البارت الثامن

56 11 3
                                    

تريدين لقلبي ان يتسع لعالمك في حين أنه لا يتسع إلا لك🥀
_________. ________. ______

هناك مدينة أسفل المدينة، هناك جحيم تحت الأرض، شيء لا يجب أن يراه أحد، روبيرت، سيقومون بقتله بعدما يحصلوا على ما يريدونه منه، هل عُدي معهم؟ هل سيقتله؟ هل سيقتلني حين يتعافى روبيرت أيضاً؟
لن أسمح لهم بذلك، لن ادعهم يقوموا بذلك.
لن اسمح لهم بذلك، لن ادعهم يقوموا بذلك.
لن أفعل ، لن أفعل ، لن أفعل.
غسلت وجهي بالماء البارد، نظرت إلى انعكاسي في المرآة
أشعر بالإرهاق، نظرت في ساعة يدي، الساعة 3:00ص.
أخذت نفساً عميقاً و خرجت من الحمام متوجهة إلى غرفة روبيرت.
....
طرقت الباب و دخلت، نظرت الى الكاميرا، اللمبة الحمراء ليست مضيئة، على الأرجح عُدي نائم، اقتربت من روبيرت بدا لي نائماً هو الآخر، اقتربت منه أكثر و همست له
  - روبيرت... روبيرت استيقظ
  لا رد، لا حركة،. نكزته عدة مرات حتى فتح عينيه، نظر حوله، نظر إليّ، رفع حاجباه و ارتسمت ملامح التعجب على محياه.
  - هيا لتدخل الحمام.
  قضب حاجبيه ، امتعضت ملامحه و قبلما يتحدث نظر إلى الكاميرا، عاد لينظر إلي و همس بصعوبة
  - لا، أريد.
  - بلى ، انت تريد... هيا يجب ان نتحدث.
  ساعدته على النهوض ، بالكاد فتح عينيه. أحضرت مقعده و قمت بتثبيته بالقرب من السرير.
و كما فعلت سابقاً فعلت الآن، صعدت على السرير، ساعدته على النهوض، ظهري يؤلمني ولكن لا بأس، نزلت بسرعة، لازالت لمبة الكاميرا منطفئة، هذا جيد.
سحبت كُرسي روبيرت إلى الحمام، أعاد رأسه إلى الخلف بتعب و أغلق عينيه.
خرجت إلى الخارج و قمت بسكب الماء على سريره ولكن بعيداً كفاية عن الموتور الموصل بمرتبته الطبية، كي يظهر في الكاميرا ان شيء ما على الملاءة، سأقوم بغسلها كلها على أي حال حين انتهي كي لا يشك عدي بشيء.
ما إن تبللت الملاءة حتى أخذتها و القيتها أرضاً بإهمال.
فتحت خزانته و أخرجت له كنزة و منشفة.
دخلت الحمام و نزعت كنزته التي يرتديها، نظر إلي بإحتقار، لا ادري ما الذي يدور في رأسه الآن ولكنني أحاول المساعدة هنا، بللت بعض أجزاء الكنزة و خرجت ملقية إياها بالقرب من الملاءة، هذا جيد.
عدت إلى الحمام و ساعدته على ارتداء الكنزة الأخرى التي أحضرتها له كي لا يُصاب بالبرد، لا ادري كيف أنجزت كل ذلك بسرعة ولكنني قُمت به على كل حال.
انتهيت و استندت على الحوض خلفي، نظر إلي و سأل بصعوبة
  - ما.. الأمر؟
  أخذت نفساً عميقاً، لا ادري ماذا علي ان أصدق بعد الآن ولكن على الأقل لأقوم بجمع الصور كلها.
  - أنا اعلم سبب تواجدك هنا. 
  اشاح بوجهه بعيداً عني، بدا عليه الضيق، تمتم
  - هذا سيء
- ولكن ما لا افهمه هو، ماذا يريدون منك؟ ما الذي تخفيه؟
عاد لينظر إلي، لوهلة بدى لي عدوانياً، قضب حاجبيه و على الرغم من معاناته في الحديث الا ان نبرته كانت حادة حين أجاب
  - ليس من شأنك... توقفي عن العبث فيما لا شأن لك فيه... إن اردت البقاء.. على قيد الحياة.
  يتحدث معي كأنه يتحدث إلى الطفلة، صررت على أسناني للحظات ثم قُلت بحدة
  - يريدون قتلك.
  - أعرف.
تفاجئت من بروده حين قالها، و كأنه أمر لابد منه، و كأن هذا هو المقدر له، أمر تم التخطيط له وانا آخر من يعلم!
  - تتحدث و كأنك لا تبالي.
  - لأنني.. لا افعل.
  - انت كاذب.
  لا ادري لماذا قُلتها بذلك الشكل، لماذا اتحدث هكذا، انا افقد السيطرة على اعصابي،و مع ذلك فتابعت.
  - لو لم تفعل لما تظاهرت بالمرض طوال تلك الفترة... إن كان هذا ما تحاول اقناع نفسك به لتتوقف إذاً، لتخبرهم الحقيقة.. اما ان تعطيهم ما يريدون، او تخبرهم بأنك لن تفعل ابداً.
  نظر مباشرة إلي بيعناه الغير متطابقة، عيناه تُخيفني كثيراً، خالية من الحياة ولكنها ساحرة، ساحرة بشكل مخيف.
  - ما الذي تسعين له؟
  سألني بهدوء، هدوء يشبه هدوء المقابر، ابتلعت ريقي و نظرت إليه، لا ادري،. اقسم انني لا ادري ماذا اريد، انا مشتتة،حقاً مشتتة.
  - يجب أن اخرجك من هنا.
  لا أعلم كيف نطقت بها ولكنني فعلت، لا اعلم إن كنت قوية كفاية لشيء كهذا، إن كان ذلك القرار صائباً حتى
لكن هذا ما شعرت به، ربما هذا ما أريد تصديقه.
ابتسم ساخراً ، قلب عينيه و قال
  - بيان ، انتي... تهذي
  - انا لا أفعل
   احتدت نبرته، صوب نظراته نحوي كالرصاص و قال
  - قُلت لك أن.. تُغادري و ليس أن نُغادر.
  - و أتركك هنا وانا أعلم أنهم يريدون قتلك! هذا مستحيل.. لن أفعل.
  - سيقتلونك قبل. ا.. ن تفكري في هذا.
  - من ؟
  - القائد... و رجاله.
  لماذا لم اتفاجأ من ذكره للقائد؟ أوه، لأن تلك الأمور تليق بشخصية صارمة مثله.
  - لن يفعلوا ، سأبذل قصارى جهدي كيلا يفعلوا.
  - بيان... أنظري إليّ..انا عاجز.
  استطعت الشعور بحزنه حين قالها ، خرجت من قلبه،بدا و كأنه يخشى التشبث في أمل لن يحدث.
أنحنيت إلى مستواه و قُلت
  - لا، سأساعدك حتى تتعافى، و حين تستطيع الوقوف على قدميك وقتها سأخرجك من هنا.
  نظر إلي ببرود ، تعبيراته جامدة، عجزت عن ترجمة ملامحه، و بعد ثوان قال
  - أعيديني.
  أغلقت عيناي بيأس ، لن يكون الأمر سهلاً، أعرف، ولكن على ما يبدو و أنه عنيد كالماعز، أشتقت إلى صمته حقاً!
دق هاتفي بالخارج، خرجت بسرعة، القيت نظرة على الكاميرا،. اللمبة مضيئة... الا ينام ذلك الرجل؟
أخذت هاتفي من على المقعد "عُدي"
  - مرحبا، دكتور عدي
  - مرحباً بيان.. أكل شيء على ما يرام؟
  صوته نائماً ، اتمنى الا يطيل في المكالمة
  - لا.. روبيرت تقيأ ، سعل كثيراً اثناء نومه حتى تقيأ. فاتسخت كنزته و الملاءة
  - اووه حقاً! و كيف هو الآن؟ هل حرارته مرتفعة؟
  - يبدو لي أفضل حالاً، حرارته ليست مرتفعة، ربما ذلك بسبب عدم إنتظامه في تناول الطعام، اليس كذلك؟
  - اجل، على الأرجح... هل أرسل لك شخصاً؟
  - لا لا لا،. لا تفعل أرجوك، سأتولى الأمر لا تقلق.
  لا ادري لماذا تسارعت ضربات قلبي من عرضه، ولكنني شعرت بالخوف، صمت هو للحظات، تنهد و قال
  - انتبهي إلى نفسك إذاً.
  - حسناً،. لا تقلق.
  أغلقت الخط و نظرت إلى الكاميرا، اللمبة لن تنتطفئ قبل أن يخرج روبيرت على الأرجح.
ابتسمت و أشرت له من خلال الكاميرا، و حين عُدت إلى الحمام قال روبيرت ساخراً وهو ينظر إلى إنعكاسه في المرآة
  - ستخرجينني من هنا أجل... سيكون ذلك سهلاً.
  ثارت الدماء في عروقي،. اقتربت منه، اسندت يدي على ذراع كرسيه و قُلت بحدة متحدية إياه
  - سأخرجك من هنا شئت أم أبيت، ستتعافي و تخرج.
  اقترب مني و قال وهو يصر على أسنانه
  - لم أخاطر بحياتي و أحذرك من البقاء لتلتصقي بي.
  أقترب أكثر و قال بجدية
  - إهربي يا بيان، هـ. ذه.. فرصتك الوحيدة، إهربي قبل أن يعرفوا بما علمتي.
  - لن أفعل.
  - بلى
  - لن أفعل
  - بلى
  - لن أفعل، القرار قراري هنا.
  ابتعدت عنه و رفعت مكابح المقعد ناهية أي مجال للنقاش، سحبت المقعد إلى الخارج، لازالت اللمبة مُضيئة.
أخرجت ملاءة جديدة من الخزانة و قمت بوضعها على السرير و بعدها ساعدت روبيرت على النهوض ليستلقي على السرير، استطعت الشعور به يحاول، شعرت به يحاول تصليب عضلات قدميه لكي يخفف عني ولكن كان هذا بلا فائدة، على ما أظن بأن ذلك الشعور دمره نفسياً.
فما ان استلقى حتى أغلق عينيه، لم ينظر إلي، ولا حتى بعدما انطفأت اللمبة.
.....
جميعهم نيام حتى إسحاق، انتهزت الفرصة و ذهبت لأبحث عن فيروز ولكنني لم أجدها، اتمنى ان تكون بخير
اتمنى الا تلومني على ما حدث.
لا أعلم كيف مر  الوقت، ولكنه كان بطيئاً كفاية تاركاً إياي مع عقلي، هذا مخيف، هل حقاً سأخرج روبيرت من هنا؟ ولكن مهلاً.. لماذا أثق كثيراً بأنه هو الضحية هنا؟ ماذا إن كان يُخفي شيئاً لا يجب أن يتم إخفاءه؟ إن كان سجيناً.
لماذا وثقت بما قاله إسحاق؟ يا الهي هل سأساعد على هروب سجين؟ شخص خطير؟ ولكن، إن كان كذلك لما رفض مساعدتي، لما حذرني من البقاء، كان سينتهز الفرصة ويطلب المساعدة، يُضحي بحياته كيلا يُظهر ما يخفيه، ولكن اليس هذا ما يقوم به بعض الارهابيون؟ يضحون بحياتهم في سبيل أفكارهم المتطرفة.
توقفي عن التفكير
توقفي عن التفكير
توقفي عن التفكير
رأسي يؤلمني، حمداً لله جاء عُدي باكراً اليوم، كانت الساعة 6:30ص حين قابلته في الطابق الرابع أمام المصعد.
ابتسمت و كم شق علي هذا
  - صباح الخير، أتيت باكراً!
  بادلني الابتسامة و أجاب
  - صباح الخير، أجل، لم استطع التوقف عن التفكير في روبيرت، حين أخبرتني بأنه تقيأ خشيت من أن يكون أصيب بالحمى مجدداً.
  رفعت حاجباي للحظات مدهوشة من براعته في التمثيل، امأت له و أخبرته بهدوء
  - لا، لا أظن ذلك، كما أخبرتك حرارته لم تكن مرتفعة.
  - هذا جيد.
  - أجل
ساد بيننا الصمت للحظات قبل أن يسأل
  - إذاً.. هل تناولت إفطارك؟
  اهو يمزح؟ ابتسمت و أجبته كاذبة
  - أجل، قبل قليل
  - هذا مؤسف.
  -نستطيع تعويضها بالغد لا عليك.
  - حسناً.
  صمت للحظات ثم سألني
  - إذاً.... هل واجهتك أي صعوبة اليوم؟
  - لا لا، كان كل شيء على ما يرام
  بدأت بإخباره بتقارير اليوم، الملاحظات التي أخذتها عن كل مريض، مارتينا تتذكرني في بعض الأحيان ولكن هذا نادراً ما يحدث، صابرين بقي عدة أيام حتى تخرج من ذلك  "الجحيم" المكان ، حالة علي لن تتحسن عما هي عليه ولكن طالما حالته لا تتدهور و الأوضاع مستقرة فهذا جيد.
  - إسحاق بدأ يتحدث معي، في الواقع لقد طلب الخروج من الغرفة و التنزه قليلاً، ربما هو بحاجة إلى ذلك التغيير،. اليس كذلك؟
  نظر إلي بدهشة و ابتسم مجيباً
  - هذا رائع! لا أصدق أنه طلب هذا بنفسه.
  ابتسمت و أجبته
  - اجل، انا ايضاً لا أصدق ذلك.
  - لأخبر ايريك كي يصطحبه إذاً
  - لا لا، انا أرغب في التنزه معه، ربما يجعله ذلك يثق بي و يتحدث معي.
  - حسناً، كما تشائين.
  ابتلع ريقه ثم تابع بشرود
  - ليس سهلاً نيل ثقة اسحاق.
  قضبت حاجباي و سألته بفضول
  - أكنت تعرفه قبل قدومه إلى هنا؟
  و كأنه إنتبه إلى ما قال حين عاد ليصوب انظاره تجاههي، صمت للحظات، اماء و قال بحزن لامسته في نبرته
  - لقد تربينا معاً، كان بمثابة أخي الأصغر.
  - ماذا حدث إذاً؟
  لماذا انا فضولية هكذا؟ لا حقاً ، ما شأني؟
  - لا ادري، لم أعد اعرف من هو بعدما عاد من الحرب، لا يثق بنا، يكرهنا جميعاً، يكره رؤيتنا، يعيش في أحداث متكررة داخل عقله.
مسح وجهه و تابع
-حين رحل كان لازال صبياً صغيراً، و حين عاد بدا كرجل في التسعين من عمره، لا يدري ماذا بقي ليعيش لأجله!
ضاق صدري و تألمت لما سمعت، تفرست ملامح عُدي بحثاً عن اي نوع من انواع الخداع، الكذب، ولكنه كان صادقاً في كل كلمة قالها، صادقاً في حزنه، ولكن اليس هذا ما اراه دوماً في عينيه؟ الحزن؟
  - انا آسفة.
  ابتسم و أجاب بسرعة
  - لا، لا عليك، لحسن الحظ أنه بدأ يتحدث معك و يتقبل وجودك.
  بادلته الابتسامة و أجبت بصدق
  - اجل، لحسن الحظ
  صمتنا للحظات قبل ان اقطعه بقولي.
  - على كل حال، سأرحل الآن.
  اماء لي فضغطت على زر المصعد خلفه.
  - هل الهاتف معك؟
  قالها فجأة ليذكرني به، امأت له و وضعت يدي في جيبي لأخرجه تزامناً مع قولي وانا ابتسم
  - نسيته.. مجدداً.

خارج نطاق الخدمة | Out Of Order Where stories live. Discover now