الحلقة السابعة

1.8K 113 22
                                    

#وللأقدار_أسباب
#الحلقة_السابعة

خرجت من المعمل وهي تزفر بحنق وتتفوه بكلمات غير مفهومة وكأنها تسب أحدهم ..

استنشقت شهيقًا قويًا تنقي به رئتيها التي تتذمر على هواء المعامل .. وقبل أن يخرج زفيرها أتاها صوته الساخر من خلفها يتمتم بابتسامة صفراء :
- اللي اتعود على هوا التدريبات اللي كله عفار ودعفلة .. صعب يتعود على هوا المعامل المليان بالتجارب  .

التفتت برأسها إليه لترى ابتسامته فبادلته بأخرى تشبهها وهي تتمتم من بين أسنانها في ثبات :
- كنت بتحلم حضرتك وجاي تقولي الحلم ده ولا إيه !

عمار وقد ارتفعت زاوية شفته اليسرى بسخرية :
- لا أنا مبحلمش أحلام هادية كده .

غادة وقد شعرت أنه يعلم شيئًا ما لا يجب عليه معرفته :
- بعد إذنك .

تحركت خطوتين قبل أن تتيبس قدماها أرضًا وهي تستمع لحديثه الساخر :
- سلاحك بيظهر لما بتقعدي .. ياريت تلبسي حاجة طويلة تداريه .. أو سلميه واطلعي من لعبة أكبر منك .

التفتت إليه ودحجته بنظرات لم يفهم معناها .. لتتمتم بهدوء :
- سلاح إيه اللي بتتكلم عنه ؟.. وانت مالك ومال لبسي أصلًا .. أنا ألبس اللي يعجبني في المكان اللي يعجبني .

اعتدل عمار في وقفته واقترب خطوة منها وهو يضع يده في جيب بنطاله ويرفع رأسه للأعلى كأنه يرتب لكلمات يريدها أن تصيب هدفًا .. وأخيرًا تشدقت نبرته بتعالٍ وهو يهمس :
- مش لوحدك اللي زكية هنا .. ومينفعش كل ما تحسي بحركة مريبة إيدك تجري على سلاحك .. انتي كده بتكشفي نفسك .. واحتمال تتاخدي في الرجلين .. ولا انتي متعلمتيش في التدريب معنى التخفي !

ناظرته بذهول ممزوج بتوتر .. من أين له أن يعرف عنها ذلك ؟!.. كيف !!

نظفت حلقها وتحدثت بنبرة حاولت أن تبدو ثابته :
- أنا مش فاهمه بتتكلم عن إيه .. بعد إذنك .

عمار بسرعة :
- اتفضلي يا  .. يا غادة .

تحركت وهي تزدرد ريقها بحلق جاف .. كيف عرف اسمها ؟!.. كيف علم أنها متخفية في زي طالبة جامعية ؟!!.. ماذا يعرف عنها أيضًا !!

بينما بقي هو ينظر في أثرها ولا يزال واضعًا يديه داخل جيب بنطاله وابتسامته لا تزال تعلُ فوق محياه ..  ترى هل فهمت مغزى كلماته ؟!.. بماذا تفكر الآن ؟
ألقى بجميع الأسئلة التي يجب أن تشغله خلف ظهره وغادر المكان بابتسامة انتصار لكونه استطاع رؤية ارتباكها جيدًا وهو يُعري ما تحاول إخفاؤه ..
وللمرة الثانية هي غامضة لكن ليس عليه هو .

      
(🌸ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدر له🌸)

تجلس بالقرب من والدتها التي تحيك أحد الترينجات الخاصة بجاد ابن أخيها وتنظر لها بحزن دفين ..
الآن فقط ظهرت علامات تقدم العمر على وجهها الملائكي .. لطالما كان مشرقًا منيرًا كالبدر في ليلة تمامه .. لطالما كانت البسمة لا تفارقه ..
الآن فقط أصبحت لا تقدر على التحرك والوقوف لفترة طويلة ..
الآن فقط باتت عجوز ..
من ذاك الذي يظن أن العجوز هي من تقدم بها العمر !.. العجوز بحق هي تلك التي فقدت من كان لها الروح، العجوز هي من فقدت الحياة وهي على قيدها، العجوز هي من امتلكت قلب رجل لم يشعرها يومًا سوى بالسمو والرفعة وفجأة ذهب وهو بين أحضانها، ذهب دون عودة ..

وللأقدار أسباب  " ماذا لو ... " Où les histoires vivent. Découvrez maintenant