الفصل الثامن

164 19 2
                                    

أتدرب منذ أن أشرقت الشمس وها هي تتوسط السماء دون أن أتوقف، أنفاسي منقطعة معصمي يؤلمني من كثرة التلويح بالسيف وساقي تصرخ ترجو أن ارتاح ولو لدقائق، لا مفر إذن تلونت عيناي بالأحمر، الأحمر يعني القوة، قوة جسدية أضعاف ما يملك أقوى فارس بشري ما يكفيك لتفصل الرأس من العنق بيديك العاريتين القوة التي استخدمها إيان للبحث عنّي حواس فائقة وسرعة للركض ما يلزم لتجد ما تبحث عنه في دقائق ،لكنني أفضل ألا أبذل الكثير من الجهد لذلك اختار أن أجعل من أمامي غير قادر على الحركة أن يخترق السيف صدره دون أن الحاجة للمسه لذلك اختار أن تأخد عيني اللون الأزرق، اليوم هو يوم العطلة وهذا يعني أن إيان سيقضي اليوم في النزل، لا أحبذ التحدث معه منذ ما حدث في المهرجان،
=نحن غير صالحين للحب،
لن انسى كيف انسحب اللون الأحمر من عينيه وعاد لهما البني بمجرد أن نطقتُ بتلك الكلمات، مهلًا لازلت تحت تأثير قوة التنين، عدت إلى وعيي فاختفى ذلك الجليد من عيني، ما الذي قلته للتو آه لقد كنت قاسية جدًا،
_أنتِ محقة، هيا لنعود قبل أن تقلق سارة والسيدة نورا.
كان واضحًا في صوته أن كلماتي آلمته، لم امتلك فرصة للاعتذار، فقد التفت وسار في طريقه دون تردد تبعت خطواته وأنا أفكر فيما فعلته، كان يجب ألا أرد عليه اعلم جيدًا كيف افقد أعصابي عندما استخدم قوتي، ولكن هل اعتذر له ؟ هل اتراجع عن تلك الكلمات ؟ لا، مهما كانت تلك الكلمات قاسية هي الحقيقة، اعتذاري قد يعطيه أمل، أمل يمنع قلبه من رؤية الواقع وإدراك طبيعة ما يشعر به، الأمل يعمي، ظننت أنه لن يتحدث معي بعد ذلك لكن في صباح اليوم التالي كان يتصرف بطريقته المعتادة يمزح ويضحك وكأن شيئًا لم يكن هذا هو إيان ذكي وقوي هذا ما يحتاجه للصمود ولكي يصل لما هو عليه، الآن هو ليس بشخص ضعيف، لماذا اتجنبه إذن ؟ لا أدري هل أنا نادمة على رفضه، لا هذا هو الصواب، ربما لأنني مثله أبحث عمن استطيع أن أكون معه حرة غير مجبرة على الادعاء أو إخفاء حقيقتي، لكنني لا أريد مجرد وهم،
-معذرةً.
هاه التفت مسرعة لمصدر الصوت، رجل ؟!  هو لم يلحظ تغير لون عيني، صحيح؟ ملابسه تدل على أنه أحد النبلاء، لديه شعر أشقر لامع كأنها خصلات من الذهب، وعيون زرقاء، يبدو في منتصف العشرينات، لديه وجه وسيم، وابتسامة لطيفة،
-اعتذر على مقاطعة تدريبك، لقد كنت في رحلة صيد وسمعت صوت حركة ظننت أنه حيوان بري ولكن كان حظي أفضل فوجدتكِ أنتِ.
=........
-لم اقصد بالطبع التلصص عليكِ أرجو أن تسمحي لي أن أبدي إعجابي بمهارتك في حمل السيف، هذه هي المرة الأولى التي أقابل بها امرأة تجيد استعمال السيف، وبهذه البراعة أيضًا.
=شكرًا.
-أممم.... هل يمكنني التشرف باسمك ؟
=ألا تظن أنك يجب أن تعرف نفسك أولًا ؟!
-اه اعتذر لم انتبه أنا زين تشرفت بلقائك.
=أنا نجمة.
-اسم جميل، هل يمكن أن__
قطع حديثه صوت نداء قريب، ظهر مرافقه من بين الأشجار،
-سيد زين، سيدي يجب أن نعود الآن.
بدا شيء من الاحباط على وجهه، لم يجب على مرافقه ووجه حديثه لي،
-أنا متأسف جدًا كنت أود أن أكمل حديثنا ولكن على الذهاب الآن، اتمنى أن نلتقي مرة أخرى.
ابتسم لي ثم تحرك هو ومرافقه، شيء ما غريب بخصوصه، إنه يسبب شعور غير مفهوم لمن أمامه، أو بالنسبة لي على حد علمي،
                  *********************
المكتبة مزدحمة اليوم، أصوات الخطوات الباحثة بين الأرفف تقليب صفحات الكتب بعناية تنهدات بعض القراء أو ضحكاتهم التي لم يستطيعوا منعها، جميع تلك الأصوات تختلط مع رائحة الكتب القديمة تعطيني شعور بالراحة والسلام، لا  يقلق ذلك السلام سوى بعض الكلمات التي يتبادلها الزبائن مع الأستاذ سفيان لأجل شراء أو استعارة أحد الكتب، دق الجرس مشيرًا لدخول قارئ جديد إلى المكتبة، كان الأستاذ سفيان مشغولًا فتوجهت نحو الباب لأرى ما يحتاجه،
=اه.
أصابتني الدهشة عندما رأيته واقفًا أمامي،
-أوه يبدو أنني محظوظ فعلًا ها نحن نلتقي مجددًا.
كيف لا تفارق الابتسامة وجهه ولو لدقيقة !! جمعت افكاري فأنا في عمل هنا ولا شيء غريب في لقائه مرة أخرى مجرد صدفة،
=مرحبًا بك، كيف يمكنني أن أساعدك؟
-سنتعامل برسمية إذًا ؟ حسنًا كما تشائين، أريد شراء كتاب.
=ما هو عنوانه ؟
-في الحقيقة ليس هنالك عنوان محددًا أنا ابحث عن كتاب جديد شيء لم اقرأه من قبل، هل يمكنك اقتراح شيء مناسب لي ؟
=بالطبع، ما هو ذوقك الخاص بالكتب ؟
-أحب أن أقرأ في أكثر من مجال، السياسة استرتيجيات الحرب الأساطير الفلسفة اه اعتقد أنتي أفضل الفلسفة مضى وقت طويل منذ أن قرأت كتابًا عن الفلسفة.
=بالطبع، تفضل سأقودك إلى القسم المخصص لكتب الفلسفة.
أمره غريب منذ متى يأتي النبلاء إلى المكتبات بأنفسهم !! هل يمكن أن يكون من العامة ؟ لا هيئته تدل على ثرائه، إذن ما هي قصته ؟
=هذه هي جميع كتب الفلسفة المتوفرة لدينا يمكنك أن تختار ما تشاء.
بدأ يتأمل الكتب بتركيز شديد حتى مد يده وسحب أحد الكتب وبدأ يتصفحه بحذر.
-نيتشه أحب كتاباته كثيرًا لديه أسلوب مميز وأفكار مختلفة.
=أجل لقد كان بداية دخولي عالم الفلسفة.
-حقًا ماذا قرأتي له ؟
=لقد قرأت جميع مؤلفاته.
-ماذا !! لم اتخيل أنكِ بارعة في المبارزة وأيضًا تحبين الكتب والفلسفة إلى هذا الحد، أنتِ مثيرة للإعجاب بحق.
=أشكرك على كلامك اللطيف.
-أنا صادق في ما أقوله، إن لم يكن لديك مانع هل يمكن أن نصبح صديقين ؟
ترددت للحظة أنا لا أعرفه حتى وإن تشاركنا في حبنا للكتب وإعجابنا بنفس المؤلف، هل يمكن أن أثق في شخص غريب بهذه السهولة، قبل أن آخذ قراري بالرد رفضًا أو إيجابًا على سؤاله قطع صوت إيان الصمت، ليعطي الجواب بدلًا عنّي،
_سمو الأمير السادس !!
(نهاية الفصل الثامن )

نجمة الصباح ✨Where stories live. Discover now