الفصل الاول

1.7K 25 0
                                    


الفصل الأول


تدور حول نفسها بداخل البستان كفراشة تحلق دون قيود، بفستانها الجميل الذي ناسب قوامها النحيف الأقرب من جسد طفلة مع ظهور بسيط لبداية معالم أنوثتها.

تداعبها أشعة الشمس الدافئة في أول صباح لفصل الربيع، تستنشق الهواء النقي مغمضة عينيها باستمتاع لتنسج أحلامًا مراهقة وردية، وابتسامة خجولة تزين ثغرها وهي تنظر لأمها التي فتحت ذراعيها لها فألقت نفسها بين أحضانها لتنعم بدفئها، تهمس لها ببعض الكلمات فتتسع ابتسامتها وهي تخفي وجهها وتعانق والدتها بشدة.

حثتها على النظر خلفها لتتسع عيناها بذهول، قصر مهيب يخطف الأنفاس تُفتح بواباته على مصراعيها لتستقبل الأميرة الصغيرة، ممر طويل مزين ببتلات الورد تفوح رائحتها لتسكر كل من يمر بها، يعطيها إحساسًا بالانتعاش..

في نهاية الممر يقف فارسها على حصانه الأبيض، يمد أحد ذراعيه ليستقبلها، اختلجت دقات قلبها وهي تسرع في خطاها لتصل إليه، عيناها تبرقان بسعادة طفلة حصلت على ملابس العيد.

تخطو خطوة خلف أخرى حتى تلقفها بين ذراعيه التي يسكنها أمانًا لن تعرف له مثيل من قبل، يد حانية أخذت تربت على ظهرها للحظات فأغمضت عينيها لتستمتع بذاك الشعور النادر بالسكينة والهدوء بعيدًا عن ضجيج حياتها اليومية، سكنت أصوات الطيور، واختفى ضوء الشمس وحل الظلام، أظلمت الرؤية أمام عينيها، واليد الحانية أصبحت أكثر قسوة وغلظة، تجتاح جسدها بعنف لم تعتده، تنتهكها بتقزز فارتعبت كأن أصابها مسًا.

حاولت التخلص من القيد الذي كبلها والابتعاد عن مرمى اليد التي تنتهك جسدها بقسوة من لا يعرف الرحمة، ظلت تصرخ وتصرخ حتى بح صوتها، واليد تمتد لتسحق رقبتها تحت الأنامل الخشنة، دقات قلبها تزداد حتى كاد يخرج من بين أضلعها من شدة رعبها.

دقائق مرت عليها حتى ظنت أن الأمر لن ينتهي، لا تدري كيف استطاعت الفكاك بأعجوبة من قيدها لتجد أن كل شيء قد اختفى!

أمها.. البستان.. الزهور.. القصر.. حتى فارسها تبدلت ملامحه وأصبحت أشبه بمسخ مقرف يزيد لديها رغبتها في التقيؤ، ولا تجد أمامها سوى طريق طويل غير واضح المعالم ويغزوه الضباب.

انقبض قلبها وأخذت تتلفت حولها وتهتف باسم أمها لعلها تجيب، أين اختفى فستانها الجميل؟

كيف حل محله ذلك القميص الأبيض الذي كان ملطخًا بالدماء؟

خرجت من بين شفتيها شهقة عالية وهي ترى أن الدماء لم تكن سوى منها، تسمع صوت أشبه بفحيح الأفعى واضحًا بالقرب من أذنها فيدب الخوف في أوصالها، فارتعد جسدها وركضت في ذلك الطريق المبهم دون توقف!

خلف قناع العادات، كاملة (مستوحاه من احداث حقيقية)Where stories live. Discover now