الفصل الحادى والاربعون

135 5 0
                                    

الفصل الحادي والاربعون....
(نحن بظهرك"

انحنى جاسر على جسد والدته وقبل يدها المجعدة المنمشة ووضعها على جبهته وهو يقول بتخاذل: "ألف سلامة على قلبك .... سامحيني .... لم أكن أعي ما افعله .... لست مستعد ان اخسرك انت أيضا لست مستعد ان أكون مصدر تعاسة كل من حولي .... صدقيني يا امي ليست بنيتي إيذاء من أحبهم لكن رغما عني أجد نفسي بموضع الاناني الذي يحب نفسه فقط مع ان ذلك غير صحيح .... بالعكس انا كل همي إرضاء الاخرين ولو كان على حساب راحتي لكن .... ربما سوء اختيار او سوء تصرف او توقيت خاطئ يوقعني بالكثير من المآزق والهفوات .... انا احتاجك جدا .... انا ضائع اليوم .... اريد مساعدتك اريد وقوفك معي لأني اعلم ان قلبك لا يمكن ان يخذلني وإنك الوحيدة التي تريدين لي الخير دون مصلحة او مآرب .... انا"
تطلعت والدته بيوسف وسعيد وسولاف وهمست بوهن: "اريد ان أتكلم مع جاسر على انفراد"
خرجوا الواحد تلو الاخر وبقي جاسر يتطلع بها بتجهم وقلق حتى قالت عبر شفاه متغيرة اللون: "لأني أمك كن واثق ان قلبي فاتح لك ابوابه ويراقبك ولو كنت غائب ويدعو لك بالسر والعلن .... جاسر .... اترك الكلام الان واذهب الى زوجتك واحضرها الي"
مال بجسده واسنده على الكرسي وهو يتطلع بها بدهشة كبيرة وهمس: "زوجتي؟ من تقصدين؟"
الام وبتعب: "انت تعرف من اقصد .... زوجتك ام ابنك التي تنكرها وتغبن حقها من اجل ديم .... التي تخفيها وتنساها وتستكثر عليها ورقة عقد رسمية .... حرام .... اكبر حرام ما تفعله معها .... تلك البنت مكانها في بيتك .... بيت ابوك .... اريدها عندي .... اريدها ان تلد ابنك بيننا .... حفيدي الذي كدت ان اموت قبل ان أكحل عيني برؤيته وشم رائحته التي ترد لي الروح"
اشاح ببصره عنها واطرق لتتأمله وتقول: "اعلم ان ذلك لا يعجبك واعلم انك تخاف من ردة فعل ديم لكن هذا حق وعليك ان تؤديه .... على ديم ان تستسلم للامر الواقع .... وان كنت تريد رضاها فقط فابقى بجانبها واترك بنت الناس وطفلها لي .... في رعايتي وحمايتي .... حرام عليك .... يتيمة ومحرومة ومستضعفة دعنا نكرمها كي يرضا الله عنا ويغفر لنا ويزيل عنا الغمة .... انت تعاقب من الله على افعالك دون ان تشعر لعل الله يعفو عنك ويصلح حالك ان اعدلت بين زوجاتك .... لست عادل ابدا يا جاسر"
نهض بوجه متجهم ومحتقن وخرج وكأن الكلام لم يرضيه .....
بقيت امه تتطلع خلفه بحزن وقلبها يعلمها ان جاسر غير مقتنع بكلامها وانه يظن بذلك خسارة ديم.

سار في أروقة المستشفى بشرود وكأن الفكرة استفزته كثيرا وكأن هتان ليس من حقها ان تكون زوجة رسمية ومعتبرة امام الناس وكأن عليها ان تكون خلف الستار وان الطفل الذي سيولد ليس لها وليس من حقها!
تنهد وهو يشغل السيارة عندما تذكر ديم وكيف كانت تنتظره وهز رأسه.
.................................................. .................................
دخل واصف الى بيته بملامح كئيبة وتهاوى على الاريكة واسند جبهته على يديه وغضب وحزن قد شق صدره نصفين
دخلت عليه ام عابد لما وجدت بابه مفتوح وهتفت بلهفة: "اين البنت؟ الم تجدها؟"

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now