القسم 32

158 12 0
                                    

كان من الصعب إخفاء جرحي عن أمي وأنا أتألم بهذا الشكل، فقلت لها بأن هناك مسماراً في حائط الغرفة التي في الأرض لم أنتبه له وجرح ذراعي، فوبختني بغضب على عدم مبالاتي وأرادت أن ترى الجرح، فقلت لها بأن قصي نظفه لي ووضع لي الدواء عليه فهدأت.

مضت بضعة أيام وكنت أستدعي قصي لبيتنا ليغير على الجرح حتى لا تراه أمي وكان يشغلها قصي بحيث لا تراه عندما يكشف عن الجرح، إلى أن غافلتني في يوم ما وأنا أرتدي ثيابي بعد الاستحمام وكنت على وشك وضع الضمادة على الجرح، فدخلت وأمسكت بذراعي بسرعة وكأنها كانت تشعر بأن هناك خطب ما وكانت تنتظر هذه الفرصة، فدخلت الغرفة مسرعة دون إنذار وكاد قلبي أن يتوقف. كادت أن تفقد صوابها عندما رأت الجرح فقد عرفت بأنه جرح رصاصة وشرعت بالبكاء وقالت بغضب: كنت أعلم بأنك تفعلين شيئاً ما وتخفينه عني. أخبريني ما الذي فعلته؟ ما هي المصيبة التي قمت بها؟

فقلت لها بقلق: لم أفعل شيئاً. لقد أخبرتك هذا جرح مسمار، إنه مسمار كبير ودخل في ذراعي بقوة لهذا يبدو شكل الجرح هكذا.

فأمسكت بذراعي الآخر بقوة وهي تصك أسنانها وقالت: أنا لست غبية يا فتاة. نعم لم أدرس مثلك ولكنني أعرف ما هذا الجرح. ألا يهمك أمري؟ ألا يهمك ما قد يحدث لي إن فقدتك أنت أيضاً؟ لم يبقى لي أحد سواك أيتها الغبية، فلم لا تفهمين ذلك؟! أنت فقط من تبقى لي في هذه الحياة.

ثم تحولت نظراتها لغضب شديد ودفعتني نحو السرير بقوة وقالت: أخبريني ما الذي فعلته بسرعة وما الذي تخفينه عني، هيا تكلمي.

صرخت أمي بقوة لدرجة أنها أفزعتني، فبدأت الدموع تنساب على وجنتي ولا أدري ماذا أقول لها، فصرخت مرة أخرى وطلبت مني أن أتكلم فتلعثمت ثم قلت: لقد انتقمت لأخي أوس وقتلت ذلك الطبيب.

فجحظت عينيها ووضعت يدها على فمها تبكي، فأكملت قائلة: ولكن لا تقلقي فأنا لم أترك أثراً وقد مضى وقت طويل ولم يعرفوا شيئاً ولن يعرفوا صدقيني. لن يصلوا إلي فاطمئني.

خرجت أمي من البيت متوجهة نحو الغرفة في الأرض وقلبتها رأساً على عقب حتى وجدت باب النفق وأنا استدعيت قصي ولحقنا بها. دخلت أمي النفق وما أن رأت ما رأته بدأت تضرب وجهها ورأسها مصدومة من هول ما رأت، ثم نظرت إلي وقالت: كل هذا؟ أنت تفعلين كل هذا؟ كيف؟ أخبريني كيف؟

فقلت لها وأنا أبكي: لقد تعلمت يا أمي. أخبرتك بأنني تعلمت كل شيء ولم تصدقيني. كنت أستعد لمثل هذا اليوم منذ زمن طويل.

بدا عليها الألم والتعب ووقعت مغشياً عليها، فأخرجها قصي من النفق وساعدته في ذلك وطلبنا سيارة الإسعاف ورتب قصي الغرفة، وأخفى فتحة النفق قبل وصول سيارة الإسعاف. أما أنا فقد ازدادت حدة بكائي وكنت مرعوبة عليها، وركبت سيارة الإسعاف معها وبعد انتظار انتهاء الفحوصات أخبرنا الطبيب بأنها تعرضت لنوبة قلبية خفيفة، ولكن يجب الانتباه لها والابتعاد عن أي مشاكل أو توتر لأن وضعها حساس واحتمال كبير أن تعادوها النوبة، ولكن حينها ربما لن يتمكنوا من إنقاذها. شعرت بالذنب كثيراً، كم تمنيت أن تتفهم أمي موقفي، ولكن خوفها عليَّ بات أكبر بعد أن فقدنا أوس. قررت بأن أتخلى عن كل ما كنت أفعله من أجلها. وأردت إخبارها بذلك ما أن تستيقظ.

حلم لم يكتمل  🇵🇸Where stories live. Discover now