الفصل الرابع

Start from the beginning
                                    

قالت بسطحية: "المدام ليست اول ولا اخر من يتعرض لحادث بهذه الدنيا أرى انها تبالغ كثيرا بردة فعلها وانت تبالغ أيضا ب"
قاطعها وبتمعن ويبدو انه انزعج من سطحيتها: "انت لا تعرفين حقيقة ظروفها لذلك لا تصدري الاحكام بتسرع وعدم تفهم من فضلك"
ارتبكت من توبيخه الصريح وابعدت خصلة شعرها جانبا وشعرت بقشعريرة برد سرت بأوصالها وقبل ان تبادر بالكلام قال بضيق: "ان ما مرت به ديم قاسيا على أي امرأة شابة .... ومهما شرحت لك لا اظن أنك ستفهمين .... لأنك لم تعرفي المعنى الحقيقي للمعاناة.... ولا تعرضت لحجم الألم الذي قاسته .... انت بمقتبل العمر موفورة الصحة ولديك مقومات السعادة لم ينقصك شيء وامامك العديد من الفرص في هذه الحياة فقلبك معتمر بالأحلام والآمال الوردية .... مستقبلك زاهر كأي فتاة بنفس ظروفك ومواصفاتك امامك فرص عمل وزواج وقدرة على تكوين عائلة ومن البديهي الا تشعري بالأم الاخرين .... ديم ليس لها كل ذلك ليس لها ما عندك ولا ينتظرها ما ينتظرك .... فحاولي ان تلتمسي لها الاعذار وقدري موقفها"
تغيرت ملامحها وقد تأثرت بعباراته العميقة ومقارناته بل فوجئت بكل ذلك التقدير والتفهم لمشكلة زوجته ومصابها!
ضغطت على يدها عندما انقطع التيار الكهربائي وساد الظلام وانكمشت بمكانها ثم اغمضت عينيها وهي تفكر بكل كلمة قالها .... ربما انه محق لكن هل عليها ان تضحي؟
فتحت عينيها ببطء عندما شعرت بنور ضئيل وتبين انه اوقد شمعة على الطاولة وتأملته عندما وجدته يتطلع بها بعيونه المتهمة لها وكأنه يقول لها انت بلا إحساس!
قالت متأثرة: "حسنا ....... سأنتظر .... سأحاول ان اتحمل مقتها لي واصبر لحين عودتك.... لعلها بمرور الوقت تتفهم انني لست خصمها وانني ابعد من ذلك بكثير ولا يمكن ان أكون خصمها في يوم ما"
ثم نهضت وابتعدت بخطى واثقة وسمعته يهمس: "اشكرك"

كانت نبرته رقيقة جدا مما زاد من ارتباكها واسرعت الخطا

دخلت الى غرفتها وفركت يديها ملتمسة الدفأ .... كل لقاء بسيط مع ذلك الرجل يولد بداخلها ألوان من المشاعر الجديدة استغراب وغبطة .... انبهار وتردد.... حيرة واستجابة.... رغبة بالبقاء والمساعدة ورفض أيضا
هل يوجد من صنفه بهذا الزمان؟ انه استثنائي ويستحق ان تقدره ديم ولا تخرب العلاقة الجميلة بينهما بتهورها.
................................................
في اليوم التالي وبعد سفر جاسر داهمها شعور الوحدة من جديد واحست ان وجوده كان أفضل بكثير مما هما عليه اليوم
ودعها بلطف واوصاها بزوجته وأصبحت ديم امانة برقبتها وهذا الإحساس حملها مسؤولية كبرى على عاتقها قيدها وأثقلها.... أخبرها انه لم ينس امر تصليح سخان الماء وتدفئة غرفتها وانه قام بتكليف عامل وحدد الموعد المناسب لذلك
معاملته لها واسلوبه المهذب جبر بخاطرها ومنحها الثقة واعتبرت ان عملها هنا بمثابة مهمة ستحاول بقدر الإمكان انجاحها وامامها عدة أيام لتجرب مقدرتها لحين عودة جاسر.

تطلعت بالدار بتفكير وتذكرت كلمات جاسر عن الفوضى والضياع وفقدان الدفأ وقررت مع نفسها ان تساهم بتغيير جزء من هذا الواقع واحياء مظاهر قد ماتت منذ سنوات
لعل ذلك يساعد ديم على انبعاث شيء من الامل بداخلها واستنهاض روح الإيجابية بداخلها المعتم
ولعل ذلك الزوج المضغوط ان ينعم بشيء من الراحة والاطمئنان في بيته.

رواية الحلم الرمادى لكاتبة هند صابرWhere stories live. Discover now