البارت الحادي عشر

51 8 0
                                    

لا استطيع حتى فهم ما يدور في رأسي، كيف تريد مني شرحه لك!
_. _. _. _. _. _. _. _

"أنا عمر عز الدين فاتح ، أثناء هروبي إنقلبت السيارة، كدت أموت ولكن نجوت، خسرت ذراعي، خسرت الشعور بأقدامي ، ولكن لم أخسر ذاكرتي"

"أنا عمر عز الدين فاتح ، أثناء هروبي إنقلبت السيارة، كدت أموت ولكن نجوت، خسرت ذراعي، خسرت الشعور بأقدامي ، ولكن لم أخسر ذاكرتي"

"أنا عمر عز الدين فاتح ، أثناء هروبي إنقلبت السيارة، كدت أموت ولكن نجوت، خسرت ذراعي، خسرت الشعور بأقدامي ، ولكن لم أخسر ذاكرتي"

"أنا عمر عز الدين فاتح ، أثناء هروبي إنقلبت السيارة، كدت أموت ولكن نجوت، خسرت ذراعي، خسرت الشعور بأقدامي ، ولكن لم أخسر ذاكرتي"

"أنا عمر عز الدين فاتح ، أثناء هروبي إنقلبت السيارة، كدت أموت ولكن نجوت، خسرت ذراعي، خسرت الشعور بأقدامي ، ولكن لم أخسر ذاكرتي"

"أنا عمر عز الدين فاتح ، أثناء هروبي إنقلبت السيارة، كدت أموت ولكن نجوت، خسرت ذراعي، خسرت الشعور بأقدامي ، ولكن لم أخسر ذاكرتي"
....
كنت متربعة على سريري، أنظر إلى مسجل الصوت أمامي
قُمت بتشغيله عشرات المرات، و في كل مرة اتفاجأ.. اتفاجأ أكثر من المرة التي قبلها، هذا صوته، هذا صوت روبيرت، هل حقاً اسمه روبيرت؟ إبتلعت ريقي، مسحت وجهي،  نبرته في التسجيل خالية من المشاعر، خالية من أي شيء و كأنه مُبرمج على ذلك... من عمر؟ من هو عمر تباً سأفقد عقلي.. أهو حقاً عمر أم هذا ما يريدون منه إعتقاده؟
ألقيت بنفسي إلى الخلف، وضعت الوسادة على وجهي و صرخت،. صرخت بقوة، انا لا أفهم أي شيء، من عمر؟ من عمر؟ من عمر؟ من عمر؟ من يكون عمر؟ من روبيرت إذاً؟ من يكون روبيرت؟ يا الهي أهذا يعني بأن اقدامه مصابة حقاً؟ لأنه قد خسر ذراعه بالفعل!  ماذا إن كانوا هم من قاموا ببتر ذراعه؟
تحسست الهاتف بجانبي، رفعت الوسادة عن رأسي و ما إن فتحت الهاتف حتى انتفضت عن مكاني
  - تباً، سأتأخر!
 
                                     O.O.O

إن كنت قد تعلمت الكثير عن الطب في هذا المكان، فقد تعلمت عن الكذب،. التمثيل، النفاق، أكثر منه بكثير، لا ادري كيف ابتسم في وجه شخص أرغب في صفعه و إجباره على الاعتراف بشيء ما، كيف تتغير شخصيتي من غرفة إلى أخرى، من مريض إلى آخر، كيف استطعت التظاهر بأن كل شيء على ما يرام وانا بداخلي تلك الفوضى! أشعر بالتناقض.. لا.. حقاً أشعر بالتناقض.
فتحت عيناي ، نظرت إليه بينما هو كان لازال ينظر إلى المسجل في يده، رفعت حاجباي، أنتظرته ليتحدث، أنتظرت، أنتظرت، أنتظرت أي رد فعل منه ولكنه كالصنم.
لا نملك الكثير من الوقت، لقد أضاع عُدي بالفعل 10 دقائق!
طقطقت أصابعي أمامه ،سألته مجدداً
  - من يكون عمر؟
  أخيراً رفع أنظاره إليّ، أجاب و كأنه أمر بديهي
  - انا.
  - لا.
  - بلى
  -  لا لا لالا، انت روبيرت
  - اسمي هو عمر.
  مسحت وجهي و هدرت بحدة
  - ماذا تعني بهذا؟! لماذا؟  انت روبيرت و هذا أمر مفروغ منه، اسمك هو روبيرت و لقبك هو كينت، انت روبيرت كينت، أتحب سماعها بالايطالية؟
  il tuo nome è Robertooo
  صمت للحظات و كأنه  ينتظر مني أن انتهي ،كان يراقب تعبيرات وجهي، يتفرس ملامحي، أخذ نفساً عميقاً و قال بهدوء.
  - عمر.
أقتربت منه ، جلست القرفصاء أمام مقعده و قُلت بهدوء كم جاهدت و جاهدت للتحدث به
  - هذا ما يُريدون منك إعتقاده، هذا ما قاموا بوضعه في عقلك الباطن.
  - هل في رأيك كل إجراءات التخفي التي قاموا بها لتخبئتي هنا، سيقوموا بتخبئتي بنفس الاسم؟ لكي يصل إليه أي شخص يبحث في ملفات المستشفى اليس كذلك؟
  -حسناً ، قد يكون هذا منطقي.
رفع حاجبيه هازئاً بي، نهضت عن مكاني و بررت
  - ولكنك لم تخبرني إلا عندما سمعت التسجيل، لماذا لم تُخبرني؟
  - لم تسألي.
  - انت تمزح؟
  - أكان هذا سيشكل فارقاً؟ معرفة اسمي؟
  - لا، بالتأكيد لا.
  - إذاً هذا لا يهم.
  نظرت إلى السماء بالخارج، نظرت إلى المدينة الطبية، إن قفزت من هنا الآن هل سأَموت فوراً ام سأتعذب قبلها؟ لا لا استغفر الله لن انتحر... ليس الآن.
ابتلعت ريقي و عدت لأنظر إليه، سألته بهدوء
  - أهذا يعني أن كل ما في ملفك الطبي كذب؟ كل بياناتك؟
  قضب حاجبيه و سألني
  - مثل ماذا؟
  - مثلاً انك مواطن، و أنك جندي سابق؟
  - لست مواطناً ، ولكنني جندي... كنت .
  زفرت و انا ادلك مقدمة رأسي، تابعت بعد لحظات
  - حسناً البيانات لا تهم.. ما يهم الآن هو كيف سنعيد قدميك إلى الحياة؟
  - أتجيدين العلاج الطبيعي؟
  - لا، ليس الكثير ، ولكن استطيع التعلم.
  صمتت للحظات ثم سألته
  - ربما تعاني من التيبس.
  - لا ادري.
  - أتريد أن تجرب؟
  نظر إلي بشك، الا يثق بقدراتي؟!
  - اسمع لا يوجد امامك حل غيري لذا شئت أم أبيت سننفذ ما أقوله لنخرجك من هنا.
  - تخاطرين بحياتك، هل انتي مدركة لهذا؟
  كنت ادرك هذا بالفعل، ولكن الكلمة كان لها وقع مختلف على قلبي، هل حقاً انا على استعداد لذلك؟ انا فقط
  - أشعر
  - ماذا؟
  عدت إلى الواقع، نظرت إليه و سألته
  - ماذا؟
  - انا من يسأل.. ماذا قُلتي؟
  - لم أقل شيئاً.
  - بلى فعلتي.
  رفعت حاجباي ،نظرت إليه و سألت مستنكرة
  - هل كنت أفكر بصوت مرتفع مجدداً؟
  - تفكرين بصوت مرتفع ولا تدركين هذا؟ رائع.
  حككت وجنتي بخجل فتابع ساخراً
  - متأكدة من أنك طبيبة؟
  - لا، دخلتها بالواسطة.
  - اتمزحين؟
  - لا، اقسم،لولا الله ثم نقود رسلان لما ادخلوني من باب الجامعة .
  ضحك ، كانت اول مرة أرى ضحكته بها، الطريقة التي يغلق بها عينيه وهو يضحك جعلتني أضحك معه، أسنانه المتناسقة، تلك الخطوط التي ارتسمت على جانبي خده أثناء ضحكه! تمتم بصوت واضح كفاية وصلني
  - سنموت هنا
  ثم تابع هازئاً بي
  - "أشعر" بهذا.
  - هل أنتهيت؟ لازلت بحاجة إلى مساعدتي.
  - أجل أستطيع الشعور.
  - توقف.
  ابتسم و لم يُعقب، أقتربت منه و أنحنيت قليلاً، طرقت على ركبته اليمنى ثم سألته
  - أتشعر بشيء؟
  - لا.
  اعتدلت في وقفتي و سألته
  - ماذا لو قمت بتجربة أشياء قاسية على اقدامك حتى يعود الشعور إليها؟
  قضب حاجبيه و سأل
  - مثل ماذا؟
  - شيء ساخن؟ كهرباء؟ لو قمت بنغزها مثلاً؟ أو أركلها حتى تتورم.
  - هل انتي جادة؟
  - ماذا؟ الا تعجبك أفكاري؟
  - لا تفكري مجدداً، فقط لا تفعلي.
  -حسناً.
ساد الصمت بيننا للحظات إلى أن قطعه هو
  - في كل الأحوال لن يفيد هذا بشيء طالما ذلك التسجيل يعمل كل يوم.
  -أعرف ،... الا تدري أين  مكان تلك السماعات التي يُشغلها عُدي؟
  - لا
  - ربما الحل هو الا تبتلع المنوم، لا ادري كيف ولكن حقاً يجب الا تفعل.
  لم يُعقب ، عاد إلى وضعية الصنم من جديد لا أدري هل هو يفكر أم فقد الشغف، زفرت بضيق و نظرت في ساعتي، إنتهى وقتنا! يجب أن أُعيده.
......
خرجنا من المصعد، دق هاتفي برقم عُدي، تركت المقعد و أجبته
  - مرحباً؟
  - مرحباً بيان، أكل شيء على ما يرام؟
  - اجل اجل، نحن في طريقنا إلى الغرفة الآن.
  - حسناً.. إن أحتجت إلى شيء...
  قاطعته قبل أن يكمل
  - سأهاتفك.
  - أجل.
  أغلقت الخط و ضعت الهاتف في جيبي و قبلما نتحرك سمعت صوت قادم من جهة اليمين، إبتلعت ريقي، نظرت بحذر، لا أرى شيئاً.. ولكن هناك صوت، صوت حركة.
اقتربت من روبير.....عمر و همست
  - هل تسمع هذا؟
  أغلق عينيه، استطيع رؤيته يحاول السيطرة على أنفاسه و همس
  - تحركي.
  - أنا لا اتوهم، صدقني.
  - أعرف.
  إطمئنيت لفكرة أنني لم أفقد عقلي بعد، ولكن هلكت لفكرة أنني قد أفقد روحي، ابتلعت ريقي و بدأنا نتحرك.
كدت ألتفت إلى الخلف حين قال بخفوت على الرغم من حدة نبرته
  - لا تنظري.
  - ماذا يوجد هناك؟
  - لا أعرف ولا أسعى لذلك.
  استطيع الشعور بضربات قلبي.. كانت سريعة ، هل حقاً سأضطر للتوجه إلى هناك كي أستخدم المصعد؟ الا يمكنني فقط القفز من النافذة؟
......
لا ادري كيف استطاع البقاء في هذا الطابق وحده ولم يفقد عقله! و على الرغم من أنني أردت البقاء معه لوقت أكثر الا ان هناك شيء مهم علي القيام به، خاصة وأن الساعة قد تعدت 12:00 ص.
خرجت من المصعد بسرعة في الطابق الثالث بحثاً عن إيريك، لا ادري متى يعود إلى بيته حقاً، كلما أتيت إلى هنا وجدته،. ابتسم و اقترب مني سائلاً.
  - هل انتهيتِ؟
  - اجل اجل، اين الحقيبة؟
  - وضعتها في المكتب، إنتظري سأحضرها.
  - حسناً ، ولكن إنتبه.
  اماء لي و تركني و رحل، أنا متحمسة، حقاً.
  - بيان؟
  إلتفت إلى مصدر الصوت، كانت فيروز، ابتسمت و أجبت
  - مرحباً، كيف حالك؟
  بادلتني الابتسامة و قالت
  - بخير.
  أخذت نفساً عميقاً، أقتربت مني و قالت بصوت منخفض
  - وصلني ما قُمت به قبل عدة أيام، كان هذا شجاعاً، ولكن إنتبهي إلى نفسك.
  قضبت حاجباي بعدم فهم فبررت هي
  - ذلك الرجل لا يتفاهم.
  اقتربت و همست في أذني
  - ذلك الرجل يقتل.
  ابتلعت ريقي ،أغلقت عيناي للحظات، أنقبض قلبي، اهدأي، اهدأي، فتحت عيناي، ابتسمت و أجبتها
  - سأكون بخير، شكراً لك.
  اماءت بهدوء و رحلت، أهي من جواسيسه في المستشفى؟ هل هو من طلب منها إخباري بذلك؟
نفضت تلك الأفكار عن بالي، ليس الآن، لن أفكر في هذا الآن.
جاء ايريك و في يده حقيبة ظهري، أعطاها لي و سألني بصوت منخفض
  - إذاً.. كيف كان؟
  يقصد المسجل الذي ابتاعني إياه، ابتسمت و قُلت
  - كان رائعاً ،حقاً ساعدني كثيراً.
  أخرجت بقايا هاتفي من جيبي، شاشة مهشمة، ظهره مفقود، الشريط اللاص يُبقي البطارية في مكانها.
  - ربما أحتاج إلى مساعدتك بشأن هذا قريباً أيضاً.
  نظر إلى هاتفي بصدمة، ضحك و التقطه من يدي قائلاً
  - يا الهي، حالته مزرية!
  - أجل أعرف، ولكنه لازال يصدر أصواتاً، اتعلم؟
  أخذته منه و قُلت بينما أضعه في جيبي
  - يفي بالغرض.
  ضحك فسألته
  - هل أعطيت مارتينا و علي الدواء؟
  اماء لي و قال
  - اسحاق قد نام منذ نصف ساعة، ربما سترغبي في إيقاظه.
  ابتسمت و أجبت
  - أجل سأفعل.
.....
طرقت ثلاث طرقات، لا رد، فتحت الباب و دخلت، ضغط على زر الاضاءة و نظرت إليه، أهو على قيد الحياة؟
كان نائماً على بطنه، شعره مبعثر، يبدو لي كالأموات.
القيت عليه قلمي كي يستيقظ، لم يتحرك، القيت عليه مذكرتي فارتمطت بوجهه، كان يتمتم بشيء ما، أظنني أغضبته، اقتربت منه لأسمع ما يقول، يا الهي اهو يلعن!
  - اسحاق، اسحــاق ،هيا استيقظ.
  فتح عينيه كانت حمراء، نظر إلي، أخذ نفساً و سأل بصوت ناعس
  - أهذا انتي؟
  ابتسمت و أجبته
  - أجل.. هيا انهض.
  - ما الأمر؟
  - انهض أولاً.
  اعتدل بتكاسل ، جلس و اسند ظهره على السرير خلفه، مسح وجهه و تمتم
  - ماذا هناك؟
  انا متحمسة، انا سعيدة حقاً، وضعت حقيبة ظهري على سريره و قمت بفتحها و قبلما أخرج ما بها قُلت
  - اعطني قداحة.
  - لا أملك.
  ضيقت عيناي و نظرت إليه، ابتسم و تمتم
  - حسناً،. انتظري
  قام بفتح الدرج بجانب سريره و التقط شيئاً ما.
مد يده لي و تسمرت حين رأيت السجارتان في يده، وضع واحدة في فمه و قال
  - هاك، واحدة لك و واحدة لي.
  - تباً ماذا تفعل؟!
  - الم تقولي بأنك بحاجة إلى قداحة؟
  - اجل ، ما علاقة هذا بها؟
  - فيما ستكوني بحاجة لها غير ذلك؟
  قلبت عيناي، سحبت منه القداحة بعنف فابتسم قائلاً
  - حسناً كنت امزح لا تغضبي هكذا.
  - لا لم تكن .
  - اجل ، هذا صحيح.
  اعاد السجارتين إلى الدرج و عاد لينظر إلي،. تربع على السرير و سأل بفضول
  - إذاً.. فيما تريدينها؟
  نظرت إليه، كان وجهه بريئاً، شعرت بالحزن مجدداً حين لمحت أثر تلك الكدوم، تلك اللاصقة الطبية على انفه و على وجنته، عدت إلى الواقع بسرعة ، ابتسمت و قُلت
  - أغلق عينيك.
  نظر إلي بشك ، وضع يده على عينيه فقمت بإخراج علبة صغيرة من الحقيبة. فتحت الغطاء و أخرجت الكعكة الصغيرة التي صنعتها له، لست ماهرة في تلك الأمور ولكن حاولت، أشعلت الشمعة اليتيمة التي وجدتها في البيت و قُلت
  - هيا افتح .
  أنزل يده و إلى آخر يوم في عمري لن أنسى تلك النظرة التي رأيتها في عينيه، تلك اللمعة التي توهجت في رماديتها، نظر إليها ثم نظر إلي و سأل بهدوء
  - ما هذا؟
  - عيد مولدك... عيد مولد سعيد ايها الجامح. اتممت اليوم العشرون من عمرك.
  كانت يده ترتجف ، تسارعت وتيرة أنفاسه، حرك رأسه نافياً.
  - لم تفعلي.. انتي لم تفعلي حقاً.
  - بلى... عيد مولد سعيد... لولا صوتي لغنيتها لك.
  ضحك و عاد لينظر إلى الكعكة في يدي، كانت الشمعة تذوب فُقلت بسرعة وانا أقربها منه
  - هيا، قم بنفخها.
  اقترب و أغمض عينيه،أظنه كان يتمنى شيئاً، نفخ فيها و ما إن فتح عينيه حتى نظر إلي، مباشرة إلى عيناي، نظراته كانت أقرب ما تكون إلى سهم يعرف بالضبط إلى أين يتجه، سألني بهدوء
  -لمَ قُمتي بهذا؟
ذهبت لأحضر الطاولة الصغيرة في الغرفة، وضعتها أمام سريره و قُلت
  - لنصنع ذكريات جديدة ،ذكريات جيدة.
  ابتسم و لم يُعلق،. قمت بتقطيع الكعكة و أخرجت  شوكتان بلاستيك من حقيبتي، أعطيته واحدة و قُلت
  - قمت بصنعها، ليست أفضل شيء ولكن حاولت.
  راقبته بحذر، تناول قضمة من دون أن يطلب مني تناولها قبله، من دون أن يسألني مما صُنعت، شعرت بالسعادة لوثوقه بي، اتسعت إبتسامتي و سألته
  - إذاً.. كيف هي؟
  بادلني الابتسامة و أجاب وهو يمضغها في فمه
  - أحببتها.
  تناولت قضمة ، لم تكن كما تخيلتها لأكون صريحة، لم تكن جيدة إلى هذه الدرجة! ضحكت و سألته
  - انت تحاول جبر خاطري اليس كذلك؟
  قضب حاجبيه و سأل مستنكراً
  - و لم قد أفعل؟
  - لا ادري، ولكنها ليست جيدة.
  - ولكنني أحببتها ،هل تنوين التحكم في ذوقي؟
  - حسناً على رسلك.
  نهضت عن مكاني و تمتمت
  - نسيت.
  -  ماذا؟
  أخرجت دفتر رسم من حقيبتي و علبة ألوان، عانيت حتى عثرت عليهم ولكن ما إن وجدتهم عتى اشتريتهم، وضعتهم أمامه و قُلت
  - ادعو الله من كل قلبي أن تحظى بعام سعيد، ان تكون أقوى، و تكون أشجع.
  نظر إليهم و عاد لينظر إلي، ضحك و تمتم
  - تجعلينني عاطفياً وانا لست هكذا!
  عدت إلى مقعدي ألمقابل له و قُلت باستفزاز
  - كي لا تسخر مني مجدداً.
  ابتسم و لم يُعلق، ولكنني لم أصمت، حاولت و حاولت فتح الكثير من الأحاديث معه،. حاولت إخراجه من ذلك  الركن المظلم في عقله، من تلك الذكريات البشعة التي علق داخلها منذ أن كان صغيراً،. منزل مفكك، أب قاسي، زوجة أب لا تعي عن الأمومة شيئاً، تجنيد إجباري، تدريبات قاسية منذ أن كان في الرابع عشر من عمره، حتى انتهى به الأمر يُقاتل كالرجال في الحرب ليفقد ما بقي من عقله، من مشاعره، كنت مسرورة لأنه اخبرني بكل ذلك، لأنه سمح لي بمساعدته، كنت مسرورة لأنني و أخيراً أقوم بشيء ما، سواء معه،. مع علي، صابرين،. مارتين، و حتى روبيرت، اريد مساعدتهم من كل قلبي، اريد ازالة الحزن عنهم، أريد أن أكون هكذا... أريد أن أكون شخصاً جيداً، حتى إن حانت لحظتي، أخبر الله بأنني حاولت، حاولت أن اكون جيدة، حاولت المساعدة.
                                
                                  O.O.O

خارج نطاق الخدمة | Out Of Order Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu