الفصل الخامس

6.8K 463 226
                                    


الفصل الخامس

(مكرُ الثعالب)

تراصت المقاعد الخشبية المستأجرة بمحاذاة الحيز الشاغر في صالة المنزل بعدما تم إزاحة معظم الأثاث، ليكون ملائمًا لاستقبال الضيوف في هذه الليلة المميزة. كما تولى أحدهم تعليق الزينات والأنوار البراقة، وأضاف آخر حاملًا من الورد وضعه بين الأريكتين المخصصتين لجلوس العروسين في منتصف الحضور. أشرفت "عقيلة" على غالبية من تطوع للمساعدة في إنجاز ما ينقص، وتولت بنفسها تجهيز قوالب الحلوى، وتحضير الشربات والعصائر الطازجة، في حين قامت شقيقتها "أفكار" بتقطيع الفواكه، وحشو الشطائر بقطع الجبن واللحم لتوزيعها على المدعوين، بينما جلست "فردوس" بداخل الغرفة لتقوم جارتها "إجلال" بمعاونتها في تزيين وجهها بمساحيق التجميل.

توافد المدعوون بعد صلاة العشاء تباعًا، وقامت إحداهن برفع صوت المذياع على أغاني الأفراح الطربية، مع إطلاقها لعدة زغاريد مبتهجة، كنوعٍ من الاستعداد لاستقبال عائلة العريس، فقد كانت والدته في المقدمة، واضعة ابتسامة متكلفة على محياها، بدت وكأنها غير راضية عن هذه الخطبة، استقبلتها "عقيلة" بترحيبٍ حار، وأجلستها على الأريكة المجاورة للعروسين، ثم صافحت العريس، وشقيقه الأكبر، وأشارت لإحدى الفتيات بإبلاغ العروس بوصول خطيبها. تعالت أصوات الزغاريد الفرحة المصحوبة ببعض التصفيقات، ليتزاحم الحضور بعد بضعة دقائق انتظارًا لخروج العروس من الداخل.

تحرك "شفيق" من مكانه ليجلس مجاورًا للعريس، مال عليه، وهمس له بشيءٍ من الغل:

-ملاقتش إلا دي يا "بدري"؟

ضغط على شفتيه للحظةٍ، ثم أخبره بعد زفرة سريعة:

-على أد ظروفي.

خاطبه بحقدٍ يملأ صدره:

-يا ابني إنت تستاهل أحسن من كده، دي أختها صعب، وعملت فيا اللي ما اتعمل، وفي الآخر طردتنا.

بناءً على تعامله الشخصي معها، وحديث خالتها "أفكار" عن طبيعتها المسالمة، كان مدركًا إلى حدٍ كبير للفارق بين كلتيهما، لذا رد مدافعًا عنها:

-"فردوس" غيرها.

أصر على رأيه هاتفًا بتصميمٍ:

-الدم واحد، اسمع مني...

لم يبدُ "بدري" مقتنعًا بما يفوه، فلجأ إلى إخباره بنوعٍ من الذم:

-ده غير إن شكلها مش أد كده، في ألف واحدة أحلى منها بكتير.

ظل مطرقًا رأسه وهو يرد:

-أهوو النصيب.

انتقل الشقيق الأكبر من موضعه ليجلس في الجهة المقابلة لشقيقه، وتساءل باسمًا:

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWhere stories live. Discover now