الفصل الخامس والعشرون

114 6 0
                                    

الفصل الخامس والعشرون............
(سطوة الحب)

اشارت الساعة الجدارية الى الواحدة بعد منتصف الليل وهتان جالسة على الاريكة والحزن يملأ قلبها لأنها شعرت انها ضغطت على جاسر اكثر مما يجب بعد ان حاول ان يبدأ معها صفحة جديدة فبدى رقيق محب ورومانسي وكانت مبادرته جدا جميلة وبدلا من ان تشكره على فعله وتظهر له الامتنان لتشجعه جابهته بانتقاد وأسلوب جاف وذكرته اكثر من مرة وبطريقة صريحة انه فعل كل ما فعله لغرض بنفسه وانه يحاول ان يستغلها ويتملص من الوفاء بالوعود ....
تعلم انها افسدت كل شيء وأنهت الجلسة الرومانسية نهاية غير محببة وجعلته ينفر منها ويجافيها ويتحول كل الشوق والوله بقلبه الى استنكار وجفاء!
لكن رغما عنها .... ما فعلته رغما عنها
انها تحبه وتتمنى ان تكون بحضنه الان وتعيش معه أجمل اللحظات وتنسى الماضي والحاضر
لكن واقعها المر أكثر من مرة صفعها صفعة قاسية
وذكرها ان لا مكان للمثاليات والعواطف لفتاة وحيدة مثلها ....
طفلها جعلها تشعر حياله بضرورة الجهاد من اجل ضمان حقوقه
جعلها تفكر بأن تصنع لها كرامة حتى يتشرف بها ويستند عليها
لا ان يجدها ضعيفة مسلوبة ليحتقر نفسه ويحتقرها ....

رفعت اهدابها وتطلعت ناحيته وهو جالس قرب موقد الخشب وتل من اعقاب السجائر في طفايته
وبدى كئيب صامت ليس له رغبة بشيء لكن بنفس الوقت تساءلت لماذا يبقى معها الى هذا الوقت المتأخر في ذلك المكان المنعزل؟

اليس من الاجدر به ان يعيدها الى بيته؟
وما حال ديم الان وهي تقضي اليوم وحدها؟
ديم واثقة انه الان في عمله وهي طلبت من بيلسان ان تدعي انها معها لكن الى متى؟
ما حال ذلك الزواج في المستقبل؟ ما نوع العلاقة التي ستجمعها بجاسر بعد ان بينت له انها متمسكة بقرارها؟

ارتبكت وشدت على يديها عندما ادار وجهه اليها وفاجئها قائلا بنبرة باردة: "ما قصتك مع بركات؟ .... الهدف الرئيسي من وجودنا هنا الليلة وبمفردنا حتى تعترفي لي بالحقيقة كاملة .... احكي لي كل شيء حتى أتمكن من الحكم عليك دون ان اظلمك"
اسدلت اهدابها لتتجنب نظرته الثاقبة وما ان فتحت فمها لتقول شيء حتى قال بشدة: "اقسمي لي ان كل ما ستقولينه هي الحقيقة بدون تزويق ولا تنميق ولا مماطلة"
.................................................. .....................

ترجلت بيلسان من سيارة بركات وأشارت له بأناملها قبل ان تدخل شقتها لتنطلق سيارته بسرعة فائقة حتى اوقفها امام منزل ديم.

تطلع بأخته المنهارة التي تحني رقبتها كالفاقدة بعيون ضيقة متقدة وهو يراقبها ويتفحص اثار الضرب على وجنتيها ليقول باستنكار وثورة: "جاسر لا يستحق ان تفعلي بنفسك هكذا يا ديم .... اول مرة أرى اختي القوية الصامدة العتية بهكذا منظر مؤسف .... لماذا؟ .... كلنا نعمل لصالحك كلنا نعبد الطريق لسعادتك وانت تقتلين احلامك وتؤذين نفسك هكذا؟ .... عليك ان تهوني على نفسك بأخبارها ان كل الذي يحدث مؤقت وان النهاية ستكون لصالحك ممن تخشين يا ديم تكلمي؟ .... كل ما رسمناه لم نحيد عنه النتائج مرضية لحد الان ما الذي يخيفك؟"

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now