الفصل السادس عشر

5K 381 43
                                    


معذرة على التأخير ..

أسيبكم مع الفصل الجديد بعد تذكرة سريعة بإضافة رواياتي الورقية لتطبيق أبجد الخاص بالقراءة ..

يمكنكم الاستمتاع بقراءة الأعمال الصادرة حديثًا وفي وقت سابق عليه


>>>>>>>>>

الفصل السادس عشر

(مكيدة ساذجة)

غادر الجميع تباعًا، تعلو وجوههم الفرحة والاعتزاز؛ لكنهم تركوها غارقة وسط إحساسها بالمهانة، والانكسار، لم تجد اليد الحنون التي تطبب من جراحها، أو حتى تهون عليها صعوبة ما اختبرته، ولم تشعر بالأمان في حضور من أصبح زوجها، كان كأنه لم يكن من الأساس، تخلى عنها وانساق وراء ما رغب فيه الآخرين. سالت دموعها أنهارًا، فبللت كامل وجهها، وأفسدت زينتها، فأصبحت قبيحـــة المنظر، ومع ذلك لم تكترث للحظة، فما أصابها مزقها من الداخل قبل الخارج.

وقف "عوض" على باب غرفة النوم حائرًا، مترددًا، لم يعرف ما الذي يجب عليه فعله لاسترضائها وتعويضها عما مرت به، تطلع إليها من موضعه مليًا وبإشفاقٍ حزين، كانت منكمشة على نفسها، توليه ظهرها، ترتجف إلى حدٍ ما، صوت بكائها المسموع إليه حز في قلبه بشدة، نكس رأسه بعدما هزها يمينًا ويسارًا أسفًا عليها. استجمع الكلمات في رأسه، وتكلم سائلًا إياها بحذرٍ:

-إنتي كويسة دلوقتي؟

استشعر سخافة سؤاله، فكيف لها أن تصبح في أحسن حال وهي منخرطة في نوبة بكاءٍ عنيفة؟ تدارك خطئه، ولم يتوقع أن ترد عليه، يكفيها ما هي فيه الآن، ازدرد ريقه، وتابع:

-حقك عليا، أنا لو كان بإيدي مكونتش خليت حد يجي ناحيتك، بس حكم القوي!

ارتفع صوت نحيبها، فأحس بالندم أكثر، فقال مغيرًا الحديث:

-أنا هسيبك على راحتك، نامي على السرير، وأنا هفضل برا.

لم تنظر "فردوس" تجاهه، بل أحنت رأسها لتخبئها بين ركبتيها المضمومتين إلى صدرها، وواصلت بكائها المرير. شعوره بالذنب تضاعف، فلم يكن أمامه سوى الفرار من هذا الإحساس القــــاتل، فأنهى حواره أحادي الجانب قائلًا بعدما التقط منامته من على طرف السرير:

-لو عوزتي حاجة نادي بس عليا.

انسحب في هدوء، وأغلق الباب ورائه ليعطيها مساحة من الخصوصية؛ لكن في الحقيقة كان يريد الهروب من هذا الجو الخانق المعبأ بكل ما هو موجع لكليهما!

.............................................

لم تتوقف عن معاتبة نفسها منذ عودتها إلى المنزل، فإحساسها بالذنب تجاه ابنتها كان ينهشها بشدة، بكت في صمتٍ كلما استحضرت في ذهنها طيفها وهي تستجدي عاطفتها الأمومية لنجدتها ممن يحاولون المساس بها بحجة الشرف والسمعة؛ لكنها ظلت أمام رجاواتها الحارقة كتمثالٍ من الحجر، لا تحرك ساكنًا، تخلت عنها، وتركتها للأيادي الغريبة تكشف سرها، على أمل أن تبتهج في النهاية بعفتها؛ لكنها لم تفعل حينما تم الأمر، كانت تحترق لأجلها، ينفطر قلبها حزنًا على اغتيــــال فرحتها. نظرت "عقيلة" إلى شقيقتها الماكثة معها في بيتها مطولًا، كانت الأخيرة مسترخية، لا يبدو بالها مشغولًا بشيء، لذا استطردت قائلة بصوتٍ شبه مختنق؛ وكأنها تؤنبها:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWhere stories live. Discover now