الفصل الرابع عشر

5.3K 116 2
                                    

تجولت "إيمان" فى حديقة المنزل تردد أذكار الصباح و تستمتع بنسائم الفجر ... كانت تريد قسطا من الراحة ... تريد أن تنعم بالهدوء النفسي ... فالأيام الفائتة كانت شديدة الضغط عليها ... و تلاحقت أحداثها بشدة ... فكرت فى اقتراح "آدم" بشأن "أنا مسلم" ... لشد ما أعجبتها تلك الفكرة ... كانت تود أن تقوم بعمل يستحق أن تجيب به حين تسأل عن شبابها فيمَ أبلته ... فقد كانت الرسالة والعلاج الذى تود اكتشافه إجابة "وعن علمك ماذاعملت فيه" ... فدائما ما يشغلها هذا الحديث أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " لا تَزُولُ قَدَمَا الْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ : عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ , وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ , وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ , وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ " . ...

تذكرت "مس ماربل" تلك السيدة الجميلة التى التقتها أمس ... كيف سعدت بالحوار معها ... كيف كانت ودودة طيبة ... أحبتها بشدة من أول لقاء ... تذكرت إصرارها على المكوث فى المشفى ... رغم أن حالتها لا تستدعى ذلك ... و لكنها أشفقت على حالها مذ علمت أنها وحيدة لا ترى أحدا ... و لا يزورها أحد...

عاد "آدم" من صلاة الفجر ... وجدها تمشي فى الحديقة جيئة و روحة ... تساءل يا ترى ما الذى يشغل بالها هذه المرة ... اقترب منها وجد ابتسامة حالمة تشق شفتيها ... اطمأن باله ... ظل يراقبه ... يتابع حركاتها و سكناتها ... تعجب من نفسه ... لم يكن شغوفا بأحد من قبل ... لم يكن يتصور يوما أنه سيحبها هكذا ... و لكن يبدو أن الله قذف حبها فى قلبه ... رغم عنادها و أحيانا تهورها ... إلا أنه يحبها و بشدة ... يحب أن يراها دائما ... يتحدث معها كتيرا ... يحب أن يسمعها ... يحب أن يكون سكنها ... فقد أصبحت هى سكنه ...

كلما تذكر مواقفها معه شعر أنه يحب طفلة فى زى امرأة ... طفلة شعر أنها طفلته ... بل و طفلته المدللة ... لم يكن يعرف ان ابنة الثمانية والعشرين عاما ستفعل به هكذا ... ها هو عامها الأول هنا قد أوشك على الانتهاء ... أراد أن يكتمل هذا العام و قد بسط لها كل ما يسعدها ... لقد وعدها أن رمضان هذا العام سيكون أسعد شهر فى حياتها ...

لم يكن يعلم أنه وعد بم لم يستطع تنفيذه !!! ....

انتبهت له مسلط ناظريه عليها و لكن يبدو أنه شرد بعيدا ... ابتسمت ابتسامة ملأت وجهها كله ... ظلت هكذا حتى انتبه هو ... فبادرت قائلة :
-انت هنا من امتى ؟
بدا عليه التفكير و هو يقول :
-مش عارف ... المهم ان انا هنا ...
ابتسمت قائلة :
-وبتعمل ايه هنا ؟
-اللى انتى بتعمليه ... اكيد كنت بتفكرى فى حاجة شغلاكى ... انا كمان كنت بفكر فى حاجة شغلانى ...
قامت بدور المخبر قائلة :
-حاجة ايه بقي اللى شغلاك ...
بدون تردد أجاب :
-انتى ...
سعدت و قالت :
-انا ؟
ضحك على طريقتها و قال :
-قوليلى بقي اتأخرتى فى العيادة امبارح ليه ؟ ... مكانش فيه ناس كتير ...
-اه دى كانت واحدة بس ...
-كل التأخير دة مع واحدة بس ؟
تنحنحت قائلة :
-good doctor is a good listener...
نظر لها قائلا :
-يعنى انتى قعدتى معاها ساعتين تسمعى بس ...
-اه و الله هى أصلا معندهاش أى حاجة عضوية ... و هى اللى طلبت انها تفضل فى المستشفى ... مع ان حالتها مش محتاجة ادوية كتير وعلاج فى المستشفى و كدة ...
قال بهدوء :
-متعوديش نفسك انك تستهونى بحالة المريض مهما كانت بسيطة ...
-هى فعلا بسيطة ... و بعدين انا بالذات مينفعش استهون بحالة مريض ...
-ليه انتى بالذات ...
ابتسمت و هى تتذكر قائلة :
-اول عملية عملتها فى حيات كانت عملية الزايدة ... و كنت مضايقة جدا عاوزة اعمل اى حاجة من الحاجات الصعبة ... لكن الزايدة دى انا حفظاها زى ما بيقول الكتاب ... و شايفاها حاجة تافهة ... و حاسة ان انا بقيت حاجة بقي ...
سكتت قليلا ... فقال :
-سكتى ليه كملى ...
فقالت من بين ضحكاتها :
-أصل و انا بعمل العملية المريض كان هيموت تحت ايدى ... و مبقتش عارفة اتصرف ازاى ...و الحمد لله كان معايا دكتور تانى هو اللى انقذ الموقف ...
ضحك قائلا:
-حرام عليكى ... هتموتى الراجل فى عملية زايدة و حفظاها زى ما الكتاب بيقول ... لا بصراحة أفحمتينى ...
-الحمد لله الموقف عدى بسلام ... متخلينيش بقى اندم انى قلتلك ...

سأعود بالأملWhere stories live. Discover now