جحر الشيطان ج3 ح1

2.3K 91 30
                                    

الفصل الاول.
#جحر الشيطان.
"ما زال للعشق بقية"

كانت ليلةٌ شاتية، شديدةُ البرودة، الظلام يلفُ غرفتها برداء حالك السواد، صدح منبه هاتفها كما وقتته مع إنتصاف الليل، فتحت أجفانها بتقاثل، ومدت كفها من أسفل الغطاء برجفة من برودة الجو وأوقفت رنينة، تنهدت وهي تخرج رأسها من اسفل وسادتها، تحركت من على الفراش ليهاجمها البردُ القارص فضمت نفسها بذراعيها وهي ترتعش، لكنها لن تضع البرد يغدا حائلاً بينها وبين قيام ليلها، أسرعت لتشعل الأنوار ولفت أنتباهها أثر الغيث العالق على زجاج نافذتها المُغلق،فـ أسرعت نحوه،و إتسعت حدقتيها وهي تصرخ في حماس وتصفق بكفيها، ثم نظرت من خلال النافذة للأمطار الهابطة كـ السيل، مدت كفها تستقبل الأمطار بأغتباط شديد بعدما فتحت خصاص النافذة، وأغمضت عينيها وبدأت في الدعاء، فتحتهم في فزع ما أن تناهى لها صوتُ الرعد الصارخ، فـأغلقت النافذة وهي تتنفس الصعداء، ولم تلبث إلا وقد توضأت وعقب وضوئها بسطت سجادتها وشرعت في صلاتها، وبينما هي تقرأ وردها مَن القرآن إذ بـ الباب يُفتح ويطل منه أخيها الصغير هامسًا بصوتًا مرتجفٌ من البرد :
- السلام عليكم، حبيبتي ممكن أدخل؟
تألقت بسمة رائعة على ثغرها وهي تومأ مؤكدة:
- تعالى يا خالد يا حبيبي.
جلس خالد جوارها وتسائل :
- أنا لسه صاحي اهوو، هصلى هنا عندك ماشي؟
أومأت خديجة بعينيها، وقالت :
- صلي يا حبيبي براحتك.
استوى "خالد" مُنتصبًا، وكبر مُصليًا، في حين أسترسلت "خديجة" قراءة وردها.
أنهى خالد صلاته وراح يتلو ورده في صوتًا رخيم، يبثُ الراحة للقلوب، وما أن أنتهى حتى ألتفت إلى "خديجة" بوجهًا مُشرق وتنهد قائلاً في حبور:
- خديجة غريب قيام الليل!
عقدة خديجة حاجبيها في عدم فهم، وهي ترمقه في حيرة، فتبسم هو ضاحكًا، وقال :
- غريب عشان بيكون الجو فيه بارد أوي والإنسان ميقدرش يقعد من غير غطا ولا يتحرك، إلا المصلين، فهما بيتوضوء ويصلوا وميحسوش ببرد ابدًا، سبحان الله إزاي رغم البرد ده ألا أن أول ما بصلي بحس بدفا غريب.
طافت بسمة مُشرقة على وجه خديجة، وقالت في راحة:
- إنه دفء الإيمانُ يا خالد.
خطف خالد قبلة سريعة من وجنتها وهو ينهض، وقال :
- شكرًا يا حبيبتي لأنك معايا، هروح أنام شوية قبل الفجر عشان المدرسة.
اومأت خديجة برأسها وهي تلوح له بكفها مودعة، ثُم رفعت كفيها داعيةٌ له.

"رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ". [البقرة - 201]."

عاد الصغار باكرًا من المدرسة، بسبب سوء العاصفة التي هبت فجأة، مُعلنة عن أمطار غزيرة، استقبلتهم خديجة لتأخذ أروى وتبدل لها ملابسها التي بُللت كُليًا، ثُم جلست على فراشها في غرفتها بعدما أنتهوا الصغار من تبديل ملابسهم، والإتيان إليها، جلسوا حولها الصغار من كل جانب،فـ رددت بصرها بينهم، و تمتمت ببسمة كـ ضوء الفجر :


- تساءلتم عن المطر، والآن سأقص لكم عن فضله، ونعمته.


أنصت لها الصغار في حماس واهتمام.

رواية "فتاة العمليات الخاصه" مكتملهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن