الفصل الثاني عشر

259 16 13
                                    

الفصل الثاني عشر

- فرحة، أنا أحبك

وكأنها تسمع الكلمة في أذنيها بصوته ببحته المميزة، كلمة وجدت صداها في قلبها قبل اذنيها، كلمة ارتجف لها قلبها، لطالما حلمت بذلك اليوم الذي ستجد فيه من يحبها، يتقبلها في حياته، يكون لها ونسًا وسكنًا..

كلمة يظنها البعض بسيطة، ولا يتفهمها سوى من تتوق ليالٍ ليسمعها، ليعرفها، ليشعر بها..

عجز لسانها عن النطق، وعجزت أناملها عن الكتابة، وحده قلبها أخذ يغرد مرة تلو مرة باسمه، بحبه..

تشعر بفراشات الحب تتطاير حول قلبها، وسحابة وردية تخشي على عينيها..

دمعت عينيها بتأثر ارتعشت شفتيها  وهي تسمعها تلك المرة في تسجيل صوتي منه..

على الجانب الاخر..

أخذ يلوم نفسه لعدة دقائق، يسب نفسه لتسرعه في الاعتراف بتلك المشاعر الوليدة التي اجتاحته فجأة دون سابق إنذار، يفكر كيف وجد نفسه ينجرف خلف مشاعر لا يجد لها تعريف، أهي حبًا أم مجرد انجذاب..

ولكن كيف ينجذب لفتاة لم يراها!!

هل أحبها؟ أم أدمن وجودها، حديثها، غزوها لحياته دون أن تقصد..

لم يكن يومًا يصدق تلك الحكايات عن علاقات الانترنت، ولم يؤمن يومًا بالحب دون معرفة كاملة..

لكن معها الأمر مختلف، يشعر كأنها تسربت إلى دمه، أصبحت جزءً لا يتجزأ منه، قطعة من روحه لا يقدر على فراقها، وهل يقدر على الإنسان على مفارقة روحه!

يشتهي وصالها، يتتوق للنظر إليها، تلك الصورة التي احتفظ بها سرًا في هاتفه ينظر إليها كل ليلة، يتأمل نظرتها البريئة، وابتسامتها الخجول، يتأملها ثم يقضي ليلته يستغفر ربه، يستخير يوميًا ويدعو الله أن يجمعه بها، وأن يلهمه الصواب..

فتلك الفتاة كل ما فيها يسحره دون أدنى مجهود..

نقاء روحها استطاع أن يستحوذ على قلبه، أحكمت التصويب، واحكم حبها القيد على قلبه فبات لا يرى غيرها تسكن احلامه، بل تسكن كل وجوه النساء..

لم يخطك للامر، لكن اختفاؤها المفاجئ في الفترة الماضية جعله يتهور، فليعترف ويحدث مايحدث، حتى لو رفضته، أو ابتعدت..

يكفيه أن يكون بالشجاعة الكافية في الاعتراف بما يكنه لها، فلو وافقت ستكون له أمام الله، ولو رفضت سيحترم رغبتها ويبتعد، لكنه يعلم علم اليقين أنه لن ينساها ولو بعد حين..
تنهد بقلة حيلة، عرفت أنامله الطريق للهاتف، فتح التسجيل الصوتي وتحدث بكل ما يشعر به دون ذرة ندم:
- أحبك يا فرحة، لا أعرف كيف ولا متى! لكني أحببتك حقًا، في فترة بسيطة وجدتك تتسربين إلى داخلي، اخشى عليكِ من الهواء، أكاد أفقد عقلي كلما تخيلت أنكِ قد تكوني لغيري، كلما تغيبت عني أبدو كالمجنون، أشبه بطفلٍ صغير تركته أمه في منتصف الطريق ورحلت..
صمت قليلًا ثم ضحك بخفوت مردفًا باضطراب واضح:
- اعرف ما تفكيرين فيه الان، تظنين أنني فقدت عقلي، اتفق معكِ لا يوجد شخص يحب شخصًا دون أن يراه..
لكنني رأيتك.. رأيتك بقلبي قبل عيني، وضعك الله في طريقي لتكوني نورًا يرشدني، يضيء حياتي الباهتة، وجودك أعادني إلى صوابي، أزال غشاء عيني فادركت ما رزقني الله به.. أتمنى أن تكوني رزقي في الحياة يا فرحة.."

خلف قناع العادات، كاملة (مستوحاه من احداث حقيقية)Where stories live. Discover now