الفصل الثانى والثلاثون

119 4 0
                                    

الفصل الثاني والثلاثون ....
(يالقلبك!)

دعك واصف جبينه بأنامله عندما تطلع بالساعة التي بلغت الثامنة مساءا وبداخله صراع بين ان يؤدي واجب اتجاه الزوجة المسكينة المريضة ويؤدي حق الجار كأن يرسل اليها وجبة طعام مناسبة لوضعها ام انه ينسى امرها ويلتفت لحياته؟
زوجها الاناني لم يحضر حتى المساء فطوال الوقت كان يراقب الشارع ولم يجد اثر سيارته امام المنزل! .... اين ذهب وكيف تركها كل تلك الفترة وهي بحالة سيئة؟ لماذا كل ذلك الإهمال؟ انه مرتاب بقصتهما وبحقيقة زواجهما!

انحنى الى الأرض بتوتر وواصل حمل الاثقال التي تتواجد في كل ركن وزاوية من المنزل كجزء من التمرين استعدادا لجولة الملاكمة المقبلة وبدأ يتمرن محاولا ان يتناسى الموضوع لكنه فجأة ترك ما بيده وخرج بعد ان خطرت بباله فكرة سديدة.
.................................................. .........................
عندما اقبل جاسر مسرعا الى ديم بعد ان افاقت من البنج ادارت بصرها عنه الى الناحية الأخرى وبجفاء
اقترب ومرر يده على جبينها وجانب رأسها وقال بارتياح: "الحمد لله على سلامتك حبيبتي .... كدت ان أفقد عقلي من القلق .... الحمد لله عدت مرحلة الخطر وانت بأفضل حال الان"
لم تلتفت اليه وبقيت مصرة على مخاصمته مما جعله يستدير الى الناحية الأخرى حتى تطلعت بوجهه بحزن واستياء وهو تأمل آثار التعب وانهاك العملية الذي بدى طاغيا على مظهرها فبشرتها شاحبة بشدة وشفاهها جافة ومتشققة وهالات كبيرة تحت عينيها الغائرتين وقطب جبينه قائلا: "لا استحق حزنك ولا دموعك .... انا اسف اعلم انني أخطأت بحقك لكن "
قالت بنبرة عتاب مقاطعة وبصوت متقطع وواهن: "لكن ماذا؟ من اهم عندك مني؟ من؟"
اقترب جدا وجلس على الكرسي وامسك يدها قائلا بصدق: "لا احد اقسم بالله لا احد"
هي وبدموع مترقرقه: "تركتني بأهم واسوء ظرف اواجهه وقبل ان ادخل الى الصالة بدقائق .... كنت اواجه الموت يا جاسر وانت تعلم ان عمليتي تعتبر احدى العمليات الكبرى وربما لم ترني بعدها .... حتى انك لم تودعني .... خرجت كالهائم .... صغرتني امام الاخرين .... احرجتني امامهم وامام نفسي"
خفقت اهدابه وقال متجولا بوجهها: "لا تعلمين مدى سعادتي الان بنجاح العملية .... نجحت العملية حبيبتي ربما انا اليوم اسعد انسان في العالم أتمنى ان املأ الدنيا فرحا وسرورا و"
رن هاتفه فأشار اليها قائلا: "الأستاذ زكي"
ونهض وتنحى جانبا ليرد عليه بينما اقترب وائل وتطلع بها بعيون تفيض سعادة حتى ان دموعه ظهرت وهو يقول: "ألف مبروك عزيزتي .... لا تعلمين كم جاهدت كي لا اخيب ظنك فقد فعلت أكثر من مقدرتي حتى"
ابتسمت له بامتنان وقالت بصوت خافت: "لقد اعدت لي الامل .... اشكرك لن انس يوما وقوفك الى جانبي .... افهم من كلامكم انني أستطيع ان أقف على قدمي الان؟"
بهتت ابتسامته وقال بتردد: "أ .... نحتاج الى بعض الوقت .... صبرت كثيرا فلا ضير ان تصبري حبة أخرى"
اشاحت ببصرها وقالت بقنوط: "فهمت"
جاسر من فرط فرحته وغبطته لم ينتبه الى نبرة صوت زكي الملبدة وهو يخبره بضرورة اللقاء لأمر هام وبات فلم يأبه لأهمية الامر ووعده انه سيأتي غدا ان استطاع لأن زوجته في المستشفى وسرعان ما تلاشت تعابير جاسر السعيدة عندما جاءه صوت زكي المبطن: "مبروك المدام ولدت على ما يبدو"
خفقت اهداب جاسر ثم قطب جبينه وأجاب ببرود: "لا ليست ولادة .... لكن بأذن الله ستبارك لي على ذلك لاحقا"

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now