الفصل السادس

6.1K 438 153
                                    


عذرًا على التأخير في نشر الفصل


الفصل السادس

(الاشتياق المُر)

فرغ المصلون من أداء صلاة العصر، ليجتمعوا بعدئذ في الخلفية، على شكل حلقاتٍ دائرية ليحيطوا بأحدهم، وعلى وجوههم ابتسامات سعيدة ومبتهجة، فاليوم هو موعد عقد قران "بدري" على من اختارها لتكون شريكته في الحياة. تأنق الأخير في ثيابٍ جديدة، تمثلت في سروال من القماش ذي اللون الرمادي، ومن فوقه وضع قميصًا أبيض اللون. جلس القرفصاء بجوار المأذون، ومن خلفه جثا "عوض" على ركبتيه، واستند بيده على كتفه ليدعمه، قبل أن يستطرد متحدثًا:

-ربنا يجعلها جوازة الهنا عليك.

رد باسمًا:

-يا رب.

بدأت المراسم بعد قراءة الفاتحة والابتهال للمولى عز وجل، بينما انتظرت النساء في المصلى الخاص بالسيدات يترقبن بحماسٍ وتلهف إتمام العقد على خير. كانت "فردوس" قد ارتدت عباءتها الزرقاء الجديدة، وجلست متربعة وسط المهنئات، وعلى ثغرها ابتسامة مسرورة وعريضة. تغاضت عن النظرات غير المريحة من والدة عريسها، وحادت ببصرها عنها، لتركز في الأرابسك الخشبي الفاصل بين جزء الرجال ومصلى السيدات، محاولة رؤية ما يحدث عبر الفتحات الصغيرة الضيقة. التفتت ناظرة إلى أمها عندما مالت عليها لتخاطبها في أذنها بشيءٍ من الحزن:

-مش كنا عرفنا أختك؟

تأملتها بنظراتٍ شبه مغتاظة، وردت بلا أدنى ذرة تعاطف:

-هي يعني كانت اتصلت ولا سألت من ساعة آخر مرة؟!!

أصرت "عقيلة" على إيجاد المبررات لجفاء ابنتها المتواصل، فقالت:

-أهوو كنا بعتنا ليها جواب على الأقل، بدل ما تبقى آخر من يعلم بجوازك.

راحت تذم شفتيها في غير رضا، ثم تكلمت في فتورٍ، ولمحة من العبوس قد أخذت تزحف على وجهها:

-صدقيني يامه، احنا مش فارقين معاها، ولا حتى جايين في دماغها أصلًا.

تنهيدة عميقة تحررت من صدر والدتها قبل أن ترفع بصرها للسماء وهي تناجي المولى بخفوتٍ:

-ربنا يردك يا بنتي بالسلامة.

حادت "فردوس" ببصرها عن أمها، وتطلعت إلى خشب الأرابسك لتردد بسخطٍ في غير صوتٍ:

-اللي زي "تهاني" مصدق إنه نفذ بجلده من هنا، تقوليلي تفتكرنا!!

نفضت عن عقلها التفكير في شأنها، وتابعت وهي تشرأب بعنقها محاولة رؤية ما يدور:

-خليني أنا في حالي ومالي.

..................................................

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةOnde as histórias ganham vida. Descobre agora