25 ) حنينٌ للأيّام الخوالي

281 42 2
                                    

__

أرَى بيـنَ الغُـيوم هوَاك طُهراً
وأبصِـر فـي محيَـاك الصباح
--

رفع وسادتهُ البيضاء الصّافية وأبعدها ، أخذ ما تحتها من قُصاصات وصور صغيرة تحملُ صوره هو وهايلي بأشكال مُضحكة وأُخرى لها ذكريات خاصّة في قلبيهما .

عاد مُستلقياً على السّرير والصّور أمامه يلتقط إحداهم لتأمُّلها بين كل حين وآخر ، ابتسم بخفّة وشوق ممزوج بضعف وهو يتفحّص إحدى الصّور ؛
كان مُقطّباً جبينه يُحاول اخذ الكاميرا منها اما هايلي فكانت مرتدية مريلة الطّبخ ، مُخرجة لسانها وموسّعة عينيها بفكاهة وبعض الطّحين مطبوعٌ على خدّيها وجبينها ، كانت الصّورة قريبة جداً من أوجههما لدرجة ان اشكالهما مثيرة للضحك .

اقترب والتقط صورة أُخرى من جانبه :
أمامهما كعكة يومُ ميلاد هايلي الَّذي لم يتذكّره سوى ايثان ، وتحيط بالكعكة بضع هدايا، هي تنظر للأسفل بخجل بينما هو يُقبّل وجنتها ، والشّموع تكاد تنطفئ .

كم يحنّ للماضي الَّذي مضى واندثر ، وللأيّام الخوالي .. أيّامٌ نقيَّة نكهتُها وطعمُها الحُـبّ ولونُـها طيفُ السّعادة ، ولكنّه طيفٌ مختلف ، لا يملك سبع الوان فحسب ، بل ألواناً لا تعدّ ولا تحصى .. لون السّعادة ! أيـُمكن أن تعود مرّة أُخرى ؟ ووسط هذه الفوضى العارمة الّتي تكتسح حياتيهما ؟ أم خطّ الزمن على جبينيهما الافتراق والبُعد ؟ ولا مجال للعودة ؟

ووسط تأمّله للصور الّتي تعيد اهتزاز ذكرياته وتدغدغ ذهنهُ ، صدر صوتُ رنّة خفيفة لهاتفه ، نظر مطولاً للشّاشة الّتي تُضيء باسم هايلي ، وكأنّها شعرت بأنّه يُفكّر بها .

تنهّد بحيرة ، هي لن تبارح الاتّصال حتى تطمئن أنّه بخير ، رحلَ فجأة ولم يَعُد او يتّصل .. هي قلقة كعادتها حتماً وبلا شك .

اجاب بعد وهلة بصوت هادئ مبحوح :
" اهلاً " .

تنفّست هايلي الصّعداء وهي تقول :
" الشُّكر لِلرَّب ، أين كُنت بحقّ الله ، اتّصلتُ مليار مرّة ؟ " .

ابتسم بلُطف و بقيَ صامتاً فاستأنفت :
" ايثان ، لا تُفقدني صوابي تحدّث الآن " .

ضحك مُجيباً :
" تبدين كأُمّـي " .

صمتت لبرهة وابتسمت بالمقابل ثم قالت :
" اتمنّى لو استطعتُ التّعرف عليها " .

ايثان
" هي الآن ترقدُ بسلام ، اشعر باطمئنان وكأنّها تُخبرني انها بخير وارتياح ".

اتّسعت ابتسامتها اللّطيفة ، ولكن سُرعان ما تبدّدت وتحولت لغضب وهي تقول :
" هذا لا يعني ان تتجاهل سؤالي ، لم أُسامحكَ بعد على ذهابكَ المُفاجئ " .

ايثان
" ثمّـة أمرٍ طرأ وَكُنتُ مضطرًّا لأن أرحل " .

فقالت بتذمّر واستياء :
" وهل يستحقّ ان تتركني كالبلهاء أقفُ أمام النَّاس ؟ " .

ايثان
" سأُعوّضك في العاجل القريب ، أعدك " .

هايلي
" همم ، حسناً تُصبح على خير ، ولا تنسى أن تُخبرني عن داليا تلك " .

ضحك قائلاً :
" ديالا ديالا ، و تصبحين على خير كذلك " .

-----
نامي بحفْظِ اللهِ أيَّتُها الجميلَةْ
فالشِّعْرُ بَعْدَكِ مُسْتَحِيلٌ
والأُنُوثَةُ مُسْتَحِيلَةْ
-----

تمرّ ساعة تلوَ الأُخرى ، عيناهُ لم تغمض وقد جفاهُ النّوم ، بقي يتقلّب يمنة ويسرى في السّرير بلا جدوى ، وهاهي الشّمس تُلقي بأشعّتها على نافذته فيتسلّل بصيص نورِها ، يشعرُ بخمول وكسل ولكن لا يستطيع النّوم .

نهض واستحمّ بعد ان فقد الأمل في ان ينام ، ارتدى ثيابه على عجل وتوجَّه نحو الفندق ، عِند هايلي ليُفاجئها بقدومه .

ضغطَ على الجرس مرّتين فأوقظَ آنابيلا إزعاجُه وصوته ، أما هايلي عكسُها فلم تتأثّر بتاتاً ، يـا لثقل نومِها ..

فتحت آنابيلا الباب وهي تفركُ احدى عيناها بيدها وتمسك المقبض بالأُخرى ، صرخت قائلة :
" من بحق الجحيم يأتي الآ.." .

قاطعها ايثان وهو يضع يده على فمها ويسكتها ، فرفعت حاجبها باستنكار .

ابعد يده بهدوء وهو يهمس :
" اريد مفاجأة هايلي بقدومي " .

قلّبت عينيها قائلة :
" ولمَ تأتي في السَّاعَة هذه " .

ايثان
" لا اعلم ، جفانيَ النّوم فقرّرت المجيء مبكراً " .

ابتعدت وهي تقول :
" تفضّل ، لك حرية التّصرف " .

اومئ وهو يجلس على الأريكة بتعب اما آنابيلا فاسترسلت رافعه سبّابتها بتحذير :
" وإِيَّاك ان تصدر صوتاً " .

أومئ مجدّداً كالطفل ببشاشة .

___________

الى الان اجهل سبب عدم وجود تعليقات وتصويت تقديراً للتعب .. الله يسامحكم 😩 .

تناثـُر الأحمـَر Where stories live. Discover now