وراسه تنظف بشدة ونبضهُ كان منخفض .. لذلك وقفت يسرية، تنظُر حولها، بالتأكيد أن تأخذه للخارج وبملابسه ستجذب الانظار، لذلك خلعت ملابسهُ .. وضعت العديد من ورق الشجر على جسدهُ حتى تخفيه، وركضت نحو البحر، والذي لم تجد به أحد .. وألقت بالملابس داخلهُ.. وركضت بالاتجاه المُعاكس..

نظرت لجثتهُ، وأخذته داخل شوالاً ضخمًا، يُجمع به المحاصيل، بعد أن وضعت معه ملابس قديمة.

 

وحملتهُ خلف ظهرها، كانت القرية التي بها الشاطيءِ تقع بالقُرب من قرية ريفية، لذلك خططت بدفنهُ بعيدًا عن المكان، ورغم ألم ظهرها إلا أنها كانت تشعر بنشوة نصر داخلها، ابنتها لم تنجب ولدًا، ولكن ميرال أنجبت الولد والبنت، ولأن هبة تعاني من قلة الخصوبة لن تكون هناك فرصة أخُرى بأن تحمل بعد الكثير من المحاولات..

ولأنها لازالت تشعر بتلك المرارة في صدرها، حين ذهب يونس خلف سمر وتركها في تلك القرية وحدها  تُعاني من وحدها، حتى مات بعد وفاة سمر بعدة أيام وكأن روحه لم تطق فُراقها، كم تشعر بالحقد والغيظ، وكم تعلم بأن موت الصبي سيحرق قلبهم جميعًا..

أسودت السماء سريعًا، ولحُسن الحظ –بالنسبة لها- لم يشك بها أحد، خاصة بأن الشوال كان يبدو عليه مليءِ بالملابس، وحين وجدت ارضا بالقرب من الطريق السريع ...

ألقت بالشوال أرضًا، وأستعدت حتى تحفر ولكن سمعت حولها خطوات و حديث بين رجلين، لذلك ركضت سريعًا خوفًا أن تنكشف، فركضت بعيدًا ...

ولكن كانا الرجُلين يمران بالقرب من الارض، ولم يكونا بالداخل، لذلك مروا دُون أن يشكوا بشيءِ...

**

كانت "نيرمين" تشعر بألم شديد بصدرها، لقد حاولت الكثير من المرات، ألا تصدق تلك التحاليل ولكن إرادة الله فوق كل شيءِ، نظرت إلى زوجها الذي لم يتأثر بتلك التحاليل بل لم يُبالِ، كلاهما عقيمين، منذ أن تزوجت وهي تحاول أن تجُرب العديد من الأطباء، وكان يُسايرها حتى اليوم .. الليلة قد عادوا من ألمانيا، وكل التحاليل تقول لا، ليس هُناك فرصة واحدة للانجاب، لا لها ولا حتى لهُ...

سقطت دموعها بشدة وهي تتذكر نظرة عينيه عليها، كانت تعلم بأنها إن كانت تنجب سيتركها لتتزوج وتكون أمُ ولكن أرادة الله أن يكونا هما الاثنين غير قادرين، شعرت بيدهُ التي وضعت على كفها، وشهقت بألم وهي تقول:

-       ممكن تقف على جمب، مش قادرة أخُد نفسي يا كاظم!

نظر عبر المرآة، ثم وقف بالقُرب من أرضًا زراعية، لم يكن مخطط أن يسلك ذلك الطريق، ولكنه يعلم بان نيرمين تحتاج وقتًا حتى تفيض دموعها قبل ان تقابل كارم وزوجتهُ مارية. وأن تتصنَّع الجمود وأنها لم تُبالِ بامر الخلفة..

زوجة العُمدة- الجزء الثاني.Where stories live. Discover now