الفصل الثاني

756 19 0
                                    

الفصل الثاني

 

صوت طرقات على باب غرفتها الصغيرة جعلها تنتفض من نومها مفزوعة، صدرها يعلو ويهبط بسرعة، قطرات العرق ظاهرة بوضوح على جبينها، شفتاها ترتعشان بقوة وصوت الصراخ مازال يصم أذنيها فتضع يديها عليهما تسدهما، لم تنتبه للدموع التي تسقط من عينيها وتهزي بكلمات عدة غير مفهومة ومن بينهم اسم "آسيا".

على صوت الطرقات مرة أخرى فارتعد جسدها وهي تنظر باتجاه الباب، صوت السيدة "أمينة" يعيدها لواقعها، أخذت نفسًا مرتجفًا تفرك جسدها بيديها تلتمس بعض الدفيء تهدئ نفسها:

- أهدأي يا "روح" أنه كابوس.

نهضت بتثاقل، تترنح نحو الباب الخشبي المليء بالشقوق الذي لم يعد يصلح، لم يكن وحده بل الغرفة كلها لا تصلح للحياة الآدمية لولا ترتيبها لها.

 غرفة صغيرة تحتوي على فراش صغير ضيق يحتضن جسدها كل ليلة بدلًا من النوم في الشارع، وفي نهايتها موقد صغير للطعام وطاولة عليها بعض الأواني والأطباق، وممر طوله متر يؤدي إلى حمام ضيق يكاد يتسع لفرد.

هذه هي الحياة التي أصبحت تحياها منذ ستة أشهر أو أكثر لكنها راضية.

- لا بأس كل شيء سيكون على ما يرام.

تسمعها بصوتها الوهمي فتجيب على نفسها قائلة بتأكيد:

- نعم ما دمنا معًا، كل شيء سيكون بخير.

فتحت الباب لتواجه السيدة "أمينة" بابتسامتها البشوشة قائلة لها:

- شعرت بالقلق عليكِ هل أنتِ بخير؟

- نعم خالتي أنا بخير لا تقلقي.

همست بصوت مختنق، فلاحظت الأخرى الدموع التي تغرق وجنتيها لكنها لم تعلق، مدت يدها وربتت على كتفها قائلة بحنان:

- حسنًا يا ابنتي بدلي ملابسك وسأنتظرك لتناول الغداء في الخارج.

أومأت بشرود وأغلقت الباب لتبدل ملابسها.

عادت بعد لحظات وقد بدلت ملابسها وارتدت بنطال واسع وسترة خفيفة بأكمام طويلة، وجمعت شعرها في جديلة طويلة على كتفها الأيمن.

بعد أن تناولا الطعام جلستا على مقعد بجانب السور يرون البحر وامواجه تتلاطم، تطلعت إليها أمينة لتجدها شاردة كأنها انفصلت عما حولها..

خلف قناع العادات، كاملة (مستوحاه من احداث حقيقية)Donde viven las historias. Descúbrelo ahora