زوجة العُمدة- الجزء الثاني.

By AmanyTarekAhmed107

43.6K 1.6K 327

تلك الأيام التي مضَّت لم تكن سوى ألمًا ينطوي بصدرها.. عينيها الزُمرتين.. ذاتَ سحرًا غنيًا، لطالما قالت بداخله... More

قبل البدء.
الشخصيات.
المدخل.
أقتباس من الحلقة الاولى.
الحلقة الأولى 🦋
الحلقة الثانية🦋.
الحلقة الثالثة🦋
الحلقة الرابعة🦋
الحلقة الخامسة🦋
أقتباس
🦋الحلقة السادسة.🦋.
الحلقة السابعة🦋
الحلقة الثامنة🦋.
الحلقة التاسعة🦋
الحلقة العاشرة 🦋.
الحلقة الحادية عشر🦋.
الحلقة الثانية عشر 🦋.
تنويـه.
الحلقة الثالثة عشر 🦋.
الحلقة الرابعة عشر 🦋
الحلقة السادسة عشر🦋.
الحلقة السابعة عشر 🦋
الحلقة الثامنة عشر💕.
📌مُناقشة.
مدخل.
الشخصيات.
سيلا🦋
طاهر🦋
عدنـان🦋
آسية🦋
أقتباس مستقبلي.
إهداء.
الحلقة الأولى🦋.
الحلقة الثانية🦋.
الحلقة التالتة🦋
الحلقة الرابعة🦋
الحلقة الخامسة🦋
الحلقة السادسة🦋.
الحلقة السابعة🦋
الحلقة الثامنة 🦋
مَـن أنا؟
الحلقة التاسعة🦋
الحلقة العاشرة🦋
الحلقة الحادية عشر🦋.
الحلقة الثانية عشر🦋.
الحلقة الثالثة عشر🦋.

الحلقة الخامسة عشر🦋

951 46 13
By AmanyTarekAhmed107

الحلقة الخامسة عشر من رواية زوجة العمدة-الجزء التاني.

***

حُريَّتي زائفةٌ.

أنا حبيسةُ خطواتي التي لم تكتملْ،

وأحلامي التي لم أنلْها،

والأشخاصُ الذين غادروا..

الحرُّ هو من تخلَّصَ من ماضيه الذي آلمَه،

أمَّا أنا فكلُّ ما مضى لا يزالُ يؤلمني.

-سمر إسماعيل

&&&

عدلت"زينة" من جلوسها، وهي تسمع صَوُت الطبيبة صباح تهتف بنبرة هادئة:

- أنتِ مش قادرة تتجاوزي كل حاجة علشان مش قادرة تغفري..

غفرانكِ لكل حد شارك في آذية مشاعركِ، هيخليكي ترجعي زينة بتاعت زمان..

تنهدت زينة وهي تتأمل تلك الغرفة:

- حاولت، أول مرة حاولت... لقيت إنهم أستبدلوني بـ زهرة، ورغم إنِي حاولت أفكر بأني مليش ذنب .. أوقات بقول هما عندهم حق... أنا السبب في زياد يموت، أنا اللي كنت مع ماما وقت ما أحتاجها... غفراني مش هينسيني ذكرياتي الوحشة.

- بس ممكن يبَّني غيرها! ... أنتِ صغيرة يازينة علشان تعلقي نفسكِ على ماضي.

أسندت صباح ظهرها على مقعدها تقول:

- أحكيلي عن زهرة..

رفعت عينيها نحوها وهي تفكَر بزهرة، وفجأة ابتسمت تقول:

- و إحنا صغيرين، كانوا بيقولوا إننا شبه بعض ... سبحان الله حبينا نفس الشخص أول حُب في حياتنا، بس زهرة كانت أنانية ... وده كان العيب الوحيد اللي خلاني أبعد عنها، لأنها مفكرتش فيَّا ... مفكرتش ليا أنا ممكن أبعد عن جُلنار اللي هي أمُي التانية، وأبعد عن عمي وأهجرهم كلهم .. تعرفي عتابي كله إن محدش فيهم فكِروجيه وسألني ليه أتغيرت...

- كان نفسكِ مين اللي يسألكِ؟

ضمت شفتيها لتشعر بتلك الملوحة من دموعها:

- عاصي ... كان نفسي أول ما أتقابلنا بعد كل السنين دي، يسألني يقولي ليه بقيت شخصية وحشة كده!

- ومين تاني؟

أبتلعت غصتها تقُول: ماما... كان نفسي تقولي ليه؟ بس اللي شوفته غضب وماشفتش حُبها اللي طول عمري كنت بحاول أخدهُ كانه مش من حقي، حُبها لـ زياد نساها إني موجودة، نساها إني كُنت أختهُ، وأكيد هكون زعلانة إني مش هشوفهُ تاني.

هتفت صباح برزانة:

- نفسكِ تقولي لماماتكِ إيه يا زينة؟

تلوى ثغرها بابتسامة خفيفة، لم تصل إلى عينيها، لتقول:

- إني أفتقدها أوي... وأني عارفة مشاعرها كويس، بس كان نفسي .. تفتكرني وقت زعلها الشديد...

طرحت صباح سؤالا:

- ليه مش قادرة تسامحي جُلنار، رغم إنها كانت سبب من أسباب إنكِ تكوني مع عاصي؟

عادت زينة بذاكرتها لعدة أمُور، ثم قالت بنبرة مختنقة:

- علشان ساعتها كنت راضية باللي ماما فيه، كنت بقُول، كفاية عليا جُلنار، كفاية إنها بتهتم بيا وبتعاملني كأني بنتها، بس رغم كده أنا مكنتش بنتها، وفي الأخر .. قلبي أتكسر لما قالت اللي قالتهُ، لما لقيت بجد إن القلم كان منها أشد وأوجع بكتير من اي حد تاني...

- مستنية منها إيه علشان تسامحكِ؟

ضمت شفتيها باختناق: مستنية حُضن منها، من أول ما أتقابلنا واللي بينا مسافات.. عارفة إنها خايفة من ردة فعلي، بس أنا اللي متأكدة إني هنهار جوا حضنها، اللي كنت بجري عليه وقت ما يجيلي كابوس..

***

وضعت زهرة كوبان من الشاي، وجلست جُوار وليد الذي تفاجأ من قدومها وجلوسها بجانبهُ، كانت ترغب بالحديث معهُ والاعتذار عن عدة أمُور، ولكنها تبقت صامتة، حتى نظَر إليها يقُول:

- كُنتِ عايزة تقولي حاجة؟

أومأت وهي تضم شفتيها:

- هي ليه زينة ماكنتش موجودة في حياتكم قبل سفر وبعد سفر عاصي؟

أستدار ينظُر للجهة الاخُرى وعينيه تضيق على نسيم الهواء الهاديءِ، فقال وهو ينظُر بهدوء:

- حصل إن ماما قالت كلام ليها مش كويس، خلاها تبعد عننا..

- ممكن أعرفه؟

نظر إليها باستغراب: مهتمة ليه؟

مالت نحوهُ تقول: لما هي جَّت عندنا هنا، أضايقت إني فعلا ما أديتش فرصة إننا نكون صُحاب .. وآآه ساعتها كنت فاكرة علشان عاصي بس هي قالتلي لأ، وإنه عمرها ما كنت علشانهُ.

- ماما قالت إنها زي ما الناس بتقول حظ سيءِ وشؤم .. علشان خطوبة عاصي أتفركشت في اليوم اللي جت تقعد عندنا. وهي سمعتهُ.

قالت زهرة بصدمة:

- طنط جُلنار؟

- إيه مصدومة؟

تمتمت:

- مامتكَ كانت بتحبها!

تنهد وهو يضع يده على رأسهُ يقول:

- ماما غلطت علشان عاصي أتهان وأنا طبعًا كنت سبب في اللي حصل.. والنصيب إن زهرة كانت معدية من أوضة النوم تجيبلهم حاجة ... وسمعت اللي أتقال، علشان كده هي وأمي ملهمش كلام مع بعض...

فهمت زهرة كل الأحداث والعدائية التي كانت من زينة:

- زينة متوقعتش إن اللي يقول الكلام ده ماماتكَ!

ابتسم بضيق:

- وزينة فضلت سنين مش قادرة تتعافى ولغاية دلوقتي منها، لأن وقت ما مامتها كانت طول الوقت بتتعالج من الاكتئاب كانت معها هي وبس.. أنا فاهم إنكِ بتكرهي زينة يا زهرة، بس زينة ما عاشتش عيشتكِ، مابين أمُ معاكِ أربعة وعشرين ساعة وأب بيشيلكِ شيل من الأرض، زينة ما كنتش بتشوف عمي لأنه كان دايما مع ميرال خايف تعمل في نفسها حاجة، عمي الوقت اللي كان بيبقى فاضي فيه بيبقى في الشغل يا زهرة ... زينة أهُملت من كل اللي حبيتهم...

نظرت إليه بحنان : علشان كده، كُنتَ معها طُول الوقت!

هز رأسه يقُول:

- آآه بس كُنت معها لأنها كانت محتاجة أخَ يا زهرة، زينة كانت وحيدة حتى بوجود آسية وسيلا... كانت بتحس إنها ملهاش حد معها.

ثم أضاف متسائلاً:

- عايزة تكلميها؟

كانت مترددة ... نظرة عين زينة حين رأتها كانت حزينة، منقهرة، وتشعر وكأن لا أحد يريدها في تلك الدُنيا، ولكنها لن تستطيع أن تشغل ذلك الحيز وتكون صديقتها .

=إحنا مش شبه بعض.

- ومن إمتى الصُحاب شبه بعض يا زهرة؟

وافقتهُ بهزة رأسها، ولكنه لاحظ عيونها المنتفخة والهالات السوداء بعد أن تفحصها للمرة الثالثة، فقال متساءلاً:

- أنتِ كويسة؟

قطبت حاجبيها تقول: آآه، ليه؟

- عيونكِ حمرا يا زهرة.. وهالاتكِ كبرت. أنتِ مش عارفة ترتاحي هنا في الشقة؟

هزت رأسها سريعًا تقول:

- لا، أنا عندي بحث شغالة فيه..

وقضمت شفتيها حين ذكرت ذلك البحث ...هز رأسهُ، فقال وهو يميل نحوها حتى أصبحت المسافة بينهما بسيطة:

- لو مش هتقدري تعملي الغدا، نطلب أكل من برا.

تنفس الهواء، لتشعر به وهو ينظر إليها وإلى خاصة شفتيها، أبتعدت عنهُ وهي تنظُر للجهة الأخُرى:

- لأ مش للدرجاتي، هقدر ... أنتَ بس قولي أزاي وأنا هعمل.

ابتسم وهو ينظُر إلى وجهها الذي أزداد حُمرة وأصبحت تتجنب النظَر إليهما، فأخذ مقعدها وألصقه بخاصتهُ، لتشهق .. حين وضع أصبعه وأزال الرمش العالق بخدها، لتزداد حُمرتها ... وقال وهو لازال يضع أصبعه يمسد وجنتها:

- أنتِ مكسوفة مني؟

أومأت بخفة، ليقُول وهو بالفعل يميل نحوها :

- وده ليه؟

صمتت وهي تنظُر إليه بخجل شديد، وقبل أن يقُول شيءِ قاطعهما رنين جرس المنزل، لتتركز بأنها طلبت أغراض، لتقول وهي تفر من امامهُ:

- هروح أشوف الحاجة بسرعة.

وحين أصبحت بعيدة عن مرمى عينيه ضحك بشدة وهُو يضع يده على شعرهُ ويخلل أصابعه داخلهُ...

وهمس: أنتِ ما تعرفيش قد إيه بتأثري فيا يا زهرة.

***

كان شعرها القصير يتطاير حين كانت تمُر بين الطُرق، كان عاصي قد أخبرها بأنه سينتظرها امام المشفى الذي كان بها وليد سابقًا، لذلك أسرعت بالذهاب إليه، ورأته يقف بعيدًا مع شخص ما ويتحدثان سويًا...

أما هي فأندمجت تناظرهُ وتراقب تعابير وجههُ، وابتسمت بشدة حين رفع بصره وألقى عليها نظرة بسيطة مع ابتسامتهُ الساحرة، سُرعان ما أنتهى من حديثهُ وأسرع بخطواته الطويلة إليها ليشتملها إلى صدرهُ وهو يقُول:

- عملتي إيه ؟

- كُل خير ...

رفع عينيه إليها، لتقول بنزق:

- أنتَ عارف إنه مش هينفع أتكلم عن أي حاجة بتحصل مع الدكتورة!

ليخلل أصابعه بشعرها الأسود، وهو يلثم جبهتها بقبلة :

- أكيد ...

ثم أضاف وهو ينظر لعينيها الجميلتين:

- عندي ليكِ مفاجأة.. بس لما نركب العربية الأول.

هزت رأسها عدة مرات من الحماس، وخطف عينيها شخص يسير بالطريق، لم تراه جيدًا ... ولكن لون شعره يذكرها بلون شعروالدتها، كان يوليها ظهرهُ وهو يتحدث بالهاتف جسدهُ الرياضي .. وقامته الطويلة والمقاربة لـ عاصي ..

و حين لاحظ عاصي توقفها نظر إلى ما كانت تنظر إليه، وفجأة سمعها تقول:

- قبل كده فكرت، لو زياد مكنش مات ... كان شكله هيبقى إيه؟

أبعد عينيه عن الرجُل ونظر إليها، وابتسم حين رأى ابتسامته الحانية، والتي خطفت فؤادهُ، مال نحوها ليأخذها كفها ويُقبَّل باطنهُ:

- ليه بتفكري في كده؟

ضمت شفتيها وهي تضم وجهه بين يديها:

- علشان أحيانا بقول إن ماما ليها حق تبعد ...وإن فعلا أتناشر سنة صعب يتنسوا من العُمر، خصوصا لو كان الشخص نسخة منكَ .. وشبهكَ... فجأة يتخطف من أيديك بلمح البصر...

ضمها لصدرهُ وهو يقُول:

- زينة ... بطلي تفكير ...

مسحت دموعها تقول:

- بالعكس، أنا اول مرة أفكر، وأقول ليه بجد ماقدرتش أفكر وأكون مكانها للحظة؟ ليه لما كانت تيجي البيت وهي كانت كويسة وترجع عيونها مليانة دموع، وتقول حسيت بيه حواليا، مش ممكن شافت حاجة كان بيحبها، مش ممكن أفتكرت ريحتهُ...

- زينة..

رفع نظرها إليه تقول بضعف: أنا كويسة...

أدخلها داخل السيارة، وجلس قليلاً .. قبل أن يخرج من جيبهُ عُلبة، قطبت حاجبيها، حتى أخرج منها خاتمًا ...

رفعت عينيها إليه ليلتقي بمُقلتيها المصدومة، فأخذ كفها وألبسها الخاتم .. ثم لثم كفها عدة قبلات .. قال وهو يضم كفها بيدهُ:

- مش حلو نكون متجوزين ولسه مش معاكي خاتم.

- عاصي ... شكله جميل أوي.. بس أنتَ عرفت منين مقاس صُباعي؟

ضم شفتيه وهو ينظُر إليها، لتعرف الاجابة، والدتهُ بالتأكيد .. فهي من كانت تبتاع الذهب والحُلي لها..

- سألتها .. وهي قالتلي..

- غريب إنها لسه فاكرة.

نظر إليها برجاء، لتغلق عينيها تقول:

- بحاول .. أنا بحبها برضوا.

قالتها وقد أجشهت بالبكاء، وأكملت: انا بحب جُلنار زيك يا عاصي، بس أنا مقهورة منها، هي مكنتش غريبة عني، من وانا طفلة وأنا بنام في حُضنها، لما بخاف أول واحدة بفكر فيها، جُلنار كانت أمُي التانية ...

ضمت شفتيها وهي تضحك بقهر: كانت أمُي بجد ...

أغمضت عينيها، ليأخُذها عاصي بين أحضانهُ ... وهو يسند ذقنهُ على كتفها يقول:

- مستحيل أطلب منكِ أكتر من طاقتكِ .. بس أنا بحبكِ.

تيبس جسدها، للحظات .. شعرت وكأنها تخيلتهُ، ولكن أنفاسه الثقيلة ويدهُ التي تمسدَّ ظهرها، ليعُيد من جديد:

- أنا بحبكِ يا زينة... ومش عايز أشوفكِ بعيدة عن الناس اللي حبوكِ ..

أبتعدت عنهُ قليلاً، لترمش عدة مرات قائلة:

- أنتَ قولت إنك بتحبني!

ليتسوعب هو أيضًا ما قالهُ، ليبتسم نحوها وهو يلثم وجنتيها بقبللات ..

- الحقيقة يا زينة، أني حبيتكِ زمان، ودلوقتي أنا بتنفس بيكي ..

ثم أضاف وهو يمسح دموعها:

- بزعل وبتخنق لما بحس إنكِ تعبانة، أنا بحبكِ لدرجة أني كل وقتي بفكر فيكي، عاملة إيه، بتاكل ولا لأ، ولما كنتِ بعيدة عني، كنت ببقى مضايق إني مش أنا اللي ماسك أيدكِ ولا اللي حاضنكِ ...ولما عرفت الحقيقة، حسيت إني أتقهرت، إني تغافلت عن وجعكِ السنين دي لأني كنت أناني...

- لأ ...

وضع أصبعه على شفتيها يوقف حديثها، فأكمل:

- زينة .. أنا سبب في إنكِ تكملي كل ده، حتى لو أنكرتِ ... أنتِ يوم ما حسيتي إنِ مستحيل أبقى معاكي، حاولت إنك تفكري تنتحري .. لما حسيتي كل اللي بتحبيهم .. مستحيل يكونوا معاكي. أنا سبب برضوا. وهفضل طول عمري أطلب منكِ تغفر ليا، لأن وقت ما فعلاً كنت عايزكِ، نفيتكِ من حياتي، وأنا حياتي كلها كانت من غيركِ ولا حاجة.

جذب وجهها بحنان ليثم جبهتها بقبلة حانية .. وهو يقُول:

- رائيك أيه لو نعمل فرحنا الأسبوع الجاي؟

هزت رأسها، بشدة وكأنها تخبرهُ وتخبر قلبها المكلوم، بانها أخيرًا ستشعر وكأن ظُلمة حُبها، ستختفي وستصبح ربيعًا ورديًا...

شعرت باهتزاز هاتفها، لترى بأن المتصل وليد، والذي حين فتحت الهاتف قال بملل:

- أنتِ مع عاصي ولا إيه؟

كتمت ضحكتها أمام نظرات عاصي المتسائلة، فقالت:

- ليه يعني؟

- بحسكِ بيبقى تلفونكِ معاكي علشان تصوريه، هو يعرف إنك بترسميه؟

ضمت شفتيها تقول: لأ لسه..

- خلاص، أنتِ فين؟

- إحنا في القاهرة...

- كويس، تعالو أتغدوا عندي...

قالت بنبرة متحمسة: هتطبخ!

قال وهو يتنهد:

- لأ، زهرة هتطبخ بس طبعا أنا اللي هشرف عليها..

- هو اكلها وحش للدرجاتي؟

نظر وليد إلى زهرة التي تختلس السمع، فكتم ضحكتهُ يقول:

- يعنيِّ شوية...

قالت زينة وهي تفلت ضحكاتها:

- معنى كده إن أكلها وحش!، أنتَ عمرك ما هتبطل عادة تنتقد أكل غيركَ..

- طبعا لو عايزة يحصلك غسيل معدة انا معنديش مانع أبطل!

نظر عاصي إليها بغضب من ضحكاتها التي تكون مع وليد فقط، لتقول زينة سريعًا:

- خلاص يا وليد ساعة بالكتير وهنكون عندكَ..

أعترض وليد يقول: ساعة ليه مش أنتم في القاهرة.

ولكن زينة أغلقت الهاتف، سريعًا قبل أن تُجيبهُ، تمتم عاصي:

- مين قال إننا هنروح؟

- أنا!

نظر عاصي إليها وهو يضيق نظرهُ:

- مدام هنروح، ليه قولتي ساعة؟

عضت على شفتيها المكتنزة، وهي تخلل أصابع يدها التي يحيط بها خاتمها:

- علشان في الوقت هنروح وتشتري خاتم ليكَ.. مينفعش حبيبي يكون مش لابس خاتم جوازنا..

ابتسم بشدة وهو يرى نظرة عينيها المتلاعبة، ورغب بشدة بجذبها وتقبيلها ولكنه عدل من جلوسهُ، وهز رأسه يقول:

- تحت أمرك ست الحُسن والجمال..

لثمت وجنته بقبلة هادئة، وهي تعُيد النظر إلى هاتفها الذي به رسالة من آسية.

***

بعد أن أنتهوا من الطعام، نظر وليد إلى اخيه وهو يخبرهُ بانها يريد أن يتحدث معه بالشرفة قليلاً ...

تردد عاصي قليلاً فهو لا يريد أن يترك زينة بصحبة زهرة، ولكن مع إصرار وليد، وافق ولكن قبل أن يتبعهُ، اقترب من زينة يضع بعض خصلاتها السمراء خلف أذنها يقول:

- لو حسيتي بتعب قوليلي نروح..

ابتسمت وهي تهز رأسها كطفلة صغيرة، غمز إليها ثم ذهب إلى أخيه، كانت زينة أيضًا لم تفهم لماذا بقيت هي وزهرة وحدهما، ولكن زهرة اقتربت منها تجلس قبالتها تقول:

- تشربي شاي؟

- مش هقدر، بطني أتملت من الاكل ومش هقدر أشرب حاجة..

أومأت زهرة، وكأن الكلمات أختفت والحروب هربت من لسانها، لا تعرف بماذا تبدأ، ولكن أنتبهت لذلك الخاتم ... فقالت وهي تميل:

- تعرفي إن وليد لسه مجابش الخواتم؟

رفعت زينة عينيها، لترى ابتسامة زهرة والامتنان على وجهها، ثم شعرت بيد زهرة تلمس يدها برفق وحنان وهي تقول:

- أنا آسفة...

أضافت وهي تُربتَّ على يد زينة:

- مكنتش أعرف إنكِ كنتِ وحيدة! وفعلا كنت أنانية ... لما حسيتَ إني لو عرفتكِ، هقول بجد إنكِ تستاهلي عاصي بس دلوقتي أقدر أقول إنِي غلطت لما بجد أفتكرت إنِك ماتستاهليش أي حاجة ...

ترقرقت عيناى زينة بألم، فضمت زهرة كفوف زينة قائلة:

- أنتِ ليكِ الحق تكرهيني يا زينة ...

ولكن قاطعتها زينة تُعانقها، بقوة .. وهُنا لم تستطع زهرة بألا تبكي معها، تُطارحها ذلك الألم، وعيناى وليد عليها، وكأنهُ يؤنسها بحُبه، وكأنه يرفق أنغام حُبه على قلبها، وكأنها تبكي لأنها جاءت متأخرة ...

وكأنها كانت تظن بان حُبها الذي ظلت تتهاوش عليه .. كان خطأ، وأن حُبها النقي كان امامها طوال حياتها...

وأن تلك الخفقات كانت لهُ منذ البداية ...

همست زهرة وهي تضم زينة :

- أنا آسفة...

وعزائها ليس فقط لها، ولنفسها وروحها، التي تفاقمت والتي أنكسرت عدة مرات بالطريق الخطأ... كان جحيم فكرة وجودها مع وليد، ولكن كل ما رأتهُ هو الحب الذي كانت تسعى إليه من البداية..

لمسة يدهُ الحنونة ... نظرتهُ التي تشملها بحُب.

حديثهُ الدافيء، صبرهُ معها، جسدهُ الذي يضمها أثناء العلاج، وكأنه لا يجد من يشاطرهُ المسير سواها...

تلك الحياة التي كانت ترغب بها منذ البداية، ولكن نسيم حُبها كان يسير بالاتجاه الخطأ، او كانت هي من تسير إليه خطأ ... هي من كانت تسعى لأجل مراهقة تحُلم، ليست امرأة تُحب...

وذلك الحُب الذي رأتهُ من عيناى وليد، هو نسيم حُبها وغرامها، ذلك الحُب الذي سترغب بهِ ...

****

كان زفاف عاصي وزينة هاديءِ، وكان هو ينتظرها بالأسفل، حين أصبح أصدقاءهُ يأتون، ليباركون لهُ، وكانت هي وحدها بالاعلى ورفقتها سيلا، ولا تعلم لماذا حتى الآن تمتنع أسية من القدوم، فهي أخر رسالة أتتها بانها تعمل في مرسمها ومن الصعب أن تأتي ...

ولكنها لم تُجب أي من رسائلها عن المدعُو عدنان.

أما سيلا، فهاتفها لم يتوقف عن الرنين، وعلى مايبدو بأنها كانت منزعجة بشدة من أمر ما..

تنفست الهواء ... زفير... شهيق، نظرت زينة إلى مظهرها، قررت أن ترتدي حجابها في ليلة زفافها، نعـم لم تخبر عاصي ونعـم تجهل ردة فعلهُ، ولكنها تُريد أن تنعم برؤية عينيه وهو يراها لأول مرة من سبع سنوات بحجابها الذي فَّرت منهُ...

طرق خفيف أثار حفيظتها، لترفع عينيها وتجد "جُلنار" امامها، التي سُرعان ما تأثرت بمظهر زينة الجميل وبكت من السعادة، ولكنها وقفت أمامها تتفحصها .. وعينيها لم تتوقف عن ذرف الدموع...

أما زينة فكانت تنُظر إليها باشتياق ...

تلك المرة، لم تترك العناد أن يسيطر عليها، وهامت بجسدها الصغير تعانق جُلنار، التي أستكانت ثم زادت ضمتها وهي تبكي وتقول:

- زي القمر يا زينة، طول عمرك يابنتي وأنا عارفة إن يوم فرحكِ هتبقى زي القمر.

ضمت زينة شفتيها لاتعلم ماذا تقُول، اتعاتبها، ام تخبرها كم أشتاقت إليها، ولكن جُلنار .. مسحت تلك الدموع، وقبلت وجنتيها وجبهتها، وتقول:

- نظرة عيونكِ كفاية ليا يا زينة، أنا عمري كله مش هسامح نفسي على اللي قولته، غلطت ... بس كنت عايزاكِ تعاتبيني تقوليلي عيب، ميجيش منكِ، طول السنين مستنياكِ وتقوليلي أني غلطانة وأستاهل البُعد ... بس أنا هونت عليكي وأنا قلبي بيوجعني عليكِ يا زينة، ده أنتِ بنتي... غلطت وآآه من غلطي اللي هفضل طول عمري أدفع تمنهُ.

- أنا مسمحاكِ ياماما جُلنار...

لتجهش جُلنار من جديد، وتأخذها لحضنها مرة أخُرى، أما سيلا فكانت واقفة وهي تراهم بذلك الحالة وتأثرت، تعلم بأن حياة زينة كانت متعلقة بتلك العائلة التي أحتضنها وقت ما كانت ميرال في حالة الأكتئاب الذي لم يهرب من خلاياها قط.

****

كان عاصي ينتظر أن تأتي زينة، هُو يعلم بانه من عاداة عائلتهُ بأن العروس لن تكون محل نظر الجميع، ولكنه أراد أن يراقصها، اراد ان يشعرها كم هو حقًا يحُبها، خصيصًا بانهُ جهز لها مفاجأة سيخبرها غدًا بها ..

ولكنه حين رأها تهبط بفستانها المحتشم الطويل وحجابها، نسى كل شيءِ، نسى ما خطط لهُ، ونسى بأن حولهُ أحد ...

لم يتوقع ذلك، ولكن جسدهُ كله يريد أن يضمها لصدرهُ ويخبرها كم هو فخورًا بها، لذلك أسرع بخطواته ليأخذها من يد والدتهُ، لتبتسم لهُ، تلك الابتسامة التي تخبره بأنها تحبس دموعها، وقلبها يخفق بجنون، ليأخذ يديها ويلثمهما بقبلة حانية، وقال:

- سرقتي قلبي يازينة...

ضمت شفتيها بشدة تمنع نفسها بألا تبكي، وأنهُ ليس حُلما، عاصي أصبح زوجها، وهو يحُبها، ليس مجبورًا، ليس كارهًا، لا يهتم بها! بل يهيم بها وعينيه الجميلتين، تُقول الكثير والكثير ...

أخذها في وسط الساحة الخلفية والتي كانت مُجهزة كم رغبا، وقام أحد بتشغيل أنشودة هادئة بلا مُوسيقى، وأخذ ينظر إليها بكل حُب وهيام ... غير عابئًا بأحد ينظر إليه، بأحد يقول عنه كلمة، كل ما يهمه تلك الفتاة التي سرقت لُبهُ منذ سنوات، وتجاهل تلك المشاعر بل حاربها، وأنتهى صريعًا بحبها وهيامها المفتون.

أنتبهى وليد، إلى أحد يذهب إلى سيلا، قطب حاجبيه، لقد رأى ذلك الرجل من قبل، وعلى مايبدو على سيلا الاستغراب الشديد، والغضب، ولكنه حين رأى زهرة تنظُر إليه وتُربت عليه يديه تقول:

- أنتَ كويس؟

ابتسم وهو ينظُر إليها، ترتدي ثوبًا بسيطًا، يلائم لون عينيها الجميلتين والتي تكحلت بكحل أسود، أخذ يديها بحضنهُ يقُول:

- كويس أوي، كفاية إنكِ معايا..

ابتسمت بخجل شديد، ظهر على وجنتيها، لتنظُر إلى زينة وعاصي بهدوءتام، وهي حقًا لاتشعر بأي شعور سيءِ، لقد تغافلت ونسيت الكثير حين رأت الحُب بين عيناى وليد، ولم تعد تُبالي بمشاعرها التي كانت لا شيءِ بما تشعرهُ الآن..

****

تلك الغرفة تدخلها لأول مرة بصفة زوجة عاصي، زوجة العمدة وزوجة الطبيب المجتهد عاصي الجبالي.

نظرت خلفها لتجده يحدق بها، ثوبها الفضفاض .. وحجابها الذي لا يعلم من أجبرها عليه، ولكنه لا يعلم بأنها أيضًا هي من قررت ارتداءه حفاظا لماء وجه والديها وعمها ..

تذكرت جملة زوجة عمها :

= طُول عمري يا زينة كنت حاسة بيكي، كنت حاسة بحبكِ لعاصي ورغم كل حاجة عملتيها، كنت عايزاكِ تكوني ليه هو، اللي في عيونه مراحش أبدا

_ بس هو مكانش بيحبني! أزاي بتقولي كده؟

أفاقت من خيالها، لترى عاصي ينظُر إليها بتأمل وهو واقفًا أمام باب الغرفة تاركًا إياها تحلق حولها، لتشعر بعينيه تحرقانها، فنظرت إليه، وحين أقتربت منهُ أسرع هو بخطوات ليأخذها بعناقهُ ... مرر أنفه على عنقهُ المغطى وهو يشم تلك الرائحة والتي أصبحت كالأدمان ...

فقالت : تعرف إن مامتكَ قالتلي إنها كانت عارفة إننا هنكون مع بعض!

ابتسم وهو يضم وجهها بين يديه: طبعًا يا زينة، جُلنار من ساعة ما رجعتي، وهي كانت عايزاكِ ليا ..

رمشت عدة مرات، غير مصدقة، ليؤكد بابتسامتهُ الحنونة، فقالت:

- ليه مقولتليش؟

- علشان كنت عايزها هي تقولكِ ..

ثم مرر يده على حجابها، وهو يقُول:

- أنتِ متعرفيش فرحت قد إيه لما لبستيهِ... رغم إني مش عارف ليه.

ضمت شفتيها وهي تتنهد:

- عايزة أرجع زي زمان، وحاسة إني لو بدأت أفتكر نفسي زمان وأبدأ من جديد، هرجع زينة اللي سحرتكَ أول مرة بشعرها الطويل...

زادت ابتسامته اتساعًا ... ليقترب منها يقُول:

- أنتِ متعرفيش أنا محضرلك إيه، بس الأول تعالي نتوضى ونصلي الأول، وبعدين نشوف ورانا إيه ...

وغمز لها وهو يذهب سريعًا إلى خزانته ويجهز ملابسهُ، شعرت بحرارة تسلع وجهها من حديثهُ ...

لتذهب هي إلى محل ما توجد ملابسها لتغير وتمسح المساحيق الخفيفة التي وضعتها، ثم توضأ بعدهُ ..

بعد أن أنتهيا من الصلاة، اقترب منها وهو ينظُر إليها بحُب، وهي بملابس الصلاة، تنظر إليه بخجل وحرج، ليجذب عنقها إليه ويُقبل جبهتها بحنان قبلة طويلة، وقد ضمها إلى صدرهُ...

- أنا ممكن أفضل كده لعمري كلهُ..

حاوط خصرهُ بذراعيها، لتجلس بداخل حضنهُ وهو ينظر لانعكاسهما بالمرآة ..

وحين نظرت إليه .. لم يتردد بألا يُقبل ثغرها قبلة هادئة سُرعان ما كانت عميقة، وبث فيها كل أشتياق ولهفة وحُب طال أنتظارهُ لها...

حاوطت عنقهُ بيد وخللت أصابع يد أخُرى شعرهُ الأسود ..وتغمض عينيها، وتلك المرة شعرت وكأنها تنفست من الغرق.

***

مرر يدهُ على ذراعها العارية بحميمية، وهي للمرة الثالثة تخطأ في تخمينها للمكان الذي سيقضون أسبوعًا به بداية من الغد ..

أستندت بكوعها تقول:

- مثلا هنقعد في القاهرة بس في الشقة بتاعتك؟

- تؤ .. وبلاش كل شوية تقولي القاهرة!

عضت على شفتيها تقول:

- السُخنة؟

أصطنع التفكير ثم هز رأسه بـ لا، لتمط شفتيها بغيظ وتقول:

- طيب قولي!

مال نحوها وأقتطف قبلة حانية من ثغرها وهو ينظر إلى عمق لون عينيها:

- هنروح بيت الشاطيءِ.

يُتبع ...

مقدرتش انزل في المعاد علشان النت فصل بجد ومكنتش عارفة القط شبكة من التلفون🥲😩.
حتى ما قرأتش ولاجالي تعليقات ولا اي حاجة من كتر ماهو انا مش عارفة يبقى عندي نت.

Continue Reading

You'll Also Like

413K 13.7K 33
الألم يفني روحها وحياتها بأكملها، لا قد أفناها منذُ دهر، التي تعيشها الآن ليست حياة بل أذى ووجع يخالط روحها التي ستنتهي، عندما آتت إليها الفرصة الذهب...
497K 23.7K 35
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...
503K 12.7K 15
كان القلب فارغ وحاضري اراه يشبه ماضي،، الحب لم اعرفه ولم اعشه اتاني فجأه كهديه من السماء وعرفت ان العمر هو مجرد رقم لايتحكم بالقلب ولا بالروح عندما...
8.1M 513K 53
رجلٌ شرسٌ شُجاع مُتقلبُ المزاج غريبُ الطورِ عديَمُ المُشاعر حيَادي لا ينحاز سَديدُ الرأي رابطُِ الجأَشِ وثابِتُ القلب حتىٰ.. وقعت تلك الجميلةُ بين...