى كل ما حوله، عيناه لا تحيدان عن وجه جان أمامه الذي تنبه من حالته سريعًا ملقيًا السلاح من يده بلا اهتمام، واندفع إلى آجار يمسك بياقتيّ جاكته وهو يصرخ فيه بإنفعال :
- أنتَ السبب في اختفاءها، أين ناردين يا هذا؟ اين اخفيتها أن حصل لها اي مكروه أدفنك أرضًا!
كان ما زال آجار غارقًا في صدمته محدقًا بتيه إلى وجه جان، حتى استطاع بالكاد تمالك نفسه ليدفع جان من صدره بعيدًا عنه واولاه ظهره واضعًا كفيه فوق رأسه، فبقى جان محله ليعطيه فرصةً تمالك نفسه وصدمته فـ الأمر ليس بهين ... ليس ابدًا هين.
إستدار آجار له هامًا بكلامٍ إنحصرَ بحلقه مسح وجهه وهو يجحظ عينيه على وجه جان مليًا، قدميه ساقته ليقف أمام جان قاب قوسين او أدنى منه، فبادر جان قائلًا بنبرة هادئة :
- حسنًا، أعلم وقع الصدمة في قلبك لكن رجاءً تحل بالصبر نعم نحنُ نشبه بعضنا لكن الآن ثمة ما هو اهم رفيقتي تم خطفها ظنن منهم إني أنا أنت.
بدى آجار غير منصتنًا لما يقول، أنى له أن يفهم او يعقل شيء كهذا؟
يستحيل أن يكون هذا الذي امامه مجرد شبه منه.
هل ... هل هو أخاه؟
عند هذا الخاطر لمعة عينا آجار وهمس بصوت رجراج :
- أنت .. أنت، اقصد كيف، كيف هذا، أنت انا، هل .. هل أنت أخي.
صُدم جان من تفكير آجار، لماذا لم يخطر هذا في ذهنه أيضًا؟
ربما هذا الماكث امامه اخيه؟
ربما لما لا هذا الشبه دليل على إنهم اخوة، وربما مجرد تشابه من يدري.
لكن لا مستحيل آجار إبن رجل مجرم وهو لا هو ليس بمجرم.
نفخ جان في ضيق مع عودة الضياع في نظرات آجار فمسك كتفيه وهزه هزة خفيفة متمتمًا بنبرات حازمة:
- إستمع إليّ يا هذا ليس الآن وقت الصدمات لننقذ رفيقتي ومن خُطف من جهتك ثُم لنفكر في امرنا ونبحث في الماضي علنا اخوة حقًا من يدري.
اومأ آجار وهو يتذكر منة لتتحول ملامحه للشراسة والحدة وهو يجز على أسنانه هاتفًا :
- اخبروني إنهم هُنا!
- لا يوجد احد هُنا.
- لقد ضحكوا عليّ إذن!
- لم يضحك عليك احد سيد آجار.
هتف بها هاتف من خلفه لتتحفز ملامح آجار وجسده وهو يستدير إلى جاك الواقف في برود وخلفه رجاله.
استل جاك يده من جيب بذلته وهو يتقدم من آجار قائلًا:
-ذاك المشهد يجب أن يُذاع على جميع شاشات العرض فمن يصدق ان السيد آجار يوجد من يشبهه إلى الحد الذي لا يستطع المرء ان يفرقهما.
في سورةٍ من الغضب أمسك آجار بياقتيّ قميص جاك صارخًا فيه :
- أين منة يا جاك اقسم بأن لو مسستها بشعرةً واحدة لأذيقك شتى انواع العذاب دون ان يرف ليّ جفن.
ومع صراخه كان رجال جاك يشهرن الأسلاحه على رأسه دفعةً واحدة.
بينما وقف أحدهم موجهًا فوهة السلاح في مؤخرة رأس جان الذي لأول مرة يحيا مثل هكذا أشياء في حياته.
تلك اشياء يرآها في التلفاز أنى لهُ أن يعرف بأنه سيعيشها يومًا ما فكل ما يحدث لنا يبقى مستترًا في ضمير الغيب وهو سيجهز نفسه ليستقبل كل الصدمات دون صدمة وارتياع!
فـ القادم يتراءى له كارثي أو فوهة بركان انفجرت بما في جعبتها في وجهه ولا سبيل للخلاص منها.
- ما الذي تريده يا جاك، أن علم اخي أراس فلن يتركك قبل ان يصفيك ويجعلك كالكلب تتجول في الشوارع.
كاد جاك أن يهجم على آجار، لولا وصول فئةً من الرجال التي أحاطوا برجاله واجبروهم على ترك أسلحتهم فـ أنصعوا بوجل
تعلقت أعيُن الجميع على باقي الرجال الذين إصطفوا أمام الباب قبل أن ينقسموا لكلا الجانبين ليبرز آركان الذي وقف في برود أمام جاك الذي شحب وجهه وهو يتقهقر للخلف وتصبب العرق من جبهته مع همسه بتلعثم :
- آر ... آركان، هذا أنت؟
- أين الفتاتين يا جاك؟
سئل آركان بنبرة باردة تحمل وعيد مستتر فتبسم آجار له في مكر وحاد ببصره إلى آركان الذي أسبل له جفنيه كأنه يطمئنة او يبعث له برسالة خفية بـ ألا يقلق .
قلب جاك بصره بين الثلاثة، لكن من كان يبعث في أوصاله الرعب حقًا هو آركان فهو لا يهمه أيٍٍَّ كان يصبح وحشًا مرعبًا أن تعلق الأمر بأحد أحبته ولكن بالقانون، ففي لحظة واحدة يمكن ان ينهيه ويزجه أسفل سافلين زهاء طرفة عين.
- لا تضطرني أن اعيدُ كلامي أكثر من مرة لا أحبُ هذا وأنت تعلم، أين ....
قاطعه جاك مجيبًا آركان في لهفة :
- ساخبرك، سأخبرك اين هم لكن ستتركني ارحل بعد ما تنقذهما.
كلمة إنقاذ أججت النيران بقلب آجار الذي هم ان يندفع نحوه لولا كف آركان الذي ردعه للخلف وهو يجيب بصوتٍ أجش :
- أخبرني أين هُما لأنه لو حصل لهما شيء فـ...
- ربما لو اسرعنا نلحق بهما قبل أن تنفجر بهما السيارتين.
انفعالا الشابين وهما متسعيّ الأعيُن فصدد آركان لكمة إلى وجه جاك الذي تقهقر للخلف وكاد أن يسقط لكن آركان مسك به وهو يزجره ليفصح عن مكانهما فـ أخبره بنبرة مرتعشة ليندفع الشابين للخارج غير عابئيّ بأنفسهما.
كلاهما على شفا الجنون وكلٍ منهما يذهب في طريق إلى احد المكانين المنشودين إذ لم يصلا في الوقت المناسب فـ الفتاتين سيستحلا رمادًا.

رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتملهWhere stories live. Discover now