القسم 7

267 18 0
                                    

في اليوم التالي أوصلتني شين مي إلى المطار والتقيت به في الطائرة مبتسماً يحاول أن يكون لطيفاً ودوداً، وكأن شيئاً لم يحدث في الأمس، وكأنني لم أصرخ في وجهه أمام الجميع، أنا حقاً لا أفهمه.

نزلنا في مطار الأردن وكان عليه أخذ رحلته التالية إلى مطار الأراضي المحتلة المسماة إسرائيل أما أنا فكان عليَّ الذهاب من طريق آخر كالعادة، طريق المشقة والعذاب والانتظار، بقي معي حتى ركبت في سيارة الأجرة، ووضع حقيبتي في السيارة ودفع ثمن الأجرة مسبقاً رغم معارضتي، ولكنه كالعادة لا يستمع لي، وبقي يلوح لي مبتسماً حتى ابتعدت السيارة، فقلت في نفسي هل حقاً يحبني؟ هل ظلمته بقسوتي عليه يا ترى؟ بدأت أشعر بالذنب وأفكر بالأمر.

مضت ساعات ودخلت الأراضي الفلسطينية أخيراً، وأخذت سيارة أجرة أخرى للذهاب إلى مدينتي، وبعد حوالي ساعتين وصلت بيتي وكانت أمي وأخي وبعض الأقارب بانتظاري ورائحة طعام أمي جعلتني أشعر بالجوع، وكأنني لم آكل منذ أيام، بل شهور. أخبرتها بأنني جائعة، فقالت حتى يأتي فلا بد أنه جائع أيضاً. لقد كانت تنتظره، فأردت التحدث معها قبل وصوله وقلت لها: أنت لا تعرفينه ولا تعرفين ما هي أخلاقه ومن عائلته، فكيف تقبلين بقدومي معه بهذه البساطة وإدخاله لبيتنا؟ ما بك يا أمي؟ إنه غريب، فنحن لا نعرف شيئاً عنه.

فردت ببرود: ومن قال إننا لا نعرفه؟ لقد جعلني أتحدث مع أمه وتعرفت عليها وعلى أهله جميعاً، وجميعهم يبدون أناساً طيبين حتى أنني جعلت عمك وابنه يسألون عنهم بما أنهم يقيمون في كندا وبالفعل ذهبوا إلى مدينته وسألوا عنهم ولم يقل أحد عنهم شيئاً سيئاً.

فقلت لها باستنكار: أمي هل تمزحين معي؟ وما الشيء السيئ الذي سيرونه هناك؟ وما الذي سيقوله من يعرفهم هناك؟ فكل شيء لديهم طبيعي حتى الزنا وشرب الخمر وما إلى ذلك. أنا حقاً لا أصدق ما تقولينه، رغبتك الملحة في تزويجي ستجعلك تفقدين صوابك صدقيني.

فقالت بغضب: كل هذا لأنني أريد الاطمئنان عليك قبل موتي؟ لم تعودي صغيرة فقد اقتربت من الثلاثين ولن تجدي أحداً يقبل بك بعد الآن. هذا الجمال الذي تغترين به سيختفي، وتلك الشهادات لن تنفعك في شيء.

امتلأت عيناي بالدموع وكتمت غضبي وقلت: لماذا لن تنفعني؟ إن لم تنفعني شهاداتي وعملي والمال الذي أجنيه بعرق جبيني، فما الذي سينفعني؟ آه رجل متسلط متغطرس يصدر أوامره لي ويكون عليَّ التنفيذ دون اعتراض، وما عليَّ سوى العمل كخادمة له ولأبنائنا في المستقبل، وعليَّ أن أنسى طموحاتي وأحلامي وكل شيء يخصني، وبعد ذلك لن أستطيع حتى الاعتراض على أي شيء حتى لو أهانني وضربني، فسيقولون مطلقة وتركت أبناءها وما إلى ذلك. لماذا عليَّ أن أعاني كل هذا؟ لماذا يا أمي؟

فقالت أمي: لماذا تنظرين لهذه الأمور من زاوية سوداء؟ لماذا أنت متشائمة لهذه الدرجة من الزواج؟ هناك رجال طيبون ومتفهمون ويحبون زوجاتهم ويقدرونهن، فلماذا لا ترين هذا الجانب فقط؟

حلم لم يكتمل  🇵🇸Where stories live. Discover now