20) يالمرارةِ الوَاقع

280 44 2
                                    

--

كلماتُها كانت كـ عاصفة مُدمّرة ، لم تدمّر أرضاً ولا سكناً بل دمّرت قلباً بنى أحلاماً ، كقصر يبنى من طين .

أغمضت عينيهَا مُحاولة قدر الإمكان كبتَ غضبها ودفنـهِ في أعماقها وخُـلدِها لئلّا يتّضح الحنق من نبرتِها المهزُوزة ويـُفتح الجرح الدّامي في قلبِها مرّة أُخرى  ، حاولَت ان تتجنّب اتّباع مشاعرها وان تتحدّث عمّا اتّصلت لأجله ، أن يُساعدها .

كانت آنابيلا تنظر اليها باستنكار على صمتها ، فتداركت شرودها وقالت بصرامة :
" أُريد محادثَة إيثان ، الآن رجاءً " .

ديالا
" بصـفتكِ من تحادثيـه يـا .. آنسة ؟ " .

--

لم تُدرك ديالا مقدار خطورة ما أقحمت نفسها فيه ، لقد اقتحمت خصوصيّته وأجابت دون ان تُكلّف نفسها استئذانه ، هي لم تعلم أنّه سيكون بهذا الشرّ حين يتعلق الأمر بـ " هايـلـي " ، او التّدخل في ما لا يعنيها ، ياللمصيبة .

ادركت ذلك حين رأته يقف بـغضب عارم ، الشرر تتطاير من عينيه كقـذيفة لهب ، مُقطّباً جبينه وعاقداً يديه على صدره وهو كأسد على أهبّة الاستعداد للانقضاض على فريسته .

ابتلعَت ريقها بصعُوبة وهي تضَع الهاتِف جانباً بينمــا تتجـاهل نداءات هايلي المُتكرّرة من الهاتف ، تُـكرِّس كَـافّة تركيزها على عينَيه الغاضبة .

قالت أخيراً بعد صمت تصادم فيه ارتعابها و شرّه :
" لقد طال رنين الهاتف وتأخّرت أنت .. فـ " .

قاطعها :
" فأجـبتي ؟ " .

لا تعرف حقًّا بِمَ تُجيب . تمنّت لو تُشقّ الأرض وتبتلعها ،  ألقت ردّها الَّذي ستُجيب به بعيداً بتوتّر بينما هايلي صامتة بحذر تستمع لمحادثتهم الّتي تحتضنها وتتلحّفُها الأجواء مشحونة .

اخترقت عيناه خاصّتها بغيظ ثم تخطّاها متوجّهاً نحوَ هاتفه ، تنهّد تنهيدة عميقة مملوءة بالعواطف ، أمسك به ووضعه على أُذنه قائلاً

" أهلاً " .

بقيت صامتة قليلاً ثمّ أجابت بصوتها المهزوز كـبداية اتّصالها .

هايلي
"أ-أهـلاً " .

إيثان
" إذاً ؟ " .

هايلي
" في الحقيــقة ، ثمّة أُمور حدثـت ، في الأيام الماضيـة .. يجب ان نتحدّث " .

ايثان
"حسناً اممم ..  أين نلتقي ؟ " .

هايلي
" ولكن أحتاجُ مساعدة .. رجاءً ، فهل تُمانع؟ "

ايثان
" على الإطلاق " .

اتّسعت ابتسامتها برضى رغم جرحها الَّذي لم يُبرى ولكنّها أجابت متصنّعة السرور واللمبالاة ، كعادتها  ;
" بضع أكياس دماء من شقّـتي  ، و- و سأُرسل لك موقعي الآن " .

سألها بعد تردّد :
" قادم ولكن هل إنتِ في مكان يُسمح بإدخال .. هذه الأُمـور ؟ " .

هايلي
" أنا في فُندق ، سيقومون بتفتيشك لا تمانع البتّة فقط خبّئهم تحت بضع ثياب و مشروبات غازيّة " .

--

استنكر أمر فعلتها تلك ، لمَ لا تذهب هي ، ولماذا تمكُـث خارج شقّتها المعتادة .. وماهي الْأمُور الّتي حدثت في تلك الأيّام ؟ .

تردّدت الأسألة على ذهنه باستمرار ولكنّه أصرّ على التّجاهل وفعل ما طلبت منه .

نظر الى ديالا نظرة ازدراء أخيرة وخرج تاركاً إيّاها في عتمة غضبها وقهرها الَّذي ينمو شيئاً فشيئاً بجعبتها .

تنهّـدت بضيق وهي تنظر الى شتّى أنواع المأكولات ، صنعت لَهُ كلّ مالذّ وطاب بقلب إمتلأ بالحب ففاض على كُلّ قطعة من ذلك الطَّعَام .

مسحت دمعة هربت من محجرها وجلست على الكُرسي بجوارها تندُب حظّها وتتحسّر على حُبّها لقلبٍ أدركت للتوّ أنّـه لا يبادلها الحُبّ ذاته  ، تصرّفاته في الآونة الأخيرة بحدّ ذاتها كانت كفيلة لأن تفهم ديالا الأمر .

إن كانَ لا يُريدها فهي لم تجبره على مواعدتها او البقاء معها ، لا شيء يوقفه مِن ان ينفصل عنها ..
فما السّــبب !

هذه العلاقة المزيّفة ، هي لا تعلم ما يُخفيه ورائها حتّـى ، لذا ان تنسحب بهدوء ممّا إنخرطت فيه كان أفضل خيار في نظرها .

موقّتاً على الأقل او مدى الدّهر .. لا تعلم .

--

أسعد جداً لما أقرا تعليقاتكم وآرائكم بالشّخصيات والاحداث وغيرها ، أسعدوني 💗 .
⭐️+ 💬

--

تناثـُر الأحمـَر Where stories live. Discover now