الفصل السابع

172 6 1
                                    

الفصل السابع .........
(راجعي نفسك وستعرفين)

كانت هتان ترتدي قميصها بشيء من الاحباط وتتطلع اليه وتراقبه بصمت وهو يغلق ازرار قميصه ويرتدي ساعته ويرتب مظهره امام المرآة كأنه مستعجل ولم يتطلع بها بل باله كله منحصر بكيفية خروجه من الغرفة دون ان يشعر به احد
شعرت بداخلها احتياج أكبر لوجوده ورغبة لبقائه معها فترة أطول
كي تغذي ذلك الاحتياج والتقشف الذي تعيشه معه
كي تشعر بالاكتفاء والرضا وتتخلص من ذلك الشعور الذي بدأ ينمو ويكبر كل مرة اثناء اللقاء وبعده.
قالت بتلهف مكتوم عندما وجدته يتجه الى الباب وبصوت خافت: "جاسر .... أبقى معي قليلا اريد ان نتكلم"
ادار وجهه اليها وقال وهو يتطلع بساعة يده وبسرعة: "أي كلام هتان الا ترين الوقت؟ .... تصبحين على خير"
واستدار ووضع يده على المقبض!
لم تتمالك نفسها وهمست بنفاد صبر وبحرج كأنها تطلب شيء ليس من حقها كأنها تتوسله: "كل مرة هكذا؟ .... متى نتكلم؟ متى نشعر ببعضنا؟ .... أصبح كل ما بيننا مرهون ببضعة دقائق ومنحصر بإقامة "
توقفت عن المواصلة بالتعبير عما بداخلها وخفقت اهدابها وقد تملكها الخجل من نفسها على تفوهها بهذه الكلمات وفي الوقت الغير مناسب
خاصة بعد ان رأت ردة فعله فقد التفت اليها ببطء وكأنه مستغرب!
ورمقها بنظرة غريبة ابدى فيها انزعاجه من كلامها ثم ادار المقبض وخرج.

عضت على شفتها عندما خرج بصمت دون ان يرد عليها يبدو انها تسرعت وازعجته جدا لانها استخفت به وباللقاء الذي يرتب له بصعوبة وبشق الانفس كي لا تشعر زوجته.
بدى لها مستاء مما سمعه بل وغير متوقع منها عدم تفهمها لوضعه الحساس والصعب وكأنها لم تتفهم الظروف وبدت متطلبة.
بالعكس هي أكثر واحدة متفهمه لوضعه ووضع ديم وتبرر له طوال الوقت لكن هي بشر أيضا ولديها مشاعر واحبته من كل قلبها وتخلت عن الانانية طوال الفترة ورضيت بالقليل
انها لم تقصره هو لطيف وخلوق ورقيق معها وكريم جدا لكن لا تدري ما بها خلال الأيام الأخيرة بدت كأنها تشعر بالحرمان وتريد ان تطالب بأمور بسيطة تظن انها من حقوقها فهي لم تقصر بكل شيء في هذا البيت انها تعطي اكثر مما تأخذ وتفعل كل شيء بإيثار وتفاني طالبة رضا الجميع وبالنسبة لديم بقيت تتحملها اكثر من السابق لشعورها الدفين بالذنب مما وصلت اليه مع جاسر وما حصل بينهما
مع ان الذي حصل جاء نتاج الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها من مرض والدها واستحلال بيتها من قبل عمتها وابنتها وتحت وطأة الحاح جاسر والضغط عليها بمشاعره واحتياجه وللهرب من خطر بركات الذي يهددها على الدوام ويسلب امانها فشعرت انها بحاجة ان تستظل بظل رجل يحميها ويسند ظهرها كوالدها الذي فقدت الأمان بغيابه من حياتها وتدهورت صحته الى ان أصبح طريح الفراش
والدها الذي يلح عليها منذ أسبوع يريدها ان تزوره وكل مرة يتصل بها ويطلب رؤيتها تتذرع بالحجج لعدة أسباب نفسية وضغوط ....
من جهة أصبحت تخشى رؤيته لا تريد ان تضع عينها بعينه بعد ما حصل فقد خانته وخانت الثقة التي منحها
خانت التربية والتضحية واستسلمت لقلبها الضعيف بسهولة وانغمست مع جاسر بالحب المستتر خلف الجدران وفي العتمة
وأيضا لان جاسر يطلب منها تأجيل زيارة والدها لحين سفره خاصة وانه قد حصل على إجازة قصيرة وكلما فاتحته بموضوع سفرها لرؤية والدها يبدي تضايقه ويختلق لها الاعذار والحجج كي تؤجل الامر وهي تخضع لرغبته لانها تعلم انه اخذ الاجازة من اجلها ولا تريد ان تخيبه وتجرح شعوره.

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرOnde histórias criam vida. Descubra agora