الفصل الثاني والثلاثون

3.4K 295 87
                                    


الفصل الثاني والثلاثون

(التوأم)

منذ أن عاد إلى المنزل، وكل شيء تغير، أو الأحرى أن يوصف الوضع بأنه بات كما كان من قبل، حتى الوقت الذي كان يقضيه بصحبة والدته تقلص للغاية، وأصبح لبضعة دقائق، تكاد تعد على أصابع اليد، لتشرع بعدها في الالتصاق بزوجها وكأنها ظله، تخشى مفارقته فيهجرها، مجددًا تحول إلى كتلة مهملة، وغير مرئي. انزوى "أوس" في غرفته، مشحونًا بغضبه الداخلي، ومحاولًا تفريغ هذه الشحنات الحانقة في ممارسة لعبة الرماية بالأسهم. في كل مرة يخطئ في إصابة الهدف، كان يجبر نفسه على المران أكثر لإتقانها.

في خضم تركيزه، اقتحم "ممدوح" غرفته لافتعال المشاكل معه كعهده مؤخرًا، من أجل الاستمتاع بتقريعه، وتوبيخه، وكأنه ينفث عن طاقته الانتقامية به. هدر به عاليًا وهو يقف مستندًا بذراعه على الإطار الباب الخشبي:

-مش بنادي عليك؟

لم ينظر "أوس" تجاهه، وعامله بتكبرٍ حين خاطبه:

-ماسمعتش.

رد عليه "ممدوح" في تحفزٍ، قاصدًا تصيد الأخطاء له:

-ولا قاصد تطنشني؟

تجاهله الصغير متابعًا ما يقوم به، فألقى بالسهم تجاه اللوح الخشبي، وأصاب المنتصف، فابتسم في انتشاء لنجاحه في التسديد، اشتاط "ممدوح" غضبًا مما اعتبرها عجرفته المستفزة، وانفـــــجر صائحًا فيه بعدما اندفع تجاهه ليمسك به من تلابيبه:

-شوف يا ابن "مهاب"، إنت هنا موجود بأمر مني، ولو حبيت أزيحك مش هتاخد في إيدي تكة.

دفعه الصغير بعيدًا عنه، وهدده علنًا بتحدٍ:

-وأنا لو قولت لبابا عنك هتزعل.

ازداد غضبًا من جملته تلك، وهدر به:

-هي حصلت بتهددني بأبوك؟

ثم خفض من يده لينتزع حزام بنطاله الجلدي، قاصدًا تقريعه به، ما إن جذبه حتى ثنى طرفيه معًا ليبدو كالسوط، ثم رفعه وفرقع الهواء به مكملًا تهديده بابتسامةٍ خبيثة:

-إنت فعلًا محتاج تتربى.

قبل أن يدنو منه، صوب "أوس" بالسهم تجاهه، فأصابه في معصمه، فانفلت الحزام من يده، وصرخ "ممدوح" من الألم الشديد، ليلعنه بعدها في غيظٍ:

-يا ابن الـ ....

على إثر صرخته جاءت "تهاني"، ووزعت نظراتها القلقة بين الاثنين وهي تتساءل بتوترٍ متحير:

-في إيه اللي بيحصل هنا؟

وقبل أن يبادر "أوس" بالتفسير ادعى عليه زوجها كذبًا:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWhere stories live. Discover now