الفصل الثالث

7.4K 165 3
                                    


اجتمعت عائلة إيمان فى غرفة المعيشة لأول مرة بدونها ..شرد والدها قليلا يتذكر ابنته العنيدة ..فلم يكن أبدا ليتخيل انه سيوافق على سفرها يوما ..ولكنه يعلم أنها لن تخذله ..لن تعود الا وقد حققت مرادها...ستغيب عنه ثلاث سنوات لايراها فيهم ..ولكنه اتخذ قراره بأن يذهب هو إليه كل فترة ليطمئن عليها...دائما ما يساوره قلقه عليها بسبب عندها وتهورهافكيف به هناك ..كانت هنا تتحمل مسئولية نفسها ولا تشرك اى احد فى حل مشاكلها حتى هو والدها ...وأيضا هناك لن تشركه فى مشاكلها ولن تخبره اذا تعرضت لأى أذى ...يا الله اين كان عقله حين وافق على سفرها..نظر إلى ابنائه عمر وآية وقد كسا وجههما الوجوم .. ثم نظر إلى زوجته وقد التمعت عيناها بالدموع فقال لتغيير الحزن المخيم على مجلسهم:
-ايه دة يا زينب ..ايه اللؤلؤ اللى بينزل من عيونك دة ..
انتبهت زينب من شرودها :
-نعم
صاح عمر :وعندك واحد شجرة واتنين لمون ...إيه يابابا مش تراعى مشاعر السناجل اللى قاعدين ..
ثم نظر الى اية الجالسة بجواره على الاريكة قائلا :ولا حتى مشاعر البت البايرة اللى جنبي دى
وكزته اية بخفة قائلة :بايرة فى عينك..دى كل الحكاية سنتين ..وأخلص وابقي مهندسة اد الدنيا وساعتها مش هعرفك وكمان هشتغل فى شركة بابا
عمر:ايه يا بنتى احلام اليقظة دى ..انتى اخرك تخلصى الكلية بتاعتك دى وبعدين خلاص كلها سنة واجيلك عشان تشوفى المهندسين اللى بجد مش اي كلام
فأسكتهم مصطفى قائلا:خلاااص كفاية ..ياحبيبتى خلصى انتى دراستك وشغلك موجود..وانت يا فاشل قوم ذاكر
فعلقت اية بضحكات عابثة:هاهاها قوم ذاكر يافاشل ...يافاشل يافاشل
فوقف عمر قائلا:متشكر جدا ..اخلص بس ثانوية عامة واكون مهندس اد الدنيا وساعتها هتتحايلوا عليا اشتغل معاكو...وانا ابدااا
فقامت اية خلفه قائلة :استنى بس خدنى معاك ..انا ورايا مذاكرة والتفتت الى ابيها قائلة :بعد اذنك يا بابا ..سلام يا ماما
خرجا وتركا والديهم معا..فقال مصطفى: مالك بس يا زينب
نظرت اليه زينب قائلة :يعنى كان لازم تسيبها تسافر
مصطفى :مش انتى اللى فضلتى تتحايلى عليا علشان اوافق...وبعدين متقلقيش انا صليت استخارة ..واللى فيه الخير يقدمه ربنا ان شاء الله
زينب :انا عارفة كان عقلي فين ساعتها
مصطفى :انتى عارفة بنتك ..دماغها ناشفة ..ومكنتش هتسكت غير لما تنفذ اللى فى دماغها
زينب:انت اللى نشفت دماغها بدلعك فيها ..بس هقول ايه ..ربنا يرزقها بواحد ابن حلال يكسر دماغها ..وتقوله بس حاضر ونعم
مصطفى :اول مرة اشوف ام تدعى على بنتها الدعوة دى
زينب :بالعكس انا كدة بدعيلها
مصطفى :ماشي ع العموم احنا هنكلمها الساعة عشرة بالليل ان شاء الله
زينب :ربنا يطمنا عليها..ويسترها معاها يارب
مصطفى :اللهم امين
******************
لا تدرى لماشعرت بتلك الراحة عندما سمعت اسمه..فقد كانت تفكر فى كنه ذلك الشخص المشرف على رسالتها ..من اي بلد يكون واي دين يؤمن ..فقد جاءت الى هذه البلد بكل الافكار السلبية عنها..جاءت ولم تعرف كيف ستتعامل فيها..ولكن الحمد لله الشخص الذى تتعامل معه من الواضح انه عربي مسلم...دلتها الموظفة على مكتبه...ذهبت اليه وكلما اقتربت زاد توترها وتسارعت دقات قلبها وبردت اطرافها ...
هل سيقبل موضوعها ام سيرفضه كسابقيه ..من الممكن ايضا ان يسخر منها كما فعلوا ..ولكن لن تتنازل ..ولن تسكت له ستريه من هى لن تسمح لأحد بأن يسخر منهاثانية ..كفى سخرية ...يموت من يموت وهم يقولون بأنها لن تستطيع فعل ما تريد ..هى واثقة انها ستفعل ..ولكن للاسف هى فقط الواثقة
جلست فى انتظار دخولها تستغفر وتدعو الله ان يوفقها...سمح لها بالدخول فدخلت وبتلقائية شديدة قالت :السلام عليكم
تعجب آدم حين وصلت تحيتها الى أذنيه ..فلم يسمعها هنا الا من سارة حين تأتى لزيارته...رفع بصره إليه ثم ما لبث أن اتسعت عيناه..فتوقعاته لم تنبئه ابدا بأن القادمة ستكون فتاة مسلمة وايضا عربية..أفاق من شروده قائلا:اتفضلى
تقدمت إيمان وجلست على الكرسي المواجه له وهى مندهشة مماترى فقد توقعت ان المشرف على رسالتها شخص عجوز او ع الاقل خطا الشيب رأسه ولكن هاهو شاب امامها...بادرها آدم بالحديث قائلا وهو يقلب الملف الموضوع امامه لاول مرة قائلا:دكتورة إيمان مصطفى ..حضرتك مصرية؟؟!!!
ايمان: فى مشكلة؟
آدم:لا ابدا بس غالبا المصريين اللى بييجو هنا ولاد...مقابلتش بنات مصريين هنا خالص
ايمان:اااه بدأنا
آدم:افندم
أيمان:لا ابدا ..بس حضرتك واضح انك مصري ..يعنى المفروض حاجة زى دى متضايقش حضرتك
أدم:مين قال انى متضايق
ايمان:واضح جدا ان حضرتك متضايق انى بنت
آدم مندهشا من تصرفها:خلينا نتكلم فى الدراسة احسن...عملتى الماجستير فى استخدام الخلايا الجزعية فى جراحات المخ ولاعصاب ..تمام؟
ايمان:اه
آدم:بالنسبة للدكتوراة هتكملى الموضوع دة والا اختار لك انا موضوع
اعتدلت فى جلستها وقد اكتسي الفرح قسمات وجهها الخمرى والتمعت عيناها العسليتين بشدة قائلة:ايه دة بجد يعنى حضرتك هتوافق اناكمل الموضوع بتاعى واعمل رسالة الدكتوراة عليه
آدم مستغربا: وايه المشكلة دى رسالتك وانتى حرة فيها
ايمان:انا اسفة جدا على سوء ظنى فى حضرتك..بس كل دكاترتى فى مصر اتريقوا عليا جامد خصوصا لما...
آدم:لما ايه؟
ايمان:بصراحة ومن غير ما تتريق لو سمحت..انا...انا...انا بحاول اكتشاف علاج لاورام الدماغ ..بس العلاج دة هيكون نسبة نجاحه مية فى المية ...خصوصا مع الحالات المتأخرة
آدم:جميل جدا ...فين المشكلة ..وليه اسخر منك
ايمان:علشان كل الدكاترة اللى عرضت عليهم الفكرة عملوا كدة وقالولى ..العلماء الكبار مااكتشفوش حاجة زى دى انتى اللى هتعمليها..
آدم:عموما انسي كل الكلام اللى اتقالك دة ..وبالنسبة للرسالة دى أسماء الكتب اللى هتساعدك فى الموضوع هتلاقيهم فى المكتبة فوق ...وانا رأيي انك تبدئي فى الاكتشاف مع الرسالة يعنى امشي في طريقين متوازيين ..وانا معاكى لو احتجتى اى حاجة ..وبالتوفيق ان شاء الله
قامت من مجلسها قائلة :متشكرة جدا
واتجهت ناحية الباب فاستوقفها قائلا:دكتورة اكيد لسة متعرفيش حد هنا..لو احتجتى اى حاجة انا تحت امرك
فقالت :جزاكم الله خيرا متشكرة جدا
خرجت لتستقل المصعد الى المكتبة ...وأخيرا وجدت أحد يشاركها حلمها
أخذ آدم يقرأ فى رسالة الماجستير خاصتها ..واندهش من تنظيمها للرسالة ومن الافكار المطروحة فيها..كيف لهم ان يلغو حلمها ..يا ترى كم من حلم دفن بسبب هذه العقول الجامدة ..لا يريدون التطوير ابدا ..فرت معظم العقول الفذة هاربة من هذا الجمود...وحين يصلون لاهدافهم ينادونهم ان عودوا..فالوطن بحاجة لأبنائه ...أليسو هم من طردوهم واتهموهم احيانا بالجنون ..

سأعود بالأملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن