-سأذود مستبسلاً..!

60 8 9
                                    

عن وطني  ، عن شرفي أنا ذائد ، سأذود مستبسلاً ، لو دق عنقي تحت أنصال العدا ، ولو جف دمي حين دأبي ، وإن ظفرت فهنيئاً لي ، وإن مِتُّ فأخبر الناس أن جندياً شجاعاً عاش ومات على هذه أرض العظيمة ، أن جندياً آثر أن يسقي أرضه بدمه !.

قبل أربع أعوام .
في ساحة مبنى الفرسان الزرق .

كل شيء بارد ، وفجأة السماء الواسعة ضاقت ، لم يعد يشعر باصابع قدميه من شدة البرد ، والرؤية تزداد ضبابية ، وجهه الأبيض باتَ شاحباً تعوزه تقاسيم الحياة . فتى هزيل وحيد يقف بين صفوف الجنود الأقوياء الذاهبين للحرب ، فتى ذو شعرٍ رمادي وعينين قانيتين كعيون الشياطين يقف بين أولئك الرجال الضخام كما لو أنه روحٌ شريرة ظهرت من العدم أو شبح طفلٍ مات مغدوراً . لم يكن يعلم كيف تغير حاله هكذا ، فألم يكن ابن رجل ذو رتبة رفيعة في المملكة ؟ ، إذن كيف منع من استخدام اسمه وأرسل وحيداً إلى القصر الملكي ليشارك في الحرب؟ ، ولمَ طلب منه أبوه الموت في الحرب؟ .

وقف باستقامة محاولاً منع نفسه من السقوط ، فلم يتناول كسرة خبز منذ بضعة أيام .

ومن بعيد ظهر شاب ذو مظهر جيد يوحي بأنه من ابناء النعمة بالرغم من أنه كان يرتدي زي الفرسان ولكن كان هناك شيء غريب يحوم حول ذلك الشخص الأبيض الذي رجح الآخر أنه ولي عهد جيمان ، بينما يمر ولي العهد على الجنود مطلعاً عليهم ، يراقبه ذلك الفتى الهزيل بعينيه القانيتين في ذهول وتعجب. أهذا أمير؟ ، إنه لا يملك شقيقاً آخر يزعجه في الخلافة أليس كذلك؟ ، لم يطرد من منزله مثلما حدث معه ، ياله من محظوظ! ، ولكن لمَ هو شاحب هكذا؟ ، وما المهم في المظهر إذا ارتاح من تلك المعامع؟! ، تطرَّدت الأفكار في ذهن الفتى حتى بات مشرد النفس ولم ينتبه إلا عندما سمع تلك الجملة التي صلصلت في مسامعه:

-هلم أيها الفتى! ، إرفع رأسك! .

كان ولي العهد يقف أمامه بنفسه ، ويحثه على الوقوف ليحدثه ، وما إن انتبه إنتفض ملقياً تحية حارة ، ليردف الآخر:
- قف ، ما اسمك ؟.
-ريكورديان.
-فقط؟ ، هل لي أن أعرف اسمك كاملاً سواء أكان سابقاً أم لا؟.
-أعتذر جلالتك لقد كان اسمي ريكورديان تايلور ولكني منعت منه.
-لا بأس. وإذن لمَ تبدو متحمساً وغير مكترث بذاتك مع وعيك بسبب إرسالك إلى هنا؟.
-عذراً جلالتك ، ولكني ما هو الشيء السيئ في الموت في معركة ؟ ، أعلم بأن والدي يستغلني ويريد التخلص مني ولكني أرى بأنه سيكون لوجودي معنى لو أني مت في الحرب.
ابتسم ولي العهد حينما سمع الحديث ، وانتفض وقد علته الحماسة حتى وجد نفسه يعد وعداً تنفيذه غير مؤكد!.

-وإذن أعدك أن لن أدعك تموت ، ولن أدعه يستغلك أيضاً!.
حفل الفتى بالوعد ، ولم ينسه أبداً بعد إنقضاء أعوامٍ طوال!.

ومر الدهر ، وعاد الجيمانيون وقد ظفروا بحربهم ضد مادوي ، وعاد ذلك الفتى ريكورديان معهم أيضاً ، وكان قد أدى أفضل مالديه في الحرب وساعد كثيراً خلالها ، بالرغم من أنها لم تستمر ولو حتى لأسبوع ولكنها كانت شاقة أشد المشقة عسيرة أشد العسر. وللحديث تتمة تأتي فيما بعد.

آمَالٌ مُتَلأْلِئة | Bright HopesWhere stories live. Discover now