الفصل الخامس عشر - الجزء الثاني

5.1K 381 76
                                    



ما طواه التامور وطمره ..لا تنسوا رواياتي الورقية متواجدة الآن في سلطنة عمان في جناحنا إبداع ضمن فاعليات ..المعرض مستمر حتى الرابع من مارس، وجناح إبداع في قاعة 4 رقم



الفصل الخامس عشر – الجزء الثاني

(ليلة مغلفة بالدموع)

ما لم تفهمه حتى هذه اللحظة، هو إصرار رفيقه على ملازمتها كظلها ليل نهار، وكأن لا عمل له سواها هي وحدها، يبذل أقصى طاقاته للترفيه عنها، والترويح عن نفسها، فتنسى الفترة العصيبة التي مرت بها. استنكرت "تهاني" استغراقها في التفكير في شأنه أكثر من الحد المقبول، وكيف لها ألا تفعل وقد استحوذ على الفراغ الطويل المستبد بها بحضوره وتسليته في ظل غياب زوجها المستمر؟ لن تنكر أنه أظهر لها جانبًا من الاحترام، ذاك الذي تمنت أن يكون صادرًا من شريك حياتها المزعوم؛ لكن للأسف الأخير تعامل معها كوعاءٍ لإفراغ عواطفه بها، لا ككيان رقيق وهش، يحتاج للعناية والرعاية.

زجاجة العطر التي أهادها لها "ممدوح" بعد ليلة دافئة وعامرة بالاهتمام، كانت شاهدًا على الفارق بين الصديقين في المعاملة، نثرت "تهاني" رائحتها المثيرة على جسدها وهي مُسجاة على سريرها، استنشقت عبيرها الساحر بعمقٍ، حتى شعرت بها تُسكرها، تبسَّمت في مرارة، وخاطبت نفسها في ندمٍ:

-مش لو كنت صبرت شوية، كنت آ...

عجزت عن إكمال جملتها للنهاية، وكأن الكلمات تجمدت على طرف لسانها، فلم تستطع الإفلات من بين شفتيها، كان من غير الصواب أن تعقد مثل هذه المقارنة بينهما؛ لكنه من دفعها لذلك بتصرفاته القاســــية معها. تغلغلت الرائحة أكثر في رئتيها، فتذكرت كلام "ممدوح" معها وهو يستحثها على العودة لمتابعة دراستها مع وعده بتقديم كامل العون لها لتحقق ذاتها، جرفها ذلك الإغراء العلمي للتمسك بأملٍ جديد في عدم الاستسلام لحصار "مهاب" المهلك، عليها بمقاومته، فإذ ربما تظفر بأي شيء ينسيها خطئها.

...............................................

امتلأ السطح عن آخره بالمدعوين من الجيران والمعارف والأقرباء لحضور حفل الزفاف الشعبي، خاصة مع انتشار الشائعات والأخبار عن طبيعة هذه الليلة الخاصة، لكونها تمس سمعة وشرف إحدى قاطنات المنطقة. بدا الجميع متشوقًا لمشاهدة ما يحدث فور وقوعه، لذا كان الزحام غير عادي بالنسبة لعائلتين لا تملكان الكثير من الصلات القوية. شعرت "فردوس" وهي تجلس على المقعد الخشبي المبطن بقماش القطيفة الأحمر، مجاورة لزوجها الجالس على مقعد مماثل، بوجود خطب ما، فالأعين كلها مرتكزة عليها بشكل أرعبها، وكأنهم ينتظرون منها شيء ما زالت جاهلة به.

رحلة الآثام - الجزء السابع - سلسلة الذئاب -كاملةWhere stories live. Discover now