القسم 3

352 27 4
                                    


  تم التحضير للاجتماع في اليوم التالي وكنت لا أزال متعجبة مما يحدث وفي الوقت ذاته سعيدة جداً. حان الوقت ودخلت غرفة الاجتماعات ووجدتهم جميعاً جالسين، فألقيت التحية وجلست. كانت أول مرة أجتمع بهم وجهاً لوجه، فعادة ما يتم تنسيق لقاءاتهم التلفزيونية وغيرها عبر مدير أعمالهم. تبادلنا أطراف الحديث وقاموا بالإطلاع على الأوراق أمامهم وأبدوا إعجابهم بالأغاني والأفكار. كانوا في غاية اللطف في التعامل، ثم سألتهم لماذا لم يحضر جميع الأعضاء، فأجاب مدير أعمالهم أن اثنين منهما في الخدمة العسكرية. أحدهما اقترب موعد انتهاء خدمته وسيشارك بعودة الفرقة والآخر بدأ خدمته حديثاً ولن يتمكن من الانضمام لهم، فتساءلت في نفسي كيف يقول أن هناك عضوين فقط ناقصين من أصل أربعة غائبين عن الاجتماع. لم أستطع الصمت وسألته عن العضوين الآخرين فقال أنهما لا يشاركان بجميع أنشطة الفرقة وأنهما ليسا عضوين أساسيين فيها، فقلت له: لماذا؟ أليسا موهوبين؟ فأجاب أنهما موهوبان ولكن ... لم يستطع إيجاد حجة تقنعني فقلت له : لأنهما ليسا كوريين أليس كذلك؟ أحدهما في الصين يقوم بأنشطة منفصلة بعيداً عن الوكالة ويحاول شق طريقه بنفسه والآخر لا تهتمون به ولا بالترويج لأعماله وتبقونه يدفن موهبته في بيته.
الجميع أصابهم الذهول من كلامي وكأنها أول مرة يسمعون فيها الحقيقة، ثم أكملت كلامي: كيم شين سينهي خدمته بعد عشرة أيام وبعد أسبوعين من الآن أريد اجتماعاً يضم جميع أعضاء الفرقة، هل هذا مفهوم؟ فأنا لن أقبل بأن يُظلم أي شخص يعمل هنا وينتسب لهذه الوكالة. على الجميع أن ينال حقه طالما أنه موهوب وجاد في عمله. اعذروني علي الذهاب الآن.
استأذنت وخرجت دون الالتفات ورائي. لا أدري ماذا قالوا عني وماذا كان انطباعهم عني، لكنني لم أستطع السماح بظلم شخصين لمجرد التمييز العنصري بشأن جنسيتهما. يكفي أن مدير الوكالة لا يعجبه التعامل معي، فأنا أعلم أنه لا يريدني أن أكون في منصب كهذا ولهذا أبذل جهدي لأستحق هذا المنصب أكثر من غيري. وكما توقعت فقد وصله ما قلته في الاجتماع وقام باستدعائي وتحدث معي بغضب وسألني عن طلبي بلقاء جميع الأعضاء في الاجتماع القادم فأجبته: و ما المشكلة في ذلك؟ أريد من جميع الأعضاء المشاركة في عودة الفرقة، فهناك عضوين غير نشطين عدا عن عضو لن يشارك بسبب خدمته العسكرية.
رد بغضب قائلاً: هذا ليس من شأنك ... هذان العضوان ليس لديهما شعبية ومشاركتهما ستكون عبئاً مادياً لا أكثر. قومي بعملك ولا تحاولي التصرف على هواك.
أجبته بحزم: أنا أتصرف بعدل فقط وعلى الجميع أن يحصل على فرص متساوية عندها يمكنك الحكم على شعبيتهم بعد أن يأخذوا حقهم في الظهور كبقية أعضاء الفرقة.
رد المدير غاضباً: أوقفي هذا الهراء ولا تتدخلي بما لا يعنيك ونفذي ما أقوله فقط.
استفزني كلامه و نبرة صوته، فنظرت له بحدة وقلت: لا ترفع صوتك علي من فضلك ... هذا أولًا ... وثانياً سأفعل ما يجب لتحسين أوضاع الشركة  قد أعددت خطة لذلك بالفعل وقمت بتقديمها للرئيس التنفيذي وقد وافق عليها، لذا لا تحاول اعتراض طريقي.
عندها اشتاط غضباً و قال: أنت حقاً وقحة ومغرورة. كل هذا لأنك صديقة ابنته المدللة.
فقلت له: انتبه لكلامك فما زلت أحترمك لأنك أكبر سناً، ولكن لا تتمادى معي فلست من الأشخاص الذين أنت معتاد على توبيخهم وهم يحنون رؤوسهم ويكررون كلمات الاعتذار والأسف. أنا لا أعتذر إلا عندما أخطئ وما دمت على حق فلن أحني رأسي ولن أعتذر أبداً.
رد علي مهدداً: حسناً، استمري بغرورك ووقاحتك هذه، ولكن تأكدي أن هذا سيكلفك الكثير .
بقيت صامتة وفهم من نظراتي أن التحدي قد بدأ. خرجت وعدت إلى مكتبي وقررت بأنني سأتكفل بإنجاح خطة عودة هذه الفرقة مهما حصل، فقد بات الأمر تحدياً كبيراً وليس مجرد عمل وموظفين قد يظلموا، فإن لم تحقق عودتهم نجاحاً باهراً سأخسر كل شيء وحتى وظيفتي.
طوال الأسبوعين وأنا أعمل على قدم وساق لتحسين الكلمات وتطوير المفهوم وأقوم باستشارة الملحنين وغيرهم للخروج بأفضل نتيجة، وأتى اليوم الموعود وتم التحضير للاجتماع وأتت شين مي إلى مكتبي وجلسنا نتبادل الحديث حتى يحين وقت الاجتماع و قالت: ما كان عليك تحدي مدير الوكالة إنه شخص سيء وشرير حقاً.
إيمان: لقد تحديته وانتهى الأمر. كما أن الأمر بدأ بأنني حاولت أن يحصل الجميع على فرص متساوية. لم أستطع رؤية أحد يظلم وينقص من حقه.
شين مي: أنا أتفهم الأمر، ولكن ماذا إن لم تحقق عودة الفرقة نجاحاً قوياً. لقد أتى المدير لزيارة والدي واشتكى له وطلب منه طردك، ولكن والدي قال أنه سيعطيك فرصة تنفيذ خطتك. إيمان هذا المدير رجل قوي ومساهم في أكبر الشركات وله نفوذ واسع، لذا فإن والدي لا يستطيع رفض طلبه إذا لم تنجحي.
نظرت لشين مي وابتسمت قائلة: هذه أول مرة تشككين بقدراتي ومهاراتي. هذا غريب.
ردت شين مي بقلق: كيف لك أن تتحدثي بهذا البرود. أنا لا أشكك بقدراتك، ولكنني قلقة عليك. أمور الفن والترفيه هذه كالتجارة. لا يمكنك معرفة إن كانت ستحقق نجاحاً باهراً أم لا، لهذا أنا أشعر بالقلق عليك.
فابتسمت و قلت لها: لا تقلقي، فما دامت الكلمات ستلمس قلوب الناس، وتحكي خيبتهم وأحزانهم وكذلك تعطيهم الأمل بحياة أفضل فكوني واثقة أنها ستنجح، فالكلمات التي كتبتها ليست مجرد كلام عادي. لقد بذلت جهدي لتصل إلى قلوب الناس فكوني مطمئنة.
نظرت إلي شين مي باستغراب و قالت: ما هذا؟ ما كل هذه الثقة المفاجئة؟ كنت دائماً تتوترين وتقلقين من أتفه الأشياء، فلماذا أنت واثقة بنفسك هذه المرة.
كان سؤالها في مكانه، فاحتارت نظراتي، ثم نظرت لها وابتسمت قائلة: حتى أنا لا أدري ماذا كان منبع هذه الثقة. هل هو رغبتي بالتحدي أم رغبتي برفع الظلم عن بعض الأشخاص أم رغبتي بالنجاح رغم الحاقدين أو ربما كل هذه الأسباب، لا أدري.
حان الوقت ونهضنا سوياً متوجهتين لغرفة الاجتماعات وبينما نحن في المصعد قالت شين مي: اليوم سيأتي كيم شين صحيح؟
فأجبت: أجل، كيم شين وتشوتغ يو وجوني.
شين مي: ستكون هذه أول تلتقين فيها بهم. لا تغرك وسامتهم وشكلهم اللطيف فهم مجانين. هذه الفرقة بأكملها مجنونة.
لم أستطع منع نفسي من الضحك وسألتها لم تقول هذا فردت: إنهم طيبون ولطيفون ومرحون أيضاً، ولكن الجنون هو صفتهم الرئيسية، لكن هذا لا يعني أنهم وقحون أو لا يلتزمون بالقوانين، على العكس تماماً فجميعهم منضبطون لنقل إلى حد ما.
ضحكت مجدداً وانفتح باب المصعد وخرجنا منه متوجهتين إلى قاعة الاجتماعات وأكملت قائلة: جنونهم ولطفهم هو ما يوقع الفتيات في حبهم. كانت شعبيتهم كبيرة جداً في بداية انطلاقهم، ولكن مع بداية دخول الأعضاء للجيش وانسحاب أعضاء آخرين قلت نشاطاتهم وكذلك تواجدهم في الساحة الفنية.
فأجبتها قائلة: أعلم كل هذا فقد قرأت الكثير لأعرف ما يحصل مع هذه الفرقة، وأعلم أن الأعضاء الذين انسحبوا تركوا الفرقة بسبب الظلم الواقع عليهم نظراً لكونهم ليسوا كوريين، ولا أريد للعضوين الآخرين فعل هذا أيضاً. إنهما حقاً موهوبان ويجب أن يأخذا حقهما.
ردت شين مي قائلة: حسناً، أتمنى لك التوفيق واعلمي أنني سأبقى بجانبك أياً كانت النتيجة.
نظرت لها وابتسمت قائلة: شكراً لك يا صديقتي.
نعم إنها حقاً صديقتي الرائعة. إنها صديقة بكل ما للكلمة من معنى .
دخلنا لغرفة الاجتماعات ووقف الجميع للتحية، فأشرت لهم بالجلوس، فما زلت لا أحب تحية الانحناء هذه . لا أنكر أن كل هذه الوجوه اللطيفة والملامح الوسيمة تدخل البهجة على القلب. حسناً، لن أكمل المدح أكثر فهذا ليس من عادتي.
توقف عن القراءة و ابتسم رغم الدموع التي تملأ عينيه وقال: ليس من عادتك أم لأنك تعلمين أنني سأقرأ كلامك وسأشعر بالغيرة؟
أكمل القراءة بعد أن مسح دموعه وغير جلسته وتمدد على الأريكة .  

*************************

يتبع

لا تنسوا التصويت ^^

حلم لم يكتمل  🇵🇸Where stories live. Discover now