الفصل الثامن

167 6 0
                                    

الفصل الثامن ....
(لأني احبك)

تطلع بها بوجه جامد التعابير وكأن لا رحمة بقلبه وقال بتهديد: "لو خطيت خطوة واحدة خارج البيت ستلقين مني وجه لا تعرفينه"

قالت ودموعها تنهمر بتلاحق وبنبرة ضعف: "ما بك؟ ما الذي غيرك علي فجأة؟ ماذا فعلت لك؟"
اتقدت عينيه وقال باتهام: "راجعي نفسك وستعرفين ما الذي غيرني"

اتسعت عينيها ونهضت ببطء وهي غير مصدقة ما يحدث لها وتمنت ان يكون ذلك كابوس مزعج وستصحو لتجد جاسر الذي احبته ماثل امام عينيها بعطفه ورفقه لكن يبدو انها الحقيقة المرة وأيضا يقول لها بكل جرأة راجعي نفسك!

قالت متمالكة البكاء وبنبرة عتاب: "اراجع نفسي؟ انا اراجع نفسي يا جاسر؟ لو اردت ان اراجع نفسي سأجد انني اعطي بلا مقابل"

تطلع بها من الأسفل الى الأعلى عبر اهداب قاتمة وبنظرة استخفاف وعدم تقدير وقال بدون ان ينتظر ليفكر قليلا بتبعات كلامه على قلبها: "بدون مقابل؟ غريب مع ان اجرك يصلك كامل"

تحرك صدرها صعودا وهبوط من شدة الانفعال وفتحت فمها مذهولة من ردة فعله وقالت باستنكار وقهر: "اجري؟!.... تتكلم عن الاجر؟ حجمت كل ما بيننا من مشاعر وعلاقة ظننتها صادقة وشريفه وجردتني من كل الصفات وحصرت الامر بالمادة؟ انا اتلقى الاجر مقابل ما منحتك يا جاسر؟"
أسدل اهدابه واستدار الى الناحية الأخرى وكأنه لا يريد ان يواجه نظرات عينيها المذهولة المصدومة به وبحث بجيوبه عن علبة السجائر ولم يجدها فمرر يده على شعره بتوتر وقال بنبرة استحقار: "انا مصر ان تراجعي نفسك"
اسرعت بدون وعي بما تفعله وقبضت على كم قميصه بقوة وادارته اليها وقالت بارتجاف: "ما بك؟ لماذا تعاملني بطريقة حقيرة؟"
دفع يديها بخشونة مما جعلها تتراجع مترنحة وتلتصق بباب الغرفة وقال باشتعال وهو يقترب منها وبصوت خافت: "سبق وان حذرتك من المدعو بركات واخبرتك انه لا يروق لي ومع ذلك عرفت من ديم وعن طريق الصدفة انه يتردد على المنزل كلما سافرت للعمل .... ولم يتردد هكذا الا اذا وجد من يستقبله ويرحب به حتى شعر انه مرغوب به وبزيارته.... كنت تستقبلينه ولم تخبريني شيء عن ذلك وذلك الرجل عينه وسخة ودنيء ولم يتورع من فعل أي شيء مشين .... كما واشرت اكثر من مرة الى عدم تقبلي لعلاقتك مع بيلسان واظهرت امامك استنكاري وبينت لك انني لا استلطفها ومع ذلك أصبحت صديقتك المقربة .... ما معنى ذلك؟ .... أخبريني ما معنى ذلك؟ مع انه واضح ويؤكد لي انك لم تحترمي رأيي ولا تحسبي لمشاعري ولا تقدريني كأنك مستخفة بي!"
خفقت اهدابها وكاد قلبها ان يتوقف عندما امسك معصمها بقبضة قاسية ودفعها ليبعدها عن الباب ويخرج!

بعدها ساد الصمت المؤلم ووضعت يديها على صدرها كأنها تحاول ان تهدأ طرق قلبها وسارت بالغرفة بلا هدف وهي واقعة بالحيرة حتى اغمضت عينيها وبدأت تتمالك نفسها لا بأس ما دامت الغيرة هي من فعلت كل ذلك به لا بأس .... المهم انها بدأت تفهم انقلابه المخيف!
لديه دافع ليتصرف معها بتلك القسوة أفضل بكثير من انه تغير عليها فجأة ولم يعد يحبها ... أفضل من انها خدعت بشخصيته واسلوبه وسقطت بالهاوية كما توقعت قبل ان يخبرها بسبب غضبه

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now