دَأبُ ضَنِيّ | CH 2

86 14 12
                                    

في اليوم الذي تلاه أتى وفد سياسي من مملكة مجاورة سميت بـ"فونهان" إلى القصر الملكي ، وكان ينقل هذا الوفد معاهدة قوية بين المملكتين ، أراد الأمير الترحيب بهم لأنهم أناسٌ لا يفكرون بالمصالح السياسية بل بالواقع ويتخذون الحياة بأهون ما تكون عليه ، وقد كانوا سمر البشرة كرماء الأنفس نظيفو القلوب وأجمل تجسيد للتواضع لحدٍ يجعل النبلاء من جيمان والممالك المتحضرة المشابهة يدعونهم بالبربر وما أحب هؤلاء البربر إليه!.

استقبلهم بوليمة مميزة ، كان الحديث بينهم حلواً حماسياً ، كما لو أنهم ترعرعوا معاً تحت سقفٍ واحد! . كان الملك آتٍ مع الوفد شخصياً وهو كهلٌ لا يتميز بصفةٍ عن سكان مملكته ولو قليلاً سوى نواياه الحسنة وحنكته في الآن ذاته! ، وبين ذلك الوفد بعض الفرسان وبضع من مجلس الشيوخ ، وأما من جيمان فقد حظر الدوق سميث واِبنه الفارس الملكي كريس سميث والدوق إسكانير.

-نخب عيني جلالة ولي العهد فلتشاركنا المرة القادمة~.
- يشرفني ما تفعل ولكنني لن أشارككم مع الأسف.
-إن جلالته يملك مبادئاً خاصة يذكرني بجلالة الملك الراحل كثيراً من هذه الناحية ولكن صدقاً إن كلاكما عظيمان .
-أسمعت يا جراهام ، النبيذ ليس للعظماء.
-هذا مبالغ به يا رفاق.
-بل هو قليلٌ لن يوفيك حقك جلالتك.

••

بعد تلك الوليمة جلس ولي العهد ورجاله مع ملك فونهان وأبرز بضع أعضاء من مجلس شيوخهم ، يال الملك المحظوظ لديه كثير من الناس حوله في حين أن الآخر لم يحصد إلا القلة ! .

-وأين جلالة روكو الصغير لقد تمنيت لقاءه حقاً!.
- جلالة روكو لم يعد صغيراً بل صار ملكاً يافعاً.
-إن الأيام تجري بسرعة .

وأزال ذلك الوجه البشوش واستبدله بآخر جاد واستمر:

- إذن ، أمازلت عازماً على "ذلك الشأن" حقاً؟.
-لقد أطلعتك عليه بكل ثقة وهذا يعني أنني عازمٌ بالفعل .
-ولكن هذا يستغرق دهراً.
-لا أمانع ، أنا حقاً لن أسكت على خطرٍ كهذا .
-و ما هي وسائلك التي ستدحر بها مالا يضرب ولا يهشم؟.
-لدي خبرة مسبقة في ذلك بالفعل. السؤال لك يا من أقحم نفسك وأنت لا تدري من هم ! .

-خبرة ؟ ، أيها الشاب أنت تبالغ ولكن كيف هذا؟! ، ثم أنني أقدر على إستخدام سحرة فونهان ضدهم!.
-لنأمل أن ينفعنا ذلك ..
-بالطبع سينفع! ، والآن ما رأيك أن نستكمل معاهدتنا؟.
-كُلكُم سكَارى! ، عذراً ولكن لندع ذلك للصباح ، إرتاحوا فقد جئتم من أرضٍ بعيدة ودعوا الخدم يوصلوكم إلى غرفكُم.

وبعد أن تأكد أن كل شيء على ما يرام توجه إلى القصر الملكي الرئيس إذ إن القصر الذي يستقبل فيه الضيوف مفصولٌ عن القصر الرئيسي .

وهو ذاهبٌ صوب مكتبه خالجه شعورٌ مزعج إقترن بالشك دون أي سببٍ مقنع فخرج صوب الحديقة الخلفية وإذ به يلمح الأميرة تمشي هناك بهدوء ولكن ظهر أمير فونهان المتوج لفجأة ذلك الشاب اليافع الطويل الأسمر ذا النظرات التي تغلبها السذاجة حيناً والحماقة حيناً آخر ، وقف يراقبها بنظرات مملوءة بالرغبة والإنبهار مع وجه محمر كان من الواضح أنه قد فُتن بها! ، لم يعجب أليكسي بذلك ومن هذا الذي سيعجب! ، ولكن ما زاد الطين بِلاً كان الفارس آردين الذي إندفع نحوهاً محاولاً حمايتها ولكنه إقترب منها كثيراً! ، لقد إستنفذ كل هدوء أعصابه الذي كان سيكفيه طوال حياته في تلك اللحظة فقط ، أما هي فلم تحب أو تفهم من ذلك الغريب الذي ظهر من المجهول ولكنها إرتاعت لشعورها بأن شيئاً عالياً رفعها بسرعة وسرعان ما لاحظت أنه الأمير يحملها بذراعيه لا يلقى بالاً لمن يشاهد وراسماً تعبيراً غاضباً أشد الغضب  ، أمر الإثنين أن ينصرفا وأعادها إلى غرفتها بذلك الوضع ، صدمت وشعرت بالإحراج مع أنها لم تقترف شيئاً فقد إعتادت الخروج إلى هناك غير ليلة!.
-جلالتك ، ما معنى هذا؟.
-أُخلدي إلى النوم قبلاً.
-ما الأمر؟!.
-أُخلدي إلى النوم قبلاً.
-لن أنام إلا لو فسرت .
-أُخلدي إلى النوم قبلاً.

وإنصرف بهدوء موصداً باب غرفتها بإحكام ، و بعد إنصرافه بهذا الأسلوب ، بدأت التساؤلات تعصف بها مغرقة لها في بحر حيرة دون سواحل ولا شطآن ، منذ متى وهو يتصرف على هذه الشاكلة ويعيد ذات الكلام؟ ، لمَ يبدو كطفلٍ عصبي أناني استحوذ على جسد أمير جيمان؟ .

وإنتهى بها الآمر وهي نائمة قامسة في ذلك البحر حتى أثر على أحلامها ورأت تخيلاتها وما يضطرب في نجواها فيها ، وما أحب ما فعله إلى نفسها!.

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright HopesWhere stories live. Discover now