الفصل الثامن عشر

139 5 0
                                    

الفصل الثامن عشر..............
(تظنينني لا اعلم!)

ابتهج البعض لكن ساد وجوم على البعض الاخر اما عن جاسر فقد أسدل اهدابه ولم يبدر منه ما يدل على رأيه بسماع الخبر بل بدى جامدا!
كان الخبر بمثابة الصاعقة على رأسها فقد فغرت فاها ولا تعرف كيف تتصرف حيال الامر!
وبسرعة اقترب بركات وامسك كفها وقال بلطف: "مبروك"
تحرك صدرها صعودا وهبوطا وشعرت انها بحاجة الى الهواء انها تختنق .... تكاد تموت فقد ضاقت بها الأرض!

وجدت نفسها تغادر المكان وتترك الحفلة دون ان تفكر بعاقبة فعلها وتأثيرها على الاخرين لم يعد يهمها سوى ان تنقذ نفسها من الاختناق والموت وما ان وصلت الى الباب الخارجي المؤدي الى الحديقة حتى تخلت عن تظاهرها بالهدوء والاتزان وهرولت بلا هدف في الحديقة وتنفست بصعوبة وهي تردد بهمس: "يا ويلتي ماذا فعلوا بي! مفاجأة لم تكن بحسبان أحد .... افعى يا ديم افعى"
دموعها جمدت بعينيها حتى البكاء لم يسعفها ولا المشتكى والندم عاد يغنيها
انها بمأزق يتبعه اخر وكلما رفعت قدمها من مستنقع الظلم طمست باخر وكلما رفعت رأسها دمغتها مصيبة جديدة!
ما بالهم يتعاقبون على ايذائها هكذا؟ وذلك الخبيث بركات كيف يتقبل الامر؟ وكيف يرضها على رجولته ان يرتبط بفتاة حامل من غيره؟
ذلك الملعوب الكبير عسير عليها جدا ولم تعد قادرة على فهم مخططاتهم
تشعر كأنها دمية وخيوطها بيد ديم تتحكم بها وبحركاتها وهي لا تحرك ساكن الا بأمرها!

اعتصر الألم قلبها عندما لم تجد من يتبعها او يحاول ان يسألها ما بها؟ الكل لم يأبه لاختفائها وقد مضى الوقت وهي في الحديقة وقد تجمدت من البرد حتى بيلسان يبدو انها كرهتها هي الأخرى ولم يعد للصداقة عنوان ولا وزن
.... كانت تتمنى من كل قلبها وتأمل ان يخرج جاسر ويخبرها انه سيوقف كل ذلك ويخرجها من ضيقها ....
ان يوعدها انه سيعترف بأبوته للطفل ويخرس ديم واخوها ... لكنه جبان .... جبان كما عهدته ويتنصل عن المسؤولية بكل سهولة وكل يوم تشعر انها تحتقره وصدرها يمتلأ غل ناحيته لأنه يراها تغرق ببركة ماء ويدير لها ظهره دون ان يمد لها يد العون.
واستدارت بسرعة لتعود الى الداخل لكنها فوجئت به يقف خلفها قريبا!
امتقعت وقفز قلبها من رؤيته وكل ذلك الغل كأنه تبخر من قلبها وغزاه الامل والاحتياج الى مساعدته
أي كلمة لم تسعفها وبقيت تتطلع بوجهه الخال من الملامح وتطلعت خلفه نحو الباب المؤدي الى الصالة بقلق فقد خشيت ان تراهما ديم او بركات وقدرت موقفه انه خرج خلفها ولم يخشى أحدا منهم وهذا موقف يحسب له.
قالت بضيق رغما عنها لتعيد الروح الى كرامتها المحتضرة: "ابتعد عني لا اطيق رؤية وجهك فقد خذلتني بما فيه الكفاية يا جاسر"
اسدلت اهدابها بالتدريج عندما قال بنبرة قلق ورجاء: "ادخلي من باب المطبخ وانتظريني في غرفتك .... ارجوك"

تركها باهتة ودخل متظاهرا بانه قد انشغل بمكالمة ما وبعث بقلبها الامل من جديد لكنها قررت ان تتظاهر بالصلابة والقوة وتعامله بجفاء ليشعر بمدى المأزق الذي وضعها به ولا تكون طوع يده حتى يستصغر حجم جرحها ووجعها.

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now