Amy Horiston //the rejected g...

By NaajwaaSh

214K 15.3K 9.6K

Rank #1 ضمن الروايات البوليسية 2018/10/20 2018/11/26 الابنة الوحيدة للكونت فريدريك هوريستون، وحفيدة دوق انجلت... More

الفصل الأول:الخطيئة
الفصل الثاني: هذا يكفي!
مهم جدا ارجو من الجميع قراءته!
الفصل الثالث:لقائي بذلك الغريب
الفصل الرابع: الأمر ليس كما يبدو
الفصل الخامس: لن يأتيَ أحد
الفصل السادس: إنه أخي!
الفصل السابع: دفء يديه
الفصل الثامن: يجب أن أدعَك تذهب
تنبيه🙊
الفصل التاسع: بداخل ميني
الفصل العاشر: الفتاة الأتعس حظاً!
الفصل الحادي عشر: تباً لهؤلاء الأغنياء!
الفصل الثاني عشر:الآن سيبدأ العمل الحقيقي!
الفصل الثالث عشر: سأحميكِ دائماً
الفصل الرابع عشر: ألسنا صديقين؟
الفصل الخامس عشر: سأعلمكَ الحب!
الفصل السادس عشر: ديفيد سيرحل!
معايدة❤
الفصل السابع عشر: تريدها حرباً إذا؟
الفصل الثامن عشر: لقد وقعتِ في الفخ!
الفصل التاسع عشر: نحن من قمنا بقتلهم!
الفصل العشرون: أنتَ تحتاج إلى المغفرة
الفصل الحادي والعشرون: حكاية الراعي والحسناء
الفصل الثاني والعشرون: عيناكَ ساحرتان!
الفصل الثالث والعشرون: اليوم الدراسي الأول
الفصل الرابع والعشرون: أنا لست شخصاً طبيعياً!
الفصل الخامس والعشرون: أخيراً كشفتَ عن وجهكَ الحقيقي
الفصل السادس والعشرون: أنتَ بالذات لا يمكنني الوقوع في حبك!
الفصل السابع والعشرون: بين خيارين
الفصل الثامن والعشرون: إذن لا ترحلي!!
الفصل التاسع والعشرون: لقد كنت جاداً!
الفصل الثلاثون: ها قد التقينا من جديد
الفصل الحادي والثلاثون: أرجوكم أن تكونوا بخير
الفصل الثاني والثلاثون: ما فعلناه قبل عشر سنوات
الفصل الثالث والثلاثون: سأوقفكِ بالتأكيد
الفصل الرابع والثلاثون: الوداع لوسي
❤معايدة❤
الفصل الخامس والثلاثون: إنه ليس كابوساً فحسب
الفصل السادس والثلاثون: لماذا قتلته؟!
الفصل السابع والثلاثون: ليس هذا ما أريد سماعه
《《 إعلان 》》
الفصل الثامن والثلاثون: أحفاد الشيطان

الفصل التاسع والثلاثون والأخير: الحقيقة في عينيه

10.3K 568 1K
By NaajwaaSh

أخيراً وصلنا الفصل الأخير من هذا الجزء...لا أصدق أنني قطعت معكم هذا الشوط الطويل حتى الآن..
اشكركم جميعا على قراءة روايتي، وشكرا لكم على تفاعلكم الرائع، والحماس الذي تبعثونه في نفسي مع كل فصل أقوم بكتابته. قد لا تكون روايتي مشهورة وبتلك الروعة، لكنني سعيدة جداً بما حققته رغم ذلك. يكفي أنني تعرفت على أروع قراء أحببتهم بصدق، وأحببت كل تصويت وتعليق يمنحونه لي، ورغم تأخري كثيراً في نشر الفصول، فقد كانوا صبورين جداً معي..

أحبكم جميعاً بلا استثناء..وارجو أن روايتي قد نالت إعجابكم❤

رجاءً..بما أنه الفصل الأخير، فأريد منكم أن تعلقوا عليه جميعاً حتى القراء الصامتين. أحب ان أسمع رأيكم بالرواية، وأتعرف عليكم ولو قليلاً..🥺

أنتم جميعاً سعادة لا توصف..شكراً لكم بحجم السماء🥰🥰

*******

#فرنسا_أحد مستشفيات ضواحي باريس_ الساعة 7:30 مساءً
2006\7\21

في الوقت الذي أنهى فيه حديثه عن الماضي، بدأت الدموع تنهمر من عيني كارل ببطء، بينما أخذ جسده يرجف بقوة وتلك الذكريات المريرة لازالت حتى الآن تمزّق قلبه بقسوة..

خفض رأسه، ليشد بقبضتيه تلك الملاءة البيضاء التي غطى بها قدميه، ويقول بصوت أخرجه بالكاد: لقد كان ذلك بسببي لوسي. لو أنني تكلمت في ذلك اليوم، لو أنني لم أمنع هاري من إخباره، ما كانوا ليموتوا جميعاً، وما كان والدك ليُتهم ظلماً بقتلهم. ليس لدي شيء لأقوله حتى أبرّر لنفسي. من حقكِ أن تكرهيني وتحقدي علي..فأنا..أنا...

وقبل أن يقول أي شيء، قاطعته لما وقفت إلى جانبه فجأة لتطوّق رأسه بيدها، بينما وضعت يدها الأخرى على كتفه قبل أن تدفع جانب وجهه إلى صدرها وهي تضمه نحوها بقوة..

تكلمت بصوت راجف وعيناها تدمعان دون توقف: إياك أن تقول هذا مرةً أخرى. ذلك ليس صحيحاً كارل، إنه ليس خطؤك أبداً.

اتسعت عيناه ما إن قالت هذا، وهو لم يتوقع أبداً أن تضمه إليها هكذا. لكنه حرّك رأسه نافياً بين يديها، ليقول وهو يضغط على أسنانه بألم : ذلك ليس صحيحاً لوسي. أنا السبب فيما حدث..أنا من...

لكن لوسي قاطعته مرةً أخرى لما جلست إلى جانبه لتحيط خديه بكفيها وتقول باصرار وهي تنظر إلى عينيه مباشرة : كارل انظر إلي. هناك شيء عليك أن تفهمه جيداً، وهو أنك كنت ضحيةً فقط. أردت أن تعيش مثل أي شخص آخر، وذلك حقك الذي لا يمكن لأحد أن يأخذه منك أبداً. لقد رأيت أن موته هو الطريقة الوحيدة، وأعتقد أنك كنت محقاً في ذلك. ما فعله ذلك الرجل لكما لا يمكن أن يغتفر أبداً.

ثم اهتز صوتها لما قالت بعينين دامعتين: لا يمكن لأحد أن يلومكما بعد أن مررتما بكل هذا. لقد عانيت كثيراً، لذلك توقف عن جعل نفسك تعاني أكثر وأكثر.

ثم وضعت جبينها على جبينه وقالت بهمس بعد أن أغلقت عينيها: لقد كرهتك دائماً طوال حياتي..لكنني ما إن تعرّفت عليك، أدركت فوراً أنني كنت مخطئة بشأنك تماماً. مهما حاولت إنكار ذلك، كنت أعلم في زاوية ما في قلبي أنك لست شخصاً سيئاً أبداً.

ثم فتحت عينيها، لتنظر نحو عينيه مباشرة في حين تفصلها عن وجهه بضع سنتمترات قليلة، لتقول وقد ارتسمت في وجهها ابتسامة حزينة متألمة: أظن أنني أعلم الإجابة بالفعل، لكن علي أن أسألك رغم ذلك حتى أكون قادرةً على المضي قدماً.

ثم ابتعدت عنه قليلاً لتسأله بجدية وعيناها لم تفارقا عيناه ولو للحظة: في ذلك الوقت قبل عشر سنوات. هل صحيح أنك كنت أنت من شهدت خلال التحقيق أن والدي هو من أشعل النار؟

اتسعت عيناه ما إن قالت هذا ليرد على الفور هاتفاً بصدمة: ذلك مستحيل لوسي!

أمسك إحدى يديها اللتان كانتا على خديه بيده السليمة، ليشدها أمامه ويقول بصوت راجف في حين أرادها بيأس أن تصدق ما يقول: إنني مدين لهينري بحياتي، ويستحيل أن أشهد بشيء كهذا ضده. بل إنه حتى لو رأيته يضرم النار بعيناي ما كنت لأقول أي شيء، فما بالك وأنا أعرف أكثر من أي شخص آخر أنه بريء تماماً! لقد فعلت المستحيل حتى أقنع الشرطة أنه بريء، لكن أحداً لم يستمع إلي. لقد كانت حالتي النفسية مضطربةً جداً بسبب ما حدث، لذلك لم يعتدوا بشهادتي وقتها. إنني لا أقول أنه لا علاقة لي بما حدث له تماماً، لكن أنا حقاً لم أفعل هذا لوسي! أرجوك أن تصدقيني..أنا حقاً لم__

ومرةً أخرى، قاطعته بأن وضعت سبابتها على شفتيه هذه المرة، لتقول بابتسامة حزينة: أنا أصدقك كارل. أصدق كل حرف مما تقوله الآن..

ارتخت أعصابه المشدودة ما إن قالت هذا، وقد هدأ قلبه الذي أخد ينبض بقوة ما إن سمع سؤالها ذاك، ليقول وقد بدا مرهقاً حقاً: لا أصدق أنكِ كنتِ تعتقدين طوال الوقت أنني فعلت شيئاً كهذا.

ثم نظر إليها بضيق وسألها بتردد: ألهذا السبب كنت تكرهينني؟ لأنكِ اعتقدتِ أنني أنا من كان السبب في اتهام هينري؟

خفضت لوسي رأسها وقالت وهي تتجنب النظر إلى عينيه: لم يكن لدينا المال الكافي وقتها، لذلك لم نستطع تعيين محامٍ جيد للدفاع عنه، وقد اكتفينا فقط بالمحامي العام الذي عينته لنا المحكمة. لقد أخبرنا أن الأدلة التي تم جمعها ضده كانت أدلةً ظرفيةً فحسب، ولم يكن هناك أي شيء يؤكد أنه هو من أشعل النار وقتها. ظننا أنه سيكون قادراً على إثبات براءته، لكننا تفاجأنا كثيراً عندما تم الحكم عليه بالإعدام. وقد أخبرنا المحامي فيما بعد أنهم قد جمعوا بعض الأدلة الأخرى بالإضافة إلى شهادتك أنت. قال أن حالتك الصحية لم تكن تسمح لك بحضور جلسة المحكمة، لكن شهادتك أمام الشرطة كانت كافيةً لإدانة والدي رغم ذلك.

عض كارل شفته السفلى وقال بسخط: ذلك ليس صحيحاً أبداً! لقد تم اتهامه بسبب المحامين التابعين لجدي. أرادوا وضع اللوم على شخص ما حتى لا يتم التحقيق في علاقات جدي والأشخاص المقربين منه خوفاً من أن يتم فضح الأفعال الشنيعة التي كان يقوم بها في الخفاء. لقد طلبت من جدتي أن تعيّن محامياً ممتازاً لوالدك سراً وذلك حتى يتمكن من استئناف القضية ويتمكن من تأجيل الحكم. أردت أن انتظر حتى أكبر وأكون قادراً على إبعاد رجال جدي عن الصورة حتى أتحكم بأسرة تشادولي بالكامل، عندها سيكون بإمكاني إثبات براءته دون أن يقدر أحد على إيقافي.

ثم خفض رأسه وضغط على يدها بقوة أكبر، قبل أن يقول بألم: لقد أردت حقاً إنقاذه لوسي، لكن هينري...هينري قد انتحر قبل أن أكون قادراً على فعل أي شيء!

ما إن قال هذا، حتى شعرت لوسي أن الدم قد تجمد في شرايينها تماماً. أخذت ترتجف في مكانها بصدمة، وكان ذلك آخر ما توقعته على الإطلاق. وقبل أن تشعر، أخذت الدموع تنهمر من عينيها دون توقف..

لقد كان ذلك مؤلماً بحق. أن تعرف أنه كان من الممكن أن يتم إنقاذ والدها. لو أنه انتظر قليلاً فقط، لو أنه لم يتخذ قراراً كهذا، أكان من الممكن أنه سيكون متواجداً في حياتها الآن؟

بعد دقائق قليلة، هدأ بكاء لوسي أخيراً، لكنها تكلمت فجأة بضعف وعيناها تدمعان: قبل تلك الحادثة بقليل، ذهبت إلى مكان عمله في قصر تشادولي من دافع الفضول. كان قد حذرني من الذهاب إلى هناك أكثر من مرة، لكنني كنت قد سمعت الكثير عن ذلك القصر، وأردت حقاً رؤيته. في ذلك الوقت، قابلت أحد أبناء أسرة تشادولي كان في بداية العشرينات تقريباً. لم أرتح لنظراته أبداً، ولا لطريقته في الكلام معي. أخبرني أنه سيأخذني إلى حيث والدي بعدما أخبرته أنني أبحث عنه، وقد قادني إلى مكان منعزل في الغابة المحيطة بالحديقة. كنت خائفةً جداً ولم أعرف ما الذي أفعله، لكنني أخذت أحاول إقناع نفسي أنه سيأخذني إلى والدي كما قال. لكن...بعد أن ابتعدنا عن أعين الجميع، اقترب مني فجأة و حاول أن..

ثم أخذت نفساً عميقاً وهي تحاول طرد تلك الذكرى من عقلها، لتتابع بصوت مهزوز: حاولت الهرب منه، لكنه استطاع الإمساك بي، وأخذ يقوم بتمزيق ملابسي. أخذت أصرخ وأصرخ، لكن أحداً لم يأتي. وحينما كان على وشك فعل ما أراده، ظهر أبي فجأة بعد ان سمع صوت صراخي.. أبعده عني، وأخذ يقوم بضربه دون توقف حتى فقد وعيه.
بعد تلك الحادثة، طُرد أبي من قصر تشادولي بعد أن تم تعذيبه دون رحمة. لكنه لم يبالي بذلك أبداً طالما أنني بخير. كان الأمر مؤلماً جداً أن أرى جروحه تلك، وأعرف أنني السبب في ذلك..

أغلقت عينيها لبعض الوقت حتى تمنع دموعها من الانهمار، ثم فتحتهما مجدداً لتتابع وهي تتذكر أحداث الماضي: لم يكن يفترض لأبي أن يكون متواجداً هناك تلك الليلة. لكن كانت هناك عاصفة قوية جداً يومها، لذلك ذهب إلى حديقة أسرة تشادولي حتى يقوم بتفقّد بعض النباتات التي قام بزراعتها قبل بضعة أيام ويحميها من المطر. دفعه حبه الشديد للنباتات بأن يذهب إلى هناك رغم أنه آخر مكان أراد التواجد فيه على الإطلاق. كان ذلك حينما اشتعلت النيران في قصر تشادولي، وقد كان تواجده هناك السبب الرئيسي في اتهامه. لو أنه لم يأتي تلك الليلة، لو أنني استمعت إلى كلامه ولم أذهب إلى هناك حتى أتسبب في طرده، ربما ما كان كل ذلك سيحدث. منذ أن اتهم أبي ومات بعدها، لم أستطع مسامحة نفسي أبداً. لكنني عاهدت نفسي على الانتقام من كل من كان السبب في موته. كنت أكره جميع أفراد أسرة تشادولي حد النخاع بسبب ما فعلوه بوالدي، وعندما أخبروني أن شهاتك كانت السبب الرئيسي في اتهامه، كرهتك أكثر من أي شخص آخر. أخذت ألومك أنت على موته، وكنت أكثر شخص أحقد عليه على الإطلاق. انضممت بعدها بسنوات إلى الCIM رفقة راولي، ولما رأيت اسمك كأحد المتهمين المرشحين في تلك القضية، أخذت على عاتقي مهمة القبض عليك. أردت التأكد من أنك ستسجن، وتلقى مصير والدي نفسه.

ثم نحوه لتردف بعد أن ابتسمت بألم: لكن عندما عرفتك، تغيّر كل شيء. أردت أن استمر في كرهك، لكنني لم أستطع أبداً. لقد أربكتني، وحطّمت كل شيء كنت مؤمنةً به قبل ألتقيك.

ووضعت كفها على خده لتقول بهدوء: لست نادمةً على أي شيء حدث كارل. ربما لو لم يحدث كل هذا، ما كنت لألتقيك أبداً، وما كنت لأحبك كما أنا الآن..

ابتسم باتساع وسط ألمه مع كل كلمة قالتها، لكنه ضمّها إليه مرةً أخرى ليقول بعد أن وضع ذقنه أعلى رأسها برفق: لا تدرين حقاً حجم سعادتي الآن. أنا آسف على ما مررتِ به بسبب أولئك الأوغاد. أعلم أنني قد لا أكون قادراً على التوقف عن لوم نفسي على ما حدث، لكنني لا أريدك أن تفكري هكذا أنتِ أيضاً ولو للحظة. ما حدث ليس ذنبكِ أبداً. لو كنت مكان هينري، ما كنت لأتردد لحظة في تدمير حياة الشخص الذي تسبب في إيذائك. هينري لن يريدكِ أن تفكري هكذا أبداً، فأنا واثق من أنه مستعد ليفعل ذلك آلاف المرات إذا ما اضطر لهذا دون أن يحمل في قلبه ذرة ندم على الإطلاق. لقد كان يتكلم عنكِ دائماً، وكنت أعلم جيداً كم كان يحبكِ أكثر من أي مخلوق في هذا العالم.
عندما مات هينري، كل ما كنت أفكر بشأنه هو أنتِ وما الذي حدث لكِ بعد موته. شعرت بالذنب اتجاهك، ولم استطع حمل نفسي على لقائكِ أنتِ ووالدتك وإخوتك. كنت خائفاً جداً مما ستعتقدينه بشأني، لكنني أردت مساعدتكِ بالرغم من كل شيء لذا...

ثم تردد قليلاً قبل أن يعترف بشيء من الخوف من ردة فعلها: لقد أخذت أرسل المال لوالدتكِ طوال العشر سنوات الماضية. أعلم أنه لن يعوّضكِ على خسارة والدكِ لكن أنا__

وقبل أن يضيف أي كلمة أخرى، ابتعدت عن حضنه فجأة لتهتف وهي تنظر إليه بصدمة: أقلت للتو أنكً كنت ترسل المال لوالدتي طوال العشر سنوات الماضية؟!

استغرب كارل من ردة فعلها، لكنه أجاب بتردد: أ..أجل. أعلم أن ذلك كان تصرفاً حقيراً لكن أنا__

لكنها قاطعته مرة أخرى لما سألته بانفعال: أكانت تقبل المال منك؟!

تردد كارل قليلاً قبل أن يجيبها ببطء: أجل. لقد كانت تطلب مني بعض النفقات المختلفة التي تخصكِ أنتِ وأشقائك. ظننت أن ذلك أقل شيء يمكنني فعله لأجلكم لذا...

ثم تنهد وقال بضيق: أنا آسف لوسي إذا ما كان ذلك قد ضايقك، أنا فقط...

لكنه تفاجأ لما رآها تضغط على أسنانها لتقول بحقد فجأة: تلك الحقيرة...كيف تجرؤ على فعل شيء كهذا؟!

ثم رفعت بصرها نحوه لتقول وهي تحاول كبت غضبها بصعوبة: أنا ليس لدي أي أشقاء كارل. تلك المرأة كانت تكذب عليك وتستغلك طوال الوقت!

ثم خفضت رأسها وتابعت وهي تضغط على قبضتيها بقوة: لقد كان المال هو كل ما تفكر به. كان أبي مهندساً زراعياً جيداً في بلدي الأم تشيكوسلوفاكيا. كانت هي من أسرة فقيرة جداً، وقد واعدته وتزوجته من أجل دخله المرتفع. بعد مدة ساءت أوضاعنا المالية كثيراً، وقد كانت تتشاجر معه طوال الوقت بسبب هذا. فيما بعد، عرض عليه صديق له عملاً بدخل جيد كبستاني في قصر تشادولي، لذلك قمنا بالهجرة على الفور إلى فرنسا وعشنا هناك في الفترة التي أخذ أبي يعمل فيها لدى أسرة تشادولي. استمرت الخلافات بينهما بسبب المال، ولم تكن تهتم بي ولا بوالدي على الإطلاق، بل وإنها كانت تخونه مع رجل آخر طوال الوقت دون أن يعلم. ولما اتهم والدي بقتل أسرة تشادولي، لم تستطع احتمال كمية التنمر والضغط الذي تعرضنا له بسبب ما حدث. لذلك تركتني ورحلت برفقة ذلك الرجل الذي كان يمتلك أطفالاً بالفعل. لم تهتم بي أنا ابنتها ولو للحظة، وتركتني في الوقت الذي كنت فيه في أمس الحاجة إليها لتصبح أماً لأطفال آخرين. أخذتني خالتي والدة راولي بعد ذلك وقامت بالعناية بي. أما هي، فلم أسمع عنها أي شيء منذ أن تركتني.

وأخذت عيناها تدمعان لتقول بقهر: لقد أخذت معها كل شيء تركه والدي وراءه. لم اهتم لذلك حقاً، لكنني لا أصدق أنها استغلت والدي حتى بعد موته لتأخذ المال منك أنت أيضاً. ذلك كثير جداً كارل...كيف يمكن أن يكون هناك أشخاص بهذه الحقارة؟

وضع كارل يده على خدها ليمسح دموعها بإبهامه ويقول بألم: أنا آسف حقاً لوسي. لا اصدق أنني جرحتكِ هكذا دون أن أعلم. لم أعرف حقاً أنها كانت كهذا..

حرّكت لوسي رأسها نافيةً وقالت بصوت واهن من البكاء: ذلك ليس ذنبك أبداً كارل، فأنت لم تكن تعلم أي شيء. إنه مؤلم جداً أن تعرف أن والدتك -المرأة التي يفترض أن تحبك أكثر من أي شخص آخر في هذا العالم- هي هكذا. حاولت كثيراً أن أتوقف عن التفكير بها، لكن الأمر فقط صعب جداً أتعلم؟ أعني أنا..أردتها دائماً أن تحبني وتهتم بي. كانت هي كل ما تبقى لي من عائلتي، لكنها رغم ذلك لم تلتفت لي ولو لمرة. أهو غريب أنني ما زلت أتمنى أحيانا أن تتواجد في حياتي رغم كل ما فعلته لي؟

حرّك كارل رأسه نافياً ليقول بنبرة هادئة حنونة: لا خطأ أن تشعري هكذا لوسي. إنني أفهمك جيداً، فقد كنت طوال طفولتي أتمنى الشيء نفسه. لم أعرف ما الذي تعنيه العائلة حقاً، ولا ما الذي يعنيه أن يحبك شخص ما من دون مقابل في هذا العالم. لكنني كنت أعرف جيداً كيف كان هينري يشعر اتجاهك. حتى لو لم تكن والدتك إلى جانبك، أنا واثق من أن حب هينري سيعوضك عن كل شيء حتى لو لم يكن موجوداً معكِ الآن. وصدقيني، إنها هي الخاسرة لأنها تركت وراءها امرأةً عظيمةً مثلك.

ابتسمت لوسي من كلامه رغم دموعها التي لم تتوقف عن الانهمار من عينيها وهي تنظر إلى عينيه الدافئتين اللتان تعشقهما حقاً..

اقتربت منه ووضعت رأسها على كتفه السليم بحذر، لتقول بعد أن أغلقت عينيها براحة: معك حق..حتى لو تكن تلك المرأة إلى جانبي، فذكرى والدي ستغنيني عنها بالتأكيد..

كان هناك صمت مريح بينهما لبعض الوقت، في حين أخذ كل منهما يبحث عن الأمان والهدوء في حضن الآخر. ولكن كارل كسر ذلك الصمت فجأة لما قال بتردد: لوسي..

_همممم؟

أخذ نفساً عميقاً قبل أن يقول بشيء من التوتر: أنا..أنا لست شخصاً مثالياً أبداً، وما يزال ماضيّ مؤثراً في تصرفاتي كثيراً. إنني لم أحظى بعائلة حقيقية فعلاً، لذلك قد لا أعلم جيداً ما الذي يعنيه أن تكون أباً أو زوجاً جيداً لكن...أنا...أريد حقاً أن تكون لي واحدة...أعني عائلة...معكِ أنتِ لوسي.
أعلم أنه يفترض أن نتواعد أولاً وكل ذلك لكن أنا...لا أستطيع تصوّر حياتي من دونك أبداً، ولا يمكنني تخيّل أن رجلاً آخر قد يظهر يوماً ما ويأخذكِ مني. رجل بحياة طبيعية، ولا يحيط به كل هذا الظلام والتعقيد مثلي. سمّه خوفاً أو عدم ثقة أو أياً مما تشائين، لكن هذا ما أريده حقاً لذا..هل...هل تقبلين الزواج بي؟

ثم أخذ يفرك مؤخرة عنقه في ارتباك بينما يتمتم بتلعثم: أعلم أنه لا يفترض أن أعرض عليكِ شيئاً كهذا في هذا الوقت وهذا المكان..يفترض أن آخذك في موعد رومانسي، أجلس على ركبتي وأقدم لك خاتماً جميلاً من الألماس وأعرض عليك الزواج بعد خطاب شاعري جميل وما إلى ذلك، لكن أنا لا أعرف حقاً كيف أقوم بهذه الأشياء، ولم اشتري الخاتم بعد..الأمر فقط أنني_

لكنها أسكتته بأن وضعت شفتيها على شفتيه بعدما أحاطت رقبته بكلتا يديها..

تجمّد مكانه في صدمة وهو غير قادر على استيعاب ما حدث لوهلة، لكنه وقبل أن يكون قادراً على القيام بأي ردة فعل اتجاه ما فعلته، ابتعدت عنه قليلاً لتقول بينما تنظر إليه بابتسامة، وقد تجمّعت بعض الدموع في زاوية عينيها لما قالت بهدوء: أنت تثرثر كثيراً على غير العادة، لذلك كان علي أن أوقفك! لكن أتعلم؟ أنت أحمق حقاً! هل تظن أنني من ذلك النوع من الفتيات اللوات يرغبن في شيء مبتذل كهذا؟ وأيضاً، من قال لك أنني أريدك أن تكون مثالياً؟ حتى لو ظهر أمامي ألف رجل أفضل منك كما تعتقد، لازلت سأختارك أنت دائماً دون أن أفكر ولو للحظة.

ثم وضعت يديها على خديه وقالت بعد أن اتسعت ابتسامتها أكثر: وكرد على ما قلته، بالطبع أنا موافقة أيها الغبي! لماذا أضيّع وقتي في مواعدتك بينما أعلم تماماً أنني لن أعيش مع أي رجل غيرك؟ كارلوس تشادولي...أنت عالق معي إلى الأبد، ضع هذا في بالك جيداً!

ما إن قالت هذا، حتى وضع يده خلف ظهرها ليقربها منه على الفور، ويطبق شفتيه على شفتيها. ولم تحتج لتنتظر ثانية أخرى قبل أن تلف يديها حول عنقه تلقائياً، لتبادله تلك القبلة التي لطالما تلهفت إليها لوقت طويل جداً...

أخذت شفاههما تتحركان ضد بعضهما في تناغم هادئ، ومندفع في الآن نفسه. اختلطت أنفاسهما، ودموعهما أيضاً بعد أن انتهى كل ذلك الحرمان، وانكسرت كل تلك القيود التي كانت تفصلهما عن بعضهما البعض..

الآن تحقق حبهما أخيراً، ولا شيء سيفصلهما عن بعضهما سوى الموت فحسب...

#في هذه الأثناء..

كانا جالسين وحدهما إلى جانب بعضهما على كراسي الانتظار قرب غرفة الجدة.

ديفيد وروي كانا منشغلين بالحديث مع راولي حول شيء ما بعيداً عنهما، في حين لم تستيقظ الجدة سمانثا حتى الآن، لذلك لم يكن لديهما أي شيء يفعلانه حرفياً.

كان هناك صمت طويل مربك بينهما. هاري بدا شارد الذهن وهو ينظر للفراغ دون أن ترتسم أي تعابير معينة على وجهه، بينما كانت ايمي تنظر إلى الأرض في توتر.

لكن هاري كسر ذلك الصمت بينهما لما سألها بفتور فجأة: هل تظنين أنها ستقبل به بعد الذي حدث؟

نظرت ايمي إليه لبعض الوقت، قبل أن تجيب وهي تنظر للأرض مرةً أخرى: أنا واثقة من أنها ستفعل. لوسي تحب كارل كثيراً. أنا متأكدة من أنه ما إن يوضح لها سوء الفهم بينهما، لا شيء سيمنعهما من أن يكونا معاً حتما.

أومأ هاري بصمت دون أن يعلّق على كلامها. لكن ايمي نظرت إليه بحذر لبعض الوقت قبل أن تقترب منه قليلاً ثم تسأله بشيء من التردد: هاري. هل صحيح ما قاله كارل في ذلك الوقت عن كونكما كنتما السبب في موت عائلتكما؟

أجاب هاري بلا مبالاة دون أن ينظر إليها: امم أجل.

وضعت ايمي يديها على فخذيها قبل أن تشد ملابسها بقوة وتقول وهي تحاول استجماع شجاعتها بصعوبة: لكن ذلك ليس كل شيء..أليس هذا صحيحاً هاري؟

الآن رفع هاري بصره لينظر نحوها بعد أن عقد حاجبيه بشيء من الانزعاج. لكنها لم تهتم لنظراته تلك، بل سألته وهي تنظر إليه بإصرار: هناك سر آخر وراء موتهم، وأنت فقط من يعرفه.

رفع هاري حاجبه بتحدي وقال ببرود قاتل: ولماذا تظنين هذا؟

كانت ايمي تعلم أنه يخاطبها هكذا حتى يشعرها بالخوف لكي لا تسأله أكثر. لكنها لم تتأثر بنبرته الباردة تلك أبداً، بل أجابت وهي تنظر إلى الأرض بألم: عيون هاري. الحقيقة موجودة في عيون هاري!

تنهد هاري بضيق قبل أن يسألها بامتعاض: ما الذي تريدين مني أن أقوله لكِ بالضبط ايمي؟

فنظرت إليه وقالت بإصرار: الحقيقة! ما الذي حدث؟ لماذا أردتما أن يموت جدكما؟ لماذا قلت لي في ذلك الوقت أن أفراد أسرة تشادولي يستحقون الموت؟

أرخى هاري جسده على المقعد قبل أن يقول وهو يحدق بالفراغ: إنها قصة طويلة ايمي. ولكن باختصار، لم يكن بإمكان كارل أن يعيش كما يريد إذا ما بقي ذلك الرجل على قيد الحياة. هذا ما أراده، وهذا ما كان يعتقده وقتها.

ترددت قليلاً قبل أن تسأله بحذر: ماذا عنك؟

حرك كتفيه بلامبالاة وأجاب بنفس تلك النبرة الباردة: لم أكن أهتم حقاً. لكنني كنت مستعداً لفعل أي شيء من أجل أخي. لقد أراد أن يكون حراً، لذلك ظن أن موت جدنا هو السبيل الوحيد لذلك. لكن مالم يعلمه أخي وقتها، هو أنه حتى إذا ما مات، فلا شيء سيتغير. لن نتحرر من قيود أسرة تشادولي أبداً طالما بقوا موجودين على هذه الأرض. ولذلك عقدت اتفاقاً.

استغربت ايمي من كلامه وتساءلت بحيرة: اتفاق؟

نظر إليها هاري بتعابير خاوية أشعرتها بالرهبة كثيراً، قبل أن يجيب بهدوء مخيف: اتفاق مع تلك الخادمة التي كانت تنوي قتله. الأمر بسيط جداً ايمي، في مقابل أن تقتلهم جميعاً دون استثناء ولا تمسّني أنا وأخي بأي ضرر إطلاقاً، سيكون علي أن أضمن أن تبتعد أصابع الاتهام عنها تماماً.

كانت ايمي خائفةً جداً من أن تعرف الحقيقة. لكن لابد لها من سؤاله رغم كل شيء، لذلك ازدردت ريقها برهبة قبل أن تسأله ببطء: وما الذي فعلته؟

حرّك كتفيه بلا مبالاة قبل أن يجيب ببرود: كنت أفكر في إلصاق التهمة بأحد الخدم، وقد جهزت لذلك بالفعل. لكن والد لوسي قد ظهر فجأة في ذلك اليوم. لقد تم طرده من القصر قبل الحريق بأيام قليلة. علمت فوراً أنه الهدف الأنسب للاتهام، فهو الشخص الوحيد الذي لم يكن يفترض ان يكون موجوداً هناك تلك الليلة. كان من السهل جداً إقناع المحققين باتهامه بعد أن أخبرتهم أنني رأيته وهو يصب البنزين..ومع بعض الأدلة هنا وهناك، تم التأكيد على أنه الفاعل في النهاية..

وضعت ايمي يدها على فمها وهي تحاول كبت شهقتها المتألمة تلك. إلى أي مدى يغلّف السواد قلبه؟ إلى أي مدى يمكن لهاتين العينين الكهرمانيتين أن تبدوا باردتين وخاليتين تماماً من المشاعر؟

كانت ترتجف في مكانها بذعر، وظل قلبها ينبض بقوة حتى ظنت أنه سينفجر داخل قفصها الصدري في أي لحظة..

كانت تعلم منذ اللحظة التي رأت فيها نظراته تلك، أن الحقيقة ستكون مريعةً حتماً، لكنها لم تتوقع أن الأمر سيكون بهذه الفظاعة أبداً.

لكن هناك شيء واحد مؤكد بالنسبة لها الآن. وهو أن هذه الحقيقة يجب أن تظل مدفونةً في الظلام إلى الأبد..

دفنت وجهها في ساعده قبل أن تقول بصوت راجف وهي تشد كمّ قميصه بيديها الصغيرتين: هاري أرجوك، عدني بشيء واحد فقط.

ثم نظرت إلى عينيه الباردتين برجاء وقالت متوسلة: عدني أنه مهما حدث، فلن تخبر أي شخص بهذا أبداً خصوصاً لوسي...

أجاب دون أن يبدو مبالياً للأمر حقاً: حسناً. ليس وكأنني كنت أخطط لإخبارها على أي حال.

حرّكت رأسها نافية، وقالت وهي تحيط جذعه بيديها الآن بينما تشده إليها بقوة: لا هاري...أريد وعداً حقيقياً. وعد تكون فيه جاداً وواثقاً تماماً مما تقول.

تنهد هاري باستسلام ليقول بنبرة أكثر جدية: كما تريدين ايمي. أعدكِ أنني لن أخبر أحداً مهما حدث.

أومات برضا الآن، ثم أسندت خدها على كتفه بينما ما تزال يداها تطوقانه من الجانب.

هي تحبه حقاً، وقد تقبلته دائماً رغم السواد العميق في داخله.

لكن ليس لأنها لا تتقبل طبيعته، بل لأنها تدرك جيداً أنه عليه أن يتغير من أجل نفسه، ومن أجل أن يعيش الحياة التي يستحقها كأي شخص آخر. ولذلك عاهدت نفسها في تلك اللحظة على أنها ستفعل المستحيل من أجل أن تزيل ذلك الظلام من قلبه.

ستنقذه، وستحرر روحه مهما كان الثمن. ولن تتردد أبداً في فعل أي شيء من أجل تحقيق ذلك..

#فرنسا_قصر تشادولي الرئيسي_الساعة 4:30 مساءً
2006\7\25

الصمت المربك الذي ساد المكان، كان قد أشعر كارل بالضيق حقاً. تحرك في مكانه على سريره بعدم ارتياح من نظرات جدته الشاردة، وقد بدت تحدق في الفراغ بينما لم تقو على قول أي شيء.

كان قد غادر المستشفى في الليلة الماضية أخيراً، رغم أنه ما يزال عليه الراحة في سريره وعدم التحرك كثيراً قدر المستطاع.

قبل حوالي عشر دقائق من الآن، دخلت الجدة إلى غرفته برفقة هاري بعد أن أخبرتهما أنها تنوي قول شيء ما لهما، لكنها رغم ذلك ظلت صامتةً طوال الوقت دون أن تنطق بأي شيء.

كان يعلم جيداً أنها تنوي الحديث حول ما حدث في الماضي، لكنه لا يعلم ما إذا كان قادراً على إخبارها الحقيقة هي بالذات. هل يحدثها عما فعلته لهما أسرة تشادولي؟ أم كيف تخلت عنهما والدتهما، ولم تهتم لهما يوماً؟

لكن الجدة سمانثا تكلمت فجأة بينما تحدق في الفراغ، ويبدو أنها تسترجع ذكريات الماضي الآن: لقد علمت دائماً أن شيري كانت عبقرية منذ طفولتها. كانت مميزة جداً، ومتفوقةً على جميع أقرانها. وعندما تخرجت من جامعة هارفرد كطالبة شرف، كنت فخورة بها جداً. كان لا تهتم بأي شيء سوى دراستها ومستواها العلمي. كانت ذكية جداَ، بشخصية قوية وواثقة جداً من نفسها. لم يكن لها أصدقاء أبداً، فقد كانت تعتبر العلاقات إضاعة الوقت فحسب. كنت أحبها كثيراً كأي أم يمكن أن تحب ابنتها الوحيدة، وقد كانت علاقتي بها قويةً جداً. لقد دللناها أنا ووالدها كثيراً، وسعينا دائماً لأن نقدم لها الأفضل. كبرت شيري، وكانت المرأة الناجحة والمتفوقة الذي يضرب بها المثل دائماً. ولما بلغت منتصف العشرين، تقدمت أسرة تشادولي بطلب يدها للزواج من ابنهم الثالث.
كان جدكما سعيداً جداً بأن أسرةً مشهورةً كأسرة تشادولي اختارت ابنتنا من بين جميع النساء في العالم لتكون زوجةً لأحد أبنائهم. كان زواجي بجدكم زواج مصلحة بين عائلتينا، لذلك لم يكن غريباً بالنسبة لنا نحن العائلات الثرية أن نتصاهر اعتماداً على مصالحنا المشتركة. لكنني علمت لاحقاً أن رجال تشادولي كانوا يختارون نسائهم بناءاً على صفات معينة. جميلة، متفوقة، وبقدرات دماغية عالية ونسل مرموق من أجل ألا تتلوث دماؤهم أبداً. كانت نساؤهم جميعاً بصفات شبيهة جداً بابنتي. لذلك عندما علمت بهذا، لم أستطع سوى أن أشعر بأنهم يعاملون ابنتي كبضاعة عليهم تقييمها قبل شرائها. كنت غير موافقة على ذلك الزواج أبداً، لكن والدها كان متحمساً جداً لأن يصير صهراً لعائلة مشهورة كتلك. وفيما بعد، بدأت أقنع نفسي أن ذلك هو الأفضل لشيري. أن تعيش في بيئة راقية، وكسيدة لأسرة بمكانة عالية كأسرة تشادولي. وفعلاً تم ذلك الزواج، وسافرت شيري للعيش مع زوجها في فرنسا. كنا نتواصل معها باستمرار، لكن منذ زواجها بدأت تتغير شيئاً فشيئاً. شعرت أن ذلك الزواج قد بدأ يسحب ابنتي مني دون أن أكون قادرةً على فعل أي شيء. لم تكن تأتي لزيارتنا إلا في الكريسماس، أو في مناسبات محدودة جداً. ولم تكن تسمح لنا بأن نأتي لزيارتها أبداً. حملت بابنها الأول، ثم الثاني، ولم أكن قادرةً على رؤيتهما إلا في الصور التي كانت ترسلها عبر البريد فحسب. أردت أن أكون جزءً من حياتهما، لكنها لم تسمح لي بذلك إطلاقاً. ولما ضقت ذرعاً من هذا، ذهبت إليها في فرنسا حتى ألتقيها هي وحفيداي اللذان لا أعرف عنهما أي شيء.

كانت في منزل العائلة وقتها، ولما ذهبت إلى هناك وبعد شجار طويل بيننا، سمحت لي برؤيتكما من بعيد. لما رأيت تعابير وجهيكما، شعرت كما لو أن سكيناً قد تم غرسه في صدري. كان الأمر مريعاً جداً. ما الذي من الممكن أن يحدث لطفلين صغيرين حتى يحملا نظرات كتلك؟ أخبرتني أنه الافضل لكما، وأنكما لم تكونا في حاجة إليها. أنكما المعجزتان اللتان ستغيران تاريخ عائلة تشادولي بالكامل، وأن المشاعر ستقف عثرةً في طريقكما لتحقيق النجاح فحسب. في تلك اللحظة علمت أنني قد فقدت ابنتي تماماً. صارت شخصاً غريباً لا أعرفه، ولم أستطع احتمال النظر إليها أبداً. لذلك غادرت، وذلك كان أكبر خطأ اقترفته في حياتي...

ثم اهتز صوتها لما قالت وهي تكبت دموعها بصعوبة: كان عليّ أخذكما معي وقتها. كان عليّ أن أوقف ما كانوا يحاولون فعله لكما، لكنني لم أفعل. ربما لأنني وفي زاوية ما في قلبي، أردت أن أصدق أن شيري لا يمكن أن تكون بتلك القسوة وبذلك البرود. كان الندم يقتلني كل يوم وأنا أتذكر تعابيركما تلك. أردت الذهاب إليكما حقاً، لكنني كنت خائفةً جداً من مقابلتكما. ولما ماتت شيري، لم أستطع احتمال الأمر أكثر. أخذتكما، وعاهدت نفسي على أنني سأكفّر عن كل ذلك الوقت الذي تركتكما فيه في ذلك المكان. رؤيتكما كانت تخيفني دائماً أتعلمان؟ حتى رغم موت جميع أفراد عائلتكما، أنتما لم تبدوا متألمين لفراقهم يوماً. كنت أريد دائماً أن أحدثكما عن طفولة شيري، وعن بعض القصص التي قد لا تعرفانها عنها، لكنكما لم تسألأني قط. لذلك أدركت الحقيقة في النهاية. أنتما لم تحملا أي مشاعر اتجاهها يوماً! كان ذلك مؤلماً جداً..أهذا ما أرادته شيري؟ أن يعيش طفلاها بلا أي ذكريات عنها، ودون أن يهتما إطلاقاً إذا ما كانت حية أو ميتة؟!
لم أجرؤ على التحدث عنها أمامكما أبداً. ليس من حقي أن أقول لكما كم كنت أحبها وأعتز بها كثيراً بعد الذي فعلَته لكما. إنني أشعر بالعار حقاً مما حدث. كان علي أن أوقفها، كان علي أن أحرركما من ذلك المكان. لو أنني كنت أكثر شجاعةً وقتها، ما كنتما لتفكرا في شيء كذلك أبداً. ربما ما كانت شيري لتموت، وربما كانت علاقتكم بها ستتغير ولو قليلاً. أ
نا آسفة حقاً كارل..هاري.. أنا آسفة لما مررتما به، أنا آسفة لأنني لم أستطع إيقافهم، أنا آسفة لأنني لم أستطع كره شيري حتى رغم أنها آذتكما كثيراً. إنني أحبكما حقاً..أنتما كل شيء بالنسبة لي، لكنني منذ أن التقيتكما، لا يمكنني النظر إليكما من دون أن أشعر بالذنب. أنتما تستحقان السعادة، تستحقان الحب، تستحقان عائلةً حقيقية تمنحكما الدفء والحنان اللذان تحتاجانه. أنا آسفة لأنني لم أستطع تقديم هذا لكما في طفولتكما..أنا...أنا...

ثم غطت وجهها بيديها، لتستسلم لدموعها المتألمة، بينما ظل جسدها يرجف بقوة...

خفض هاري رأسه وقد فقدت عيناه بريقهما لتبدوان خاليتين من المشاعر تماماً. ما الذي يقوله لها حتى يخفف عنها بينما هو مقتنع بأن كل ما قالته صحيح تماماً؟ هو حقاً لم يهتم يوماً بتلك المرأة. وفي الحقيقة، لقد كان هو من أرادها أن تموت وتختفي من حياة شقيقه إلى الأبد.

لكن كارل قام من مكانه على السرير، ليقف إلى جانبها على الكرسي الذي جلست عليه بجانب سريره، ثم يضمها إليه بينما ارتسمت على شفتيه ابتسامة متألمة.

تكلم بهدوء وهو يربت على ظهرها برفق: ذلك ليس صحيحاً جدتي. إننا لا نلومك على أي شيء. حتى رغم انكِ كنتِ تحاولين ألا تظهري ذلك لنا، كنت أعلم دائماً كم تحبين ابنتكِ كثيراً. سأكون كاذباً إذا ما قلت أنني أشعر بشيء اتجاهها، أو أنني أستطيع مسامحتها على تخليها عنا وتركنا نعيش حياةً كتلك، لكنني أحترم حبكِ لها كثيراً. هي ابنتكِ الوحيدة، وليس عليكِ الشعور بالخجل أو القلق مما تشعرينه اتجاهها. كما أنني أعلم جيداً كم تحبيننا نحن أيضاً. لقد كنتِ الشخص الوحيد الذي اهتم بنا بصدق، ومنحنا الدفء والحنان الذي لم نشعر به يوماً.

وابتعد عنها قليلاً ليضم وجهها بين يديه، ويمسح دموعها بإبهاميه ثم يقول بابتسامة حنونة: لا تلومي نفسكِ على أي شيء جدتي. إننا نحبك كثيراً، ولا شيء سيتغير. مهما كان ما حدث في الماضي، ذلك لم يعد مهماً بعد الآن.

ثم أردف وهو يشد وجنتها بمرح: ولا تنسي أنكِ أنتِ من ستدللين أطفالنا في المستقبل. سوف تحكين لهم كل القصص المحرجة عن طفولتنا، وستكونين جدتهم التي سيفخرون بها دائماً.

وشد يديها ليساعدها على النهوض، ثم يقول وهو ينظر نحوها بابتسامة هادئة: دموعكِ غالية علينا جميعاً. لا أريد أن أراكِ تبكين لأجل هذا مرةً أخرى أبداً. هيا...فلترني ابتسامة جدتي التي نحبها جميعاً!

ضحكت الجدة وسط دموعها، لتطوّق خصره بيديها النحيلتين وتضع خدها على صدره ثم تقول بوهن: إنني فخورة جداً بأن لي أحفاداً مثلكم. أنت، هاري، روي، ديفيد..وحتى لوسي وايمي. إنكم كل شيء بالنسبة لي. كم أتمنى أن أعيش طويلاً حتى أتأكد أن كل واحد منكم قد نال سعادته التي يستحقها..

مسح كارل على شعرها بلطف وقال بهدوء: سوف تعيشين طويلاً، وسوف تكونين معنا في كل خطوة في حياتنا.

ثم قبل جبينها، ليسمح آخر ما تبقى من دموعها ويقول وهو يضع كفيه على وجنتيها مجدداً: والآن عديني أنكِ لن تبكي ولن تلومي نفسكِ على الماضي بعد الآن أبداً.

أومأت الجدة بابتسامة واهنة دون تقول أي شيء. إنها حقاً لا يمكنها العيش بدونهم، وكم تتمنى دائماً ألا يتأذى أو يتألم أي واحد منهم على الإطلاق.

••••••

كان كارل جالساً على سريره يقلّب أحد الملفات في يديه بعد أن غادرت جدته وهاري الغرفة لما فُتح الباب على مصراعيه فجأة، ليدخل روي مقتحماً المكان دون استئذان كعادته.

كان يحمل في إحدى يديه ثلاثة كؤوس زجاجية طويلة، بينما يحمل كيساً به أربع زجاجات مختلفة في يده الأخرى.
لحقه ديفيد بعد دخوله مباشرةً ليغلق الباب وراءه، ويسير خلفه باتجاه سرير كارل.

جلس روي إلى جانبه على السرير ليقول بابتسامة عريضة وهو يرفع الأغراض في يديه أمامه: لقد انتظرت طويلاً من أجل هذه اللحظة التي تكبران فيها، ويكون بإمكاننا الشرب معاً. أنت لن تقول لي أن ذلك غير قانوني بعد الآن صحيح؟

رفع كارل حاجبه نحوه وقال باتهام: أنت تدرك جيداً أنك تعرض الشراب على شخص مريض؟ استهلاك الكحول هو آخر ما يفترض بي فعله في حالتي هذه!

قوّس روي شفتيه متظاهراً بخيبة الأمل، وقال بإحباط: هيا، لا تفسد المتعة هكذا! لقد مضى أربعة أيام على إصابتك بالفعل! لن تقتلك بعض الكؤوس كما تعلم.

ثم نظر إلى الأوراق في يده، ليسحبها منه عنوةً ثم يقول باستنكار بعد أن حدّق بمحتوياتها قليلاً: هل أنت جاد كارل؟ كيف يمكن أن تعمل في حالتك هذه؟!

حرّك كارل كتفيه بلامبالاة وقال بملل: ليس لدي شيء لأفعله على أي حال. لقد مللت حقاً من الجلوس هنا طوال الوقت. أعني بربكم! لقد أصبت في كتفي وليس في قدماي، لكن جدتي تفقد صوابها إذا ما تحركت خطوة واحدةً خارج غرفتي! أتعلمان كمية العذاب الذي أشعر به الآن؟!

قام روي من مكانه ليشده من ذراعه السليمة، ثم يجرّه حرفياً بعيداً عن السرير باتجاه الأرائك في جانب الغرفة، بينما يقول بابتسامة منتصرة: لهذا أقول لك أن تجلس وتشرب معي. تحتاج لأن تغيّر هذه الأجواء الكئيبة من حولك!

تنهد كارل بملل، قبل أن يقول وهو ينظر نحوه باتهام: اعترف بهذا، أنت تفعل هذا حتى تراني أشرب فحسب! لقد كنت تموت غيظاً عندما أرفض أنا وديفيد القيام بنفس الأشياء المتهورة التي تقوم بها دائماً!

ضحك روي على كلامه قبل أن يجلسه على الأريكة، ثم يضع الكؤوس الثلاثة وزجاجات الكحول على الطاولة التي دفعها بالقرب منهم ويقول واضعاً كلتا يديه على خصره وهو ينظر نحوهما بحماس: والآن...أريد أن أراكما تفعلان شيئاً جانحاً للمرة الأولى في حياتي. أعني هيا، لا يمكنكما البقاء مستقيمين طوال الوقت صحيح؟

عقد كارل يديه أمام صدره وقال بانزعاج: ولماذا بحق الله علي فعل هذا؟ أعني ألا يمكنك أن ترى أنني مصاب؟ اعذرني، ولكنني لا أريد الموت في شبابي مثلك!

تأفف روي وتمتم بتهكم: تباً، وأنا الذي ظننت أنك ستكبر قليلاً بعد أن بلغت العشرين!

في تلك اللحظة، ملأ ديفيد كأسه بالشراب قبل أن يشربه كله دفعة واحدة، ثم يرمي جسده على الأريكة وهو يغلق عينيه بقوة من ذلك الطعم القوي الذي اخترق حنجرته فجأة..

لكنه رغم ذلك صب لنفسه كأساً آخر، ليستمر في تجرع كأس بعد الآخر دون أن يقول أي شيء..

نظر إليه روي وقد فتح فمه بصدمة، لكنه همس لكارل وهو ما يزال ينظر نحو ديفيد بحذر: ذكرني مجدداً...ما هو السن القانوني للشرب في بريطانيا؟ أعني...أنا لم أرتكب جريمةً للتو صحيح؟

رفع كارل حاجبه وقال بانزعاج: لماذا تسألني انا؟ ألست بريطانياً أنت أيضا ً؟!

ثم سكت قليلا قبل أن يتمتم بتذمر: لكن حسناً، ليس وكانك كنت تهتم بالسن القانوني لفعل هذا!

وفكر للحظات قبل أن يجيب بعدم ثقة: أعتقد أنه في الثامنة أو السادسة عشرة، لذلك لا بأس على ما أظن. لكن هيي، لماذا تقلق بشأن هذا فجأة؟ ألست أنت من جرّنا إلى هنا حتى نشرب أمامك؟!

فرد روي وهو يحدق بديفيد بريبة: أعلم هذا، لكنني ظننت أنني سأقضي اليوم كله وأنا أحاول إقناعكما.
أعني ما خطبه؟ لماذا ديفي المستقيم الذي لم يفعل ولم يقل في حياته شيئاً خاطئاً أبداً، يشرب بنهم هكذا كما لو كان يفعل ذلك لعقود؟!

أخذ كارل الزجاجة ليملأ قعر كأسه فقط، ثم يجيب بلا مبالاة وهو يرفع الكأس إلى فمه: أوه حسناً...باستثناء أنه تم نفيه من عائلته، ولا يمكنه العودة لبلده ولا لقاء والديه بعد الآن، وأن أخته مطادرة من واحدة من أخطر العصابات في العالم، وأن الفتاة التي يحبها قد قامت بهجره، فهو بخير تماماً كما ترى.

اتسعت عينا روي وهتف قائلاً بصدمة: ماذا قلت؟! لورنا آيشنبارت، الفتاة التي كانت ملتصقةً بديفيد كالعلكة في الحذاء قد قامت بتركه؟ هل أنت متأكد أنك تتحدث عن الفتاة التي أعرفها نفسها؟!

أوما كارل رأسه وقال مؤكداً على كلامه: أجل تماماً، لورنا آيشنبارت بشحمها ولحمها، وبكامل قواها العقلية قد تخلت عن ديفيد أخيراً...

جلس روي إلى جانبه بسرعة ليملأ كأسه هو الآخر، ثم يربّع قدميه فوق الأريكة ويقول بحماس: ماذا ماذا؟ يبدو أنه قد فاتني الكثير. أفهم من ردة فعله اتجاه الأمر، أن هذا الغبي قد أدرك أخيراً أنه قد كان يحبها أيضاً.

نظر إليه كارل قليلاً قبل أن يسأله بانزعاج: لماذا أنت متحمس جداً لأجل هذا؟ ألا ترى أن صديقك الحميم محطم القلب هنا؟

نظر روي إلى ديفيد الذي كان متكئاً على الأريكة الآن، بينما يمسك كأسه أمام وجهه وهو يحرك محتوياته في حين يتمتم بعبارات غير مفهومة كل ما فهما منها هيا لورنا..ايمي..ثم لورنا أيضاً...

فابتسم باستمتاع وقال بعد أن أخذ رشفة من كأسه: لا يمكنك أن تفهم أبداً مشاعري الآن.

ثم مسح من عينه تلك الدمعة الوهمية وقال بدرامية: إنه يجعلني أدرك كم كبر عزيزي ديفي بعد كل هذه السنوات.

نظر إليه كارل بانزعاج وقال: توقف عن التظاهر هكذا، أنت تجعلني أرغب في لكم وجهك الآن. أعلم جيداً أنك تشمت به في داخلك، فقد كنت تحاول دائماً جعله يفهم أنه كان يحبها.

أسند روي ظهره على الأريكة وقال بثقة: حسنا، لقد كان دائماً بحاجة للكمة كهذه حتى يفتح عينيه ويدرك أنه كان عليه الحصول عليها قبل فوات الآوان. لكنه الآن سيصبح رجلاً أخيراً، وسيقاتل من أجل الحصول على فتاته.

تنهد كارل بضيق وقال بشيء من القلق: حسناً...آمل أن ينتهي الأمر على خير. من خلال ما حدث بينهما، لا أرى أنه سيحصل عليها قريباً.

سكت روي قليلاً وهو يفكر في كلامه، وقد بدا متضايقاً هو الآخر. لكنه ابتسم بخبث فجأة قبل أن يرفع كأسه باتجاهه ويقول وهو يحرّك حاجبيه بمكر: إذن...لوسي هاه؟ لقد حدث الكثير حقاً في غيابي..

أشاح كارل بصره عنه ولم يكن مرتاحاً من نظراته الخبيثة تلك. لكن روي سأله وهو يحاول إغاظته: حسناً...إلى أين وصل الأمر بينكما؟ هل هي حبيبتك الآن؟

تردد كارل قليلاً قبل أن يقول وهو يفرك مؤخرة عنقه بشيء من الارتباك: حسناً، هي تعتبر خطيبتي نظريا. أعني...لقد طلبت منها الزواج...

في ذلك الوقت كان روي قد شرب من كأسه بالفعل، لكنه ما إن سمع ما قاله حتى بصق كل ما في فمه ثم أخذ يسعل بقوة بعد أن اختنق بشرابه..

ولما هدأ سعاله أخيراً، نظر إليه ليهتف قائلاً بصدمة: ماذا قلت؟!! أنت عرضت عليها الزواج؟!!

عقد كارل حاجبيه وقال بانزعاج: أجل فعلت..ما الخطب مع ردة فعلك هذه؟!

سكت روي قليلاً قبل أن يرمش عدة مرات وهو يحاول استيعاب ما سمعه للتو. لكنه قال بعدم تصديق: أحقاً حقاً عرضت عليها الزواج؟ أعني ما الذي تفكر به كارل! أنت ما تزال في العشرين من عمرك، وهي بالكاد قد تجاوزت السن القانونية الآن. أن تقدم على خطوة كبيرة كالزواج في هذه السن..أعني..إنه...أغغغ..

لم يستطع روي أن يشكل جملةً مناسبةً وهو يحاول أن يشرح له ما يفكر به، لكنه أخذ نفساً عميقاً قبل أن يسأله بجدية: هل أنت واثق من أنك مستعد لشيء كهذا؟ أعني إنها مسؤولية كبيرة جداً كارل. مهما كنتما تحبان بعضكما، ليس من السهل أن ترتبطا بعلاقة كهذه. كما أنه بحسب علمي، لوسي لم تنهي الجامعة بعد. ألا يمكن أن تقف مسؤولياتها كزوجة لك في طريق دراستها؟ أنت لا تريد أن تكون علاقتها بك عثرة في طريق مستقبلها صحيح؟

روي قد يكون مهملاً وغير مبالٍ طول الوقت، لكنه حينما يصبح جاداً، يقول دائماً كلاماً يجعله عاجزاً عن قول أي شيء.

قد لا يريد هو وديفيد الاعتراف بذلك أحياناً، لكنه بالنسبة لهما مثل الأخ الأكبر الذي يلجآن إليه للنصح دائماً. لكن كارل كان يدرك جيداً معنى ما يفعل، لذلك أجابه دون أي تردد: أعلم ذلك جيداً روي. إنني جاد ومدرك تماماً لما أنا مقدم عليه. نحن لم نتحدث عن ذلك بعد، لكنني لا أنوي أبداً أن أكون عائقاً بالنسبة للوسي. سوف أحرص على تنهي دراستها في أفضل الجامعات على الإطلاق، وبالطبع لن ننجب أي أطفال حتى تتخرج. قد تجد الأمر سخيفاً، لكنني لا يمكنني الانتظار والاستمرار في مواعدتها بينما كل ما أريده هو أن نكون معاً كعائلة، وليس كحبيبين فقط.

تنهد روي بضيق قبل أن يقول بهدوء: إنني لا أرى ذلك سخيفاً أبداً كارل. أستطيع أن أفهم بطريقة ما كيف تشعر. لقد أخبرني ديفيد عما قلته حول عائلتك في ذلك الوقت..في الحقيقة، لا اقول أنني أفهم ما تعنيه العائلة أنا أيضاً، فأنا محض ابن غير شرعي ألقت به والدته المدمنة في الملجأ بعد أن تعبت من جعله كيس الملاكمة الخاص بها. لكنني رغم ذلك كنت أعرف دائماً أن روابطك بعائلتك كانت محطمةً تماماً لسبب ما، وأعرف أيضاً كم كنت تتلهف لأن تكون لك عائلة حقيقية خاصة بك. لأكون صادقاً معك، فأنا لا أزل أعتقد أن عليك أن تنتظر لبعض الوقت ولا تستعجل في قرار كهذا. لكن إذا ما كنت مصراً وواثقاً مما تفعل، فسوف أدعمك بالكامل. لوسي تبدو فتاةً جيدة، وأستطيع القول أنها تحبك كثيراً. أنا واثق من أنك ستكون سعيداً جداً برفقتها.

عقد كارل حاجبيه بضيق لما تحدث هكذا عن ماضيه بكل بساطة. حتى رغم أنه يعرفه لسنوات، لا يزال حديثه الساخر والغير مبالي عن طفولته المؤلمة يبهره دائماً. حتى وهو يعلم جيداً كم أن جسده مليء بالندوب والحروق الذي تظهر جيداً فظاعة ما مر به. يذكر أنه جدته قد ظلت تبكي لأسبوع كامل لما رأت حالة جسده بعد أن تبنته بقليل. وبدلاً من أن يكون متأثراً، فقد ظل هو من يحاول التخفيف عنها ومواساتها حتى هدأت أخيراً..
كل ما بوسعه التفكير به، هو كم أن روي قوي حقاً ليظل مبتسماً ومرحاً هكذا طوال الوقت رغم كل ما واجهه في حياته..

لكنه ابتسم من كلماته الأخيرة قبل أن يقول موافقاً: ذلك صحيح..إن لوسي فتاة رائعة جداً. أنا واثق من أنني لن أحظى في حياتي بامرأة أفضل منها على الإطلاق.

سكت روي قليلاً قبل أن يقول فجأة بتهكم درامي، محطماً بذلك الجو الجاد الذي ساد بينهما في ذلك الوقت: لكن لا أصدق ذلك أيها الخائنان! لقد تركتماني هكذا خلفكما..أريد أن تكون لي حبيبة أنا أيضاً..

ثم كور يده تحت ذقنه ليقول بتفكير: ربما علي سؤال العمة باولا في موعد...بغض النظر عن التجاعيد التي تملأ وجهها، فهي تبدو لطيفة جداً عندما تبتسم، كما أنها تطبخ طعاماً لذيذاً جداً!

ما إن قال هذا حتى صفعه كارل على مؤخرة رأسه بقوة قبل أن يقول بانزعاج: دع عمال منزلي وشأنهم أيها المنحرف! لعلمك، إنها متزوجة ولديها أحفاد أيضاً.

قوّس روي شفتيه قبل أن يقول بخيبة أمل مصطنعة: أوه حقا؟ خسارة..كنت أظن أنه ستكون لي فرصة..

حرّك كارل رأسه بيأس من صديقه، قبل أن يقول بتفكير وقد خطر الأمر على باله للتو: لكن بجدية..صحيح أنك كنت تتغزل بالكثير من الفتيات من قبل، لكنني لم أرك مع فتاة ما فعلياً. هل قابلت فتاةً مميزةً في الوقت الذي كنت فيه بعيداً عنا؟

أسند روي ظهره على الأريكة قبل أن يقول بتهكم: هل تمزح معي؟ إنني بالكاد أحصل على وقت كافٍ للنوم، فما بالك بالمواعدة؟! آخر ما أفكر به الآن هو أن أوجع رأسي بشيء متعب كالعلاقات..

ضحك كارل وقال موافقاً على ما قاله: حسناً، أوافقك الرأي. لا أستطيع أن أتخيلك أبداً في علاقة جدّية مع أحدهم. أعني...روي من بين جميع البشر في هذا العالم يواعد فتاةً ما؟ ذلك لا يبدو منطقياً أبداً!

رفع روي أحد حاجبيه وقال بشيء من الاستياء: هوي...لماذا أشعر كما لو أنك قد قمت بإهانتي للتو؟

حرّك كارل كتفيه بلامبالاة قبل أن يشرب من كأسه، ويقول بشبح ابتسامة مستمتعة: من يدري...

وفجأة، صاح ديفيد قائلاً بصوت عالٍ بينما يبكي كطفل صغير: لماذا فعلتِ هذا لورنا؟ لماذا تركتني هكذا؟!

ثم أحتضن كأسه بينما ما يزال يبكي ويفوق بين الحين والآخر، ليقول متمتماً بثمالة: لورنا..لورنا...لورنا...

نظر كارل وروي إلى بعضهما لبعض الوقت، قبل أن ينفجرا ضاحكين حتى دمعت عيناهما..

قام روي من مكانه بعد أن أخرج هاتفه ليبدأ في تصويره وهو يتحدث مع الكأس في يديه الذي يبدو أنه يراه كلورنا الآن، وقد وضع روي يده على فمه في حين يجاهد من أجل ألا يضحك أكثر وهو ينظر إلى صديقه الذي كان ثملاً إلى ابعد الحدود..

#فرنسا_ قصر تشادولي الرئيسي_ الساعة 9:30 مساءً
نفس اليوم

عقد يديه أمام صدره قبل أن يسأله بينما ينظر نحوه بجمود: إذن، لماذا طلبت لقائي؟

نظر راولي حوله وتساءل بحيرة متجاهلاً سؤاله ذاك: أين شقيقك ولاكساس وديفيد؟ ظننت أنني سألتقي بهم هم أيضاً.

فعقد هاري حاجبيه بانزعاج، لكنه أجابه رغم ذلك ببرود: ايمي نائمة، لقد أغرق أولئك الحمقى التافهين أنفسهم بالكحول، وهم فاقدون للوعي الآن. ليس هناك من سيقاطعنا إذا ما كان هذا ما تحاول معرفته.

ابتسم راولي بخبث وقال وهو يرخي جسده على ظهر الأريكة: لا أظن أن شيئاً من الممكن أن يفوت عليك صحيح؟

لم يرد هاري على كلامه وسأله ببرود دون أن يبدو على وجهه أي تعبير: إذن..ما الذي تريده مني؟

نظر إليه راولي قليلاً قبل أن يقول بمكر: حسناً. أظنك تعلم جزئياً ما الذي أتيت لأجله. لم ينتهي التحقيق بعد، لكن عاجلاً أم آجلا سوف تتم محاسبة لاكساس على موت ذلك الرجل الذي قتلته. سوف يتعرض للكثير من المشاكل حقاً، فحتى رغم كوننا منظمة أمنية معترف بها دولياً، إلا أن قتل المجرمين ليس من صلاحياتنا، وسنحاسب كالمواطنين العاديين إذا ما حدث شيء كهذا.

لم يكن هاري مرتاحاً لما ستؤول إليه هذه المحادثة بينهما. لكنه لم يبد له أي شيء، بل سأله ببرود شديد: والمعنى؟ ما الذي تريد أن تصل إليه بكلامك هذا؟

اتسعت ابتسامة راولي الماكرة تلك قبل أن يقول دون أن يبعد عينيه عنه ولو للحظة: لدي عرض لك. إذا ما وافقت عليه، فسوف أقنع رئيس المنظمة بإبعاد المسؤولية عن لاكساس وعدم معاقبته بأي شيء.

رفع هاري حاجبه وسأله بتحدي: وما هو عرضك هذا؟

فأخذ راولي نفساً عميقاً، ليقول وهو ينظر إليه بجدية الآن: إنني مهتم جداً بقدراتك هاري. أستطيع القول منذ اللحظة التي قابلتك فيها أنك لست طفلاً عادياً أبداً. لذلك أريدك أن تنضم للCIM. سوف يشكل انضمام شخص عبقري مثلك مكسباً عظيما للمنظمة، ولن يتردد القائد في فعل أي شيء من أجل ذلك. كما أنك بهذه الطريقة ستكون قادراً على حماية ايمي، والقبض على أولئك المجرمين الذي يريدون اختطافها. أنت مقرب من تلك الطفلة صحيح؟ لا أظن أن ذلك سيكون سيئاً جداً بالنسبة لك، خصوصاً أنه يعني إنقاذك للاكساس من أن يتعرض للأذى بسبب ما فعلته.

نظر هاري نحوه بضيق وقال بشيء من الانزعاج: لا تعجبني طريقتك في جعل الأمر يبدو كالابتزاز تماماً، لذلك فلتضع ذلك في عقلك جيداً. أنا سأوافق على طلبك، لكن ليس لأنك قمت بتهديدي بروي الآن، بل بسبب أنني قد فكرت في ذلك من قبل بالفعل. لقد رأيت قدراتكم أنتم الCIM، وبصراحة، لا أثق بكم أبداً في أنكم ستكونون قادرين على القبض على تلك العصابة، وحماية ايمي كما يجب. لكنني أرغب في أن تكون لي القدرة على الدخول إلى جميع الوثائق السرية التي يمكلها الCIM حول تلك العصابة، وأن أتطلع على جميع المستجدات بشأنهم، ولن أكون قادراً على فعل شيء كهذا إلا إذا ما كنت واحداً من الCIM بالفعل.

ابتسم راولي من كلامه باستمتاع، قبل أن يسأله بشيء من الفضول: هل تظن أن شقيقك سيوافق على هذا؟ أعني أنت تعلم جيداً مقدار الخطر الذي نواجهه صحيح؟

أجاب هاري على كلامه ببرود دون أن ينظر إليه حتى: ليس لأخي علاقة بقراراتي. حتى لو اعترض على هذا، فقد عاهدت نفسي بأن أحمي ايمي بأي ثمن، ولن يوفقني شيء في هذا العالم مهما كان. شرطي الوحيد للانضمام لكم هو أنني سأبقى برفقة أخي وايمي بينما أعمل في المكتب التابع لكم بفرنسا. ليس لديك اعتراض على هذا صحيح؟

ضغط راولي على أسنانه بانزعاج من نبرته المتعالية تلك، لكنه أخذ نفساً عميقاً محاولة ضبط نفسه ليقول بهدوء: لك ما تريد. سوف تصير لوسي جزءاً من هذا المنزل قريباً جداً، لذلك ستصبح هي المشرفة عليك، وسوف تعلمك كل شيء عن المنظمة، وعما يجب عليك فعله.

استغرب هاري من كلامه وسأله باستفهام: لوسي ستصير جزءاً من هذا المنزل؟ ما الذي تقصده بكلامك؟

ابتسم راولي بغموض قبل أن ينهض من مكانه ويقول وهو يسير باتجاه الباب: إنه ليس مكاني لأخبرك. سوف تعلم الأمر من شقيقك قريباً.

ولما وقف بالقرب من الباب، التفت نحوه ليقول بابتسامة متحمسة: هاري تشادولي...أتطلع قدماً للعمل معك..يا عضو الCIM الجديد...

#المملكة المتحدة_لندن_الساعة 3:30 مساءً
2006\7\28

كانت تضع ما تبقى من عود الآيس كريم في فمها بينما تقوم بتعديل ربطة صندلها الصيفي الأسود..

كانت قد ربطت شعرها الكستنائي الطويل كذيل حصان، وقد ارتدت فستانا صيفياً قصيراً عاري الكتفين باللون الابيض والأسود..


ولما انتهت اخيراً من ربط الحذاء، كانت قد انتهت من الآيس كريم أيضاً. فأخرجت العود الخشبي من فمها لتسير باتجاه غرفتها حتى تضعه في القمامة.

لكنها توقفت في مكانها بالممر لما رأت باب تلك الغرفة مفتوح قليلاً، وقد انبعثت من داخلها إضاءة خافتة من بين ظلام الستائر السميكة التي غلّفت نوافذها بحرص..

سارت باتجاه الغرفة، لتطل برأسها داخلها بحذر. وكما توقعت تماماً، فقد وجدتها جالسةً هناك على الأريكة المخملية الحمراء، بينما تحدق بالجدار في صمت كالعادة..

أشعلت الأنوار، لتخطو باتجاه الغرفة وتقف بجانبها دون أن تقول أي شيء..

ألقت نظرة حول آلاف الصور التي تم إلصاقها في كل زاوية من جدران تلك الغرفة التي بدت مخيفة نوعاً ما..

لكن تلك المرأة تكلّمت بحنين، بينما تحدق في أحد تلك الصور لطفل ينظر للأرض نحو أسراب النمل على تراب الحديقة: انظري إليه..إنه وسيم جداً صحيح؟

ثم قامت من مكانها وسارت بخطى متثاقلة نحو الجدار، لتمرر أصابعها النحيلة على تقاسيم وجه ذلك الطفل الوسيم، ثم تسأل الشابة الواقفة خلفها بألم: هل تظنين أنني سأراه يوما ما؟

تنهدت الفتاة بتعب دون أن تدري ما الذي تقوله حتى تخفف من ألمها ولو قليلاً. لكتها سارت نحوها، لتضع يدها على كتفها وتقول وهي تضغط عليه برفق: عليكِ أن تعودي إلى غرفتك وترتاحي قليلاً. لقد حان وقت دوائك..

ذرفت المرأة دمعة من عينها الوحيدة، قبل أن تقبّل الطفل في الصورة، ثم تهمس وهي تنظر نحوه بحب: تصبح على خير...أحبك..

#المملكة المتحدة_لندن_ الساعة 4:55 مساءً
2006\7\30

متجاهلةً كل الجموع من حولها، أخذت تسير بخطى سريعة وواثقة وسط ذلك الممر الحجري بتلك الحديقة الواسعة..

أظافر قدمها المصقولة والمطلية باللون الأحمر القاني، كانت بارزةً من صندلها الأبيض ذي أرضية الفلين العالية. فستانها الصيفي الأبيض، كان متماشياً مع جسدها الممشوق كعارضات الازياء تماماً. وقد ارتدت قبعة القش تلك مبرزةً من تحتها خصلات شعرها الذهبي، في حين أخفت بنظاراتها الشمسية عيونها البنية الداكنة.

نظرت إلى ذلك البنش الخشبي على جانب الممر، ثم سارت باتجاهه لتجلس عليه واضعةً رجلاً فوق الأخرى، ثم تنزع نظاراتها الشمسية وتثبتها على ياقة فستانها الخفيف..

وقبل ان تقول أي شيء، تكلّم ذلك الجالس على البنش الذي كان ظهره معاكساً لظهر البنش الذي جلست عليه دون أن ينظر إليها: لقد أخبرتكِ أنه لا يمكنكِ الإعتماد على أولئك الحمقى! لقد فشلوا فشلا ذريعاً، والآن صارت تلك الطفلة تحت الوصاية المباشرة للCIM!

أجابت المرأة وهي تتظر للأطفال الذين يلعبون أمامها في تلك المسطحات الخضراء الواسعة: لا تقلق. لقد توقعت حدوث شيء كهذا، لذلك وضعت خطةً بديلةً منذ وقت طويل جداً. لقد زرعت بذورنا داخلهم بالفعل، ولن يمضي الكثير من الوقت حتى نصبح قريبين جداً من تحقيق هدفنا..

لم يعلّق ذلك الشخص على ما قالته، بل قال بنفس نبرته الباردة والخطيرة في الوقت ذاته: سوف نتوقف عن محاولاتنا مؤقتاً في السنوات القادمة. من الأفضل أن نتجنب أي احتكاك غير ضروري بالCIM في الوقت الحالي. لا يمكننا كشف هويتنا بعد، فيجب أن نجمع كل القطع أولاً.

سكتت المرأة قليلاً قبل أن تحذره قائلة: الانتظار لسنوات أخرى، يعني أنك ستعطي الفرصة لذلك الطفل بأن يكبر ويصبح أكثر خطورة!

رد ببرود وقد أزعجه كلامها مثل كل مرة: إنكِ مهووسة بذلك الطفل بشكل مبالغ فيه. إنه ليس بتلك العظمة التي تتصورينها، ولن يكون عائقاً كبيراً في طريق خطتنا..

عقدت المرأة حاجبيها وعلّقت على كلامه بضيق: الاستخفاف به قد يقتلك دون أن تدرك ذلك حتى. يوما ما، قد يكون ذلك الطفل هو الذئب الذي سيغرس أنيابه فينا. أنت لم تر ما رأيته ذلك اليوم، وإلا لما كنت ستقول كلاماً كهذا!

كان هناك صمت مطول بينهما قبل أن يجيبها ببرود:حسناً، سأضع ذلكّ في بالي. والآن علي العودة بسرعة فلا يمكنني البقاء بعيداً عن ذلك العجوز لوقت أطول.

وقبل أن ينهض من مكانه، دفعت باتجاهه عبر المسافة الخالية تحت مسند البنش مغلفاً بنياً، لتقول وعيناها مرتكزتان على الأمام فقط: سوف أغيّر هويتي مجدداً، ولن أكون شيرين بعد الآن. ذلك هو مظهري الجديد..

أخرج الورقة الوحيدة الموجودة داخل المغلف، لينظر إلى تلك الصورة للمرأة ذات الشعر الأسود..

اومأ ببطء قبل ان يعيدها مجدداً داخل المغلف، ثم يستقيم واقفاً ويهم بمغادرة المكان..

وقبل أن يبتعد أكثر، أوقفته لما سألته وهي تتظر إلى الأرض بضيق: كيف حالها الآن؟

توقف مكانه لبعض الوقت، ثم أجابها باختصار دون أن ينظر إليها: كالمعتاد..لم يتغير أي شيء..

أومأت بصمت ثم ترجّته قائلة: اهتم بها جيداً.

لم يرد على ما قالته، بل تابع طريقه إلى خارج تلك الحديقة دون أن يلتفت لها ولو لمرة..

راقبته بعينيها وهو يغادر بعيداً عنها، لتهمس وهي تنظر إليه بألم: لقد مضى وقت طويل جداً...اشتقت لك!

ثم أغلقت عينيها وهي تحبس تلك الدموع التي تجمعت في زاوية عينيها. لترتدي نظاراتها الشمسية مجدداً، ثم تقوم من مكانها وتسير في الاتجاه المعاكس له مبتعدةً عنه بخطى متزنة وواثقة، عكس ما تشعر به في قلبها الآن..

°○°○°○نهاية الجزء الأول○°○°○°

*****

_رأيكم في الفصل؟

_توقعاتكم للأحداث القادمة؟

_أخيراً تم حل الأمر بين كارل ولوسي..كيف ستكون حياتهما الآن؟

_هل تظنون أن كارل سيسامح نفسه على ما فعله لعائلته؟

_هاري..ما تعليقكم على ما فعله؟ وما الذي تشعرونه اتجاهه الآن؟

_هل كانت ايمي على حق عندما أخبرته ألا يخبر أحداً عما فعله؟ وهل ستكون قادرةً على إنقاذه كما قالت؟

_هل توقعتم أن روي قد مر بهذا في ماضيه؟ انا الصراحة انفطر قلبي عليه🥺😭💔

_برايكم، هل تسرّع كارل حقا في عرض الزواج على لوسي كما قال روي؟

_هاري سيصبح عضواً في الCIM🔥🔥..ما تعليقكم على ذلك؟ وكيف تتوقعونه في المستقبل؟

_من هما تلك المرأة والفتاة؟ وما سر غرفة الصور تلك؟

_من يكون الطفل الذي خاطبته المرأة في تلك الصورة؟

_من الشخص الذي كان برفقة شيرين في الجزء الأخير من الفصل؟ وما سر حديثهما الغامض ذاك؟

_ماهي خطة شيرين البديلة؟ عن أي بذور تتحدث، وما هو هدفها من كل هذا؟

أحداث كثيرة وشيقة، وأسرار عديدة بانتظار ان يتم كشفها في الجزء القادم من الرواية❤

أتمنى أنكم أحببتم هذا الجزء، وارجو منكم حقا حقاً ان تخبروني برأيكم بكل مصداقية...

قد أتأخر كثيراً في البدء في نشر الجزء القادم..أحتاج لبعض الراحة وتنظيم افكاري، بالإضافة إلى أنني مشغولة جداً هذه الفترة، لكنني اعدكم بالعودة لكم بأحداث أكثر تشويقاً وغموضاً وحماساً.. أريد أن أعرف تحليلاتكم للاحداث كلها في هذا الفصل حتى أرى من اقترب ولو قليلاً من اكتشاف الحقيقة😁

بانتظار تفاعلكم وتعليقاتكم..لا تخيبوا أملي يا قرائي الأعزاء❤

أراكم على خير احبتي...دمتم في أمان الله وحفظه😘

Continue Reading

You'll Also Like

26.8K 870 14
يا وين بلقى بالمثايل وصوفه ماله على الدنيا شبيه يحاليه.
22.9K 708 19
أُخْفيَكَ عنِهم بَعيدًا بيَن أعمَاقِي ‏ويَفضحُ الحبَّ لوعَاتِي وأشوَاقِي وأُخِبرُ الناسَ أن لا عِشقَ يُسكُنني ‏ويَقرؤونك فِي صَمتي وإطراقِي 🦅🖤 .
25.1K 2.8K 16
تتكلم الروايه عن توائم أحدهما ولد بصحه جيده و الآخر كان ضعيف ذو مناعه ضعيفه الأكبر مثير للمشاكل و الأصغر هادئ يبحث عن الأمان فقط و أبيه ايضا فهو يتوق...
79.3K 8.4K 35
تتكلم الروايه عن شاب في الاثنين و العشرين من عمره يسكن مع أبيه الذي لا يطيق وجوده منذ ست أعوام حسنا هو ابن غير شرعي نتيجه ليله عابره لم يعش مع والد...