الفصل الثامن

298 17 21
                                    

الفصل الثامن

راقدًا على فراشه يحدق في السقف شاردًا، الساعة تخطت منتصف الليل بنصف ساعة وما زال النوم يجافيه، لا يدري السبب الحقيقي لأرقه، أهو قلقٌ على "فرحة" بسبب تركه لها مُضْطَرًّا فتكون فريسة لتعنت أخيه وأبيه، غير أنها بدأت تنكمش على نفسها أكثر من السابق..
ما حدث أخر مرة جعلها تنطوي وتنعزل حتى عنه، حتى عندما جاءت معه هنا في إجازة استطاع إقناع والدهما بها بعد معناه، ظَاهِرِيًّا كانت تبدو سعيدة لكنها لم تستطع إخفاء انكسار عينيها وشعورها بالمهانة بين أهلها.
تبتسم معه وتضحك وبداخلها روحٍ متآكلة.
أم تقلقه تلك الفتاة التي رأها مع "غزل" ذاك اليوم؟
لماذا يشعر أنه رأها من قبل؟ وجهها مألوفًا لدرجة تجعله متيقنًا من أنه يعرفها، رد فعلها مريب، اتساع حدقتيها وشحوب وجهها بمجرد التقاء أعينهما!!
تؤرق تفكيره من وقتها حتى فكر في البحث عن هاتف غزل وسؤالها ماذا تعرف عنها بالضبط لعلها تساعده في تذكر أين قابلها أول مرة.
للمرة الأولى التي تخونه فيها ذاكرته بسبب تلك الضغوط التي تطبق على أنفاسه ومع ذلك ذكراها لا تغادر عقله.
الفزع في نظرتها يصيبه بحيرة شديدة، تراها تعرفه؟
يهز رأسه نافضًا تلك الأفكار محاولًا تجاهل ضجيج عقله الذي أصابه بصداع شديد.
ينهض بتثاقل ليتناول مسكن للألم الذي يكاد يفتك برأسه، يفتح حاسوبه الخاص ببطء، يتنقل بين المنشورات على "الفيسبوك" دون رغبة حقيقية في فعل ذلك.
تذكر "غزل" فبحث عن اسمها، ظهرت له عدة نتائج ومن ضمنهم مقالات عديدة تحمل اسمها على صفحتها الشخصية، حاجباه يرتفعان بتعجب وهو يفكر منذ متى احترفت غزل كتابة المقالات؟
يعرف منذ الجامعة أنها تستهوي الاستماع إلى مشكلات غيرها من البشر وتقديم لهم الحلول حتى وإن عجزت عن تقديمها لنفسها في حياتها الخاصة.
ابتسامة صغيرة تظهر على شفتيه وهو يتذكر إنه كان معجبًا بها في فترة الجامعة، كانت مجرد مشاعر عابرة لكنها اختفت مع مرور الوقت خاصة مع معرفته أنها ارتبطت بشخصٍ آخر.
يمر عينيه على المقالات ويبتسم وهو يقرأ واحدًا تلو الآخر.
يرى بعينيه روح "غزل" وسط السطور، طبيعتها الثائرة التي ترفض الخضوع، يسمع صوتها صارخًا ضد أي ظلم يخص المرأة.
يرسل لها طلب صداقة تقبله في نفس الوقت، يمر وقت قليل وهو يتجول بين الصفحات حتى يغفو، يظهر أمامه منشور لغزل بعنوان "عندما تُصبح العادات خطيئةً كُبرى" فيقرؤه باهتمام.

" عندما تُصبح العادات خطيئةً كُبرى..
لطالما كانت العادات ظالمة للمرأة..
نرى أبًا يبيع بناته من أجل حفنة مال..
والآخر يكبل حريتهم بقيدٍ سميك حد الاختناق بحجة الحفاظ عليهم..
كم من - ذكورٍ - يعيشون بيننا ملتحفين بثوب الرجال، متخفيين خلف ستار العادات..
كم امرأة انتهت حياتها حزنًا وقهرًا والمتسبب رجل!!!
سؤال يراودني كل ليلة قبل أن يسرقني النوم..
ماذا جنت الأنثى لتتلقى عقابًا على ذنبٍ لم تقترفه؟
إلى متى سنظل جمهورًا مستكينًا في حضرة عادات مجتمعٍ الخادعة!!
إلى متى سنخضع للظلم باسم تقاليد تنافي الدين..!!
تَبًّا للمجتمع وقيوده وما ينالنا من ظلمٍ فيه..
(غزل مهدي)

خلف قناع العادات، كاملة (مستوحاه من احداث حقيقية)Onde histórias criam vida. Descubra agora