الفصل الثلاثون

5.6K 372 79
                                    


الفصل الثلاثون

(تُقى)

حينما استفاقت من سباتها، ظل عقلها للحظات متأرجحًا بين اليقظة والإغفاء، غير مدركة إن كان ما عاشته من أحاسيس تنوعت بين وله، وهيام، وانجذاب، والتحام هي نتاج نسيج خيالها المتعطش لذلك القرب الدافئ، أم أنه حقيقة وقعت وتمتعت فيها بكل لحظة مرت عليها معه.

ما أكد لها أنها لم تكن فريسة أحلامها الجامحة هو آثار رائحة عطره على الفراش، وثيابه الملقاة على الأرضية. راودها الأمل أنه ما زال موجودًا في الحمام، لهذا لفت جسدها بالملاءة، ونهضت عن الفراش، لتهرول بتعجلٍ إلى هناك. انقباضة قوية قصفت بقلبها حينما لم تجده، في التو عادت إلى غرفة نومها، تفتش في الدولاب عن ثيابه، وجدت المعظم متروكًا كما هو، فتنفست الصعداء، ورددت لنفسها:

-الحمدلله، هو موجود.

الطرق الهادئ على باب البيت جعل حواسها تتحفز، لم تعبأ بالخروج لفتحه وهي على تلك الحالة المخجلة، فقد اعتقدت أنه عاد من الخارج، أدارت المقبض، وجذبت الباب لتطل برأسها من الفرجة الصغيرة، تسمرت في مكانها مصعوقة حينما رأت "مهاب" وابنهما متواجدين عند العتبة.

لسوء حظها لم تتمكن من النجاة من هذا الموقف المشين، وتراجعت للخلف في توتر مرتبك عندما استخدم "مهاب" قبضته ليدفع الباب حتى يتمكن من الولوج ورؤيتها. النظرة المهينة التي انبعثت من عينيه أحـــــرقـــتها حية، خاصة حينما أتبع ذلك بكلامه الجارح ليوبخها:

-مفكرة نفسك شغالة في بيت دعـــــارة عشان تفتحي بالمنظر ده؟

أحكمت "تهاني" لف الملاءة حولها، وبررت بتلعثم:

-فكرتك جوزي..

ابتسم في استحقارٍ، فحاولت لملمة كرامتها المبعثرة بمتابعة الرد:

-وهو طبيعي يشوفني بأي شكل.

بنفس الطلة المهيبة، والنظرات المزدرية قال في هدوءٍ، ليزيد من إغاظتها:

-ما إنتي زيك زيه، ماتفرقوش عن بعض.

ابتلعت إهانته المتعمدة بصعوبةٍ، لم ترغب في إثارة المشاكل عبثًا، بينما حدق "أوس" في والدته بنظرات مستنكرة، قبل أن يركض تجاه غرفته ليختفي بها، فما يدور من جدال محتدم بين أبويه كان يؤلمه كثيرًا. انتظرت "تهاني" ذهاب الصغير لتبدأ في مهاجمته مجددًا وهي تشد بقبضتيها على طرفي الملاءة:

-جاي ليه يا "مهاب"؟

قديمًا كانت رؤيتها على هذه الحالة يستثيره، ويحرك غرائزه؛ لكن اليوم بدت في عينيه مجرد امرأة وضيعة، تصلح للمتعة فقط، لا للاستقرار. مجددًا سدد لها نظرة دونية، ليضيف في نفس اللهجة المسيئة:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWhere stories live. Discover now