الفصل الرابع

241 8 0
                                    

الفصل الرابع.................
(ذلك لم يكن بالحسبان)

وضعت هتان يدها على جبينها وشعرت بالسئم عندما اقتربت من غرفة ديم وسمعت جاسر منغمسا بتبرير موقفه ويجتهد في اقناعها انها المرأة الوحيدة التي تثير اهتمامه وان اصابتها لم تعني له شيء ولم تغير مشاعره بل زادته تعلقا بها وزادتها جمالا بعينه ومازالت هي أجمل نساء العالم بنظره وبدى حريصا على مشاعرها الى اخر لحظة ليكن الله في عون ذلك الرجل
هزت رأسها وتعاطفت معه جدا أي حياة هذه التي تجعله يبرر كل افعاله بين الساعة والأخرى ان ذلك ممل جدا وفوق الاحتمال انه الجحيم بعينه لو كانت بمكانه لما سمحت بذلك الوضع ولأبعدت كلما يثير غيرة تلك الزوجة
طرقت الباب برفق ولما دخلت قالت بلطف وابتسامة زاهية وهي تحمل الطعام: "حان موعد العلاج"
ابتعد جاسر عن ديم وانشغل بهاتفه وكانت الأخيرة جالسة على سريرها وعيونها حمراء وبهما اثار دموع والأكثر غرابة انها ترتدي الايشارب حتى في غرفة نومها!
ما ان رأت هتان حتى انفجرت بها غاضبة بعيون ملتهبة: "عندما يكون جاسر معي لا احتاج لخدماتك"
ثم انزلت بصرها الى فستان هتان الأصفر وتجولت بوجهها وعنقها بارتجاف شفاه واضح وتغيرت ملامح هتان وبدى عليها الارتباك والتفت جاسر الى ديم بعدم ارتياح من نبرتها واسلوبها ثم تطلع بهتان وقال موضحا ومخففا من وطأة الحدة: " اتركي ما بيدك هنا لو سمحت .... طالما انا في الدار سأهتم بكل ما يخص المدام وعندما "
ديم وبنبرة أمر اسكتت فيها جاسر: "يمكنك الانصراف الان"
خفقت اهداب هتان وتركت الطعام على المنضدة وخرجت مستاءة من الأسلوب الخشن والفوقية التي تعاملها بها تلك المتكبرة
ما الذي يضطرها لتحمل كل ذلك؟ أي ميزة هنا تجعلها مترددة ومتمسكة؟
يبدو انها أخطأت عندما تراجعت عن قرارها وستخطأ كل يوم تبقى فيه هنا بحق نفسها وتهدر كرامتها.
جلست في الصالة وهي حزينة لا ذنب لها بما يحصل هنا ان تلك المرأة
مريضة ومعقدة ويصعب التعامل معها وبما انها تمقتها فليس هناك سبب يجعلها تبقى.

بقيت جالسة وحيدة في الصالة الكئيبة لأنها مخنوقة ولم تعد تحتمل ان تجلس بغرفتها بين أربعة جدران انها متضايقة جدا وبحاجة الى وجود أناس تشاركهم الكلام وتعبر عما بداخلها .... سخرت من نفسها سابقا عندما اعتقدت انها كانت تحب العزلة وانطوائية ... منذ وصولها الى هنا اكتشفت انها مختلفة عما تتهم نفسها به انها لا تطيق هكذا أجواء انها تختنق بالفعل.
وقع بصرها على قطعة جديدة على الطاولة لكنها مغطاة بمنديل ولم تتبينها جيدا فمدت يدها ببطء وازالت المنديل وارتسمت على محياها ابتسامة باهتة وهي لم تتماك اعجابها بالمنحوتة الجديدة انها تمثال لوجه رجل يشبه كثيرا جاسر .... يبدو ان ديم انهتها حديثا! رباه كم اناملها ماهرة؟
وعندما سمعت صوت الباب ووقع خطوات تقترب اعادتها على عجل وعندما حاولت تغطيتها بالمنديل التفتت خلفها مما جعلها تحرك التمثال ليسقط ارضا! ارتبكت وقبل ان ترجعه الى مكانه التفتت بسرعة عندما قال جاسر وهو يتجه نحوها وبنبرة اعتذار: "اسف لما حصل"
شعرت به يتجه اليها وفكرت بالتمثال وخشيت ان يكون تضرر لكنها سرعان ما نسيت امره وقالت باستياء: "الأمور تسوء أكثر بوجودي .... غدا سأغادر"
اقترب أكثر وجلس قبالتها وقال باهتمام: "أتذكر إنك قلت لي انك راغبة ومستعدة للمساعدة؟"
خفقت اهدابها وشبكت يديها وقالت وهي تتطلع بتعابيره المهتمة: "يبدو ان الامر
أصعب مما كنت أتصور"
جاسر وبنبرة احتياج حيرتها: "غدا سأسافر الى مقر عملي وستبقى ديم وحدها .... وجودك مهم بهذه الفترة .... اطلب منك التريث لحين عودتي"
هي وبتردد: "انها لا تطيقني"
هو وبتبرير: "الامر ليس شخصيا صدقيني .... سواء كنت انت او التي سبقتك او التي ستأتي بعدك النتيجة واحدة .... ديم تعامل أي واحدة تأتي الى هذا المنزل بنفس الأسلوب مما يضطررهن للمغادرة .... انا تعبت .... حقا تعبت من ذلك الوضع .... انظري الى الفوضى التي تعم حياتي انظري الى حالة الدار انه شبه مهجور ويفتقد الى ابسط مظاهر الراحة تنقصه النظافة تعمه الفوضى ينعدم به الدفأ العائلي المألوف لدى كل منزل البرد يلف ارجائه"
هي وبتساؤل: "الاجدر بك ان تجلب خادمة او"
قاطعها بانفعال: "ليس بيدي حيلة كلما اتيت بخادمة لترى شؤون المنزل لم تصبر مع ديم ومزاجها الحاد وتعصبها وهجومها المفاجئ أيام وترحل .... وان لم يرحلن بمزاجهن فهي تبادر بطردهن .... مضطر ان اذعن وان أجرب أمور ليس من واجبي فعلها وليس من اختصاصي ولا من اهتماماتي لكنني فعلت كل شيء من اجل ان ارضيها من اجل ان أحظى بلحظات سلام وهدوء ومستعد ان استمر لولا ظروف عملي الجديد الذي اجبرني على الابتعاد .... لا أقدر ان أضحي بالعمل أيضا واجلس الى جانبها ولا أقدر بنفس الوقت ان اتركها وحدها أخشى ان تفعل بنفسها شيء ديم مريضة ولديها اكتئاب حاد وتمر عليها أيام وليال تكره نفسها وليال أخرى تنخرط بالبكاء لساعات .... ديم بحاجة الى عقل وقلب مختلف الى صبر وتفهم وشقيت وانا ابحث عن الانسانة التي يمكن ان تستوعب ديم بقلبها وعقلها ولم أجد لحد الان"
هي وبسرعة: "غريب اليس لديكم أقرباء؟ اين والدتها اختها اخوها لما لا يهتم بها أحدهم لما العبأ عليك وحدك؟ اين اقاربك انت؟ لما لم يبادر أحدا لرعايتها؟"
قال بضيق واضح: "هناك قصص يطول شرحها .... كلما أستطيع ان أقوله لك ان ليس لديم سواي بهذه الدنيا .... انها ليست على وفاق مع اقاربي من قبل الحادثة ولليوم .... زوجتي يتيمة ولها اخ وحيد علاقتي به ليست كما يجب لا اراه مسؤول وليس اهلا للاهتمام بديم وغير مقتنع بأفعاله ولا بشخصيته بصراحة لم يعجبني ومع ذلك لم اشأ ان امنع ديم من مواصلته كي لا تنزعج"

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now