الفصل الثامن والعشرون

3.5K 302 23
                                    


الفصل الثامن والعشرون

(الغدر المُوجـــع)

وكأنها أميرة مُدللة، كل ما يأتي في بالها يُجاب قبل أن تنطق به علنًا، نعِمت "فردوس" منذ أن علمت بخبر حملها بسبل الراحة والاسترخاء، حيث منعها زوجها من ممارسة أي أعمال منزلية شاقة، قد تؤدي لإيذاء الوديعة الغالية التي أودعت في رحمها. وضعت الوسادة خلف ظهرها وهي راقدة على فراشها عندما رأت "عوض" مقبلًا عليها حاملًا بيده صينية مملوءة بكل ما لذ وطاب من الطعام. ابتسمت في رضا، وقالت ممازحة:

-إنت مكبر الحكاية يا سي "عوض".

لم يبدُ مهتمًا باحتجاجها الخجل من قيامه بتدليلها، وأسند الصينية على طرف الفراش، ليمسك بثمرة الليمون ويعصر قدرًا منها على حسائها الساخن، مدت يدها لتعترض على ما يفعل وهي تخبره:

-مافيش داعي تتعب نفسك.

رفع بصرها إليه، وعلق عليها بمحبةٍ صادقة:

-هو أنا بتعب لمين غير الغاليين؟

أعطاها الصحن الساخن لتتناول ما فيه، ودعا لها في تضرعٍ:

-ربنا يكملك على خير وتقومي بالسلامة.

بادلته نظرة استحسان كبيرة، ثم ارتشفت القليل بالمعلقة، قبل أن تسأله في شيءٍ من التردد:

-نفسك ربنا يرزقك بإيه؟

لم يضع الوقت في التفكير، وقال في حبورٍ مبتهج:

-كله خير من عند الله، كفاية إن ربنا إدانا هدية عظيمة من عنده.

هزت رأسها معقبة:

-ونعم بالله.

عمَّ السكوت بينهما إلا من صوت ارتطام المعلقة بالصحن، ليضيف "عوض" بعدئذ بصوت شبه جاد:

-بقولك أنا هسافر لأمي أعرفها، يمكن تفرح بالخبر.

وافقت على طلبه دون معارضة، وأوصته باسمة:

-وماله، بس ماتطولش في غيبتك.

تبسم مثلها، وهتف مشيرًا بيده:

-مسافة السكة.

......................................

في وضح النهار، وتحديدًا في الفناء الفسيح الملحق ببيته الجديد، وقف كلاهما ينظران بتدقيق إلى مجموعة من العلب الفارغة المتراصة على طاولة قديمة، والمتواجدة على مسافة عدة أمتار من موضع وقوفهما. تأكد "مهاب" من ضبط وضعية إمساك وحيده بالسلاح الناري، وراح يوصيه بتشددٍ رغم لين نبرته:

-عايزك تنشن صح، إيدك ماتتهزش.

استجاب صغيرة بهدوءٍ تام لما يمليه عليه، وأصغى إليه بإنصاتٍ وهو لا يزال يخبره:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu