الفصل الاخير

337 11 3
                                    

الفصل السادس والاربعون والأخير ....
(دموع نقية)

صرخت بيلسان ولطمت رأسها بيديها وهي تهتف باكية: "امي .... امي"
ثم تهاوت على جثة والدتها عندما دخلت ووجدتها ميتة بفراشها وتوالت صرخاتها لتشق ذلك الصمت الكئيب الموحش في اركان دارها.
.................................................. ............................
وضعت هتان يدها على بطنها وهمست بوجه متعرق: "أه .... آه"
حتى صاحت ليهرع اليها كل من في المنزل وأدركت ام جاسر انها تعاني الآم المخاض!

شعرت هتان بألم حاد فوق احتمالها وتملكها حزن ومخاوف اخترقت قلبها واضعفته وكأنها ترى اشباح الموت تلوح لها وتحيطها وكل شيء صغر بعينيها وبدى بلا قيمة ولا أهمية بقدر حياتها وحياة طفلها لا تريد ان تموت لا تريد ان تغادر الحياة وتترك صغيرها وحيدا بهذه الدنيا القاسية ولا تعرف ماذا أصابها اذ شعرت بحاجتها الى وجود جاسر جدا وعيونها كانت تترقب الطريق رغما عنها كأن قلبها متعلق بعودته وكأن وجوده مهم بلحظات عصيبة كهذه
كانت امه تتصل على هاتفه دون جدوى ويوسف اتصل بالإسعاف لأنهم غير قادرين على فعل شيء لها ومساعدتها خاصة انه ليس الموعد المقرر لها وكأنها ولادة مبكرة!
.... اول مرة تحصل عندهم حالة ولادة وبدوا مرتبكين للغاية وام جاسر بغاية القلق والاضطراب لأن هتان تتدهور بمرور الدقائق وحالتها تسوء وككل مرة جاسر غير موجود كالعادة يا جاسر .... بعيد
عندما وصلت سيارة الإسعاف واخرجوها كانت قد وصلت الى اخرها بسبب ما قاسته ولأن جسدها كان غير متأهب ومؤهل لساعة الولادة المفاجئة المبكرة ولكونها منهكة جسديا ونفسيا فقد فقدت وعيها بالتدريج ولم تشعر بشيء بعد ذلك!
اما عن سولاف فقد بقيت واقفة عند الباب الخارجي حافية القدمين وشاحبة وكانت تراقب ما حصل بفزع وصمت وصدمة حتى ابتعدت السيارة وتوارت عن الأنظار لتتدفق دموعها بغزارة
ان ما حصل مع هتان أرعب قلبها وفاقم مخاوفها خاصة بعد ان صرح أحد الرجال المسعفين انها ليست بخير ولديها هبوط في الدورة الدموية!
المنظر والصراخ والاغماء وحالة الهلع كل ذلك كان له أثر سلبي عليها مما جعلها ترتعش كسعفة نخيل!
تفاقمت الهواجس بداخلها بان حالة مماثلة بانتظارها وفضيحة كبرى وتخيلت العواقب الوخيمة التي ستحصل وتكالبت عليها المخاوف حتى وجدت نفسها تهرول على غير هدى الى الشارع وتترك البيت!
.................................................. .........................

سقط المسدس من يد ديم المرتعشة وكانت فاغرة فاها وتتطلع بعيون شديدة الاتساع كالممسوسة ثم هزت برأسها غير مستوعبة! قتلته؟
الرصاصة في صدره! الدم! لا .... لا .... لا ذلك مستحيل .... لم افعل لم اقتل .... لم اقصد .... سامحني .... سامحني .... اغفر لي حبيبي .... أجبني لا تموت وتتركني!
ثم حبت على ركبتيها باتجاههما وبلهفة وشهقات احتضنت رأسه ووضعته بحجرها ومسحت يديها على صدره تمسد الدم الغزير برفق وتمسح به على صدرها ووجهها وتهمس: "حبيبي .... حبيبي؟ أجبني؟"
وفجأة أطلقت صرخات متتالية دون توقف وكأن صوتها يشق عنان السماء وتهتز له القلوب وكانت خطوات جاسر بطيئة ومتخاذلة وهو يخطو في الرواق خارج الغرفة
وبدى بلا ملامح بلا تركيز بلا صواب بلا مشاعر!
كالضال الذي ضيع الطريق بل ضيع العالم كله ولم يعد يسمع شيء حتى صرخات ديم بدأت تتلاشى وكأن العالم كله توقف عن الحياة والرؤية اختفت ولم يعد يرى سوى اسوداد وظلام
كان هاتفه يرن بجيبه ولم يسمعه وديم تستنجد ولم يسمعها! الى اين ذاهب يا جاسر؟ الى أين تريد ان تهرب؟ توقف .... واجه .... قف وجه لوجه امام عواقب افعالك وتصدى .... تصدى بصدر عاري بلا دروع لكل السهام فقد تجرحك بقوة لكنها لا تميتك.

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرOpowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz