مدويةٌ فتاكة | Ch 2

321 28 2
                                    

جفلت فيوليت وأردفت بإنفعال:
-مالذي؟!
أجاب الدوق:
-أنتِ تعرفين علاقتي الجيدة مع العائلة الملكية ، فعي أني لن أستطيع رفض طلب الأمير مطلقاً فهو ليس كمن رفضتيهم سابقاً.
*ماذا...*
*أرجوكم لا تقولوا هذا!*
*زواج ؟ ، من ذلك الأمير المرعب؟*
* كل الشائعات تتكلم عنه بسيرة سيئة فكيف أقبله؟!*
نزل هذا الخبر عليها كالصاعقة ، ولم تعد تنتبه لما حولها ، إنها فاجعة بالنسبة لها ، ولكنها من سنة الحياة بالنسبة لغيرها من الفتيات وبل بشرة خير لأن أغلبهن مغرمات بذلك الأمير! ، ولكنها لم تراه ولو لمرةٍ في حياتها فكيف تغرم بشخصٍ لا تعرفه؟.
ولكن ما قيمة المشاعر المميزة أو النوع الجديد من المعرفة إذا كانت ستنشغل فيما يكون بعيداً عنهم كل البعد؟
والمصيبة هي أنه هناك الكثير من قريناتها قد سعين خلفه!.
كل ما كان يضطرب في خاطرها كان الأحلام التي بنتها طول حياتها ، دون أن تتخيل يوماً أنها ستنهار ، فما الفائدة مما كانت تفعله طول هذه السنوات؟ ، أيامها الحلوة التي تختلي فيها بنفسها ، ومساعدتها لشقيقها عندما يغدو دوقاً ، كل هذا إضمحل لفجأة وأحيل لهشيمٍ تذروه الرياح! ، بسبب ذلك الإنسان العادي ذا المرتبة الأعلى؟!
وقفت وحاولت إستجماع شتات نفسها ثم إستدارت و غادرت صوب غرفتها ، هي لم تعرف ماذا تفعل ، فبحكم الصدمة ثقل رأسها وشعرت وكأنها تختنق فأدلفت لغرفتها ولسريرها بالتحديد .
هي لم تبكِ.
كانت تعرف بالفعل أنها يوماً ما ستضطر للزواج ولكنها دفنت الفكرة محاولة تناسيها ، مع أنه الواقع ،
و لربما هي ليست مصدومة أساساً ، فقط تحتاج لبعض الوقت كي ترتب أفكارها ، يا ترى ماذا سيحل بها في القصر الملكي؟ ، هل ستكون ملكة ؟ أم مجرد محظية ملكية ؟ ، هي تعلم بالفعل أن أميرة تدعى ب"ليفرايا" هي المرشحة الوحيدة لأمير جيمان مع أنه لم يقبلها ، و قد توقع الجميع أنها ستكون ملكته مستقبلاً ، أيعقل أنه يحاول إستغلال منصب والدها؟!.
و لكِنَه شخص ذا منصب مرموق فكيف ينوي إستغلالها؟ كما أنه الوريث الوحيد فلا أحد ينافسه! ، لربما هذه الفكرة مبالغ فيها ، ولكن ماذا إذاً؟ ، ليس لديها خيار سوى أن تذعن للواقع متناسية كل ضنونها التي لن تقدم أو تؤخر .
لَكِنَهَا صَارت تَرى مَالا يَسُر أي احد ، وصَارت تَشكُو مِن كَابوسٍ لَيس كَكُل الكَوابيس ، ولَيس كَفراغ الكَوابيس ، ولا سطْحِيتها ، إنَّهُ لصَوتٌ أصْدَق مِن أيّ صَوت سَمعَته سَابقاً ، يَدنُو مِنهَا ، ويُحِيط يَدِيه بِعُنُقِهَا ويُردِف:
"إنَّهُ إثمٌ فِي عُنقُك"
حَاولَت تَجنب الأمْر ، لأنَّ لَديها هُموماً اكبر مِن مُطَاردة الكَوابيس !.
وبعد مرور أسابيع حان موعد حفل الخطبة.
كَانت مستعدة للذهاب ، وكل شيء كان جاهزاً من ترتيبات الخطبة و ما إلى ذلك ، لحسن الحظ ستبقى في القصر لمدة كخطيبته ولن تتزوجه إلا بعد مدة بسبب الخطر الذي يحيط به حالياً ولكن أي خطرٍ هذا الذي يهدد هذا الوحش الكاسر؟!.
لربما يكون هذا في صالحها ، لربما تكون هذه فرصة كي تتأقلم مع طبيعة القصر الملكي ، ومن يدري ربما يكون هذا الساديّ هو فارسها الخيالي حقاً!
لكن هذا ضرب من ضروب الخيال ، بل ودافع للسخرية ، حقاً ؟ ، ذلك الرجل المخيف؟
- ما من مكان للأحلام الوردية في عالمنا.
وصلت إلى القصر الملكي ، وكان التوتر يرجُّها من الداخل ذهاباً وإياباً ، وكان التعب منسياً ومندثراً في تلك اللحظة ، فلم تتمكن من النوم بسبب التوتر ، بالطبع أي فتاة في مكانها ستتوتر أو ربما تخاف ، إنها خطيبة أمير "جيمان" ، خطيبة أكثر رجلٍ ساديٍّ وأكثر شديد كيدٍ عُرف فِي هذا الوقت ، شخص لم تعرفه ، لم تسمع عنه سوى في الإشاعات وألسنة أهلها ، ربما هو صديق جيد لأخيها كريس ، ولكن هل كريس صادق؟ ، ربما يخاف التورط فيظلل على شخصيته! .
وبينما كانت تغرق في الأفكار الجنونية ، سمعت صوت أحد الحراس يدعوها للخروج ، إبتسمت بعنت واستعانت بمساعدة الحارس لتنزل.
-أهلاً بكِ سمو أميرة جيمان.
قالوا جميعاً بعد أن إنحنوا بطريقة أكثر من لائقة ، هل أمير جيمان يخيفهم إلى هذا الحد؟
مع كل خطوة تأخذها تزداد تردداً وتثقلها الأفكار ، لا مجال للتراجع الآن ، وها قد وقعت في قبضة الشيطان! ، لم تلج إلى القصر إلا بعد عذاب شديد في مجابهة تيار الأفكار الذي يرجعها إلى الوراء كلما تقدمت خطوة ، يعصف بها ، وكأنه يتوسلها كي تعود أدراجها ، يتوسلها كي تبقي على حياتها وأن لا تقحم نفسها في تلك الملاحم البغيضة التي ليست مناسبة لرقيقة مثلها ، وهي تجيبه بالرفض وتتقدم إلى الأمام بنبرة أسفٍ شديد ، لأن الأوان قد فات بالفعل .
تقف أمام الباب ليفتح لها الحراس الذين كانوا ينظرون لها بدهشة وإعجاب شديدين ، بلا شك أنهم يرونها كالفتاة التي سحرت سيدهم الذي لم تقابله حتى أليس كذلك؟ .
قد كانت حسناء فاتنة في ذلك اليوم ، فبدت كملاكٍ سقط من السماء وأضاع سبيله في أرض البشر الوعرة المتوحشة ليحيا بينهم كما لو أنه منهم ، تسربلت بثوبٍ أبيضٍ ذو تقاسيمٍ بسيطةٍ ولكن جمالها وإتقان مصممه يُصوِّت ويتغنى بالجمال والحسن ولا شيء سوى الجمال والحسن!. مع شعرها الذهبي وعينيها الكريستاليتين التي تلونت بألوانٍ طيفية كانت أقرب إلى كونها أُرجُوانيَّة ، غدت حقاً شبيهة بذاك الملاك الخيالي! ، ولكن حسنها وجمالها لم يعني أنها كانت ساذجة ولو قليلاً فقد وعدت نفسها بأن تتحلى بالقوة في هذا القصر ولا شيء آخر سوى القوة!.
وإذ بها تقف على عتبة باب قاعة الإحتفال ، ذلك الباب الذي أخذ في عينيها طيف مستقبلها الغير معلوم ، لا هي تعرفه ولا هي تستطيع تمييزه ، ولو رآته مرَّةً أخرى لما تذكرته ، داعبتها الكثير من الأسئلة تتسائل عمَّا سيعترضها وتعترضه ، وتتسائل عن ذلك الغازي الذي خلع باب حياتها ودمر سكينتها التي استمرت لأعوام ، ولكن في خضم كل تلك التساؤلات طرق الواقع بأنامله العنيفة على جبهتها ليوقظها من كرى أسئلتها المضنية ليفتح الفارس الباب لها ، لتبدأ مراسم الخطوبة ، لتلقى ذلك الأمير المزعوم ، ولكنه لم يكن مزعوماً بل أمراء القصص الخيالية يحسون بشيء من الحياء من مظهره الحسن ورجولته الجليَّة التي لا غبار عليها ولا شائبة تشوبها ؛ كان رجلاً طويلاً ذا شعرٍ فضيٍّ قصير ، وعينين تلونتا بلون السماء ولكن أشدَّ حيوية ، يحوي بريقاً حيَّاً فيهما ، بريقاً يوحي بالحنكة ، ويوحي بالعظمة وكثيراً من التجلد ويوحي أيضاً بأن قاطنة هذا الجسد لهي نفسٌ قوية لا كسائر الأنفس! . وكان عاجيَّ البشرة فكان مظهره كالمُهق وعلى الأرجح أنه قد دُعي بتلك التسمية كذا مرَّة ، ولكن أكان حقاً مهقاً؟. أجل إنه كذلك كما والدته الملكة بالضبط ، غلبت الدهشة في نفسها على جزعها وداعبها شعورٌ خفيفٌ بالأُلفَة ، رفرف قلبها واحمرّت وجنتيها ، و شعرت في الحين ذاته كما لو أنها تقف أمام ضَرب إنسٍ لم تَراه أو تسمَع عنه من قبل ولكن مألوف في الوقت نفسه!.

" نفسٌ قويةٌ لَم يَخْطُر فِي بالِهَا ولَو فِي الخَيال أنهَا سَتلاقِيهَا بِهَذَا الشَكْل"

أُلفة خفية ، ذكرها بذكرى قديمة كانت أقرب إلى حلمٍ حُلو أكثر من كونه رؤية غريبة ، ذلك الطيف الذي يظهر في منامها أحياناً كثيرة وسنواتٍ طويلة كان مطابقاً لذلك الأمير إن لم يكن هو . فسألت مناجية نفسها:
* أسمعت عنه عبثاً أم هراءاً؟ ، فلا تبدو الأقوال عنه صحيحة أبداً*

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright Hopesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن