الفصل الثاني والعشرون

4.4K 335 34
                                    


الفصل الثاني والعشرون

(البديل)

حينما وصلت إليه أنباء علتها الصحية، لم يتردد "عوض" للحظة في الذهاب إليها على وجه السرعة، لرؤيتها، والمكوث معها لعدة أيام، ريثما يطمئن عليها، ويعوض ما فاته بفراقها لسنواتٍ عنه؛ لكنها كانت كعادتها ساخطة، ناقمة، مشحونة بكراهيةٍ غير مبررة تجاه زوجته المغلوبة على أمرها. اشتد بصدره الوجيب، وامتلأ وجهه بعلامات الاستهجان، ووالدته لا تزال تُلح عليه في تصميم مغاير لما يريده:

-يا ابني اسمع الكلام وبطل مناهدة...

حول أنظاره عنها فأكملت بما يشبه الإهانة:

-دي أرض بور، ومافيش منها رجا، قعدتك معاها هتخسرك اللي فاضل من عمرك.

احتج على ظلمها المجحف، وصاح مستنكرًا بضيقٍ:

-أنا راضي بحالي معها، فمالوش لازمة الكلام ده؟

أمسكت بذراعه، وتوسلته بمكرٍ:

-وتزعل أمك؟

كان محاصرًا بين نارين، الظفر بمحبتها، وبمراعاة غيبة زوجته. زفر مليًا، وقال بتعابيرٍ ممتعضة وهو يحتضن كفها بيده:

-زعلك غالي عندي، بس أنا بتقي الله في مراتي.

كادت تنطق بشيء لتسخر منها فاستوقفها باسترساله وهو يستل يده من كفها بعدما أراحه على الفراش:

-"فردوس" اللي مش عجباكي دي وعمالة تجيبي من الأرض وتحطي عليها من غير ذنب وقفت معايا لما الكل إداني ضهره، وأولهم إنتي.

تجهمت على الأخير، فاستمر مضيفًا، وكأنه يبدي عرفانه بصنيع جمائل حماته الراحلة معه:

-أمها فتحت باب بيتها ليا، واعتبرتني ابنها، وعمرها ما قالت كلمة تزعلني.

تطلعت إليه والدته بغير اقتناعٍ، وظلت على هجومها القاسي:

-سيبك من الهري ده كله، كفاية إنك ماجبتش منها عيال، يعني مافيش حاجة تربطك بيها، سيبها وأنا عندي ليك ألف واحدة تانية غيرها.

وقتئذ اتخذ موقفًا مُعاندًا، وأصر على تمسكه بزوجته:

-"فردوس" مراتي وهتفضل على ذمتي لحد ما أموت.

احتقنت نظراتها للغاية، وسألته في نبرة موحية، لم تكن مريحة له:

-وأخوك؟

بدا متحيرًا في مقصدها، فأوضحت بأسلوبٍ فج:

-ترضى تخلي واحدة زي دي أخوك كان عينه منها؟

انخلع قلبه من حديثها المسموم، الذي يعلن في طياته عن حرب ضروس، وهتف في غضبٍ متصاعد:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWhere stories live. Discover now