رواية الحلم الرمادى لكاتبة هن...

By AyaMostaffa

10.1K 327 12

خيوط القدر نسجت شباكها لتحبسها في بيئة ومكان مغاير لواقعها ومختلف عما كانت تتخيل ولم تجد امامها سوى امرين لا... More

الفصل الاول
الفصل الثانى
الفصل الثالث
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادى عشر
الفصل الثانى عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون والحادى والعشرون
الفصل الثانى والعشرون
الفصل الثالث والعشرون
الفصل الرابع والعشرون
الفصل الخامس والعشرون
الفصل السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والعشرون
الفصل التاسع والعشرون
الفصل الثلاثون
الفصل الحادى والثلاثون
الفصل الثانى والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون
الفصل الرابع والثلاثون
الفصل الخامس والثلاثون
الفصل السادس والثلاثون
الفصل السابع والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون
الفصل التاسع والثلاثون
الفصل الاربعون
الفصل الحادى والاربعون
الفصل الثانى والاربعون
الفصل الثالث والاربعون
الفصل الرابع والاربعون
الفصل الخامس والاربعون
الفصل الاخير

الفصل الرابع

317 9 0
By AyaMostaffa

الفصل الرابع.................
(ذلك لم يكن بالحسبان)

وضعت هتان يدها على جبينها وشعرت بالسئم عندما اقتربت من غرفة ديم وسمعت جاسر منغمسا بتبرير موقفه ويجتهد في اقناعها انها المرأة الوحيدة التي تثير اهتمامه وان اصابتها لم تعني له شيء ولم تغير مشاعره بل زادته تعلقا بها وزادتها جمالا بعينه ومازالت هي أجمل نساء العالم بنظره وبدى حريصا على مشاعرها الى اخر لحظة ليكن الله في عون ذلك الرجل
هزت رأسها وتعاطفت معه جدا أي حياة هذه التي تجعله يبرر كل افعاله بين الساعة والأخرى ان ذلك ممل جدا وفوق الاحتمال انه الجحيم بعينه لو كانت بمكانه لما سمحت بذلك الوضع ولأبعدت كلما يثير غيرة تلك الزوجة
طرقت الباب برفق ولما دخلت قالت بلطف وابتسامة زاهية وهي تحمل الطعام: "حان موعد العلاج"
ابتعد جاسر عن ديم وانشغل بهاتفه وكانت الأخيرة جالسة على سريرها وعيونها حمراء وبهما اثار دموع والأكثر غرابة انها ترتدي الايشارب حتى في غرفة نومها!
ما ان رأت هتان حتى انفجرت بها غاضبة بعيون ملتهبة: "عندما يكون جاسر معي لا احتاج لخدماتك"
ثم انزلت بصرها الى فستان هتان الأصفر وتجولت بوجهها وعنقها بارتجاف شفاه واضح وتغيرت ملامح هتان وبدى عليها الارتباك والتفت جاسر الى ديم بعدم ارتياح من نبرتها واسلوبها ثم تطلع بهتان وقال موضحا ومخففا من وطأة الحدة: " اتركي ما بيدك هنا لو سمحت .... طالما انا في الدار سأهتم بكل ما يخص المدام وعندما "
ديم وبنبرة أمر اسكتت فيها جاسر: "يمكنك الانصراف الان"
خفقت اهداب هتان وتركت الطعام على المنضدة وخرجت مستاءة من الأسلوب الخشن والفوقية التي تعاملها بها تلك المتكبرة
ما الذي يضطرها لتحمل كل ذلك؟ أي ميزة هنا تجعلها مترددة ومتمسكة؟
يبدو انها أخطأت عندما تراجعت عن قرارها وستخطأ كل يوم تبقى فيه هنا بحق نفسها وتهدر كرامتها.
جلست في الصالة وهي حزينة لا ذنب لها بما يحصل هنا ان تلك المرأة
مريضة ومعقدة ويصعب التعامل معها وبما انها تمقتها فليس هناك سبب يجعلها تبقى.

بقيت جالسة وحيدة في الصالة الكئيبة لأنها مخنوقة ولم تعد تحتمل ان تجلس بغرفتها بين أربعة جدران انها متضايقة جدا وبحاجة الى وجود أناس تشاركهم الكلام وتعبر عما بداخلها .... سخرت من نفسها سابقا عندما اعتقدت انها كانت تحب العزلة وانطوائية ... منذ وصولها الى هنا اكتشفت انها مختلفة عما تتهم نفسها به انها لا تطيق هكذا أجواء انها تختنق بالفعل.
وقع بصرها على قطعة جديدة على الطاولة لكنها مغطاة بمنديل ولم تتبينها جيدا فمدت يدها ببطء وازالت المنديل وارتسمت على محياها ابتسامة باهتة وهي لم تتماك اعجابها بالمنحوتة الجديدة انها تمثال لوجه رجل يشبه كثيرا جاسر .... يبدو ان ديم انهتها حديثا! رباه كم اناملها ماهرة؟
وعندما سمعت صوت الباب ووقع خطوات تقترب اعادتها على عجل وعندما حاولت تغطيتها بالمنديل التفتت خلفها مما جعلها تحرك التمثال ليسقط ارضا! ارتبكت وقبل ان ترجعه الى مكانه التفتت بسرعة عندما قال جاسر وهو يتجه نحوها وبنبرة اعتذار: "اسف لما حصل"
شعرت به يتجه اليها وفكرت بالتمثال وخشيت ان يكون تضرر لكنها سرعان ما نسيت امره وقالت باستياء: "الأمور تسوء أكثر بوجودي .... غدا سأغادر"
اقترب أكثر وجلس قبالتها وقال باهتمام: "أتذكر إنك قلت لي انك راغبة ومستعدة للمساعدة؟"
خفقت اهدابها وشبكت يديها وقالت وهي تتطلع بتعابيره المهتمة: "يبدو ان الامر
أصعب مما كنت أتصور"
جاسر وبنبرة احتياج حيرتها: "غدا سأسافر الى مقر عملي وستبقى ديم وحدها .... وجودك مهم بهذه الفترة .... اطلب منك التريث لحين عودتي"
هي وبتردد: "انها لا تطيقني"
هو وبتبرير: "الامر ليس شخصيا صدقيني .... سواء كنت انت او التي سبقتك او التي ستأتي بعدك النتيجة واحدة .... ديم تعامل أي واحدة تأتي الى هذا المنزل بنفس الأسلوب مما يضطررهن للمغادرة .... انا تعبت .... حقا تعبت من ذلك الوضع .... انظري الى الفوضى التي تعم حياتي انظري الى حالة الدار انه شبه مهجور ويفتقد الى ابسط مظاهر الراحة تنقصه النظافة تعمه الفوضى ينعدم به الدفأ العائلي المألوف لدى كل منزل البرد يلف ارجائه"
هي وبتساؤل: "الاجدر بك ان تجلب خادمة او"
قاطعها بانفعال: "ليس بيدي حيلة كلما اتيت بخادمة لترى شؤون المنزل لم تصبر مع ديم ومزاجها الحاد وتعصبها وهجومها المفاجئ أيام وترحل .... وان لم يرحلن بمزاجهن فهي تبادر بطردهن .... مضطر ان اذعن وان أجرب أمور ليس من واجبي فعلها وليس من اختصاصي ولا من اهتماماتي لكنني فعلت كل شيء من اجل ان ارضيها من اجل ان أحظى بلحظات سلام وهدوء ومستعد ان استمر لولا ظروف عملي الجديد الذي اجبرني على الابتعاد .... لا أقدر ان أضحي بالعمل أيضا واجلس الى جانبها ولا أقدر بنفس الوقت ان اتركها وحدها أخشى ان تفعل بنفسها شيء ديم مريضة ولديها اكتئاب حاد وتمر عليها أيام وليال تكره نفسها وليال أخرى تنخرط بالبكاء لساعات .... ديم بحاجة الى عقل وقلب مختلف الى صبر وتفهم وشقيت وانا ابحث عن الانسانة التي يمكن ان تستوعب ديم بقلبها وعقلها ولم أجد لحد الان"
هي وبسرعة: "غريب اليس لديكم أقرباء؟ اين والدتها اختها اخوها لما لا يهتم بها أحدهم لما العبأ عليك وحدك؟ اين اقاربك انت؟ لما لم يبادر أحدا لرعايتها؟"
قال بضيق واضح: "هناك قصص يطول شرحها .... كلما أستطيع ان أقوله لك ان ليس لديم سواي بهذه الدنيا .... انها ليست على وفاق مع اقاربي من قبل الحادثة ولليوم .... زوجتي يتيمة ولها اخ وحيد علاقتي به ليست كما يجب لا اراه مسؤول وليس اهلا للاهتمام بديم وغير مقتنع بأفعاله ولا بشخصيته بصراحة لم يعجبني ومع ذلك لم اشأ ان امنع ديم من مواصلته كي لا تنزعج"

قالت بسطحية: "المدام ليست اول ولا اخر من يتعرض لحادث بهذه الدنيا أرى انها تبالغ كثيرا بردة فعلها وانت تبالغ أيضا ب"
قاطعها وبتمعن ويبدو انه انزعج من سطحيتها: "انت لا تعرفين حقيقة ظروفها لذلك لا تصدري الاحكام بتسرع وعدم تفهم من فضلك"
ارتبكت من توبيخه الصريح وابعدت خصلة شعرها جانبا وشعرت بقشعريرة برد سرت بأوصالها وقبل ان تبادر بالكلام قال بضيق: "ان ما مرت به ديم قاسيا على أي امرأة شابة .... ومهما شرحت لك لا اظن أنك ستفهمين .... لأنك لم تعرفي المعنى الحقيقي للمعاناة.... ولا تعرضت لحجم الألم الذي قاسته .... انت بمقتبل العمر موفورة الصحة ولديك مقومات السعادة لم ينقصك شيء وامامك العديد من الفرص في هذه الحياة فقلبك معتمر بالأحلام والآمال الوردية .... مستقبلك زاهر كأي فتاة بنفس ظروفك ومواصفاتك امامك فرص عمل وزواج وقدرة على تكوين عائلة ومن البديهي الا تشعري بالأم الاخرين .... ديم ليس لها كل ذلك ليس لها ما عندك ولا ينتظرها ما ينتظرك .... فحاولي ان تلتمسي لها الاعذار وقدري موقفها"
تغيرت ملامحها وقد تأثرت بعباراته العميقة ومقارناته بل فوجئت بكل ذلك التقدير والتفهم لمشكلة زوجته ومصابها!
ضغطت على يدها عندما انقطع التيار الكهربائي وساد الظلام وانكمشت بمكانها ثم اغمضت عينيها وهي تفكر بكل كلمة قالها .... ربما انه محق لكن هل عليها ان تضحي؟
فتحت عينيها ببطء عندما شعرت بنور ضئيل وتبين انه اوقد شمعة على الطاولة وتأملته عندما وجدته يتطلع بها بعيونه المتهمة لها وكأنه يقول لها انت بلا إحساس!
قالت متأثرة: "حسنا ....... سأنتظر .... سأحاول ان اتحمل مقتها لي واصبر لحين عودتك.... لعلها بمرور الوقت تتفهم انني لست خصمها وانني ابعد من ذلك بكثير ولا يمكن ان أكون خصمها في يوم ما"
ثم نهضت وابتعدت بخطى واثقة وسمعته يهمس: "اشكرك"

كانت نبرته رقيقة جدا مما زاد من ارتباكها واسرعت الخطا

دخلت الى غرفتها وفركت يديها ملتمسة الدفأ .... كل لقاء بسيط مع ذلك الرجل يولد بداخلها ألوان من المشاعر الجديدة استغراب وغبطة .... انبهار وتردد.... حيرة واستجابة.... رغبة بالبقاء والمساعدة ورفض أيضا
هل يوجد من صنفه بهذا الزمان؟ انه استثنائي ويستحق ان تقدره ديم ولا تخرب العلاقة الجميلة بينهما بتهورها.
................................................
في اليوم التالي وبعد سفر جاسر داهمها شعور الوحدة من جديد واحست ان وجوده كان أفضل بكثير مما هما عليه اليوم
ودعها بلطف واوصاها بزوجته وأصبحت ديم امانة برقبتها وهذا الإحساس حملها مسؤولية كبرى على عاتقها قيدها وأثقلها.... أخبرها انه لم ينس امر تصليح سخان الماء وتدفئة غرفتها وانه قام بتكليف عامل وحدد الموعد المناسب لذلك
معاملته لها واسلوبه المهذب جبر بخاطرها ومنحها الثقة واعتبرت ان عملها هنا بمثابة مهمة ستحاول بقدر الإمكان انجاحها وامامها عدة أيام لتجرب مقدرتها لحين عودة جاسر.

تطلعت بالدار بتفكير وتذكرت كلمات جاسر عن الفوضى والضياع وفقدان الدفأ وقررت مع نفسها ان تساهم بتغيير جزء من هذا الواقع واحياء مظاهر قد ماتت منذ سنوات
لعل ذلك يساعد ديم على انبعاث شيء من الامل بداخلها واستنهاض روح الإيجابية بداخلها المعتم
ولعل ذلك الزوج المضغوط ان ينعم بشيء من الراحة والاطمئنان في بيته.

تنقلت كالفراشة في انحاء البيت تتفكر وتضع خطط مناسبة وتنسق افكارها وتضع جدول تسير عليه لتجعل جاسر ينبهر بكل التغييرات التي ستجريها في بيته عند عودته.

فجأة تبدد عزمها وخفت حماسها وتطلعت بقلق نحو ديم التي ظهرت لها دون سابق انذار وعيونها ملتهبة كالجمرات وانزلت هتان بصرها الى يديها اللتان تحملان التمثال بقوة وخفقت اهدابها عندما زجرتها: "انت فعلت ذلك؟"
تأملت هتان الرأس المفصول وابتلعت ريقها وقالت بحرج: "اسفة سقط مني دون ان انتبه .... كنت كنت ألقي عليه نظرة و"
ديم وبأنفاس متلاحقة: "وما الذي جعلك تلقين عليه نظرة من سمح لك بلمسه؟ من منحك الحرية بالعبث بأغراضي؟ .... اعجبك ذلك التمثال دون عن البقية يا ترى؟ ام تعمدت ان تحطميه لإغاظتي؟"
هزت هتان رأسها امام كل هذه الاتهامات وقالت بتبرير: "لا بالتأكيد مجرد انه سقط بالصدفة"
ديم وبنبرة حادة وبتحذير مزعج: "اياك ان تلمسي اشيائي الخاصة بعد الان واياك ان تقتربي مما يخصني وقد اعذر من أنذر"
عندما ادارت العجلات وابتعدت اقتربت هتان من النافذة وتساقطت دموعها مع انهمار المطر وقبل ان تستسلم لحزنها مسحت دموعها بسرعة عندما سمعت طرقا متواصلا على باب المطبخ
واسرعت الى هناك وبقلبها غبطة للقادم .... أي ضيف سيأتي سيخفف عنها ما تشعر به الان.
وعندما فتحت الباب استقرت نظراتها على الضيفة الغريبة انها فتاة بملامح مقبولة وشعر مجعد متناثر بفوضى حولها ترتدي قبعة سوداء وتمسك بمضلة وبملابس شبه مبللة من الأسفل!
الفتاة تطلعت بها بدهشة كبيرة وعقدت حاجبها وبتساؤل: "من انت؟"
هتان وببهوت: "اعتقد انك من اقبل الى الدار والاجدر ان اسألك من انت؟"
الفتاة وبتفحص لشكل هتان بالكامل: "الا ادخل ام ستدعينني واقفة عند الباب؟ .... بالتأكيد سأدخل"

فسحت لها هتان المجال وهي تفكر بكلام ديم عن الضيوف وعدم رغبتها باستقبال أحد فبادرت مختلقة الحجج التي اوصتها بها ديم عندما دخلت الفتاة وخلعت معطفها الأسود: "المدام نائمة الان"
ابتسمت الفتاة وخلعت قبعتها قائلة:" اعرف .... اعرف انها اوصتك بذلك لكن عليك ان تعرفي انني مختلفة عن الاخرين وديم تستقبلني بأي وقت"
هتان وباهتمام: "صديقتها؟"
اجابت الفتاة بثقة: "بل أكثر من ذلك .... أخبريني الان من انت خادمة جديدة؟"
استنكرت هتان سخريتها وقالت بسرعة: "وهل شكلي يوحي لك بذلك؟"
رفعت الفتاة كتفيها واعادتهما وبادرت هتان: "انا الممرضة والرفيقة للمدام في وحدتها"
ابتسمت الفتاة وقالت بلا مبالاة: "لم يفرق ذلك كثيرا فبكل الأحوال انت التي تقوم بخدمتها"
انزعجت هتان وابعدت بصرها بينما سارت الفتاة في المطبخ وهي تتأمل المكان وقالت باسترسال: "آتي بين الحين والأخر لأنظف المكان وأرتب ما يحتاج الى التنظيم"
فبادرت هتان بنبرة مماثلة: "خادمة يعني"

التفتت الفتاة بسرعة وتجهمت قائلة: "الزمي حدودك"

ساد صمت وواصلت الفتاة بثقة واعتداد: "ليس من عادة العاملين هنا التواقح مع الضيوف .... عموما انا قريبة جاسر .... ابنة عمه .... اتي كل شهر لأساعد مدام ديم لأنها لن ترتح لعمل الخادمات"
خفقت اهداب هتان لما عرفت انها قريبة جاسر وقالت بنبرة اعتذار: "اسفة لأنني لم اعرفك .... اهلا بك .... انت صاحبة الدار"
الفتاة وبتوضيح: "ديم صاحبة الدار وليس لأي واحدة ذلك"
هتان وبإذعان: "اكيد...... سأبلغ المدام بحضورك"
الفتاة وهي تتجه لتدخل وبعدم اكتراث: "لا داعي .... اعرف المكان جيدا ولست بحاجة للإذن أعدي لي القهوة مع المدام قهوتي بسكر"

عندما ابتعدت أطرقت هتان وأدركت ان تلك الفتاة لها علاقة ودية ووثيقة مع ديم ومتحيزة لها ذلك واضح جدا لكن اليس الاجدر بها ان تكون قريبة منها وتعتني بها بشكل يومي؟
جهزت القهوة ولم تعجبها لهجة الفتاة معها وهي تأمرها بإعداد القهوة لكن مضطرة ان تطيع لأنها الوحيدة في المنزل القادرة على الترحيب بالقادم والضيافة فلا غيرها يقوم بذلك.
عندما دخلت لهما توقفتا عن مواصلة الحديث وبدتا امامها مترابطتين وتجمعهما علاقة وثيقة وما ان خرجت وأغلقت الباب عاودتا حوارهما ابتعدت ولم يهمها ان كانتا تتكلما عليها او لا فبكل الأحوال ديم غاضبة منها ومتحاملة عليها خاصة بعد ان حطمت التمثال.

بعد نصف ساعة خرجت الفتاة وكأنها تبحث عنها وما ان وجدتها جالسة في الصالة تتصفح بهاتفها حتى قالت بنبرة تبدو طبيعية: "ارجو ان تكوني اعتدت على المكان وتكيفت مع الوضع هنا"

وجلست واضعة ساق فوق الأخرى واخرجت سيجارتها واشعلتها وهي تتأمل هتان بنظرات هادئة
هتان وبنبرة ناعمة ومهذبة: "أحاول .... كل شيء مختلف لكن ما زلت أحاول"

وتألقت عينيها بدهشة عندما قالت الفتاة بعد ان نفثت الدخان: "المدام شكرت بك .... انها راضية عنك وذلك ممتاز...... لابد إنك مختلفة ولينة الجانب ومطيعة"

هي وبتعجب: "شكرت بي وراضية عني؟ غريب مع انها تظهر لي عكس ذلك تبدو حانقة على الدوام"

الفتاة وبتبرير: "هكذا هي ديم تظهر عكس ما تضمر .... قلبها طيب للغاية لكن رغما عنها تبدو حادة فظروفها وو....... وخوفها المستمر وقلقها الدائم من احتمال ترك زوجها لها يرافقها على الدوام ويقلق راحتها"

هتان وباندفاع: "أستاذ جاسر يتركها؟ مستحيل انه يكرس حياته من اجلها ويخشى عليها من نسمة الهواء ذلك واضح جدا"
نفثت الفتاة الدخان ببطء وقالت بابتسامة فاترة: "ولهذا السبب هي تخشى من فقدانه .... تخشى ان يسئم ان يصل الى النهاية ان يعطب ........ فهو بالنهاية رجل ولديه متطلبات واحتياجات وديم زوجة مقصرة ليس مستحيل ان يتطلع الى غيرها كل شيء وارد .... حب التعدد يسري بعروق أي رجل مهما بلغ حبه لزوجته .... خاصة ان ذلك الحب أصبح هشا نوعا ما"
أبعدت هتان بصرها واستبعدت ذلك التلميح مع انها قد تكون واقعية ومنطقية بكلامها وبعيدة عن المثالية لكن احساسها يقول لها ان جاسر ابعد ما يكون عن الخيانة
التفتت وقالت بنبرة دفاع: "الحب الحقيقي لا يمكن ان يكسره شيء ومدام ديم ليست مقصرة بحقوقه .... اعتقد انه لا يشعر بالحرمان العاطفي لذلك لا يجب ان ننمي تلك الأوهام بداخلها"
اومأت الفتاة ببطء وقالت بعدم اقتناع: "حسنا مضطرة ان اوافقك حاليا .... فانت لا تعرفين الحقيقة كاملة .... عموما ادعى بيلسان وجئت من اجل تقديم المساعدة فأن شئت ان نعمل معا في المنزل ليس لدي مانع"
تنفست هتان بارتياح وقالت بامتنان: "اشكرك .... لكن أفضل ان ترتاحي وتطمئني .... المنزل بعهدتي وسأعمل هنا بأمانة وبإخلاص"
رفعت بيلسان كتفها واعادته وقالت وهي تنهض: "كما تشائين مضطرة ان اذهب الان وفرصة سعيدة انني تعرفت عليك"
رافقتها هتان الى الباب وقلبها مغتبط لانها بدت اقل حدة معها بعد ان قابلت ديم يبدو انها رضيت عنها بسبب رضا ديم وذلك يفسر حبل الود بينهما والحمد لله انها وصلت الى تلك المرحلة فولد لديها ذلك التشجيع دافع جديد للاستمرار.
.................................................. ..
بعد مرور عدة أيام ...
كانت هتان متعلقة على السلم المتحرك وهي تطرق المسمار في اعلى الجدار ولما سمعت صوت الباب قالت دون ان تلتفت: "جيد إنك جئت بيلسان تعالي لمساعدتي"
ولما سمعت حركة في الرواق خلفها دون استجابة لكلامها التفتت وانزلت المطرقة ببطء وقد خفقت اهدابها عندما رأت مالم يكن في حسبانها انه رجل غريب!
وما ان التقت عيناهما حتى ابتسم لها ابتسامة جعلته يبدو امامها وسيما للغاية!
نزلت بارتباك واعادت قميصها الأبيض الى وضعه السابق وانزلت بنطالها وهي تقول بتلعثم: "عذرا لم انتبه لوجودك ظننتها بيلسان كانت قد اتصلت قبل قليل وقالت انها في الطريق .... اشك .... اعتقد انك شقيق المدام"
تأملها بإمعان وقال بنبرة تبدو صادقة: "قالوا عنك ووصفوك لكني لم أصل حتى بخيالي الى ما وجدته امامي الان"
احرجت وشعرت بحرارة تصعد الى وجنتيها وفركت يديها قائلة بعفوية: "ماذا قالوا عني؟"
اكتفى بالتحديق بها وشعرت به قد أعجب بها للغاية.

بمرور ذلك الأسبوع الأوضاع تطورت للأفضل فديم بدت هادئة بغياب زوجها وهفتت الغيرة بداخلها وبيلسان أصبحت صديقة جيدة ومتعاونة وحدث تغيير كبير في أوضاع المنزل وأخيرا ظهور بركات شقيق ديم والذي بدى لها عكس ما وصفه لها جاسر!
............................................
صباح يوم الجمعة اصطحبت بيلسان ديم في نزهة صباحية ووجدتها هتان فرصة لتهتم بنفسها وترتاح وتستحم على مهلها وبعدها ستعد وجبة غداء مميزة قد حصلت على مقاديرها من بيلسان وقررت ان تجربها اليوم إضافة الى وجبة ديم المحدودة.
اعتنت بأظافرها وببشرتها ورتبت غرفتها وبدت سعيدة بإنجازاتها وبعلاقة الصداقة التي حصلت عليها مع بيلسان وبركات الوسيم المريح
أخيرا دخلت الحمام واسترخت هناك لنصف ساعة وقد جددت كل نشاطها ولما أدركت ان الوقت سرقها ارتدت روب الحمام بسرعة وفتحت الباب وهي تربط الحزام لكن لم تتوقع ما هيأه القدر لها وقلب كل شيء رأسا على عقب
لم تتوقع ان هناك ذئب بشري متربص بها وكان ينتظرها عند باب الحمام لينقض عليها بغير آدمية ولم تعد تشعر بشيء سوى بانها كانت تخدش وجهه بكل ما لديها من قوة وتصرخ بصدمة وانهيار.

انتهى الفصل قراءة ممتعة

Continue Reading

You'll Also Like

48.8K 2.5K 200
كل ما هو مخصص للعملاق المهاجم من معلومات وصور ...
255K 6.3K 48
رواية بقلم المبدعة blue me الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول حقوق الملكية محفوظة للكاتبة blue me
7.1K 237 24
قال متأملا: "الا تخبريني عن فتى احلامك؟" قفز قلبها و شعرت بالخجل الشديد منه و تصبغت وجنتيها بحمرة خفيفة ثم قالت: "كل فتاة لديها مواصفات للرجل الذي تر...
2.4M 313K 78
اجتماعية رومانسية