الفصل الخاص السادس و العشرون ..
( تابع / أمل الحب بداخل عتمة الفراق : المطر )
كانت تجلس و تقوم بحل بعض المسائل الفيزيائية التي قدمها لها راي ، بينما كان سارحًا يفكر بأمر ما ، انتهت من المسألة الأخيرة و من ثم حركت نظرها إليه لتجده يجلس بجوار النافذة و ينظر في الأفق ..
تحدثت بهدوء : هل يمكننا أخذ فترة استراحة ..
كلماتها اخرجته لعالم الواقع فنظر إليها : بالطبع ، لك ذلك ..
تركت القلم و شابكت يديها ثم قامت برفعهما للأعلى و اخذت تتمدد : كان ذلك متعبًا ..
ظل ينظر إليها بهدوء و هو يسند رأسه بكفه الذي يغطي نصف وجهه ، عندها سألته : بالمناسبة ، كيف كان يومك الدراسي ؟؟
- لم احضر اليوم ..
شهقت و وقفت من على الكرسي : و لماذا ..
ثم اقتربت و جلست مقابلةً له : انت تدرس تخصصًا صعبًا ، تغيبك بهذا الشكل سيتسبب في انحدار مستواك !!
زفر بعمق : لا رغبة لي ..
ثم اردف و هو ينظر لها من طرف عينه : و أنتِ ، أي تخصص ترغبين في دراسته ؟؟
فكرت لوهلة و قد بدى أن خيال حلم قد لاح لها و اختفى فنطقت : لا بأس بأي تخصص ، ليس هناك ما ارغب فعليًا بدراسته ..
حدثها بنبرة هادئة : هل أنتِ واثقة ؟؟ ألم يكن لك حلم تودين الوصول اليه ؟؟
ضحكت بخجل : حسنًا .. إنها مجرد أحلام طفولية .. لكن ليس لدي رغبة حقيقية في الوصول إليها ..
ثم اردفت : أردت بشدة أن اصبح ربانة سفينة ، أجول البحار ، ثم سرعان ما تطور حلمي و رغبت أن اصبح كابتن طائرة ..
ثم اخذت نفسًا و زفرت : لكنها بعيدة المنال ، إنها مجرد أحلام ..
حرك نظره للخارج و تابع : و ما الذي يمنعك من الوصول إليها ؟؟
أجابته مباشرةً : درجاتي سيئة ، و بدون الدرجات تلك التخصصات غالية و تحتاج للمال .. لا اعتقد أن لدي القدرة المادية على دراستها ..
تحدث دون النظر إليها : حلم ريرا الوصول للقمة ، أن تصبح العارضة الأفضل .. و اصبحت عارضة ازياء .. لم تترك حلمها دون تحقيق ..
نظر ناحيتها : كنت اخشى دائمًا أن يفرق هذا الحلم بيننا ، فشغفها الشديد يمكن أن يصل لحد التخلي عن علاقتنا من أجل الوصول لحلمها ، كان ذلك واضحًا لي لكنني اردت الاستمرار .. اردت البقاء فقد شغفتني حبًا .. لقد عشقت تلك الجميلة الرشيقة و لم ارد الوقوف في طريق حلمها حتى لا تتخلى عن العلاقة التي تربطنا ..
تنهد : لقد كان حبها يعني لي الحياة ، بينما حبنا مجرد اضافة لحياتها ، اضافة ترفيهية جمالية لا يعني التخلي عنها أي شيء .. لقد احببتها ..
صمت و قد ترقرقت الدموع في عينيه ، حزنت عليه فقد بادلت حبه بالنكران ، كان يعشقها بينما كانت تعتبره حبًا عابرًا .. راي شخص رائع و تتعجب من كون المدعوة ريرا تمكنت من التفريط بعلاقتها معه بسهولة ..
هو شاب رائع ، شهم و خلوق ، نقي و قد أحبها بصدق ، أحبها و ربما قدم لها الكثير ، ما لن يقدمه لها أي شاب آخر .. خسرت فرصة حب عظيمة .. لكنها ربما لن تدرك الأمر إلا متأخرًا ..
انزلت نظراتها و قد شعرت بالحزن الذي يسكن قلب راي ، هل هذا الشعور المظلم المؤلم الوحيد هو ما يسكن قلبه ؟؟
راي لا يشعر بالمتعة بتاتًا ، لا يبتسم و إن ابتسم فقد كانت مجرد حركة عضلات ، عالمه اصبح ذا لون أسود بسبب تلك المدعوة ريرا ..
رفعت نظرها إليه و هي تتفهمه بشدة ، تشعر بذلك الظلام بداخله و يؤذيها كونه يعيش بهذا الشكل بسبب تلك الفتاة اللامبالية ..
مدت يدها و امسكت بيده : فقط أخبرني .. ما الذي قد يسعدك ؟؟ ما الذي يجعلك تبتسم ابتسامة حقيقية ؟؟
تعجب من سؤالها ، لكنه شعر باهتمامها ، شعر بقلقها ، شعر برغبتها الحقيقية في مساعدته ، هي تريد منه أن يشعر بالسعادة ، التي لم يذق طعمها منذ فترة ، كل ما كان يشعر به هو التعب ، ألم الرأس الذي لا ينتهي ، التفكير الذي يسبب له الأرق ..
الحزن الدائم الذي لا سبب له ، لقد فقدت الحياة ألوانها ، فقدت الأطعمة مذاقها ، و فقد كل شيء روعته ، لم يعد يسعده شيء و لا يخرجه من هذه المشاعر المتعبة أي شيء ..
قلبه يؤلمه على الدوام .. يشعر بأسى عميق بداخله ، يشعر بالظلام ينتشر في كل مكان ، في العتمة الحالكة يعيش وحيدًا ..
قاطع تفكيره صوت الرعد و اتبعه ضوء البرق ، تعجب كلاهما و نظرا لتلك الغيوم السوداء التي تجمعت خلال ثوانٍ ، اصبح الجو مظلمًا رغم أنها بداية فترة العصر فقد غطت الغيوم اشعة الشمس بالكامل ..
تتالت الاصوات و اتبعها صوت تساقط قطرات المطر ، رائحة المطر و التربة المبللة وصلتا إليهما فقد كانت الشرفة مفتوحة ..
اطلق الرعد صوتًا مرتفعًا اشبه بتهدم جبل و سقوطه ، اغلقت مايا كلتا اذنيها و اغلقت عينيها و حالما فتحتهما تحدث : هذه الأجواء تشبه المشاعر بداخلي .. مظلمة .. وحيدة .. حزينة للغاية و لا شيء سيتغلب عليها ، لن تزول تلك الغيوم و لن تتوقف الأمطار .. ستبقى مشاعري على هذه الحال .. لا شيء سيسعدني و لا شيء سيعيد الابتسامة إلي .. على الأقل هذا ما اعرفه ..
ظلت تنظر إليه و ضوء البرق ينعكس في عينيها ، علا صوت رعد مدوي مصحوب بضربة برق قوية اتبعها انطفاء الكهرباء ..
و دون تفكير و بسبب الخوف احتضنت مايا راي بقوة ، ربت عليها راي ففتحت عينيها و رفعت انظارها لتجده يحدق في الأفق ، كان قريبًا منها ، نبضات قلبه الحزينة تصل لمسامعها ، شعرت في تلك اللحظة بشعور مختلف تمامًا .. لم تعرف نوع ذلك الشعور لكنها ارادت و بشدة ابعاد الحزن عن عينيه .. عيني راي العسليتين الجميلتين ..
عادت الكهرباء و انتبهت لكونها في احضانه ، شعرت بالخجل و ابتعدت و هي تعتذر ، اكتفى بإماءة اتبعها بقوله : لا بأس ..
و هكذا حل الصمت و بقي صوت قطرات المطر هو ما يصل لمسامع كلاهما ..
________________________
تحدثت صديقتها بسرعة : إنه الحب مايا !!
ثم اردفت : أنا متأكدة من أن ما تشعرين به هو الحب !!
زفرت مايا و ابعدت نظراتها : لا اعتقد ، الأمر اشبه بالشفقة ناحيته و ناحية ما حصل معه ، أو الرغبة في مساعدته لتخطي هذه المحنة ..
- و ذلك بأن تصبحي حبيبته عوضًا عن المدعوة ريرا !!
حركت رأسها نفيًا : ليس الأمر كذلك ..
زفرت بعمق : لننهي الموضوع فلن نصل لأي نقطة مهمة ..
و اردفت : الأهم من ذلك ، لقد وعدني والداي برحلة على ظهر السفينة التي لطالما حلمت بركوبها إذا ما تم قبولي في الجامعة !!
رمشت صديقتها : فقط رحلة ؟؟
انزعجت مايا : ماذا تعنين ؟؟
حركت يدها نفيًا : ما بالك ، لا أعني شيئًا ..
ثم اردفت : لكن الكثير يقيمون الحفلات على ظهر السفينة ، و تكون حفلات رائعة و مميزة ..
ابعدت نظراتها عن صديقتها و حركتها نحو السماء ثم تبسمت : لا يهم ، ما دمت سعيدة فلست بحاجة لحفلة !!
مرت نسمة هواء حركت خصلات شعرها البنية الطويلة و التي تخللتها عدة خصال شقراء ، بينما ظلت عيناها الرماديتان تحدقان بتلك السماء الزرقاء ..
كانتا تجلسان على سطح المدرسة ، حينما صرحت مايا بالكثير ، بما يخص راي ، حبيبته ، و مشاعرها تجاهه ، و الرحلة التي ستكون هدية نجاحها ، لم تعرف خلال هذه اللحظة من سيكون راي بالنسبة لها ، و لا تعلم ما إن كانت ستحصل على تلك الهدية و تذهب للرحلة بتلك السفينة ..
______________________________
استيقظت مايا من نومها فوجدت ظرفًا فوق مكتبها ، تحركت بسرعة و قامت بقطع طرفه و اخرجت الورقة بداخله ، أخذت تقرأ بحماسة ما كتب في تلك الرسالة ..
لحظات و اتسعت حدقتا عينيها و قد ترقرقت الدموع فيهما ، تركت الظرف و الرسالة و ركضت بأقصى سرعتها ، خرجت من غرفتها و نزلت الدرجات بسرعة و حالما وصلت لباب المنزل قامت بفتحه و صوت والديها المتداخل يصل لمسامعها :
والدها : مايا .. إلى أين تذهبين يا ابنتي ؟!
والدتها : مايا إلى أين لا زلتِ ترتدين البيجاما !!
لكنها تجاهلت و تابعت طريقها دون توقف ، و من حسن حظها وجدت راي الذي كان قد خرج من سيارته للتو فقامت دون شعور باحتضانه بقوة و دموعها تتساقط : راي !!
تعجب و نظر إليها : مايا ، ماذا هناك ؟؟
رفعت عينيها الدامعتين : لقد تم قبولي في الجامعة !!
ظهرت ابتسامة حقيقية على وجهه و للمرة الأولى ، مسح على رأسها : مبارك !!
زادت من قوة احتضانه و هي تبكي ، سعادتها في هذه اللحظة تفوق أي شعور عاشته مسبقًا ، فقد تم قبولها بسبب مساعدة راي و ستصبح فتاة جامعية ، و قد رأت ابتسامة راي الحقيقية لأول مرة !!
لم تكن تعلم أن ابتسامته ستسعدها لهذا الحد ، لقد زاد شعورها بالامتنان لتلك اللحظة التي قام والداها بطلب المساعدة من والدي راي ..
فمساعدته لها قدمت لها اربعة هدايا !!
و هي : التعرف إليه ، الدخول للجامعة ، رؤية ابتسامته و اسعاده ، و اخيرًا الرحلة على ظهر السفينة !!
سعادتها بتلك الهدايا و بتلك اللحظة تفوق سعادتها في أي لحظة من حياتها .. تمنت لو أن هذه اللحظة و هذه المشاعر تدوم للأبد ..
انتهى الفصل ..
فقرة معلومات ..
اساس قصة راي هو رحلة السفينة هذه ، حتى أنني بعدما قمت بتأليفها اطلقت عليها اسم ( قصة راي و السفينة ) !!
راي شخصية قمت بتأليفها و تأليف قصته برفقة اختي دون كتابة ، و عندما اردت الكتابة قررت جعل احداث قصته فصول خاصة في رواية ميساكي تمامًا مثل جيك ، و السبب أن راي أيضًا يدرس التخصص ذاته تلذي يدرسه كيويا و ميساكي .. ربما سأقوم يومًا بجعلها قصة منفصلة لها كتابها الخاص .. عندها سأقوم بتعديل الرواية و اضافة التفاصيل اليها .. هل لديكم أي سؤال يخص تأليف قصة راي ؟؟
اسئلة الفصل آمل أن تجيبوا عليها ✨
لماذا تركت ريرا راي برأيكم ؟؟
ما هي مشاعر مايا الحقيقية تجاه راي ؟؟
ما توقعاتكم نحو رحلة مايا البحرية ؟؟