مدوية فتاكة | Ch 5

168 20 0
                                    

وبعد أن خرج مسرعاً وأغلق الباب وراءه ، تمتم وهو يكمل طريقه إلى مكتبه :
-إلى متى ستراني بتلك الطريقة؟ ، بل ولمَ علي أن أعاني حتى في أمرٍ ضئيلٍ كهذا بسبب ذلك التاج؟.
••
كان يوماً هادئاً جميلاً ، حظيت فيه فيوليت بفستان من توصية الأمير خاصة ، أعجبت كل الوصيفات به فقد كان كقطعة فنية من تطريزه المتقن إلى تصميمه الأساسي ، حتى لونه قد كان رائعاً ، لم تعرف لو كان سكرياً أم أبيضاً مائلاً للزرقة كما لو أنه ألوان مزجت ببعضها بدقة.
بالرغم من أنها قد إنزعجت من تصرف إحدى الخادمات التي قالت لها بوجه يغمره الخوف والرعب:
-سموه عصبي ويمكن أن يغضب لأتفه سبب.
-ماذا؟.
-أجل هو فعلاً قد يرسل أي أحدٍ إلى المقصلة!.
لقد أغضبت فيوليت غضباً عارماً وبل شعرت بأنها تصرفت كطفلة عندما طردت تلك الخادمة من غرفتها آنذاك لقد تعكر مزاجها حقاً لكنها حاولت نسيان كل ذلك الإنزعاج ، بالرغم من شلالات الأسئلة التي تثج في ذهنها دون أن تنتبه ، فلمَ يعتقد الناس إعتقادات غريبة عنه إلى هذا الحد؟.
بعد أن استعدت وخرجت لاقته هناك ينتظرها بهدوء كان يبدو وسيماً بحق فقد كان ذلك اللون الغريب يبدو لائقاً به فعلاً ، والغريب أن لون زيه مشابه للون فستانها! ، لم تنتبه فيوليت لنفسها وهي تراقبه بوجنتين محمرتين وهو يساعدها على الركوب بل ولم تستعد رشدها حتى ركبت العربة !
وبينما كان الصمت يغمر المكان تلفظ :
-تبدين جميلة!.
لتجيبه بإبتسامة خجولة:
-اوه ، وأنت حقاً تبدو وسيماً .
وتسائلت في نجواها :
*لمَ يجب أن نكون هكذا ؟ ، فماذا لو لم أعد جميلة ، فهل سيظل على خطوبتنا هذه؟.*
••
كانت تجلس بهدوء على إحدى طاولات تلك القاعة وقد كانت تشعر بملل شديد ، ولمَ لا وهي ابنة الدوق التي لم تكون صداقات بسبب إنعزالها ؟ ، أما الامير فقد كان يتتبع أخبار ذلك الدوق بهدوء وشعرت حينها برغبة في مرافقته قائلة بأن ذلك سيكون ممتعاً حقاً.
وبينما هي مشرَّدة النفس غافلة عن كل أمرها تأتي آنستان كانتا تراقبانها من بعيد لبرهة .
- تشرفت بك اميرتي ، أنا إيلي جون ..
-وأنا كاميليا جريس..
-سررت بمعرفتكن.
-كيف حال اميرتنا اللطيفة؟  .
اجل .. كيف حالك؟ .
- أنا بخير.
*من الواضح أن كلامهما يحوي الكثير من الأشواك.*
-يالكِ من جميلة سموكِ لا ادري لمَ قد سمعت بأن سموه اختارك عشوائياً!.
-اوه يا الهي ، يال الرومانسية~ ، ألا تعتقدين يا أنسة إيلي أنهما منسجمان حقاً.
*المعذرة ، منذ متى وكنا منسجمين؟*
-اعتقد بأن هناك قصة لا يعلمها احد وراء كل هذا ~.
- اهٍ كما انا متشوقة لسماعها .
-لكن اتعلمين يا انسة كاميليا؟.
-ماذا؟.
- اعتقد بأن سموه أحب الانسة لأنها ابنة الدوق الوحيد ! .
-اوه! ، هذا صحيح فهي ابنة الدوق الاروع في هذه المملكة ، واضف الى ذلك ان الدوق وسموه بعلاقة جيدة~.
*وإذاً في هذا الموقف
علي أن اكون الاميرة اللطيفة التي لن تقدم على إيذاء أي أحد .*
-شكراً جزيلاً على هذا الكلام اللطيف.
- اه! ، هذا واجبنا نحو اميرتنا الغالية.
-أنتما حقاً بغاية اللطف.
صعقتا ولم تعثرا على ردٍ مناسبٍ ، فالوجه الذي أظهرته كان نقياً كافياً لإشعراهما بالإهانة ، ولم تجدا من مهربٍ سوى الإنسحاب .
كان الحديث كالصخر المتراص في جدار صلب متين ، لا يتزحزح ويزداد إزعاجاً لقد تعبت من كل هذا فألم يحن موعد الراحة؟ ، لقد شعرت بأن الجو ثقيل وغمرها شعورٌ سيئ لهنيهة ، ولكنها تجاهلت وقررت أن تأخذ قسطاً من الراحة في غرفة الإستراحة . وعندما وصلت قابلت الكونتيسة روزالين تلك المرأة الكبيرة في السن والتي تحمل كل أعباء عائلتها منذ دهر.
ألقت فيوليت التحية وبادلتها الكونتيسة بلطف ، ومن ثم جلست لتصب الخادمة كوباً من الشاي لفيوليت وتمضي مسرعة ، كان الجو هادئاً بشكل مخيف كما لو أن الخدم قد تبخروا من الوجود .
كانت محادثتها مع الكونتيسة بغاية اللطف كما لو انها تحدث جدتها ، فقد عاشت تلك المرأة حياتاً صعبة وأصبحت فارسة ومن ثم كونتيسة بعد رحيل شقيقها وتداعي عائلتها ، لذلك كانت تتكلم كما لو أنها عاشت ألالاف السنين وأن هذه الأميرة هي حفيدتها .
وعلى حين غرة ، إنتابت الكونتيسة نوبة سعال قوية إثر إرتشافها من فنجان الشاي ، فترجت أي احدٍ كي يحضر لها الماء ولكن لم يكن هناك أحد عدا فيوليت ، فهرعت مسرعة تبحث عن خادمة ، وفي طريقها للبحث عن أول خادمة تصادفها ، إصطدمت بالأمير الذي فزع بدوره عندما رأى ملامح الذعر التي تعلوا محياها امسكها بشدة حائلاً بينها وبين السقوط وسألها:
-لمَ انتِ مذعورة هكذا؟!  ، لقد بحثت عنكِ في كل مكان ، واخيراً وجدتكِ.
أردفت وهي تتراجع آخذة مسافة شخصية :
-اه ، أنا اسفة جداً ، ولكن ، ألم ينتبه احد انني ذهبت لغرفة الاستراحة؟.
*بحث عني في كل مكان؟*
أجاب :
-لا ، لقد انكر الجميع رؤيتك..
-ماذا؟.
*لمَ يكذبون عليه بشأني؟*
لتلمح خادمة وبعد طول بحث لتناديها وتعلمها بالأمر وتذهب الخادمة مسرعة ، وقد أثار ذلك إستغراب الأمير ليسأل:
-ولماذا تذهبين بنفسك؟..
-لأنه لا خادمة قد كانت قريبة ، وبدت الكونتيسة روزالين وكأنها تتألم بشدة.
-ولكن ماذا حل بها؟.
-أصيبت بنوبة سعال حادة بعد إرتشافها من الشاي الذي قُدِّم .
ليردف بعد أن أمسك يدها مرجعاً إياها للوراء:
-فهمت ، إذن إبقي بجانبي الآن .
-ماذا؟.
-هذا أمر.
تفاجئت بأمره السريع الذي لم تجد له تفسيراً ، وفي الحين ذاته غمرها حزن شديد ويأس كونها أرادت الإطمئنان على الكونتيسة بسرعة لتردف بنبرة يائسة:
-فقط... دعني اطمئن عليها ، وبعدها سأفعل ما تريد ، رجاءً .
-لا.
صعقت بإجابته الصارمة وتذكرت لفجأة جملة تلك الخادمة وطافت تلك الكلمات الموقدة لنيران الشك في ذهنها للحظات ، ولكنها اضطرت لأن تذعن له .
- امرك...
بعد لحظات من أمره الصارم ذاك سُمع صراخ أحد الخادمات الذي دوى في تلك الحفلة معلنا عن كارثة حلت ، ليذهب أحد الفرسان ويجد الكونتيسة روزالين تغرق في الدماء ، توقع الأمير ذلك فحفل كهذا لا يبدو عليه أن سيمر بهدوء ، وقف أمام تلك الجثة في حالة ذهول .. لم يخطر بباله سوى غرض واحد ، إنه ذلك السم الذي يتلف وظائف القلب ! ، ولكن حسب علمه فهو يحتاج لوقت كي يستفحل ويدمر القلب فكيف تسممت وماتت بهذه السرعة ؟ ، ليصعق بعد أن تحسس تلك الطلاسم السحرية في غلاي الشاي .
-إنه سحر أسود!.
فور ما أدرك الوضع صرخ منادياً الفرسان:
-أغلقوا كل البوابات ولا تسمحوا لأحد بالخروج ! ، لن يبرح أحد هذا المبنى قبل أن يظهر الجاني !.
ومن ثم لم يجل في نجواه سوى شخص واحد كان له جواباً واضحاً لكل شيء ، فإندفع صوب ريكاردو وأمسكه من ياقته وملامح الغضب قد إعتلت وجهه ليردف بإنفعال:
- أتريدُني أن أغدِق هَذه القَاعة بدمَائك الآن؟!.
-صدقني مالي بيد في هذه الجريمة النكراء ولمَ ألطخ يدي بدماء تلك الكونتيسة الجميلة؟.
-ألا تأخذ حدودك حتى في الحالات الحرجة ؟، تزحزح عن ناظريّ وإن يداك قد اصطبغت بدمائها بالفعل فقط انتظر حتى أكشفها للملأ!.
يرخي يده من حول ياقة الآخر ليبتعد بنظرة ساخطة بينما ريكاردو يرتب مظهره . يمضي الأمير إلى وسط القاعة إلى أقرب كرسي إليه ، يسحبه ثم يجلس عليه بصمت مع وضعية توحي بأنه جاد حتى دون أن ينظر إلى ملامح الغضب الجادة على محياه ، أنه يشعر وكأنهم يحاولون السخرية منه ، إنها مهزلة ، أكل ذلك فقط لأنه صغير بالسن؟ ، شعر بضغط كبير كما لو أنه جالس في قلب إعصار هائج ، فتارة يعصف به تذمر الحضور وتارة أخرى تعصف به أفكاره فهو يعلم من الجاني ولكن مامن دليل يثبت ذلك ، وإذا لم يدن المجرم الحقيقي فلن يظهر وبذلك ستتهم الأميرة بالجريمة.
بدأ النبلاء بإستغلال الوضع والتذمر قائلين بأن لا ذنب لهم ، وكان أكثر من سبب ضوضاء حول ذلك هما ابنة الماركيز جون وابنة الكونت فلين اللاتي لم يقصرن تذمراً وثرثرة والبعض الآخر بدأوا بوصف أمر الأمير بأنه إهانة لهم وأنه لايشكل حلاً لكشف الجاني.
ليردف وتلك النظرة الساخطة تعتلي محياه ، ويصرخ بعلو صوته :
-أيمكنكم أن تُخرسوا أفواهكُم هَذه ؟ ، أم أنني يجِب أن أقطعها بنفْسِي؟ ، أعْلَم جَيداً أن المتواطئ يقبع بيننا هُنا وهُو لن يتمكن مِن الخُروج ، لذا إنْ لَم تَحتَرمُوا أنْفُسكُم وتُخرسوا أفواهَكُم لأُنزلَن بِكُم أشد العَواقِب الجَمَاعية ، وقَد أنذَرت.
سكت الحضور راسمين علامات القلق والتوتر ، بينما مازال الأمير جالساً بوضع جاد واضعاً رجلاً على رجل .
*ريكاردو يالك من وغد ، كيف دسست ذلك السم بحق!*
وفي خضم كل تلك الضوضاء تلاقت عينيها بعيني الأمير شعرت بخوفٍ شديد ووجدت نفسها تحاول تبرئة نفسها من تلك التهمة المزيفة التي كان ضررها متعدياً لها فهو يضر الأمير وعائلتها وقد يضيع عنقها أيضاً! ، فأردفت:
-أنا...
-لستِ مضطرةً للتفسير فأنا أثق بكِ.

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright HopesWhere stories live. Discover now