البارت الأخير

105 14 8
                                    

لم نعش كل هذا بلا سبب 🌼

_. _. _. _.. _. _. _. _. _. _.

الحياة صعبة، مرهقة، مؤلمة، محزنة، أدري، ولكنها ليست هكذا دائماً، هناك بعض الأشياء الجميلة التي يجب أن نحارب لأجلها، نحن لم نعش كل لحظاتنا الجميلة بعد، لم نقابل كل الأشخاص الذين سنحبهم بعد، لازال هناك الكثير لنراه، الكثير لنتعلمه و نتعلم منه ،لازال هناك تجارب يجب أن نخوضها، أشخاص يجب أن نقابلهم، قصص سنرويها، لحظات سنحياها و نضحك بها و أخرى سنبكي بها، لازال هناك الكثير.
و ما مررت به، أدري أنه ليس كل شيء، لازلت في بداية حياتي، لازال هناك الكثير سأحياه، ولكن هذه المرة، أريد أن أعيشه برفقة أقرب شخص إلى روحي، أريد أن تكون كل التجارب القادمة في حياتي برفقة إسحاق، ليس أنسب شخص على وجه الأرض، ليس ذلك الرجل الناضج الذي يدري ماذا يريد من حياته، ولكنه يحاول .
و بعدما علمت نور بما قام به لأجلي باتت تعامله كما تعامل عائشة، أظنها أحبته أكثر مني! ولكن لأكون صادقة، نور احتوتنا جميعاً، حين جئنا إلى هنا كنا بقايا بشر، هي و رسلان ززقهما الله بقلب لم أرى في حياتي مثله قط، الطريقة التي يتعاملون بها مع ميرا و إسحاق لا تختلف عن الطريقة التي يعاملانني انا و عائشة بها.
و الآن؟ نحن عائلة، نحن حـ.. سحقاً!!
عدت إلى الواقع على رائحة شيء يحترق، يا الهي ليس مجدداً!
أطفأت الفرن بسرعة و ما إن فتحته حتى خرج ضباب أسود في وجهي، بحثت عن قطعة قماش لأنقذ ما تبقى فسمعت صوتها من خارج المطبخ
- بـــيان، ما تلك الرائحة؟!
عضت على شفتي السفلى، هل أخبرها أنني أفسدت لها صينية أخرى؟! حمحمت بسرعة و قُلت
- أً... ادخن، انا ادخن السجائر.
- انتي ماذا؟!!
لا ادري هل أنشغل بها أم بذلك الشيء أسود اللون في يدي! وضعته على الرخام بسرعة و انا أنظر إليه بحسرة، أنا فاشلة، أفسد الأشياء هذا ما أقوم به.
- ما هذا؟!!
إلتفت بسرعة على صوت نور، كانت تعافر كي تلتقط أنفاسها من وسط ذلك الدخان.
- حسناً اسمعي ، كنت أقف أمام الفرن هذه المرة ولكن لا ادري ماذا حدث.
-ما هذ.. اوه
نظرت إلى ميرا التي جاءت و لم تختلف نظراتها عن نظرات نور كثيراً.
- لأنني بذراع واحد لم استطع إخراجها في الوقت المناسب.
نظرت إلى كتفي الملفوف بالشاش و قُلت
- انظري؟ لازلت مريضة ليكن بعلمك.
- حسناً بيان ، أخرجي من المطبخ.
- الا تريدين مساعدتي؟
قلبت عينيها و دخلت ترتب تلك الفوضى فقالت ميرا
- أخبرتك لا داع للمساتك الفنية.
عضت شفتي السفلى بخجل، و قُلت
- أتعلمان ، ربما انا بحاجة لإستنشاق بعض الهواء.
إلتقطت العصا من على الجدار و هرعت إلى الشرفة فسمعت ميرا تقول بصوت مرتفع
- أهربي أهربي، إسحاق لن ينفعك في شيء هذه المرة.
لم أعقب و ما إن خرجت إلى الشرفة حتى وجدته جالساً على السور في الشرفة المجاور و قدميه متدلية إلى الخارج يدخن بهدوء، ابتسم و سألني
- ماذا أحرقت اليوم بوڨي؟
قلبت عيناي و أقتربت من الشرفة لأستند على السور و أجبته
- كعكة.
همهم فسألته مغيرة مجرى الحوار
- هل عاد رسلان؟
- لا ، ليس بعد.
- هل تحدثتما مجدداً بشأن ما عرضته عليك الحكومة؟
- لا ، أخبرتك أنني لن أعمل مع الحكومة بوڨي.
- الا يمكنك أن تعمل معهم من دون أن تقوم بأشياء سيئة؟
ضحك و حرك رأسه نافياً و أجاب
- هذا الإختيار غير متاح.
- ماذا ستفعل إذاً؟ ستنتهي نقود راكان عاجلاً أم آجلاً، أدري أنك بحاجة إلى فترة نقاهة بسبب كل ما مررت به ولكن أنظر ، نحن هنا منذ أسبوعين.
انتبهت إلى الهاتف الصغير في يده حين بدأ يعبث به، قضبت حاجباي و قُلت
- هذا يشبه الذي أعطاه مسلم لميرا!
- أجل كنا نتواصل من خلاله .
ضيقت عيناي و سألته بفضول
- لماذا هو في يدك إذاً؟ مع من كنت تتواصل؟
أخذ نفساً عميقاً، أعاد رأسه للخلف و أغمض عينيه قائلاً
- أهخ بوڨي ، ماذا أخبرك!
بدأ أنفي يحكني، يا الهي لا أستطيع كبح فضولي، أقتربت و سألته
- ماذا حدث؟ ماذا هناك؟
عاد لينظر إلي و أجاب
- وافقت على طلب إيريك.
- ايريك؟ أتتواصل معه؟ أي طلب؟ يا الهي إسحاق قل ما لديك مرة واحدة!
أخذ نفساً عميقاً، الحقير يتلذذ برؤيتي أعاني من فضولي
- المدينة الطبية تنهار، لا يوجد أحد لريادتها.
نظرت له بصدمة و سألت
-الهيكل التنظيمي بأكمله مات!! جميعهم؟ جميع المدراء و المسؤولين؟
- أخبرتك، أحرقت المكان بمن فيه.
- يا الهي هذا سيء! ظننت الحكومة تديرها!
- نفت الحكومة معرفتها بشأن التجارب و عبرت عن مدى إستياءها لهذا الأمر، فسحبوا قواتهم عن المدينة و اوقفوا الدعم المادي.
- ماذا ستفعل إذاً؟
- أتصل بي ايريك و طلب مني الذهاب و ريادة المدينة، بحكم أنني مع الأسف ابن راكان و أعلم كيف كان يدير ذلك المكان، لن أستطيع القيام بهذا من دونك لذا...
قاطعته بسرعة
- أتمزح؟!! يا الهي إسحاق انت تقول الحقيقة أليس كذلك؟
اماء عدة مرات، فتابعت
- بالطبع سنذهب، سننقذ هذا المكان مهما تطلب الأمر و.. يا الهي أنت حقاً ستقوم بهذا.
- كنت أعلم أن هذا سيجعلك سعيدة لذا وافقت.
تبدلت نبرته حين قال
- ولكن تعلمين أنني ما كنت لأقوم بهذا ، ليس بعد ما عشته هناك.
- و هذا سبب آخر لوقوعي في حبـ...
بترت جملتي و وضعت يدي على فمي كي أُخرسني، ضيق عينيه و ابتسم سائلاً
- ماذا قلتي؟
- لا شيء
- هيا بوڨي، على الأقل لاسمعها مرة واحدة في حياتي.
- لن يحدث.
قلب عينيه و تمتم بضيق
- حسناً، كما شئت.
عاد إلى السيجارة في يده من جديد فنهرته
- توقف عن التدخين، من أين تأتي بها من الأساس؟ رسلان لا يدخن حتى!!
- ذلك الوغد ما أسمه؟
ضيقت عيناي و سألت
- عثمان؟
- أجل، سرقتها منه.
زفرت بضيق و مع ذلك فمن الداخل أكاد أُلقي نفسي من السعادة، دخلت نور الشرفة و سألت بفضول
- فيما تتحدثا؟
إلتفت لأنظر إلى إسحاق لأتأكد من أنه لا يُمانع إخباري لها، ولكنه كان شارداً في شيء ما لذا عدت إلى نور و أجبتها
- سنذهب إلى المدينة الطبية.
تبدلت ملامح نور إلى القلق و سألت
- ماذا؟! لماذا!
اتسعت إبتسامتي وانا أكمل
- سحبت الحكومة دعمها من هناك ولا يوجد أحد ليدير المكان غير إسحاق ، لا أحد يعرفه كما يعرفه هو.
وضعت صحن الفاكهة في يدها على السور بين الشرفتين و قالت بحنو
- ولكن بيان ، أنظري إلى نفسك، لن أتركك تذهبي ليس مجدداً.
تدخل إسحاق أخيراً بعدما نزل من على السور
- ستكون معي، ستكون بخير.
أضفت على ما قاله
- أجل، كما أن ذلك المكان هو بيتي الثاني، لا أستطيع ترك المرضى هناك يُعانون هكذا ولا أساعدهم.
أمسكت كفها و تابعت وانا ابتسم
- هذه المرة الوضع مختلف، صدقيني.
- بيان انتي كلما خرجت من الباب جلبت بعض المصائب و عدت، منذ صغرك وأنتي هكذا.
ابتسمت بخجل و لم أعقب فنظرت إلى اسحاق و قالت
- اسحاق ، انا أعلم انك شخص جيد و أنك ستقوم بأي شيء لحماية بيان، ولكن بعد ما مرت به لن أستطيع تركها.
- ولكنك لن تكوني معها إلى الأبد، أليس كذلك؟
التزمت نور الصمت للحظات و كم عجزت عن تفسير تعبيراتها ولكن بالطريقة التي نظرت بها إلي، إلى إسحاق، أظنه ضايقها بما قال، حمحمت ثم قالت بجمود
- أخبرتكما بما لدي، بيان لن تذهب إلى ذلك المكان مجدداً
ثم تابعت مغيرة مجرى الحوار
- تناولا الفاكهة ريثما ينتهي الطعام.
ما إن تركتنا و دخلت حتى سألني إسحاق
- أهي غاضبة؟
-أظن ذلك.
إلتقطت فراولة من الصحن و تابعت
- و مع ذلك فلن أدعها حتى توافق، لا تقلق.

خارج نطاق الخدمة | Out Of Order Where stories live. Discover now