الفصل الحادى عشر

487 7 0
                                    

فى غرفة ملاك وديما :
كانت الفتاتان منشغلتان فى الحديث عن الرواية التى تقرأها ديما وأكدت ملاك لديما انها من المستحيل ان تقع بالحب والذى هو من وجهة نظرها هو أكبر كذبة بالعالم ولم تكن تدرك ما يخبئه المستقبل من تقلبات فى حياتها وكانت وجهة نظر ديما مختلفة عن ملاك
ديما "بلاش وجهة النظر السودة دى أكيد طبعا فى حب وبعدين لحظة هو مش مامتك وباباكى متجوزين عن قصة حب"
ملاك"بصى مقدرش انكر ان بابا وماما متجوزين بعد قصة حب بس كمان الناس اللى زى بابا دى مش موجودة دلوقتى أو بمعنى أدق صعب تلاقيها "
نظرت ديما لملاك بعدم فهم لتنتهد الاخيرة وتقول بصبر "اللى انا اقصده ان مفيش حد موجود دلوقتى يستاهل انك تضحى بحاجة عشانه أو انك تمنحيه ثقتك وتسلميله زمام أمورك وانتى متأكدة انه مش هتتأذى بسببه وأبسط دليل على كده المراهقات اللى بينخدعوا بقصة حب طويلة وفى الاخر ايه النتيجة بتكتشف ان قصة الحب الفظيعة دى كانت مجرد تمثيلية عشان الشاب يتسلى يومين مش اكتر ولو فكرتى فى اللى اتجوزوا هتلاقيهم أخدوا ايه ولا حاجة بالعكس الطلاق بيبقى النهاية الوحيد لمعظم الجوازات اللى فى العصر الحالى بسبب حاجات كتيرة منها الضرب والشك والغيرة والخيانة وإلخ بقى"
ديما "للأسف عندك حق مفيش راجل واحد يستحق الثقة كلهم الخيانة بتجرى فى دمهم "لتصمت للحظة ثم تتابع "بس ده بردو معناه ان انا اللى عندى حق وفى حب وأكبر باباكى ومامتك أينعم مشكل الناس بتلاقيه بس موجود"
ملاك بثقة"أيام الحب دى ولت خلاص"لتصمت لحظة لتتثاءب وتتابع"بعدين مش وقته الكلام ده قومى يلا عشان عايزة أنام"
ديما بعند"لا مش قايمة روحى انتى السرير التانى ده غير انتى مش ناوية تنزلى أومال جاية الرحلة معايا بحجة انك تقضى معايا اكبر وقت قبل ما ننقل مصر انا وماما ونسيب بعض"
ملاك"لا هنام شوية وننزل بالليل ده غير هو انتى غاوية تجبيلى اكتئاب يا بنتى ايه نسيب بعض دى انتى عارفة انك اختى مش صاحبتى وبس ولو مقدرناش نخلى مامتك متسافرش هنفضل على تواصل ومش بعيد اخلى بابا ينقل شغله هو كمان"
ديما بضحك "مجنونة وتعمليها وعموما يا ستى عشان الكلمتين الحلوين دول هسيبلك السرير وأروح عالتانى لا ومش بس كده هطفى النور وأنام انا كمان "
ملاك"طيب يا ستى شكرا على افضالك روحى بقى ولما تصحى ابقى صحينى انا كمان عشان ننزل سوا"
ديما وهى تتجه للسرير الاخر "اوك ده اذا عرفت انام اصلا يلا تصبحى على خير"
ولا تجد ردا من ملاك التى كانت قد غطت فى نوم عميق لتبتسم وهى نائمة وتفكر فى سرعة نوم هذه الباندا المحبة للنوم وتشرد فى افكار كثيرة لتغط بعده فى سبات عميقة .
بعد مرور عدة ساعات تستيقظ ملاك والتى نامت وكأنها لم تنم منذ زمن طويل فهى كانت نائمة متأخرا فى الليلة الماضية ومع ذلك استيقظت مبكرا لتلحق بالباص فكانت بحاجة شديدة للنوم فنامت حتى اكتفت
وجدت ملاك ديما لم تستيقظ بعد فحاولت ايقاظها ولكنها لم تنجح فقررت ان تجهز هى للنزول ثم توقظها
ملاك لنفسها "كل ده ومكنتيش عايزة تنامى اومال لو كنتى عايزة كنتى عملتى ايه انا احسن اعملها دلوقتى انى اجهز دلوقتى الاول وبعدين اصحيها "
لتتجه بعدها لتجهيز ثيابها ومن ثم الى الحمام لأخذ شاور سريع حتى تنتعش قليلا وخرجت بعدها لترتدى ثيابها والتى كانت عبارة عن بنطال باللون الاسود وتيشيرت بنصف أكمام مكتوب عليه عليه اسود باللغة الانجليزية(Black) وساعة جلدية باللون الاسود وحذاء رياضى باللون الابيض ثم قامت بجمع خصلتين من جانبى شعرها للخلف بمشبك بسيط للشعر وتركته منسدلا على ظهرها وعندما انتهت من تجهيز نفسها اتجهت لديما لتحاول إيقاظها مرة أخرى
ملاك بنفاذ صبر وهى تدفع ديما فى كتفها"اصحى يا زفتة اصحى"
ديما وهى تتململ فى الفراش قليلا"مش قادرة عايزة انام"
ملاك "اصحى بقى انا عايزة انزل جعانة يا ستى عايزة اكل"
ديما"انزلى لوحدك او شوفى عائشة وميرا"
غضبت ملاك بشدة من صديقتها الكسولة وامسكت الوسادة وضربتها بها بقوة وهى تقول"واطية"
ديما"بردو مش نازلة"
يأست ملاك بشدة من ان تستيقظ صديقتها فأمسكت الهاتف فى محاولة يائسة منها ان تتصل باحدى صديقتيها ولكن لا توجد اجابة فقررت ان تنزل بمفردها لتتناول الطعام فاتجهت للباب وفتحته وما ان همت بالخروج حتى سمعت باب الغرفة المجاورة يفتح فأدارت رأسها فى حركة تلقائية باتجاه الغرفة المجاورة لها لترى اخر من توقعت ان تراه بهذا الوقت فقد كان يقف أمامها مالك خارجا من تلك الغرفة الذى لم يقل دهشة عنها ولكن سرعان ما تحولت تلك الدهشة الى ابتسامة وهو يتجه ناحيتها
مالك بابتسامة "واضح كده اننا هنبقى جيران الفترة الجاية"
ملاك ببلاهة"يعنى ايه"
مالك "يعنى انا ببساطة قاعد فى الاوضة اللى جنبك دى مع عمر"
ملاك بغيظ "واضح ان الواحد خلاص مش هيعرف ياخد نفسه فى الرحلة دى واصلا مش انت المفروض يعنى مش معانا فى نفس الدور على ما أعتقد"
مالك ببرود وهى يحك مؤخرة رأسه"وأنا كمان على ما أعتقد المفروض كانت كده بس احنا لما جينا لقينا فى شوية لخبطة فى أوضنا واخدنا الاوض دى يعنى من الاخر واضح كده انك مش هتعرفى تاخدى نفسك"
تأففت ملاك بضيق واضح ثم تحول ضيقها الى تفكير وقالت"انت كنت نازل فين"
مالك بشك من نظراتها الغريبة"كنت نازل عادى كده تحت شوية و يعنى عشان الغدا "
ملاك بفرحة "خلاص واحنا أصدقاء صح يبقى ننزل سوا عشان انا كنت نازلة ومش عايزة انزل لوحدى"
مالك بتأكيد"طبعا يا صديقتى "
اتجه الاثنان الى المطعم بالفندق وطلب كل منهما الطعام وجلسا ينتظران ان يأتى النادل بما طلباه وأثناء ذلك حاول مالك خلق حديث لمعرفة بعض المعلومات عن تلك التى أمامه
مالك "انتى منين بقى"
ملاك باستغراب من السؤال"وهى الرحلة طالعةمنين"
مالك بابتسامة "لو اعتبرنا دى اجابة للسؤال يبقى انتى من اسكندرية"
ملاك باستهزاء "وعرفتها لوحدك"
مالك"اتمنى انك متكونيش بتتريقى عشان السؤال عادى يعنى واحد زى ما انا كنت معاكم فى نفس الرحلة وانا اصلا من القاهرة"
ملاك"يعنى انت جاى من القاهرة عشان الرحلة دى مثلا "
مالك بهدوء "أكيد لا الموضوع جه صدفة انا رجعت من السفر اجازة فقررت انا وصحابى نيجى اسكندرية كام يوم وسمعنا بردو صدفة من صحابنا عن موضوع الرحلة فمش شرط انك تكونى من اسكندرية عشان تطلعى الرحلة"
ملاك بابتسامة"وجهة نظر بردو"
ليتطلع مالك بابتسامتها ويبتسم ايضا بدون سبب ولم يستطع منع نفسه من تأملها بداية من ابتسامتها وملامحها حتى عينيها الرماديتين نعم تلك العينان اللتان كان يتوق لرؤيتهما اليوم بالباص
مالك بشرود"عينيكى حلوين"
ملاك بذهول"نعم؟"
مالك وقد أفاق من شروده"انا قصدى ان لونهم مميز"
ملاك بابتسامة"عارفة"
مالك"بس الحقيقة كان آخر لون اتوقعه "
ملاك بعدم فهم "مش فاهمة"
مالك بابتسامة"اقصد انى من بعد ما اتعرفت عليكى وعلى شخصيتك وانا حاسس ان انتى متقلبة المزاج وممكن زى ما فى ثانية تغضبى فى ثانية ممكن تروقى يعنى زى البحر كده "
ملاك بتوتر"مش شرط "
مالك "لا انا بالنسبة ليا العين بتعبر عن الشخص واصلا بردو اللون ده بيدل على حاجة قريبة على اللى اقصده يعنى عينك بردو زى السحب والغيوم"
ملاك بابتسامة " ممكن"
مالك"بس بردو ده ميمنعش ان..."قاطع كلامه مجئ النادل بطلباتهم ليبدأوا بالاكل
ملاك "وأخيرا إلى الطعام"لتبدأ تناول الطعام بتلقائية شديدة تحت نظرات الإعجاب من مالك ليقطع تأمله لها صوتها تقول "انت مش ملاحظ انت انك شغال أسئلة وانا لا"
مالك باستغراب شديد"ده هو اصلا سؤال واحد"
ملاك"مليش فيه المهم ده دورى"
مالك"اتفضلى"
ملاك"انت ليه كده يعنى اقصد حسب كلامك انت معظم حياتك عايشها بره لوحدك ولما بتيجى بتيجى اججازات يبقى ليه مبتقضيش الوقت ده مع أهلك بدل أصحابك اللى واضح ان اجازاتك كلها معاهم"
مالك بهدوء "لأن ببساطة انا اصحابى هم اهلى اللى بيسألوا عليا على طول وبيحسوا بغيابى اكتر من اهلى دول نفسهم العيلة كلها يهمها المنظر قدام الناس و البيزنس انا تقريبا اخر اهتماماتهم اذا كنت فيها بصى انا مش عارف انا بحكيلك الكلام ده ليه بس يمكن لنفس السبب اللى مخلينى عايز اننا نكون اصدقاء من ساعة ما شفتك حاسس انى ارتحتلك وعايز احكيلك وبس"
ملاك بحزن على حاله فهى دائما تنعم بحب ابويها ودفئهما وقد أمسكت بيده بدون وعى منها كتصرف تلقائى"متقلقش احنا اتفقنا ان احنا اصدقاء وانا هفضل اسمعك على طول لو تحب "وانهت كلامها بابتسامة مشرقة لترى مالك مسلط انظاره على يدها لتسحبها وهى تشعر بالحرج الشديد"انا اسفة مش قصدى"
فى الوقت الذى كان فيه مالك لا يفكر سوى بهذا الشعور ما ان لمست يده كان شعورا غريبا عصف به بأكمله ليس لأنها فتاة فهو معتاد على هذا كونه عاش بالخارج ولكن كان شعورا خاصا بها هى ليسلط انظاره على يدها ويفاجأ بها تسحبها فيشعر بداخله بالحزن الشديد من دون ان يعلم سببه ولكن ما يعلمه انه متعلق بهذا الشعور الذى شعر به منذ قليل ليعود من افكاره على صوتها
ملاك"انا هروح الحمام ارجع الاقيك خلصت عشان نطلع نتمشى على البحر شوية "ثم تركته ورحلت للحمام
كانت ملاك تريد الهروب من احراجها بهذا الموقف بأى طريقة حتى لو كانت ان تترك اعز ما تملك الطعام وتهرب للحمام وعندما وصلت وقفت امام المرآة تحدث نفيها وكأنها تحدث شخصا اخر وتلومه على ما حدث
ملاك مع نفسها فى المرآة"ايه الغباء اللى عملتيه ده المفروض تاخدى بالك من تصرفاتك لكن نقول غبية طول عمرك "لتصمت قليلا تتذكر ما حدث ثم تقول"بس يعنى كنت هعمل هو اللى قصته حزينة وانا اصلا مبستحملش اوف بقى"ثم فتحت صنبور المياه وبدأت بنثر الماء على وجهها لتهدأ ثم قالت"يلا عشان متأخرش وميشكش "لتمسح وجهها ثم تتجه للخارج تحت انظار السيدة الذاهلة الواقفة بجوارها تراقب ما تفعله وتتسائل عن شخص تلك المجنونة
وصلت ملاك للطاولة وسحبت هاتفها وقالت "يلا انت جاهز"
ليومئ مالك بالموافقة ويتجها للخارج ليسيرا معا قليلا بصمت حتى وصلا للشاطئ ووقفا يتأملا البحر أمامهما ليقول مالك"اعتقد ده دورى فى السؤال"لتومئ له ليتابع مبتسما "حسب كلامك انك عمرك ما روحتى رحلات لوحدك يبقى يوم ما تروحى تروحى رحلة ايام ومعتقدش انك خلصتى الكلية عشان تكون دى هديتك مثلا"
ملاك بهدوء حزين"للاسف عندك حق انا ماما بتخاف عليا جدا وزى ما قلت دى مش هدية لأن دى ببساطة طريقة من طرق الوداع "
مالك مستفهما "الوداع ؟"
ملاك بحزن"ايوة الوداع لأعز اصحابى لا هى عمرها ما كانت صاحبتى ديما طول عمرها اختى"
مالك"طب ليه الوداع يعنى"
ملاك"ديما و مامتها عايشين لوحدهم ومامتها هى اللى بتشتغل وتصرف على البيت وببساطة الشركة اللى بتشتغل فيها اتنقلت وهى كمان مضطرة تنقل هى وحياتها كلها القاهرة وأكيد طبعا ديما معاها وماما ماوافقتش غير لما قولتلها ان دى الطريقة الوحيدة اللى اقدر اقعد فيها اطول فترة ممكنة مع ديما قبل ما يمشوا"
مالك مبتسما"وليه بتقولى وداع وواثقة انكم مش هتشوفوا بعض تانى محدش عارف ايه اللى بيحصل فى المستقبل وطالما انتم متعلقين ببعض يبقى اكيد هتشوفوا بعض تانى"
ملاك بتهكم "ما هو ده الكلام اللى بصبرها بيه"
مالك بحسم وقد ادارها اليه وهاله منظر غلالة الدموع التى تزين رماديتيها"ايه بصبرها دى انا توقعتك اقوى من كده ده غير انتى مش قولتى انكم زى الاخوات يبقى اكيد هتتقابلوا وكتيير كمان وبلاش تبقى ضعيفة كده لازم تكونى اقوى "
لتبتسم ملاك وتقول "واضح كده ان انا اللى محتاجة صداقتك مش انت ده احنا من يوم واحد اهو وبقيت صديق عزيز عندى"
ليضحك مالك وكان سيقول شئ ليقاطعه رنين هاتفه ليخرجه من جيبه و هو مقطبا ثم سرعان ما تعود ابتسامته ويستأذنها ليجيب وهو يبتعد قليلا عنها وما ان ضغط على زر قبول حتى هتف بسعادة
مالك بسعادة"الو يا يوسف ازيك يا ابن عمى...."...............................................................................................................

 رحلة الحب و الانتقامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن